فرضت شركة تشغيل فنادق في مدينة كيوتو اليابانية على عملائها الإسرائيليين التوقيع على تعهد بعدم التورط في جرائم حرب قبل السماح لهم بالإقامة، في خطوة غير مسبوقة تعكس احتجاجا مدنيا على جرائم الإبادة الإسرائيلية المتواصلة في قطاع غزة.

وقال مدير الشركة، كيشي إيس -لوكالة الأناضول- إن القرار جاء في سياق رد فعل شخصي وإنساني على المجازر التي ترتكبها إسرائيل في غزة، مشيرا إلى أن صور الأطفال تحت الأنقاض دفعته للتفكير في وسيلة احتجاج قانونية داخل اليابان، حيث يُمنع التمييز ورفض العملاء.

ووصف كيشي -الذي يعمل في إدارة الفنادق منذ نحو 10 سنوات- المجازر الإسرائيلية في غزة بأنها غير مقبولة على الإطلاق، وتتعارض مع القانون الدولي.

وأوضح أنه عمل مدرسا لسنوات عديدة، مضيفا "عندما شاهدت صور الأطفال في غزة، أدركت أنني لا أستطيع الوقوف مكتوف الأيدي من دون أن أفعل شيئا".

وأردف كيشي: "كنت أتساءل ماذا يمكنني فعله، ففي اليابان لا يُسمح بالتمييز ورفض العملاء، لذا قمنا باستحداث إجراء خاص بتوقيع هذا التعهد، وهذا أقصى ما يمكننا فعله في إطار القانون".

وأشار إلى أن إدارة الفندق فرضت على زبائنها الأجانب تقديم تعهد بعدم التورط بارتكاب جرائم حرب، لأن القانون يحظر رفض العملاء.

إدارة فندق ياباني فرضت على زبائنها الأجانب تقديم تعهد بعدم التورط بارتكاب جرائم حرب (الفرنسية) وثيقة تعهد

وحول تفاصيل عملية الحجز المعتادة، أوضح كيشي أنه في المرحلة الأولى يأتي العملاء إلى الفندق بحجز مسبق، وخلال التسجيل وجها لوجه، يتحققون من جنسيتهم ومعلومات جواز سفرهم.

إعلان

وأضاف "بعد ذلك نتحقق إذا ما كانت الدولة، التي صدر منها جواز السفر، قد ارتكبت جرائم حرب مسجلة لدى المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، أم لا".

وتابع "ثم نبرز وثيقة تعهد للزبون تفيد بأنه لم يكن في القوات العسكرية أو الوحدات شبه العسكرية في ذلك البلد خلال الـ10 سنوات الماضية، ولم يرتكب جرائم حرب، ونطلب منه التوقيع عليها".

وتتضمن الوثيقة التعهد التالي "لم أرتكب أي جرائم حرب تنتهك القانون الدولي والإنساني، بما في ذلك على سبيل المثال لا الحصر، الهجمات على المدنيين (الأطفال والنساء، إلخ)، أو قتل أو إساءة معاملة أولئك الذين يستسلمون أو يؤخذون أسرى حرب، أو التعذيب أو المعاملة اللاإنسانية، أو العنف الجنسي، أو النزوح القسري أو النهب، أو أي أعمال أخرى تندرج ضمن نطاق المادة رقم 8 من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية".

وأوضح كيشي أن إدارة الفندق تطبق هذا الإجراء منذ 6 أشهر، مشيرا إلى أن جميع النزلاء وقعوا على وثيقة التعهد.

ولفت إلى أنهم يستقبلون عملاء من عديد من بلدان العالم، بما في ذلك الولايات المتحدة وتركيا وكوريا الجنوبية.

وأضاف أنه لا ينبغي التغاضي عن تجاهل بعض الدول للقانون الدولي وانتهاكه، بالطبع، هذه الجرائم لا تُرتكب في اليابان، وليست مرتبطة مباشرة بحياتنا أو مشاكلنا، مع ذلك، يُلزمنا القانون الدولي، جميعنا بالامتثال له.

وأردف أنه ليس من العدل أن نستمر في اليابان بخدمة الإسرائيليين بابتسامة بعد كل ما فعلوه، لذا نفرض على السياح القادمين من دول ارتكبت جرائم حرب على توقيع وثيقة بأنهم غير متورطين في جرائم حرب.

وأكد كيشي أنهم يشعرون بقلق بالغ إزاء ما تشهده غزة، مشيرا إلى أهمية عدم المساواة في معاملة من يلتزمون بالقانون الدولي ومن ينتهكونه.

استياء إسرائيلي

وأفاد كيشي بأنهم تلقوا رسالة من السفارة الإسرائيلية في طوكيو وصفت موقف الفندق بأنه "تمييز".

إعلان

وأضاف "نشرنا نص الرسالة على شبكات التواصل الاجتماعي، وحاولنا الرد على الانتقادات"، مضيفا أن هذا الإجراء لا يُخالف أيا من القوانين، وليس تمييزا، فالتمييز يتعلق بأمور لا يُمكننا تغييرها، كالجنسية أو العرق أو الجنس، لكن هذا الإجراء هو رد على أفعال إسرائيل.

ووصف كيشي الهجمات الإسرائيلية في غزة بأنها إبادة جماعية، معربا عن استيائه من موقف الحكومة اليابانية لعدم انتقادها إسرائيل بشكل كاف بعد أكتوبر/تشرين الأول 2023.

وقال إن حكومة بلاده تبعث رسائل سلام إقليمية بدلا من تحميل الاحتلال المسؤولية المباشرة، لافتا إلى أن السياسة الخارجية اليابانية تُدار بطريقة تركز على الولايات المتحدة.

وأشار كيشي إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لم يُعتقل خلال زيارته إلى المجر مطلع أبريل/نيسان الماضي، رغم أنها دولة عضو في المحكمة الجنائية الدولية، التي أصدرت مذكرة توقيف بحقه.

وترتكب إسرائيل بدعم أميركي مطلق منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 إبادة جماعية بغزة، خلّفت أكثر من 172 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات القانون الدولی فی الیابان جرائم حرب فی غزة إلى أن

إقرأ أيضاً:

خبراء فرنسيون: رفض دعوى سلطة بورتسودان ضد الإمارات استند على أسس صلبة من القانون الدولي

باريس - وام
في أعقاب قرار محكمة العدل الدولية الصادر في 5 مايو 2025، برفض الدعوى التي تقدمت بها سلطة بورتسودان ضد الإمارات العربية المتحدة، بزعم تورطها في «دعم إبادة جماعية» في إقليم دارفور، سلط خبراء فرنسيون الضوء على سلامة الموقف القانوني لدولة الإمارات، الذي استند على أسس صلبة من القانون الدولي، وتحديداً في ما يتعلق بتحفظها على المادة 9 من اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية.

وتُعد المادة 9 من اتفاقية منع الإبادة الجماعية (1948) هي المادة التي تمنح محكمة العدل الدولية الاختصاص في النظر في النزاعات بين الدول حول تفسير وتطبيق الاتفاقية. لكن دولة الإمارات، عند انضمامها إلى الاتفاقية، أبدت تحفظاً صريحاً على هذه المادة، مؤكدة أنها لا تقبل الاختصاص التلقائي لمحكمة العدل الدولية في النزاعات المتعلقة بالاتفاقية. وهذا التحفظ يعتبر مانعاً قانونياً لاتخاذ ذلك الإجراء، ما يفقد الدعوى أساسها القانوني وأركانها الشرعية. هذا التحفظ يعكس نهج الدولة في الحفاظ على سيادتها القضائية، مع التأكيد على التزامها الكامل بأهداف الاتفاقية في منع الإبادة الجماعية. ولم تكن دولة الإمارات استثناء في التحفظ على هذه المادة، فقد اتخذت 15 دولة موقفاً مماثلاً لأسباب تتعلق بالسيادة الوطنية. من بين هذه الدول: الولايات المتحدة والهند والفلبين والبحرين وسنغافورة وماليزيا.

وقد أكد العديد من الخبراء الفرنسيين أن هذا التحفظ يتماشى مع أحكام اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات (1969)، التي تسمح للدول بإبداء تحفظات على مواد معينة من الاتفاقيات الدولية، ما لم تكن هذه المواد تشكل جوهر الاتفاقية أو تعارض موضوعها وغرضها. ولأن المادة 9 ليست من المواد الجوهرية المرتبطة بالتجريم أو منع الجريمة نفسها، فإن التحفظ عليها لا يُعد باطلاً من الناحية القانونية.
وأشار الخبراء الفرنسيون إلى أن دولة الإمارات «اعتمدت مقاربة قانونية منضبطة»، وأن المحكمة لم تجد في ملف القوات المسلحة السودانية ما ينقض الحصانة التي يمنحها تحفظ المادة 9.
وقال جان بول لوبلان، أستاذ القانون الدولي في جامعة السوربون: «هذا القرار يثبت أن التحفظات القانونية التي تُبنى بشكل دقيق تكون فاعلة أمام المحاكم الدولية. دولة الإمارات كانت ملتزمة في تعاملها مع القانون الدولي منذ انضمامها للاتفاقية».

من جهتها، أكدت كلير دوما نائبة المركز الأوروبي للسلام وحل النزاعات ومقره باريس، وهي متخصصة في قضايا النزاعات الدولية، أن قرار المحكمة يشكل سابقة قانونية مهمة، ويكرّس مبدأ سيادة الدولة في ما يتعلق بالتحفظات القانونية المعترف بها دولياً، كما أنه يرسل رسالة للدول التي تسعى إلى استخدام القضاء الدولي كأداة سياسية، مفادها أن الإجراءات الشكلية والالتزام بالقانون هما مفتاح النجاح في هذا الصدد.
وأضافت:«هذه نتيجة طبيعية لدولة تفهم طبيعة النظام القانوني الدولي، وتضع أساساً دبلوماسياً وقانونياً لمواقفها.
واعتبرت نائبة رئيس المركز الأوروبي للسلام وحل النزاعات، أن قرار محكمة العدل الدولية برفض دعوى القوات المسلحة السودانية ضد دولة الإمارات يمثل «ليس فقط انتصاراً قانونياً لدولة الإمارات، بل أيضاً تثبيت لمبدأ احترام سيادة الدول ورفض توظيف القضاء الدولي كأداة ضغط سياسي».

وأضافت «من الواضح أن المحكمة أرادت أن تُرسل رسالة مفادها أن الادعاءات ذات الطابع السياسي، حتى وإن صيغت بلباس قانوني، يجب أن تستوفي المعايير الإجرائية والاختصاصية الصارمة المعمول بها دولياً. وقد نجحت دولة الإمارات في تفكيك الطابع القانوني المزعوم للدعوى، عبر تقديم ملف قوي يستند إلى تحفظها القانوني على المادة 9 من اتفاقية منع الإبادة الجماعية».
وأشارت إلى أن المحكمة، برفضها الدخول في جوهر الاتهامات، «عملياً برّأت دولة الإمارات من تهمة التدخل أو التورط في الشأن السوداني»، موضحة أن المحكمة «لم تجد في نص الدعوى ما يثبت خرقاً للالتزامات الدولية، لا في المضمون ولا في الشكل».
وشددت دوماً على أن هذا القرار «يعيد التوازن إلى منطق استخدام القضاء الدولي»، ويدفع نحو «عدم تسييس المحاكم الدولية، أو استغلالها لتصفية الحسابات الدبلوماسية أو الإعلامية».
وأكدت المتخصصة الفرنسية أن «الانتصار القانوني لدولة الإمارات في لاهاي يعزز صورتها كدولة تحترم الشرعية الدولية، وتدير سياساتها الخارجية ضمن أطر قانونية، حتى في وجه اتهامات ذات طابع سياسي وحقوقي معقد».

كما لفتت إلى أن هذا الانتصار سيمنح دولة الإمارات «مساحة أوسع للتحرك الدبلوماسي والإنساني في المنطقة، بعدما أكدت المحكمة عدم تورطها في دعم أي أعمال إبادة أو خرق للاتفاقيات الدولية»، وهو ما يعزز «موقع دولة الإمارات كلاعب دولي مسؤول، يحترم القانون».
وسلطت الضوء على أن هذا القرار يشكل سابقة قانونية مهمة، ويكرّس مبدأ سيادة الدولة في ما يتعلق بالتحفظات القانونية المعترف بها دولياً. كما أنه يرسل رسالة للدول التي تسعى إلى استخدام القضاء الدولي كأداة سياسية، مفادها أن الإجراءات الشكلية والالتزام بالقانون هما مفتاح النجاح في هذا المجال.

مقالات مشابهة

  • اللجنة الإسلامية للهلال الدولي تُدين انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني
  • مؤتمر السلام الشعبي يستقطب آلاف الإسرائيليين ويطالب بوقف الحرب بغزة
  • مسؤولة أوروبية: نضع اللمسات الأخيرة لإنشاء محكمة للبت بجرائم الحرب على غزة
  • خبراء فرنسيون: رفض دعوى «سلطة بورتسودان» ضد الإمارات استند إلى أسس صلبة من القانون الدولي
  • خبراء فرنسيون: رفض دعوى سلطة بورتسودان ضد الإمارات استند على أسس صلبة من القانون الدولي
  • مسؤولة أوروبية: سيتم انشاء محكمة للبت في جرائم الحرب بغزة
  • الاتحاد الأوروبي: غدا سنضع اللمسات الأخيرة بشأن إنشاء محكمة للبت في جرائم الحرب على غزة
  • بالصور.. كيف محَت الحرب العالمية الثانية خرائط اليابان وأوروبا؟
  • المفوضية الأوروبية: استخدام المساعدات كأداة حرب محظور بموجب القانون الدولي