نحو تأسيس المحكمة الدولية الخاصة لجرائم الحرب في غزة
تاريخ النشر: 12th, October 2025 GMT
حين يتسع نطاق الجريمة الدولية تجاه الأفراد والشعوب ترقى لمرتبة جرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية، وحين يتسع نطاق التجريم والإدانة وتتعذر المحاسبة بشكل ممنهج يستدعي الأمر تأسيس محكمة جنائية دولية خاصة. حدث هذا بمبادرة من تحالف 14 أذار في لبنان بعد استطاع أن يمرر مقترحة بتأسيس المحكمة الدولية الخاصة بلبنان والتي أقرها مجلس الأمن، وكانت تهدف للتحقيق في التفجير الذي وقع عام 2005 في بيروت وأودى بحياة مدنيين أبرزهم رئيس الوزراء اللبناني الراحل رفيق الحريري.
إن أولى الخطوات نحو تحقيق العدالة الدولية الناجزة في فلسطين هو التوثيق القانوني الدقيق لما يحدث. وأنا أتابع منذ بداية الحرب الجهود الدؤوبة التي تقوم بها المنظمات الحقوقية الفلسطينية خلال هذين العامين من حرب الإبادة. وقد أدت هذه التحركات النشطة لفرض الولايات المتحدة وإسرائيل عقوبات على المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان ومركز الميزان لحقوق الإنسان ومؤسسة الحق/القانون من أجل الإنسان. كما أنشأ عدد من النشطاء محكمة شعبية خاصة في بريطانيا تقوم بتجميع الشهادات في لندن، بالإضافة بالطبع لجهود دول مثل جنوب أفريقيا وما استطاعت تحقيقه في محكمة الجنايات الدولية واستصدار مذكرة اعتقال ضد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
إن جرائم الحرب التي وقعت على مدار عامين كاملين في غزة هي جرائم لا تسقط بالتقادم، وبالتالي فإن فرصة تأسيس مثل هذه المحكمة الدولية الخاصة لمنع إفلات مجرمي الحرب من العقاب تمليه الضرورة القانونية وعجز الآليات القانونية الدولية عن محاسبة المتورطين. وإذا كانت الولايات المتحدة كالعادة يمكن أن تقف عقبة أمام تأسيس مثل هذه المحكمة أو تمرير مثل هذا القرار، فإن هذا لا يلغي أهمية المشروع وبلورته لعدة أسباب؛ أولا لأن الظروف السياسية قد تتغير كما تتغير حولنا كل يوم، وقد تأتي اللحظة المواتية لإقرار مثل هذه المحكمة. وثانيا فإن المطالبة بتأسيس مثل هذه المحكمة يعد ضغطا قويا لكبح جماح الغرور الإسرائيلي الذي لا يردعه رادع ولا يتوانى عن تكرار جرائمه في غزة في أي بقعة أخري سواء داخل أو خارج فلسطين. وثالثا لأن الزخم الشعبي في العالم وخاصة في العواصم الغربية لا يزال حاضرا، وسيكون ضاغطا على حكومات هذه الدول من أجل تحقيق المحاسبة والعدالة في فلسطين.
إن المسار السياسي وخطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لوقف الحرب في غزة ليس متربطا بالمسار القانوني والقضائي للجرائم التي وقعت هناك، وسيظل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مطلوبا لدى محكمة الجنايات الدولية، وهذا يعني أن حركته ستكون محدودة دوليا وسيكون عبئا على إسرائيل على المدى المتوسط أو البعيد وربما القريب أيضا؛ هذا إن استمر في منصبه الذي يوفر له بعض الحماية والحصانة كرئيس حكومة. أما إذا غادر هذا المنصب فإن أمامه غالبا السجن في إسرائيل بسبب تهم الفساد في الداخل والملاحقة الدولية في الخارج. ولا أتوقع أن نتنياهو أبقى له أصدقاء كثيرين داخل أو خارج إسرائيل يمدون له العون إذا ضاقت حلقة الحصار القانوني له داخليا أو خارجيا. وهذا سؤال لم يجب عليه أي أحد حتى الآن.
تختلف الحرب التي درات رحها في غزة عن كل الحروب السابقة من حيث أعداد الضحايا والدمار الهائل الذي وقع، كما أحدثت تحولا كبيرا غير مسبوق في صورة فلسطين في العالم. وهي لا تقل بشاعة عن الجرائم التي ارتكبها الصرب في حرب البوسنة، والتي استدعت تأسيس المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة.
x.com/HanyBeshr
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه قضايا وآراء جرائم محكمة نتنياهو غزة غزة نتنياهو جرائم محكمة قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء مقالات مقالات مقالات صحافة سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة اقتصاد مقالات مقالات سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی غزة
إقرأ أيضاً:
بعد تحقيقها أكثر من 5.8 مليون مشاهدة.. دور الحملات الرقمية في التصدي لجرائم الاتجار بالبشر
شاركت السفيرة نائلة جبر، رئيس اللجنة الوطنية التنسيقية لمكافحة ومنع الهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر، في الافتتاح الرسمي لفيلم "Sargy Margy" من إنتاج جمعية الفن للتنمية MADEV، والذي استضافته سفارة السويد بالقاهرة.
وجسدت الفعالية أهمية التعاون بين الدولة والمجتمع المدني والمنظمات الدولية في التصدي لجرائم الاتجار بالبشر وتعزيز الوعي المجتمعي.
وخلال كلمتها، أكدت السفيرة نائلة جبر أن التصدي لجرائم الاتجار بالبشر لا يقوم على القوانين فحسب، بل يعتمد بشكل كبير على الفن والإبداع وسرد القصص الإنسانية التي تصل إلى الجمهور وتلامس وعيه، مشيرة إلى أن الأعمال الفنية تمثل قوة ناعمة قادرة على كشف الحقيقة ودعم حماية الفئات الأكثر عرضة للاستغلال.
وتحدثت السفيرة عن جهود اللجنة الوطنية في هذا الملف، موضحة أن العمل يجري على تعزيز الإطار القانوني لحماية الضحايا وتطوير أدوات مواجهة الجريمة بما يضمن استجابة أكثر فاعلية.
كما أشارت إلى تفعيل آليات الإحالة الوطنية التي تسهّل التعاون بين الجهات المعنية لضمان تقديم الحماية والدعم في الوقت المناسب.
وتطرقت إلى البرامج المخصصة للدعم النفسي والاجتماعي للضحايا، والتي تُعد جزءًا أساسيًا من عملية إعادة التأهيل وإعادة دمجهم في المجتمع.
وفي سياق متصل، أبرزت السفيرة دور الحملات الرقمية التي أطلقتها اللجنة، والتي حققت أكثر من 5.8 مليون مشاهدة، مؤكدة أن الوصول إلى الجمهور عبر المنصات الرقمية أصبح ركيزة محورية في جهود التوعية الحديثة.
كما شددت على أهمية تعزيز الشراكات مع المنظمات الدولية والمجتمع المدني باعتبارها عنصرًا رئيسيًا في دعم قدرات الدولة وتوسيع نطاق الجهود الوطنية لمكافحة هذه الجريمة العابرة للحدود.
وفي ختام الفعالية، تقدمت السفيرة نائلة جبر بالشكر لفريق MADEV، وسفارة السويد، وكل الشركاء على جهودهم المتواصلة ودورهم في تقديم عمل فني يثري الوعي ويخدم قضية إنسانية بالغة الأهمية.