هل يجوز للزوجة التى تضع مكياج تجملا لزوجها أن تتيمم؟ مفتى الجمهورية يجيب
تاريخ النشر: 12th, August 2025 GMT
تلقت دار الإفتاء المصرية سؤالا مضمونه: “ما حكم تيمّم المرأة التي تضع مستحضرات التجميل (المكياج)؟ فهناك امرأة متزوجة منذ خمس سنوات وتستخدم المكياج لتظهر بالمظهر اللائق أمام زوجها، فهل يجوز لها إذا أرادت الصلاة أن تتيمم بدلًا عن الوضوء؛ نظرًا لأنها إذا توضأت اضطرت إلى أن تزيل كل المكياج الذي تزيَّنت به، والذي أنفقت عليه مالًا كثيرًا، ويستغرق وقتًا طويلًا في وضعه؟ أرجو الإفادة، وجزاكم الله خيرًا”.
وأجاب الدكتور نظير عياد، مفتى الجمهورية، عن السؤال قائلا: “لا يجوز شرعًا للمُكلَّفِ أن ينتقل من فرض الوضوء أو الغسل إلى رخصة التَّيَمُّمِ إلا عند فَقْدِ الماءِ حقيقةً أو حُكْمًا بعدم القدرة على استعمال الماء مع وجوده، ولا يجوز للمرأة التَّيَمُّمُ إذا وضعت أي مسحوقٍ من مساحيق التجميل (المكياج)، إلا إذا كان استعمال الماء سيترتب عليه ضَرَرٌ بالغٌ كتأخُّرِ الشفاء حالة المرض، أو زيادة المرض بسبب استعمال الماء أو فَقْدِ الماء حقيقةً، فيباح لها التيمم حينئذٍ، وإذا تيممت لغير عذر يبيح لها التيمم فصلاتها غير صحيحة، ويلزمها قضاؤها”.
مدى تأثير مساحيق التجميل (المكياج) على الطهارة
وأوضح أن مساحيق التجميل (المكياج) من حيث نفوذ الماء وعدمه إمَّا أن تكونَ لها جِرْمٌ رقيق بحيث لا تخرج عن كَوْنِها ألوانًا طبيعيةً أو صناعيةً تَصْبغُ الجلدَ بلونها كالحناء والصبغات، ولا تمنع من نفوذ الماء إلى البشرة ويمتصها الجلد كالكريمات وما شابه.
وإمَّا أن تكونَ لها جِرْمٌ كثيف يُشكِّلُ طبقةً عازلةً على الجلد تمنع من وصول الماء إلى البشرة، وبالتالي تكون حاجزًا بين الماء والبشرة كالشمع وما يشبهه الذي لا يمكن للجلد امتصاصه بحال.
فأمَّا الأول: فلا مانع من الوضوء والغسل حال وجوده ما دام لا يحول بين الماء والجلد؛ إذ الحائل الذي يمنع مَسَّ الماء للعضو هو الجِرْمُ الكثيف الجامد الذي يُكوِّن طبقةً فوق الجلد تفصله عما حوله، أمَّا الألوان والصبغات التي لا تَسُدّ مسام الجلد فتُكوِّنُ طبقةً رقيقة على الجلد تكون كالجزء منه، وهذه لا تمنع من وصول الماء للعضو، كالحناء والكريمات الرقيقة... إلخ، وبالتالي الوضوء والغسل معها صحيحان.
وأمَّا الثاني: فلا يمكن معه الطهارة -الوضوء أو الغسل- بحال، خاصةً وأنَّه يُشَكِّلُ جِرْمًا كثيفًا على الجلد يمنع من وصول الماء إلى العضو، فيجب شرعًا على من شرعت في الطهارة إزالته عن الجلد قبل مباشرة الطهارة بنوعيها، حتى يصل الماء إلى البشرة؛ لا سيَّما وأنَّ من شروط صحة الوضوء التي لا خلاف عليها بين الفقهاء عَدَمَ وجود عازلٍ يمنعُ من وصول الماء إلى البشرة حال مباشرة الطهارة، سواءٌ كان هذا العضو مأمورًا بغسله أو مسحه، وقد نصَّت المذاهب الفقهية على ذلك. يُنظَرُ: "مراقي الفلاح شرح نور الإيضاح" للعلَّامة الشرنبلالي الحنفي (ص: 30، ط. المكتبة العصرية)، و"الشرح الصغير" للعلَّامة الدردير المالكي (1/ 132، ط. دار المعارف)، و"حاشية البجيرمي على الإقناع" للعلَّامة البجيرمي الشافعي (1/ 128، ط. دار الفكر)، و"كشاف القناع عن متن الإقناع" للعلَّامة البهوتي الحنبلي (1/ 85، ط. دار الكتب العلمية).
حكم تيمّم المرأة التي تضع مساحيق التجميل (المكياج)، وحكم صلاتها بهذا التيمم
أمَّا ما يتعلق بحكم تيمم المرأة حال استخدامها مساحيقَ التجميل (وهو محل السؤال): فقد ذهب جمهور العلماء إلى أنه لا يجوز شرعًا للمرأة التَّيَمُّم إلا عند فقْدِ الماء حقيقةً، أو فقْدِه حُكْمًا أي: في حال عدم القدرة على استعماله، لا سيَّما إذا ترتَّبَ على استعماله ضررٌ شديد لا يمكن درؤه بحالٍ، أو مشقةٌ شديدة لا يمكنُ تحمُّلها بحال كتأخر الشفاء، أو زيادة المرض، أو حدوث مضاعفاتٍ تؤدي بالمعذورة إلى الهلاك، بحيث تخافُ معه فَوْت الروح، أو فوات بعض الأعضاء لو استعملت الماء.
وقال الإمام ابن حزم في "مراتب الإجماع" (ص: 18): [واتفقوا على أنَّ المريض الذي يتأذى بالماء ولا يجد الماء مع ذلك أن التَّيَمُّمَ له بدل الوضوء والغسل] اهـ.
وقال الإمام ابن عبد البر في "الاستذكار" (1/ 303، ط. دار الكتب العلمية): [وأجمع العلماء بالأمصار بالمشرق والمغرب -فيما علمتُ- أنَّ التَّيَمُّمَ بالصعيد عند عدم الماء: طهورُ كل مسلم مريض أو مسافر، وسواءٌ كان جنبًا أو على غير وضوء] اهـ.
وقال العلَّامة بدر الدين العيني في "البناية شرح الهداية" (1/ 516-517، ط. دار الكتب العلمية): [وأجمعوا على أنَّه لو خافَ على نفسه الهلاكَ، أو على عضوه ومنفعته يباحُ له التَّيَمُّم] اهـ.
فإباحة التَّيَمُّمِ مُقيَّدةٌ بِفَقْدِ الماء حقيقةً بعدم وجودِه، أو حكمًا بعدم القدرة على استعمال الماء مع وجوده، وليس داخلًا في أسبابها وجود مساحيق التجميل؛ إذ الفَقْدُ الحقيقي للماء غير حاصلٍ، وأمَّا عدم القدرة على استعمال الماء فمنتفيةٌ بقدرة المرأة على إزالة هذه المساحيق إذا أرادت مباشرة الطهارة دون ضررٍ بالغٍ أو تأخرٍ للشفاء أو زيادة مرضٍ أو غير ذلك من أسباب الفَقْدِ الحُكمي، هذا فيما يتعلق بالمساحيق ذاتها، أمَّا إذا وُجِدَ معها ضَرَرٌ بالغٌ من استعمال الماء كتأخُّرِ الشفاء حالة المرض، أو زيادة المرض بسبب استعمال الماء أو فَقْدِ الماء حقيقةً، فيباح التيمم لا لوجود المساحيق وإنما لأمرٍ خارجٍ عنها.
وإذا تيممت المرأة لغير عذر يبيح لها التيمم وصلت فصلاتها غير صحيحة، ويجب عليها قضاء الصلوات التي صلتها بهذا التيمم؛ لفقد صلاتها شرطا من شروط صحتها.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: المكياج مستحضرات التجميل الوضوء الغسل التيمم الماء إلى البشرة مساحیق التجمیل استعمال الماء من وصول الماء الماء حقیقة أو زیادة م المرأة لا یمکن
إقرأ أيضاً:
تبيع الأوهام لا الجمال... متى تشنّ حرب حاسمة على دكاكين التجميل؟
في عالم يطغى عليه هوس الجمال المثالي، أصبحت مراكز التجميل غير الشرعية في لبنان فخاً يقع فيه الكثيرون، خصوصاً النساء والفتيات. حلمهنّ أن يشبهن أشهر النجمات بأسعار مخفضة ونتائج سريعة، فتنتهي الحكاية بثمن باهظ يدفعنه من صحتهن ومظهرهنّ.هي مراكز باتت تنمو كالفطر في الأحياء السكنية وعلى وسائل التواصل الاجتماعي، مهمتها بيع الأوهام لا الجمال. إذ يكاد لا يمرّ أسبوع من دون أن نقرأ خبراً يفيد عن ختم قوى الأمن الداخلي مركزاً أو عيادة تجميلية بالشمع الأحمر، كونها تعمل من دون ترخيص قانوني وتعرّض حياة زبائنها للخطر في أحيان كثيرة بسبب مواد مجهولة ومضرّة.
كارين، البالغة من العمر 34 عاماّ، وقعت ضحية إعلان رنّان صادفته عبر أحد مواقع التواصل الإجتماعي أقنعها بالتوجّه إلى مركز تجميلي في بيروت، كي تحقن شفتيها بالفيلر بهدف تكبير حجمهما بسعر رخيص جداً مقارنة بخدمة مراكز أخرى.
وقالت لـ"لبنان 24": "شعرت لحظة دخولي المبنى الذي يقع فيه المركز التجميلي بأن خطباً ما سيحصل، وكأن صوتاً بداخلي كان يدفعني للخروج وعدم إكمال سيري نحو العيادة"، لافتة الى أن أفراداً من عائلتها وأصدقاءها كانوا قد نصحوها بإجراء هكذا تدخلات تجميلية في عيادات معروفة حتى ولو كان الثمن المادي أعلى.
وأضافت: "المركز كان يدار من قبل سيدة تدعي أنها خبيرة تجميل، إلا أنني لم ألحظ أية شهادة على الحائط، ووعدتني بشفاه ممتلئة وجميلة. إلا أنه بعدما حقنتني بالفيلر بنحو الساعة، بدأت شفتاي تتورمان وتتلونان بالأسود، وأصبت بعدوى حادة دخلت بسببها إلى المستشفى".
وشددت على أنها لم تخسر فقط جمالها، بل فقدت ثقتها بنفسها ودخلت في حالة من الاكتئاب بعد أن اضطرت للخضوع لعلاج طويل ومؤلم ومكلف لإزالة المادة المجهولة التي تم حقنها.
قصة كارين ليست فريدة من نوعها، بل يتعرض يومياً زبائن هكذا عيادات لهذا النوع من التشويه وذلك بسبب غياب الرقابة القانونية، ما يمنح هذه المراكز حرية استخدام أي مادة، حتى لو كانت خطيرة أو غير معتمدة طبياً.
لا يقتصر الضرر الذي تسببه مراكز التجميل غير الشرعية على الأذى الجسدي فقط. فالأضرار النفسية قد تكون أعمق وأكثر استمرارية. فيعاني المريض من انعدام الثقة بالنفس، وذلك عندما يصبح المظهر الجديد مصدر خجل وإحراج، مما يؤدي إلى تجنب المناسبات الاجتماعية والانعزال، فضلاً عن أن ً الضحايا يضطرون إلى إنفاق مبالغ طائلة على الأطباء المتخصصين لإصلاح الأضرار.
من هنا، لا بد من وقفة جادة وحاسمة تجاه هذه الظاهرة، تبدأ على المستوى الرسمي ولكن الأساس أيضاً يقع على عاتق المجتمع والأفراد. كما يجب على الإعلام وناشطي وسائل التواصل الاجتماعي التوقف عن الترويج للمراكز غير المرخصة، وتوجيه رسائل توعوية حول أهمية اختيار الأماكن المرخصة والمؤهلة.
بدوره، ألقى مصدر طبي من جانبه باللوم الأكبر على المواطنين عبر "لبنان 24"، مشيراً إلى أنه من غير المنطقي التوجه إلى مركز تجميل مشبوه أو لا يستوفي الشروط فقط لأنه أرخص من غيره، لافتاً إلى أن القانون يمنع المراكز التجميلية من تقديم خدمات الليزر ما لم يكن طبيب مختص موجوداً داخلها.
ودعا المصدر جميع المواطنين والأشخاص الراغبين بإجراء تدابير تجميلية، للتحوّط من مدى شرعية المراكز والتقدم بشكوى في حال وجود أية مخالفة.
ليس من السهل خسارة الثقة بقطاع مهم في لبنان كقطاع التجميل، إلا أن دكاكين كهذه المراكز غير الشرعية تشكّل إحدى أكبر التحديات أمام السياحة التجميلية. فهل يضرب المسؤولون بيد من حديد هذه المرة لإقفال باب الفساد هذا؟
المصدر: خاص لبنان24 مواضيع ذات صلة ترامب: الهند لا تشتري النفط الروسي وحسب بل تبيعه وسنزيد عليها الرسوم بدرجة كبيرة Lebanon 24 ترامب: الهند لا تشتري النفط الروسي وحسب بل تبيعه وسنزيد عليها الرسوم بدرجة كبيرة