لكني كتبت الأشجار بالخطأ.. ديوان جديد للشاعر نجوان درويش
تاريخ النشر: 11th, May 2025 GMT
"لكني كتبت الأشجار بالخطأ" هو عنوان الديوان التاسع للشاعر الفلسطيني نجوان درويش، وقد صدر حديثا عن "المؤسسة العربية للدراسات والنشر" في بيروت و"دار الفيل" في القدس، اللتين نشرتا في السنوات الأخيرة مجموعة من أعمال الشاعر، مثل: "كلما اقتربت من عاصفة" (2018) و"تعب المعلقون" (2018)، و"استيقظنا مرة في الجنة" (2020)، و"كرسي على سور عكا" (2021).
في 168 صفحة من القطع المتوسط، تضم المجموعة الشعرية الجديدة 112 قصيدة موزعة على 7 فصول حملت العناوين: "تعب من المشي في البرزخ"، و"لا أحد يركب الليلة إلى نجران"، و"دفوف تجيء من البعيد"، و"ولسنا متأكدين حتى من أنها سفينة"، و"أخاطبكم كزملاء سابقين" ، و"ترك أثرا في الرمال"، و"في يدي آخر قناع وسأرتديه".
يفتتح الفصل المعنون بـ "تعب من المشي في البرزخ" الديوان بمشهد بحري لمدينة حيفا المحتلة:
أحلم مرات أن تصير أمواج بحر حيفا
كثبانا زرقاء
وأن يأتي منها جمال لا عمر له
يسحب خلفه الأيام
يقف قليلا تحت نافذتي
لأناوله كل ما ادخر العرب عندي
من مطالع قصائد لم تقل وحروب لم تنته
أناوله كل حبهم اليائس…
نقرأ في هذا الفصل مشهد المدينة العربية الواقعة بين المتوسط وجبل الكرمل، إذ تتنقل معظم قصائد الديوان بين مدن الساحل الفلسطيني ومدينة القدس، حيث يلمح الشاعر "صهاينة صغارا يؤدون أدوار لصوص يمثلون أنهم صهاينة، صغار حتى أني لا أراهم". فالشاعر لا يعترف بالواقع الاستعماري ومسمياته وفلسطين من نهرها إلى بحرها أرض عربية محتلة تستند، رغم كل ما يجري اليوم، على إرث ممتد من المقاومة والتحرر.
وتتمثل وظيفة الشعر في هذه المجموعة كما في أعمال نجوان درويش السابقة في تحرير المكان والمخيلة بأدوات الشعر، وكأنما الشاعر مؤرخ آخر يقدم مرافعته الجمالية في مواجهة العنف الاستعماري وأكاذيبه وجميع أشكال الهيمنة والاستبداد.
في الفصل الثاني "لا أحد يركب الليلة إلى نجران" تتنقل المشاهد الشعرية بين المنفى العراقي ومشهد قصف اليمن وذاكرة شاميي مصر، في حركة أفقية وعمودية، في الراهن والتاريخ معا.
في قصيدة بعنوان "تعليق تحت لوحة لمحمود صبري" يخاطب الشاعر الرسام العراقي المولود في بغداد عام 1927 والمتوفى في المنفى عام 2012:
نساء بألوان الحداد يخرجن
من لوحتك
ويتوزعن الأرائك في غرفتي
طالما لمحت وجوههن
في أيقونات "الجمعة الحزينة"
وفي ارتفاعات اللون
وهو يجرف العويل الصامت بين مدينتين
يمكن أن تكونا القدس وبغداد
أو أي أختين ولدتا تحت كوكب زحل
قبل أن ينتهي الفصل بقصيدة بعنوان "بورتريه لبديعة مصابني في شتورة" تستعيد بديعة مصابني (1892-1974)، الفنانة الاستعراضية السورية اللبنانية الرائدة، التي بعد شهرة كبيرة في القاهرة عادت إلى قريتها اللبنانية شتورة، في قضاء زحلة، لتصبح صاحبة دكان في آخر عقدين من حياتها.
في الفصل الثالث المعنون بـ"دفوف تجيء من البعيد"، نقرأ من قصيدة "ستشققه الأضواء":
قلت لها لا تفرطي في تذكر الأشجار
الأشجار لا تتذكر أحدا
انظري كيف يستظل بها الغزاة دون أن يخلعوا خوذاتهم
انظري كيف يدوسون ظلالها ببساطيرهم
الأشجار لا تتذكر غارسيها
ولا تكترث لقاطفيها
لم تتذكرني شجرة حين نفيت عن أرض أسلافي
والأشجار التي نمت تحتها طفولتي تتصرف الآن كأشجار أجنبية
قلت لها: لقد كفرت حتى بالأشجار
أما في الفصل الرابع المعنون بـ "ولسنا متأكدين حتى من أنها سفينة" نجد مجموعة من القصائد الشخصية القصيرة التي تشبه بعضها "التوقيعات"، نقرأ قصيدة "عن طفولتي":
إعلانولم أكن أسأل عن طفولتي
ولا عن أخبار المحكمة
هناك حيث رفعنا مرة دعوى
ضد الذين سرقوها
في الفصل الخامس "أخاطبكم كزملاء سابقين" نلحظ تجاور الموروثات الثقافية وقرب الشاعر من النص القرآني وكذلك من النص الإنجيلي في مقاربة معاصرة، سياسية وشخصية في آن. وفي قصيدة "مزمور" نقرأ:
هذا هو جسدي الذي يكسر
من أجلكم
لمغفرة ما لا يغتفر
هذا هو جسدي الذي يكسر
عبثا
ويكسر بددا
ولا ينوبه سوى أن يكسر
في الفصل السادس " ترك أثرا في الرمال"، يبدأ الفصل بقصيدة قصيرة بعنوان "في الأسر":
إن المرء في البداية أسير جسده
أسير هذا التراب الشاسع
وكل أسر بعده يهون
تليها 28 قصيدة شديدة التنوع في مواضيعها وتنقلاتها الزمانية والمكانية، من القصائد التي يتضمنها هذا الفصل: "تستيقظ في سفينة"، و"دفتر من دلهي"، و"معارضة قصيرة النفس لميمية ابن الفارض"، و"موت عابر في رام الله"، و"قصيدة منسية عن الصداقة" التي يقول فيها:
الطريق تكرج أمامنا
مثل خراف جبلية في الربيع القشيب
والأجراس ترن
في أعناق الخراف…
هذا أقصى ما يستطيعه إنسان
وأخيرا في الفصل السابع "في يدي آخر قناع وسأرتديه" ثمة 5 قصائد "آخر قناع" و"لا أحد" و"أغنية إلى جهنم" و"في أسكدار" و"إلى أن صرت رسالتي"، يكتب في الأخيرة:
أعيدوا الضياع الملوكي المذهب
بسواه لا يعود الطريد ملكا
وأنزلوها قليلا عن الصليب لترتاح
هذي المعلقة بين الجليل والقدس
التي نسميها بالظن بلادا
كنت كتبت لها في يفاعتي رسالة كانت تضيع ولا تصل
ومرت سنوات وأنا أحاول
إلى أن صرت رسالتي الضائعة
يذكر أن نجوان شاعر من مواليد مدينة القدس، من بين أعماله الشعرية "سأقف يوما" (2012) و"فبركة" (2013) و"لست شاعرا في غرناطة" (2018)، و"كلما اقتربت من عاصفة" (2018) و"تعب المعلقون" (2018)، و"استيقظنا مرة في الجنة" (2020)، و"كرسي على سور عكا" (2021)، و"لكني كتبت الأشجار بالخطأ" (2025)، وترجمت مجموعة من دواوينه إلى أكثر من 20 لغة وحققت إشادة نقدية واسعة، وآخرها بالإنجليزية كتاب بعنوان "لا أحد يعرفك غدا.. مختارات شعرية 2014-2024" عن "منشورات جامعة ييل" الأميركية بترجمة وتقديم الكاتب والمترجم الأميركي المصري كريم جيمس أبو زيد.
والكتاب وصل حاليا إلى القائمة النهائية لجائزة "أفضل كتاب شعري مترجم" إلى الإنجليزية التي تمنحها مؤسسة "بي إي إن" الأميركية، وإلى القائمة النهائية لجائزة Big Other Book Award، ووصفته جريدة "نيويورك تايمز" الأميركية بأنه "رؤية صادقة ومجردة للحرب وارتداداتها: الخوف والرعب والاجتثاث والمنفى".
إعلانوبحسب مقالة للناقد عيسى بلاطه (1927-2019) مؤلف كتاب "بدر شاكر السياب.. حياته وشعره"(1971)، نشرها عام 2015 في مجلة World Literature Today فإن "شعر نجوان درويش يمثل تغييرا يحتفى به في الكتابة الشعرية العربية"، وهو بحسب "مركز ترجمة الشعر" في لندن "صوت أساسي في الأدب العربي المعاصر".
سبق لأعمال نجوان درويش الشعرية أن نالت تكريمات وجوائز عالمية عديدة، من أبرزها: "الجائزة الكبرى للشعر الأجنبي" في فرنسا عام 2024، و"جائزة تشيلنتو الدولية للشعر" في إيطاليا عام 2023، و"جائزة سارة ماغواير" في بريطانيا 2022.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات فی الفصل لا أحد
إقرأ أيضاً:
وفاة الشاعر والكاتب المسرحي يوسف مسلم
كتب- محمد شاكر:
توفي مساء أمس السبت، الكاتب المسرحي والشاعر يوسف مسلم، مدير دار عرض مسرح المواجهة والتجوال بالبيت الفني للمسرح، وسط حالة من الحزن في الوسط المسرحي والثقافي.
ونعى عدد كبير من المسرحيين الكاتب الراحل، مشيدين بمسيرته الفنية وإنجازاته في دعم الحركة المسرحية.
من جانبها كتبت الناقدة رشا عبدالمنعم: يوسف مسلم
اذكروا هذا الاسم جيدا لأنه باق؛ شاعر وكاتب كبير
وإنسان لا يجيد التواطؤ ومفاوضة القبح، مع السلامة يا يوسف.. تستحق تكون فى عالم أجمل بالتأكيد".
بينما كتب الناقد أحمد عبد الرازق أبو العلا: "صدمة الرحيل المباغت؛ الشاعر والكاتب يوسف مسلم .. وداعا".
وأضاف: "كنت أومن بموهبته وحدثته عنها وأشرت إلى عمل أرسله لى لثقته في رأيي كما ذكر ..وكان سعيدا جدا بكلماتي القليلة التي كتبتها عن نص (وليمة عيد).. ياالله كلمات قليلة صادقة يمكن أن تسعد إنسانا.. وكلمات أخرى يمكن أن تقتل.. آمنت بموهبته واحترمت تمرده على نفسه وعلى الحياة ..إحساسه بالظلم والتهميش كان عظيما يظهره في مواقفه تجاه الآخرين خاصة هؤلاء الذين اعتبرهم عائقا في الطريق. والآن رحل عن دنيانا القاسية.. لينعم بالراحة الأبدية وأدعو الله أن يرحمه ويغفر له".
يوسف مسلم شاعر وكاتب وناقد مسرحي مصري، من مواليد 1979، فاز بعدة جوائز في مجال التأليف المسرحي كما صدر له عدة نصوص مسرحية منها «الحارس» (2007) و«الشبيهان» (2009) وتم تقديم هذان النصان وغيرهما على خشبة المسرح.
ونشر عدة دواوين منها «كتابوت يسعل بشدة» (2013)، «فقه الغضب» (2014) سيرة شاعر يموت شاهرا إصبعه الأوسط في وجه العالم» (2016)، وديوان «حقائب منسيه بقصد» هو الديوان الرابع في رحلته الأدبية، وديوان «حقائب منسيه بقصد»، عن دار صفصافة للنشر والتوزيع.
ومن أبرز قصائده التي كتبها عام ٢٠١٦:
اسْمِي يُوسُفْ مُسَلَّم،
جُثَّتي فَسّختها الكَرَاهِيةُ،
علىَ ظَهرِيِ سَبْعةً وثَلاثُونَ طَعنَةٍ،
حسْبَمَا تَقُولُ شَهَادةُ المِيلَادْ،
أُمِّي فَلَّاحةٌ
وأَبِي إِسكَافيٌّ بالكَادِ يَفُكُ الخَطَّ،
مُنْذُ مَاتَ وقَدَماي تُلِهبَانَني،
حِينَ أَضَعَهُمَا فيِ حِذاءٍ ليْسَ منْ صُنعِ يَديّهِ.
كُنتُ ذَلِكَ الطِّفْلُ الَّذي أَطْعَمُوه
قِطْعةً مِنْ قَلبِ ذِئْبٍ كيْ يهَابَهُ الخَوْفُ،
لكِنَّهُم نَسَوا أنْ يَنْزَعُوا
بَريقَ السَّذَاجةِ الورَاثيّةِ منْ عيْنيَّ
فَأَصبَحتُ ذِئْبًا يَأكُلُ الأَزهَارَ نَيئَةً
كانَ يُمْكِنُ أنْ أُصْبحّ عَرصًا كَبِيرًا
أوْ علىَ الأَقَلِ قَاتِلاً مَأْجُورًا
لكِنَّ الله عَاقَبَني بأنْ أَكُونَ عَاشِقًا حدَّ الكَرَاهِيةْ.
كُنتُ أَكْرَهُ مَقَاعِدَ الدِّارَسةِ الَّتي ثَقَبتْ سَرَاوِيلِي.
كُنتُ أَكْرَهُ المَسْجدَ ورُوَّادَه المُعَمَّمِينْ
ونَاظِرَ المَدْرَسةِ،
مرةً وصَفْتُهُ بخَيْزُرَانةٍ طَويِلةٍ
نَتَأَ مِنهَا رَجُلٌ قَصِيرٌ أَكْرشْ
يَخَافُ الضَّحِكْ.
كَذَلِكَ كُنتُ أَكْرَهُ أَيامَ الآحادِ
لأَنَّها تُفْسِدُ قُبلةً صَغيِرةً
كُنتُ أَضُعهَا عَلى شَفةِ رُوزْ
التي كَانتْ تَتَعمَّدْ أنْ تُخرِجَ صَلبِيَها الذَّهَبيَّ
منْ كُولةِ مَريَلتِها الزَّرقَاءْ.
حِينَ غَادَرْنَا المَدْرَسةَ المشتركةَ،
تَركَتْنِي أُقَبِّلُ صَليِبَها للمرةِ الأُولىَ،
بَعْدَهَا أَصبَحَ الأُسْبُوعُ كُلَّه أيام آحاد.
اقرأ أيضًا:
مفاجأة.. قانون العمل الجديد يتيح فصل العاملة بعد إجازة الوضع في هذه الحالة
نقيب الصحفيين يخاطب رئيس "النواب" لحذف عقوبة الحبس في النشر بقانون الفتوى
الحرارة تسجل 40 درجة.. نصائح مهمة من الأرصاد للمواطنين
لمعرفة حالة الطقس الآن اضغط هنا
لمعرفة أسعار العملات لحظة بلحظة اضغط هنا
يوسف مسلم وفاة يوسف مسلمتابع صفحتنا على أخبار جوجل
تابع صفحتنا على فيسبوك
تابع صفحتنا على يوتيوب
فيديو قد يعجبك:
إعلان
إعلان
وفاة الشاعر والكاتب المسرحي يوسف مسلم
روابط سريعة
أخبار اقتصاد رياضة لايف ستايل أخبار البنوك فنون سيارات إسلامياتعن مصراوي
اتصل بنا احجز اعلانك سياسة الخصوصيةمواقعنا الأخرى
©جميع الحقوق محفوظة لدى شركة جيميناي ميديا
القاهرة - مصر
27 14 الرطوبة: 17% الرياح: شمال شرق المزيد أخبار أخبار الرئيسية أخبار مصر أخبار العرب والعالم حوادث المحافظات أخبار التعليم مقالات فيديوهات إخبارية أخبار BBC وظائف اقتصاد أسعار الذهب أخبار التعليم فيديوهات تعليمية رياضة رياضة الرئيسية مواعيد ونتائج المباريات رياضة محلية كرة نسائية مصراوي ستوري رياضة عربية وعالمية فانتازي لايف ستايل لايف ستايل الرئيسية علاقات الموضة و الجمال مطبخ مصراوي نصائح طبية الحمل والأمومة الرجل سفر وسياحة أخبار البنوك فنون وثقافة فنون الرئيسية فيديوهات فنية موسيقى مسرح وتليفزيون سينما زووم أجنبي حكايات الناس ملفات Cross Media مؤشر مصراوي منوعات عقارات فيديوهات صور وفيديوهات الرئيسية مصراوي TV صور وألبومات فيديوهات إخبارية صور وفيديوهات سيارات صور وفيديوهات فنية صور وفيديوهات رياضية صور وفيديوهات منوعات صور وفيديوهات إسلامية صور وفيديوهات وصفات سيارات سيارات رئيسية أخبار السيارات ألبوم صور فيديوهات سيارات سباقات نصائح علوم وتكنولوجيا تبرعات إسلاميات إسلاميات رئيسية ليطمئن قلبك فتاوى مقالات السيرة النبوية القرآن الكريم أخرى قصص وعبر فيديوهات إسلامية مواقيت الصلاة أرشيف مصراوي إتصل بنا سياسة الخصوصية إحجز إعلانك