بسم الله الرحمن الرحيم
#النكبة ليست ذكرى بل #واقع_فلسطيني
دوسلدورف/ أحمد سليمان العُمري
بدأت إسرائيل منذ يوم السبت الماضي 24 مايو/أيّار بزج أكثر من خمسة وعشرين فرقة عسكرية، تشمل مشاة ومدفعية ومدرّعات ووحدات مظلية، في قطاع غزّة، في ما يُعرف بعملية «عربات جدعون». الهدف واضح وصريح: احتلال القطاع بالكامل والسيطرة عليه بالقوة، وتحقيق تطهير عرقي ممنهج تحت غطاء ما يسمى «الدفاع عن النفس».
مؤشّرات تحوّل في المزاج الغربي
رغم التنديدات الدولية وتغيُّر المواقف الغربية تجاه القضية الفلسطينية، ما يُعتبر تحوّلاً لافتاً، أعلنت إسبانيا مبادرات دبلوماسية تهدف إلى الضغط على إسرائيل لوقف العدوان على غزّة، بما في ذلك الدعوة إلى فرض عقوبات وتعليق اتفاقيات التعاون، وذلك في إطار تحرّك أوروبي أوسع. إلى جانب ذلك، أظهرت استطلاعات حديثة في ألمانيا تراجع التأييد الشعبي للعمليات العسكرية الإسرائيلية، بينما تصاعدت الدعوات في المملكة المتحدة ودول أوروبية أخرى لوقف مبيعات السلاح لإسرائيل. بدأت أيضاً مؤسسات صحفية وحقوقية مستقلة تصف العدوان على غزة بأنه «وحشي» و «غير متكافئ»، وتطالب بوقف الدعم العسكري وفتح تحقيقات مستقلة في الانتهاكات، إلّا أن ذلك لم يفضِ إلى أي خطة عملية لإنهاء العدوان الإسرائيلي على القطاع أو تخفيف معاناة الفلسطينيين، خاصة في ظل السقوط الهائل بين النساء والأطفال؛ ضحايا هذا العدوان الفضيع.
هذا المزاج المتغيّر، على المستويين الشعبي والسياسي، قد يشكّل بوابة أمل لكسر دائرة الصمت العالمية إزاء فظاعة الجيش الإسرائيلي في غزة.
أما المواقف العربية فقد شهدت تغيُّرات متذبذبة اتسمت غالباً بالتهرّب والتقلّب، بل إن بعض الأنظمة هرولت نحو إبرام اتفاقيات مع إسرائيل بدلاً من تبني مواقف واضحة وحاسمة تشبه تلك التي ظهرت في بعض الدول الأوروبية.
هذا التصعيد العسكري الكبير لم يلقَ حتى الآن رد فعل ميداني أو دولي فعّال، مما يثير تساؤلات حول جدوى التحركات السياسية وقدرة المجتمع الدولي، أو رغبته، على إنهاء هذه الوحشية غير المعهودة، وما تمخّض عنها من مآسٍ إنسانية رهيبة.
حرب عالمية ثالثة بشعار محلي
ما يجري اليوم في غزّة ليس مجرّد حرب على رقعة جغرافية صغيرة، بل هو فصل من حرب عالمية كبرى وإن بدت ملامحها محلية في الظاهر. العالم كلّه اصطف في خندق واحد بصمته وتواطئه، بينما تقف غزّة وحيدة تواجه آلة القتل بإرادة صلبة لا تنكسر، بلا جيش ولا حلف، بل بإرادة شعب يعجز كل القادة عن كسرها.
المستهدف الحقيقي ليس الإنسان الغزي وحده، بل ما هو أعمق من الجغرافيا؛ المستهدف هو الوعي الجمعي العالمي والحقيقة بعينها؛ يقظة الضمير الإنساني، وإمكانية أن ينهض الإنسان الحر في أي مكان فيرفض هذه الإبادة التي يُراد لها أن تُروّج على أنها “دفاع مشروع”.
لقد بات قتل مئة طفل يومياً في غزّة مشهداً اعتيادياً لا يهزّ منابر العالم ولا يربك حسابات القادة، وكأننا نعيش زمناً جديداً تُكسر فيه مرايا الإنسانية ويُعاد تشكيل الوجدان العالمي على مقاس الطغاة.
ليست غزّة وحدها المستهدفة، بل الحقيقة ذاتها.
دعم دولي مُعلن وغير معلن وتحالف واسع
ما يجعل الحرب في غزّة جزءاً من حرب عالمية غير معلنة هو الدعم الكبير الذي تتلقاه إسرائيل من تحالف دولي واسع:
تُعد الولايات المتحدة العمود الفقري للدعم العسكري لإسرائيل، حيث قدمت مساعدات ضخمة تشمل أسلحة تقليدية وفتاكة ومتطورة منذ بداية الحرب. بالإضافة إلى ذلك، قامت الدول الغربية بتشغيل أكثر من 6,000 رحلة جوية ولوجستية لدعم العمليات العسكرية. إلى جانب هذا وذاك، قدمت دول أخرى مثل الهند وأستراليا وكندا واليابان دعماً عسكرياً متنوعاً، بينما ساهمت بعض الدول العربية بدعم لوجستي.
فضلاً عن الغطاء السياسي من خلال استخدام الفيتو الأمريكي المتكرّر في مجلس الأمن (4 مرّات حتى يونيو 2025) لمنع إصدار قرارات تُدين العدوان الإسرائيلي.
تعكس هذه الأرقام والحقائق والحشود الدولية حجم التنسيق والدعم العسكري العالمي الذي يجعل من غزّة ساحة حرب عالمية، ما يبعدها عن كونها صراعاً محلياً عابراً.
آلة إعلامية وقضائية لقمع الحقيقة
بالتوازي مع الحرب العسكرية، تم إطلاق حملة عالمية لقمع أي صوت يعارض العدوان أو يطالب بالعدالة:
فرضت غرامات مالية ضخمة تصل إلى عشرات الآلاف من اليوروهات على مؤسسات إعلامية تدعم القضية الفلسطينية أو تنشر مواد توثّق الجرائم الإسرائيلية.
عشرات الاعتقالات للصحافيين والنشطاء في أوروبا وأمريكا بتهم «التحريض» أو «تمجيد الإرهاب»، فقط بسبب دعمهم لغزّة.
فصل أكاديميين وموظفين في دول غربية، لا بل طالت نجوم السينما والإعلام العالمي بعد مشاركتهم في فعاليات تضامنية أو نشرهم مقالات تنتقد إسرائيل.
هذه الحملات لا تهدف فقط إلى كتم الصوت، بل إلى تقويض كل أشكال التضامن والوعي، وضرب إمكانية التحرّك الشعبي المؤثّر ضد الظلم.
كسر الصمت واجب إنساني
غزّة ليست فقط أرض معركة، بل اختبار قاسٍ للضمير العالمي، فحين يُقتل مئات الأطفال يومياً في صمت مريب، فإن القضية لم تعد فقط في القتلة، بل في كل من يساهم بصمته في هذه المأساة.
إن حماية الحقيقة، وتحقيق العدالة، وكسر دائرة الصمت، هم الطريق الوحيد لإيقاف حكومة نتنياهو المُتطرّفة عن استمرارية الإبادة التي لا تستهدف غزّة فحسب، بل الإنسانية جمعاء والضمير العالمي بُرمّته، فقد باتت المعركة الآن معركة وعي ووجود.
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: واقع فلسطيني حرب عالمیة
إقرأ أيضاً:
3 آب: دعوات لتصعيد الحراك ضد الإبادة في اليوم العالمي لنصرة غزة والأسرى
#سواليف
في ظلّ استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع #غزة، وتصاعد #جرائم_الإبادة و #التجويع بحقّ أكثر من مليوني فلسطيني، انطلقت دعوات فلسطينية إلى #حراك_جماهيري #واسع في الثالث من آب/أغسطس، ليكون يومًا وطنيًا وعالميًا لنصرة غزّة و #الأسرى، واستنهاضًا للضمير الإنساني في وجه #الجرائم_المتواصلة.
ودعت حركة المقاومة الإسلامية ( #حماس )، في بيان صدر اليوم الثلاثاء، جماهير الأمة العربية والإسلامية وأحرار العالم إلى تصعيد الحراك الجماهيري العالمي في أيام الجمعة والسبت والأحد (1 و2 و3 آب/أغسطس)، نصرةً لغزّة والقدس والأقصى والأسرى في #سجون_الاحتلال، وتنديدًا بجريمة الإبادة الجماعية والتجويع الممنهج الذي يتعرض له أكثر من مليوني فلسطيني في قطاع غزة.
وأكدت الحركة أن يوم الأحد الموافق 3 آب/أغسطس سيكون يومًا عالميًا لنصرة القضية الفلسطينية، وذلك وفاءً لدماء القادة الشهداء، وفي الذكرى السنوية الأولى لاستشهاد رئيس مكتبها السياسي إسماعيل هنية، الذي وجّه في حياته نداءً للأمة بأن تظل غزة في ضميرها ووجدانها، حتى رفع #الحصار وإنهاء العدوان.
مقالات ذات صلةودعت حماس إلى تنظيم المسيرات والوقفات الحاشدة في كل الميادين والساحات، وإلى تصعيد الاحتجاجات أمام السفارات الصهيونية والأمريكية، وكذلك بعثات الدول الداعمة للاحتلال، لممارسة كل أشكال الضغط السياسي والدبلوماسي والشعبي حتى يتوقف العدوان ويتم كسر الحصار.
وفي السياق ذاته، وجّه نادي الأسير الفلسطيني نداءً إلى جماهير الشعب الفلسطيني والأحرار في العالم، للمشاركة الفاعلة في فعاليات الثالث من آب، الذي أقرته مؤسسات الأسرى والقوى الوطنية والإسلامية والمؤسسات الشعبية كيوم وطني وعالمي لنصرة غزة والأسرى، واستعادة البعد الإنساني والأخلاقي في مواجهة المجازر الإسرائيلية المستمرة.
وأوضح النادي أن هذا اليوم يأتي بعد أكثر من 660 يومًا على بدء حرب الإبادة بحق الفلسطينيين، داعيًا إلى أن تكون المشاركة بحجم التضحيات التي قدّمها الشعب الفلسطيني، ودماء عشرات الآلاف من الشهداء، وصمود آلاف الأسرى والأسيرات خلف قضبان الاحتلال.
وأكد نادي الأسير أن رفع الصوت الفلسطيني، إلى جانب أصوات أحرار العالم، يشكّل محاولة لاستعادة القيم الإنسانية التي تُواجه أعظم اختبار في ظل صمت المجتمع الدولي، داعيًا الجميع إلى الخروج إلى الشوارع والساحات تحت شعار: الانتصار لغزة، ولأبطالها، ولأسرانا وأسيراتنا في سجون الاحتلال.
يُذكر أن الاحتلال يشن منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 حرب إبادة جماعية على غزة، تشمل القتل والتجويع والتدمير والتهجير القسري، ضاربًا بعرض الحائط النداءات الدولية وأوامر محكمة العدل الدولية المطالبة بوقف العدوان. وأسفرت هذه الحرب، بدعم أميركي مباشر، عن أكثر من 204 آلاف شهيد وجريح فلسطيني، غالبيتهم من الأطفال والنساء، إضافة إلى أكثر من عشرة آلاف مفقود، ومئات آلاف النازحين، ومجاعة أودت بحياة العديد من الفلسطينيين.