حين يصبح #البحث_العلمي فعلاً لا شعاراً… #جامعة_العلوم_والتكنولوجيا أنموذجًا”
بقلم: أ.د. محمد تركي بني سلامة

بموجب قانون الجامعات الأردنية لعام 2018، يُفترض أن تُخصص نسبة لا تقل عن 5% من موازنة الجامعات الأردنية سنويًا لدعم البحث العلمي، تعزيزًا للابتكار وترسيخًا لرسالة الجامعات كمنارات للفكر والمعرفة.

ولكن، ككثير من القوانين في عالمنا العربي، تبقى هذه النسبة – في أغلب الحالات – حبرًا على ورق. بين النصوص القانونية وبين الواقع الجامعي فجوة تتسع، يملؤها الإهمال، وتتغذى على غياب الإرادة الحقيقية في تحويل الجامعات إلى مراكز إنتاج علمي حقيقي.

وفي هذا المشهد العام المحبط، تبرز جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية كقصة نجاح تستحق الإشادة. فقد سجلت الجامعة في العام الماضي إنجازًا لافتًا، بإنتاج نحو 3000 بحث علمي نُشر في مجلات مصنفة عالميًا، بمعدل يقارب 3 أبحاث سنويًا لكل عضو هيئة تدريس. هذا الرقم ليس فقط دلالة على الأداء العلمي النشط، بل مؤشر حيوي على أن الاستثمار الصحيح في بيئة البحث يؤتي ثماره.

ولا يمكن لهذا النجاح أن يُقرأ بمعزل عن السياق المحيط به. فجامعة العلوم والتكنولوجيا وفرت لأعضاء هيئة التدريس بيئة محفزة للبحث العلمي، تمتزج فيها البنية التحتية المتطورة، والمختبرات المجهزة، وسهولة الوصول إلى قواعد البيانات العالمية، مع منظومة حوافز مالية ومعنوية مشجعة على النشر العلمي. هذا التكامل بين العناصر المادية والتنظيمية يعكس فهمًا عميقًا لوظيفة الجامعة، ليس كمكان للتلقين فقط، بل كمختبر دائم للإبداع والاكتشاف.

مقالات ذات صلة بيان صادر عن لجنة المتابعة في حراك جامعة اليرموك 2025/05/19

في المقابل، نجد في جامعات أخرى مشهدًا مختلفًا تمامًا. إنتاج علمي لا يكاد يُذكر، بمعدل لا يتجاوز نصف أو حتى ربع بحث سنوي لعضو هيئة التدريس ، وتجاهل صارخ لتعليمات هيئة الاعتماد فيما يتعلق بالإشراف والمناقشات والتدريس. وما يزيد الطين بلة، أن بعض الجامعات لا تزال تمنح مهامًا أكاديمية حساسة لأعضاء هيئة تدريس لم ينشروا أي إنتاج علمي منذ ما قبل “الربيع العربي”، وربما منذ “الربيع العباسي”! ورغم ذلك، لا يزالون يتصدرون المشهد الأكاديمي، ويتحدثون – بلا خجل – عن الجودة والتميّز.

كيف يمكن أن نرتقي؟ كيف نطلب من جامعاتنا أن تنافس إقليميًا ودوليًا، بينما تفتقر للحد الأدنى من شروط البيئة البحثية؟! لا مختبرات، ولا مصادر علمية محدثة، ولا حوافز، ولا حتى اهتمام. بل أحيانًا يُنظر إلى الباحث الجاد باعتباره متمردًا على “الروتين”، أو عبئًا على الإدارة.

الخلاصة أن الجامعات لا تنهض بالشعارات ولا بالبهرجة الإعلامية وباستقبال فلان وتوديع علان ، بل بالعلم الحي، والمساءلة الصارمة، والاستثمار الحقيقي في العقول. جامعة العلوم والتكنولوجيا لم تصنع المعجزات، لكنها طبّقت القانون، واحترمت الباحث، وأعلت قيمة الإنتاج. فهل من يقتدي؟

نسخة لهيئة الاعتماد لمؤسسات التعليم العالي وضمان الجودة .

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: البحث العلمي جامعة العلوم والتكنولوجيا جامعة العلوم والتکنولوجیا

إقرأ أيضاً:

فكره الوسطي محل تقدير العلماء والمفكرين.. عبد الله نصيف.. مسيرة حافلة بالعطاء العلمي والأكاديمي وخدمة الوطن

خالد بن مرضاح (جدة)
يعد الأستاذ الدكتور عبد الله بن عمر نصيف شخصية سعودية فذة جمعت بين التفوق العلمي في مجال الجيولوجيا، والريادة في العمل الأكاديمي، تاركا وراءه إرثًا غنيًا من العطاء والإنجازات التي خدمت وطنه وأمته. امتدت مسيرته الحافلة لأكثر من خمسة عقود، تنقل خلالها بين قاعات الجامعات ومنابر المنظمات الدولية ومقاعد مجلس الشورى، ليسطر فصولًا مضيئة في تاريخ العمل الإسلامي والإنساني المعاصر.

نشأته
ولد عبد الله بن عمر بن محمد نصيف في مدينة جدة بتاريخ 17 جمادى الأولى 1358هـ الموافق 5 يوليو 1939م، في بيت علم وعراقة. تلقى تعليمه الابتدائي والمتوسط والثانوي في مدارس جدة، حيث ظهر نبوغه مبكرًا. انطلق بعدها إلى العاصمة الرياض ليلتحق بجامعة الملك سعود (جامعة الرياض آنذاك)، حيث حصل على درجة البكالوريوس في تخصص الكيمياء والجيولوجيا بتقدير “ممتاز” مع مرتبة الشرف الأولى عام 1384هـ (1964م).
لم يتوقف شغفه العلمي عند هذا الحد، بل قاده طموحه إلى المملكة المتحدة، حيث ابتعث لمتابعة دراساته العليا. وفي عام 1391هـ (1971م)، تُوّجت رحلته الأكاديمية بحصوله على درجة الدكتوراه في الجيولوجيا من جامعة ليدز البريطانية المرموقة، ليصبح بعدها زميلًا في كل من الجمعية الجيولوجية في لندن والجمعية الجيولوجية الأمريكية؛ ما يعكس مكانته العلمية المرموقة في تخصصه.
المسيرة المهنية
تنوعت مسيرة الدكتور نصيف المهنية بشكل لافت، حيث بنى جسرًا فريدًا بين تخصصه العلمي الدقيق، وبين خدمة الشأن العام والعمل الإسلامي الدولي.
بدأ الدكتور نصيف مسيرته المهنية كأستاذ في جامعة الملك سعود بالرياض بعد عودته من بريطانيا، وذلك من عام 1391هـ إلى 1393هـ. انتقل بعدها إلى جامعة الملك عبد العزيز في جدة، حيث تدرج في مناصب أكاديمية وإدارية هامة:
رئيس قسم الجيولوجيا (1393 – 1394هـ).
أمين عام الجامعة(1394 – 1396هـ).
وكيل الجامعة (1396 – 1400هـ).
مدير جامعة الملك عبد العزيز (1400 – 1403هـ).
خلال فترة إدارته للجامعة، أسهم بشكل كبير في تطوير برامجها العلمية وتوسيع كلياتها وأقسامها البحثية، وعمل على ربط الجامعة بالمجتمع عبر مبادرات ثقافية وعلمية رائدة.
العمل الإسلامي والدولي
في عام 1403هـ (1983م)، شهدت مسيرة الدكتور نصيف تحولًا محوريًا بتوليه منصب الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي، وهو المنصب الذي شغله لمدة عشر سنوات حتى عام 1413هـ. خلال هذه الفترة،
بعد مسيرته الحافلة في رابطة العالم الإسلامي، تم اختياره ليشغل منصب نائب رئيس مجلس الشورى السعودي من عام 1413هـ إلى 1422هـ (1993 – 2002م)، حيث ساهم بحكمته ورؤيته الواسعة في خدمة المصلحة الوطنية.

أبرز مناصبه
إلى جانب مناصبه الرئيسية، شغل الدكتور نصيف العديد من المناصب ، من أبرزها:
رئيس مؤتمر العالم الإسلامي.
الأمين العام للمجلس الإسلامي العالمي للدعوة والإغاثة.
رئيس الاتحاد العالمي للكشاف المسلم.
رئيس مجلس هيئة الإغاثة الإسلامية العالمية.
رئيس ومؤسس مؤسسة عبد الله بن عمر نصيف الخيرية”.
عضوية مجالس أمناء العديد من الجامعات والمراكز الإسلامية حول العالم.
دوره في الحركة الكشفية
كان للدكتور نصيف إسهام بارز وممتد في الحركة الكشفية، التي التحق بها منذ عام 1956م، وقد نذر نفسه لخدمة أهدافها القائمة على فعل الخير ونشر السلام والحوار، ترأس الاتحاد العالمي للكشاف المسلم، وكان له دور كبير في تأسيس رابطة رواد الكشافة السعودية.

مقالات مشابهة

  • جامعة عين شمس تسلّم عقود دعم المشروعات البحثية لـ 8 أعضاء هيئة تدريس
  • فكره الوسطي محل تقدير العلماء والمفكرين.. عبد الله نصيف.. مسيرة حافلة بالعطاء العلمي والأكاديمي وخدمة الوطن
  • رئيس جامعة المنصورة: تدويل التعليم العالي محور أساسي في استراتيجية تطوير التعليم والبحث العلمي
  • مفتي الجمهورية يبحث مع نائب رئيس أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا التعاون المشترك
  • مشروعات مستقبلية بين الإفتاء وأكاديمية البحث العلمي لإعلاء منظومة القيم والأخلاق
  • المفتي يستقبل نائب رئيس أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا لتعزيز التعاون
  • جامعة صنعاء تتقدّم 459 مرتبة في قائمة التصنيف العالمي”AD SCIENTIFIC INDEX”
  • جامعة الأمير محمد بن فهد تحقق إنجازًا علميًا جديدًا في تصنيف التايمز لعام 2026
  • وزير التعليم العالي: البحث العلمي مفتاح التنمية وبناء القدرات الوطنية
  • توظيف الذكاء الاصطناعي في البحث العلمي خطوة نحو حوكمة الابتكار