تنبع أهمية الاستفهام عن هل الأب أفضل أبواب الجنة ؟ من أنه أحد وصايا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، والتي فيها حثنا على بر الوالدين، وكما شدد في وصيته بالأم ثلاثًا، فإنه كذلك حثنا على الأب كذلك وهو ما يطرح السؤال عن المقصود بكلمة الوالد في حديثه، هل الأب أفضل أبواب الجنة ؟، والذي قد ينبه أولئك الغافلين عن بر آبائهم، وبالتالي يغلقون على أنفسهم أحد أبواب الجنة، فلا تزال الحكمة المتمثلة في إجابة استفهام هل الأب أفضل أبواب الجنة ؟، أحد الأسرار الخفية.

ماذا يسمع الموتى في قبورهم؟.. الإفتاء: 5 أشياء وينتفعون بـ3 كلماتماذا نقرأ بعد العشاء .. آية واحدة تحفظك وأولادك من شياطين الإنس والجنهل الأب أفضل أبواب الجنة

ورد أن الوالد والوالدة أفضل أبواب الجنة، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: «الوالد أوسط أبواب الجنة فاحفظ البيت إن شئت أو ضع»، وقال العلماء من أبواب الجنة باب الوالد أي الوالدين وهذا الباب قد يدعى أناس عليه يوم القيامة أن ادخلوا من هذا الباب فيدخلون الجنة عن طريق هذا الباب.

جاء فيما أخرجه الترمذي وابن ماجة وأحمد واللفظ له، قال صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (الوالد أوسط أبواب الجنة فاحفظ ذلك الباب أو دعه)، وهذا الحديث له سبب كما في مسند أحمد وصحيح ابن حبان: أن رجلا أتى أبا الدرداء فقال : إن أبي لم يزل بي حتى تزوجت وإنه الآن يأمرني بطلاقها قال : ما أنا بالذي آمرك أن تعق والدك ولا أنا بالذي آمرك أن تطلق امرأتك غير أنك إن شئت حدثتك ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه و سلم سمعته يقول : ( الوالد أوسط أبواب الجنة فحافظ على ذلك إن شئت أو دع ) قال : فأحسب عطاء قال : فطلقها)، وقوله: (الوالد أوسط أبواب الجنة) أي طاعته سبب لدخول الولد من ذلك الباب، وهو يشمل الأم أيضا، بل هي أولى لكثرة الحث على برها، والحديث مسوق لذلك والمراد من الأوسط الخيار.

لماذا الأب أوسط أبواب الجنة

ورد فيه أن ضم الوالد إلى البر والإحسان بعد الأم يرجع إلى تسببه في إيجاده، ومحبته بعد وجوده وشفقته وتربيته الكسب له والإنفاق عليه، فقد ورد عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: رضا الله في رضا الوالد وسخط الله في سخط الوالد، رواه ابن حبان في صحيحه، والعاقل يعرف حق المحسن ويجتهد في مكافأته، فالبر طاعة للرحمن وخير وبركة للإنسان، وسبب لاستجابة الدعاء ولسعة الرزق وطول العمر.

قال صلى الله عليه وآله وسلم: من أحب أن يبسط له في رزقه وينسأ له في أجله فليصل رحمه. رواه البخاري ومسلم، والبر بالوالدين من شيم الكرام ودليل على الفضل والكمال والبار قريب من الله قريب من الناس قريب من الجنة.

حديث أوسط أبواب الجنة

و أخرج الترمذي في سننه (1900) واللفظ له، وابن ماجه (3663)، وأحمد (27551)، أنه روى أبو الدرداء، أنه قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم - : ( الوالِدُ أوسطُ أبوابِ الجنَّةِ، فإنَّ شئتَ فأضِع ذلك البابَ أو احفَظْه)، وهو حديث صحيح .

صحة حديث الوالد أوسط أبواب الجنة

روى عبدالله بن حبيب أبو عبدالرحمن السلمي | المحدث : | المصدر : في صحيح ابن ماجه ، الصفحة أو الرقم: 1712 ، وحدثه الألباني في حديث صحيح، أنَّ رجلًا أمرَه أبوهُ أو أمُّهُ شَكَّ شعبةُ أن يطلِّقَ امرأتَه فجعلَ عليهِ مائةَ محرَّرٍ فأتى أبا الدَّرداءِ فإذا هوَ يصلِّي الضُّحى ويطيلُها وصلَّى ما بينَ الظُّهرِ والعصرِ فسألَه فقالَ أبو الدَّرداءِ أوفِ بنذرِك وبِرَّ والديكَ وقالَ أبو الدَّرداءِ سمعتُ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ يقولُ: (الوالدُ أوسَطُ أبوابِ الجنَّةِ فحافِظ علَى والديكَ أوِ اترُكْ).

شرح حديث الوالد أوسط أبواب الجنة

ورد في شرح حديث الوالد أوسط أبواب الجنة ، فيه أمَرَنا الشَّرعُ الحَكيمُ بالعدْلِ والإنصافِ، وإيتاءِ كلِّ ذي حَقٍّ حقَّه، دونَ جَورٍ أو إجحافٍ بحقوقِ طرَفٍ على آخرَ؛ وذلك لأنَّ الحُقوقَ ربَّما تتداخَلُ أو يتنافَسُ فيها بعضُ أصحابِ الحقوقِ علينا، وفي هذا الخبرِ يروي شُعبةُ، عن عطاءِ بنِ السَّائبِ، عن أبي عبدِ الرَّحمنِ السُّلميِّ: "أنَّ رجُلًا أمَرَه أبوه- أو أمُّه، شكَّ شُعبةُ- أنْ يُطلِّقَ امرأتَه"، أي: أمَرَه أحدُ والدَيْه أنْ يُطلِّقَ زوجتَه دونَ سبَبٍ شرعيٍّ، "فجعَلَ عليه مِئةَ مُحرَّرٍ"، أي: نذَرَ أنْ يُعْتُقَ مِئةَ نفْسٍ إنْ طلَّقَها، يُريدُ بذلك أنْ يُشْفِقَ عليه أبوه، أو أمُّه، أو هما معًا، مِن غَرامةِ العتْقِ، وتنازُلَهما عن إلْزامِه بطلاقِ زَوجتِه الَّتي يُحبُّها.

وروي في شرح حديث الوالد أوسط أبواب الجنة، والظَّاهرُ: أنَّ الآمِرَ مِن الوالدينِ لم يتنازَلْ عن أمْرِه؛ ولذلك جاء الرَّجلُ إلى أبي الدَّرداءِ يَستَفْتِيه في أمْرِه، "فأتى أبا الدَّرداءِ، فإذا هو يُصلِّي الضُّحى ويُطيلُها، وصلَّى ما بين الظُّهرِ والعصْرِ"، أي: صلَّى تطوُّعًا غيرَ صلاةِ الضُّحى؛ لأنَّ وقتَها مِن ارتفاعِ الشَّمسِ قيْدَ رُمْحٍ إلى الزَّوالِ، "فسأَلَه"، أي: طلَبَ فَتواهُ في الجمْعِ بين نذْرِه وإجابةِ والدَيْه في طلاقِ امرأتِه، فقال أبو الدَّرداءِ: "أوْفِ بنذْرِك"، أي: أدِّ ما نذَرْتَه وأعتِقْ مائةَ نفْسٍ، وطلِّقْها، "وبِرَّ والدَيْك"، أي: أدِّ إليهما حقَّهما مِن الصِّلةِ والإحسانِ والطَّاعةِ.

وجاء في روايةِ أحمدَ: "فقال له أبو الدَّرداءِ: ما أنا بالَّذي آمُرُك أنْ تُفارِقَ، وما أنا بالَّذي آمُرُك أنْ تُمْسِكَ"، ثمَّ قال: "سمِعْتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يقول: الوالِدُ أوسَطُ أبوابِ الجنَّةِ"، أي: خيرُها، أو أنَّه سبُبٌ لدُخولِ الولدِ مِن أحسَنِ أبوابِ الجنَّةِ، "فحافِظْ على والدَيْك أوِ اتْرُكْ"، وليس المُرادُ التَّخييرَ بين الأمرينِ، بل المُرادُ التَّوبيخُ على ترْكِ الوالدينِ وإضاعتِهما، والحثُّ على حِفْظِ حُقوقِهما، كما قال تعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} [الإسراء: 23].

وورد في شرح حديث الوالد أوسط أبواب الجنة، ولكنْ طاعةُ الوالدينِ مُقيَّدةٌ بالمعروفِ؛ لقولِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في الحديثِ المُتَّفَقِ عليه: "إنَّما الطَّاعةُ في المعروفِ"؛ فإذا كانتِ الزَّوجةُ مُستقيمةَ الأحوالِ وذاتَ دِينٍ، وإنَّما أَمَراه بطَلاقِها لهوًى في نفْسَيْهما، فلا طاعةَ لهما في ذلك، ولا يلزَمُه طلاقُ امرأتِه، وليس تطليقُ زوجتِه في هذه الحالِ مِن بِرِّ والدَيْه. ... وفي الحديثِ: الحَثُّ على طاعةِ الوالدينِ ومعرفةِ حقِّهما. ... وفيه: مُراعاةُ الشَّرعِ لحُقوقِ جميعِ أطرافِ الأُسرةِ دونَ جَورِ أحدٍ على حقِّ غيرِه.

أعمال بر الوالدين

ورد أن الله سبحانه وتعالى أوصانا ببِرِّ الوالدين، والإحسان إليهما، كما ورد بقول الله تعالى في كتابه الحكيم : «وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا» الآية 36 من سورة النساء، ويكون بر الوالدين بالإحسان إليهما بالقول اللين الدال على الرفق بهما والمحبة لهما، وتجنب غليظ القول الموجب لنفرتهما، وبمناداتهما بأحب الألفاظ إليهما، كيا أمي ويا أبي، وليقل لهما ما ينفعهما في أمر دينهما، ودنياهما ويعلمهما ما يحتاجان إليه من أمور دينهما، وليعاشرهما بالمعروف.

وجاء من أعمال بر الوالدين ، العمل بكل ما عرف من الشرع جوازه، فيطيعهما في فعل جميع ما يأمرانه به، من واجب أو مندوب، وفي ترك ما لا ضرر عليه في تركه، ولا يحاذيهما في المشي، فضلا عن التقدم عليهما، إلا لضرورة نحو ظلام، وإذا دخل عليهما لا يجلس إلا بإذنهما، وإذا قعد لا يقوم إلا بإذنهما، ولا يستقبح منهما نحو البول عند كبرهما أو مرضهما لما في ذلك من أذيتهما.

فضل بر الوالدين

قال مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، إنه فيما أخرجه الترمذي في السنن في :( 3545) وحسنه، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «رَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيَّ، وَرَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ دَخَلَ عَلَيْهِ رَمَضَانُ ثُمَّ انْسَلَخَ قَبْلَ أَنْ يُغْفَرَ لَهُ، وَرَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ أَدْرَكَ عِنْدَهُ أَبَوَاهُ الكِبَرَ فَلَمْ يُدْخِلَاهُ الجَنَّةَ».

وأوضح «مركز الأزهر» في شرحه للحديث الشريف ، أنه في المعنى الإجمالي للحديث، يرشدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث إلى خصال من أهم ما يتوسل به إلى دخول الجنة، ويتوصل به إلى الوصول إليها ، ومن هذه الأمور بر الوالدين ، ومما يثير الانتباه في هذا الحديث النبوي الشريف هو أسلوبه البياني العجيب الذي يعلن فيه النبي - صلى الله عليه وسلم- هذا الحكم الخطير بقوله «رغم أنف».

وأضاف أنه يحمل على معنيين : المعنى الأول:  رغم أنفه أي: أصرعه الله لأنفه فأهلكه وهذا يكون في حق من لم يقم بما يجب عليه من هذه الخصال، المعنى الثاني: رغم أنفه أي: أذله الله لأن من لصق أنفه – الذي هو أشرف أعضاء الوجه – بالتراب – الذي هو موطئ الأقدام – فقد انتهى من الذل إلى النهاية القصوى.

وتابع: وهذا منه- صلى الله عليه وسلم- محمول على معنى الدعاء أو الإخبار بأن هذا مصير من فوت هذه الخصال ولم يقم بحقها، فالخصلة الأولى: ترك الصلاة على الحبيب - صلى الله عليه وسلم- عند تعطير المجالس بذكره إذ أن في هذا جفاء وبخل بالمودة.

وأشار إلى أن الخصلة الثانية: من أدرك رمضان وقد يسرت سبل الطاعة وفتحت أبواب الجنان ففاته الشهر وهو مازال قائما على معاصيه خائضا في شهواته، والخصلة الثالثة: من لم يبر والديه، وذكر الرجل في الحديث وصف طردي فإن المرأة مثل الرجل في ذلك ولا فرق، وفي تقييد البر بحال الكبر مع أن بر الوالدين مأمور به في كل حال ؛لشدة احتياجهما للبر والخدمة في تلك الحال.

عقوبة عقوق الوالدين

ورد أن عقوق الوالدين من صفات اللئام، ودليل الخسة والرذالة، والعاق بوالديه بعيد من الله، وبعيد من الناس، بعيد من الجنة، قريب من النار، فيقول العلماء: كل معصية تؤخر عقوبتها بمشيئة الله إلى يوم القيامة إلا العقوق، فإنه يعجل له في الدنيا، وكما تدين تدان، فاتقوا الله أيها المسلمون في والديكم وقوموا بحقوقهما وقدموا رضاهما على كل شي على أنفسكم وأبنائكم وزوجاتكم تفلحوا وتسعدوا ورحم الله والدا أعان ولده على بره.

قال تعالى: « وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا (23) وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا (24) رَّبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ ۚ إِن تَكُونُوا صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُورًا (25)» من سورة الإسراء.

طباعة شارك هل الأب أفضل أبواب الجنة أفضل أبواب الجنة لماذا الأب أوسط أبواب الجنة الأب أوسط أبواب الجنة حديث أوسط أبواب الجنة صحة حديث الوالد أوسط أبواب الجنة شرح حديث الوالد أوسط أبواب الجنة أعمال بر الوالدين

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: أفضل أبواب الجنة أعمال بر الوالدين صلى الله علیه وسلم صلى الله علیه بر الوالدین ر الوالدین رسول الله رسول الل امرأت ه أبو الد قریب من فی شرح والد ی فی هذا

إقرأ أيضاً:

فتاوى: يجيب عنها فضيلة الشيخ د. كهلان بن نبهان الخروصي مساعد المفتي العام لسلطنة عُمان

ما الفرق بين «شر الشيطان وشَرَكِه» و«شر الشيطان وشِرْكِه»؟ وأيهما ورد في رواية النبي صلى الله عليه وسلم؟

الجواب: كلا الروايتين صحيحتان، فقد وردت الأولى وهي الأشهر «من شر نفسي ومن شر الشيطان وشِرْكه»، ووردت أيضا «ومن شر الشيطان وشَركه» بفتح الشين في الثانية، أما في الأولى، فإن المقصود بها هو وساوس الشِرْك التي ينفثها الشيطان في ابن آدم، والشرك الذي هو الجحود، وهو مقابل للإيمان والتوحيد، وأما معنى «وشَرَكه»، فهو يشير إلى حبائل الشيطان ومصايده التي ينصبها، فالشَرَك هنا هو المصيدة.

الشرك معروف، فعلى الروايتين، يستعيذ المسلم من هذا الذكر الوارد في حال أن يأخذ الإنسان مضجعه للنوم، وورد في مناسبات أخرى، لكن الرواية الأشهر وردت في هذه الحالة، فيتعيّن أن يستعيذ من «شر الشيطان وشركه»، ومن هنا، إذا استعاذ بالصيغة الثانية، فإن الأولى تدخل في معناها، لأن من حبائل الشيطان ومصايده ما يتعلق بالوسوسة التي تطعن في الإيمان، وتشكك في الله تبارك وتعالى والتوحيد.

وإذا استعاذ بالصيغة الأولى، وهي الأشهر، فإن ذلك يتضمن ما يتعلق بحبائل الشيطان ومصايده أيضا، لأن أعظم مصايد الشيطان وأعظم وساوسه إنما تتعلق بإخلاص التوحيد لله تبارك وتعالى، بحقيقة الإيمان به جل وعلا، وإذا صدق الإيمان وأخلص العبد لربه في إيمانه، وأيقن بوحدة التوحيد، فإنه حينئذ يكون في عصمة من أن تسري إليه وساوس الشيطان، لأنه يتعلق بالله تبارك وتعالى إيمانا به، إيمانا باليوم الآخر، ومراقبة له جل وعلا، وخشية منه سبحانه، والله تعالى أعلم.

ما حقيقة أن الإنسان بعد أن يتوفاه الله يظل يرى ويسمع كل ما حوله، ولكنه لا يستطيع أن يتحرك؟

المسألة محل خلاف، فمن العلماء من يرى أن الموتى يسمعون، واستدلوا لذلك بما فعله رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حينما خاطب قتلى بدر من المشركين، فعجب سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه وغيره من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسألوه، فبين لهم أنهم يسمعون «ما أنتم بأسمع منهم لما أقول»، هذا أحد الأدلة التي يستدل بها القائلون بأن الموتى يسمعون، واستدلوا أيضا بحديث سؤال الميت بعد دفنه، فقد ورد فيه: «إنه ليسمع قرع نعالهم إذا انصرفوا»، أي أن الميت يسمع وقع خطاهم عندما ينصرفون عنه بعد دفنه.

وذهب آخرون إلى أن الموتى لا يسمعون، فقد قبض الله تعالى أرواحهم، وانتقلوا إلى عالم البرزخ، ولا دليل صريح على أنهم يسمعون، ومن ذلك ما استشهدت به السيدة عائشة رضي الله عنها، حيث استندت إلى قول الله تبارك وتعالى: «وَمَا أَنتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ»، وبقوله تعالى: «إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى»، فقالت: «يعني لا نترك كتاب ربنا لما يقول فلان وفلان؟» ثم ذكرت ما كان يقال بأن الموتى يسمعون.

هؤلاء قالوا إن ما ورد من أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خاطب قتلى بدر من المشركين، أو قوله: إن الميت يسمع وقع نعالهم عندما ينصرفون، إنما هو من خصوصيات رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن الله عز وجل هو الذي أوصل صوته إليهم فأسمعهم، وأما في الرواية الثانية، فقد فسرها البعض بأنها تدل على سرعة سؤال العبد بعد دفنه، وأن هذا ليس المقصود منه حقيقة اللفظ، بل هو مجازٌ عن أن العبد بعد مواراته في القبر يُرسل إليه الملكان اللذان يسألانه، فهذه المسألة محل خلاف، وهذه هي أشهر الأقوال، والله تعالى أعلم.

كيف تكون متابعة المأموم للإمام في قراءة الفاتحة؟ هل يقرأ بعد انتهاء الإمام من تلاوة كل آية أم يمكن أن يتبعه بفارق كلمات في الآية نفسها؟

أما عندنا، فإن المتابعة تكون أثناء تلاوة الإمام، وقد ذكر الشيخ القطب رحمه الله في شرح النيل أن الإمام إذا قرأ البسملة، فإن المأموم ينصت، ثم إذا شرع في قوله: الحمد لله رب العالمين، فإن المأموم يأتي بالبسملة، وهكذا إذا انتقل إلى الآية الثانية، فإن المأموم يأتي بالآية السابقة، وقيل: يتابعه كلمة كلمة.

والخلاصة أن مردّ ذلك إلى ما يورث مزيد خشوع، والناس يتفاوتون في ذلك؛ فمنهم من يتأتى له الخشوع بمتابعة الإمام آية آية، ومنهم من يتأتى له الخشوع بمتابعة الإمام أثناء الآية، كلمة كلمة أو كلمتين كلمتين، بشرط ألا يتقدّم على الإمام.

وأما عند عموم المذاهب الأربعة، فإنهم يرون أن ينصت المأموم حتى يفرغ الإمام فيسكت، ثم يتلو المأموم الفاتحة، هذا عند أكثرهم، وقيل عند بعضهم، كما هو عند الأحناف، أن تلاوة الإمام تُجزئ عنهم، وأن إنصاتهم مجزئ، فالخلاف على هذا المنوال، وهي مسألة رأي وفيها مجال، ولكن القول الراجح هو الأَسَدُّ، لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال، وهو الأرجح: «لا تفعلوا إلا بأم الكتاب»، حينما سألهم: «لعلكم تقرأون خلف إمامكم؟» فقالوا: نعم، فقال: «لا تفعلوا إلا بأم الكتاب»، فهذا، والله تعالى أعلم.

امرأة أجهضت جنينها عمدًا، ماذا يلزمها من حقوق ودية؟ وهل عليها كفارة؟ ولو تنازل صاحب الحق، هل تسقط الدية؟ وهل يوجد فرق في عمر الجنين من حيث مقدار الدية؟

أولًا لنقرر أن تعمّد إجهاض الجنين حرام في دين الله تبارك وتعالى في كل مراحل تكوّن هذا الجنين، لأنه نفس بشرية نامية لها حقوق أثبتتها الشريعة، فبتكوّن الجنين في رحم أمه ترتفع بعض الأحكام التكليفية عن الأم نفسها، فيُباح لها الفطر في الصيام الواجب، وإن استحقت عقوبة، فإن العقوبة تؤجل مراعاةً لجنينها، ويثبت له الإرث، وهو جنين في بطن أمه.

فإذا اعتُدي على الأم أو تسببت الأم في إسقاط الجنين، فإن من فعل ذلك أثم، ويلزمه أن يتوب إلى الله تبارك وتعالى مما وقع فيه، ويلزمه «أي المتسبب» دية يدفعها إلى ورثة الجنين، دون أن يدخل المتسبب في الاستحقاق إن كان من ورثته، وهذا لا بد أن يُتنبه له، وهنا أيضًا تنبيه بالغ الأهمية، وهو أن من لا يرث بسبب مانع، فإنه لا يحجب غيره، أي لو كان موجودًا مستحقًا لفريضة مقررة شرعًا، فإنه في هذه الصورة لا يحجب غيره.

وبقي الكلام في الكفارة: هل يلزم من فعل ذلك كفارة، فعند الإباضية والأحناف والمالكية، لا كفارة، لأن هذه النفس المعتدى عليها كما يقول الفقهاء «نفس دون نفس»، أي لم تثبت حياتها بعد، لأنها لم تخرج إلى عالم الوجود حية، فإنما الكفارة تكون في النفس الكاملة التي تخرج حية، والدليل: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لم يأمر بالكفارة في حادثة المرأتين من هُذيل، حين رمت إحداهما الأخرى فأجهضت جنينها، فقضى فيه النبي صلى الله عليه وآله وسلم بغُرّة، أي دية الجنين: غرة عبد أو أمة، وهذا مقدار الدية.

ومقدار دية الجنين: عُشر دية الأم، أو نصف عشر دية الرجل، أو عشر دية المرأة، وهذا هو التقدير المعروف، لأن الحديث لم يبيّن فرقًا في مقدار الدية بين الذكر والأنثى، وإن كان بعضهم يفرّق، فيقول: العُشر إذا كان الجنين ذكرًا، ونصف العُشر إن كان أنثى، ولكن الحديث أطلق، ولا شك أن الاحتياط أولى.

هذا إن خرج الجنين ميتًا، أما إن خرج حيًا ثم مات بعد استهلاله (أي ظهرت عليه علامات الحياة)، فهذا فيه دية النفس الكاملة، وفيه الكفارة بلا خلاف، وإذا كانت الأم قد تعمدت الإجهاض، فخرج الجنين حيًا ثم مات، فإن عليها الدية الكاملة والكفارة، سواء كان التسبب من الأم أو من شخص آخر.

أما إن سقط الجنين ميتًا من رحم أمه، فقد تحدثنا عن الدية، وفي الكفارة خلاف، وقلنا: إن القول بعدم لزوم الكفارة هو أرجح، وهو قول الإباضية والحنفية والمالكية، أما الشافعية والحنابلة فيرون أن الكفارة واجبة، وهي: صيام شهرين متتابعين، والله تعالى أعلم.

مقالات مشابهة

  • الفرق بين الحمد والشكر.. تعرف عليه
  • فضل من قال أشهد أن لا إله إلا الله بعد الوضوء.. تفتح لك أبواب الجنة
  • إيناس الدغيدي تدعم بوسي شلبي: "لم نستسيغ ما جاء من ورثته"
  • عودة... الأب الضال
  • فتاوى: يجيب عنها فضيلة الشيخ د. كهلان بن نبهان الخروصي مساعد المفتي العام لسلطنة عُمان
  • علي جمعة: السلام مفتاح المحبة وبوابة الجنة كما علمنا النبي
  • 12 ركعة واظب عليها النبي وتبني لك بيتًا في الجنة.. لا تفوت أجرها
  • دعاء زيادة الرزق .. احرص عليه في الثلث الأخير من الليل
  • هل يجوز دخول الحمام بخاتم عليه آية قرآنية؟.. الإفتاء توضح