في غزة، لم يعد العيد مناسبة للفرح، فأبسط مظاهر العيد تبدو اليوم مستحيلة وهي تحت الإبادة، والتفاصيل لا تقل عن كارثة إنسانية، حزن وفَقْد وحداد، وأنقاض دفنت أحلام الفلسطينيين وقتلت فرحة أطفالهم.
في هذا الوقت، يتهيأ أبناء الأمة الإسلامية في أرجاء الأرض لعيد أضحى.. يصومون ويفطرون في هذه العشر من ذي الحجة على ما لذ وطاب من الطعام والشراب، ووحدها غزة، مكلومة تعاني القتل والدمار والنزوح والأسر والحصار منذ أكثر من عام ونصف، ولا تجد لأبنائها الخبز والماء.
لن يكون لأمهات غزة – لثاني أضحى مبارك – أن يصنعن كعك العيد أو ما اشتهر به تراث القطاع في المناسبات من أطباق «السماقية والسمك المملح (الفسيخ)، المقلوبة، والمفتول والمعلاق»، فالحصار أكل شيئا ومنع عنهم حتى شربة الماء، ولن يكون للأطفال أن يستيقظوا صباح العيد لارتداء الملابس الجديدة أو شراء الألعاب الملونة، ولن يلعبوا في ساحة الجندي المجهول، كما اعتادوا دائما، فالأمم المتحدة قد صنفت القطاع بالأخطر على حياة الأطفال حيث لا مكان آمن يتعلمون فيه أو يفرغون طاقاتهم في اللعب.
لن يكون للغزيين ولعيد إسلامي رابع منذ بدء الكيان الصهيوني حرب الإبادة، تبادل الزيارات الاجتماعية وصلة الأرحام فالشوارع خالية من مركبات التنقل، تملأها أكوام الركام والسيارات المحترقة وأعمدة الكهرباء المنهارة، ومخيمات عشوائية تنتشر في ساحات وشوارع القطاع.. حتى تبادل التهاني بالعيد ستبدو مجروحة وثقيلة، فكل المشاعر تحاصرها هذه المأساة الإنسانية التي جعلت أبناء غزة ضحية حقد الطغاة وجُبن المتآمرين.
ليس لأبناء غزة اليوم مساحة من الوقت أو فسحة من الإمكانات للتفكير بمظاهر العيد المعتادة من ملابس وزينة وإضاءات ملونة، فأولويتهم، تأمين الطعام والبقاء على قيد الحياة.. تقول الخبيرة في الشؤون الإنسانية ريهام عودة لوكالة ((شينخوا)) «إن الحرب لم تدمر المنازل فقط، بل دمرت الروح المعنوية لسكان غزة».
استعدت أمة المليار بالخراف والأضاحي، وبالحلويات والمكسرات في حرص شديد على قضاء أعلى درجات الفرح بالعيد، ولم تعد حتى تتابع أخبار الفلسطينيين وما يعيشونه، وإذا صادفتها، «حسبلت وحوقلت»، ثم غيّرت القناة، فعيدها لا يحتمل الوقوف ومتابعة مشاهد القتل بالتفجير أو التجويع، بينما في الأراضي المحتلة لا مكان للفرح بالعيد.. ساوى العدو كل شيء بالأرض، البيوت والمنشآت، فلا أسواق ولا حدائق ولا متنزهات، وتذكر التقارير أن «قوات الاحتلال دمرت جميع المتنزهات والمشاريع السياحية في قطاع غزة، التي يقترب عددها من 5 آلاف منشأة».. كل الحارات تشترك في الحداد، ويواصل العدو ذبح الفلسطينيين.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
الاعتصام بحبل الله.. اعرف كيف يكون وماذا يتضمن وما ثمراته
قال الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف إن آية {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا} سورة آل عمران، صارت مثلا، وأصبحت مبدأ وشعاراً للمسلمين، والمفتاح الذي نفتح به باب كل خير.
الاعتصام بحبل الله
وبين أن {وَاعْتَصِمُوا} أمرٌ بالتمسك الشديد، لا مجرد الأخذ اليسير.. فالاعتصام فيه طلب حماية من الفتن والضياع، كما يحتمي المرء بجدار من السهام.
بماذا يتضمن حبل الله فى الآية
وأوضح أن "حبل الله" يتضمن: "القرآن الكريم، شريعة الله، جماعة المؤمنين، التوكل على الله وقوته".
ولفت الى أن التعبير بـ "حبل الله" بدلاً من "القرآن" فقط؛ لأنه أوسع في المعنى، ويجمع بين دلالات متعددة.
دلالات بحبل الله
-فـ {بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا} إشارة إلى الجماعة لا الفرد. فالاجتماع على الحق سرّ التمكين، والفرقة سبب الخذلان. كل انتصارات الأمة (الصحابة، صلاح الدين، مقاومة التتار) كانت نتيجة وحدة واعتصام.
وكل الانكسارات (مثل الأندلس وملوك الطوائف) كانت بسبب الفرقة والتنازع.
- {وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ} أمر يقوّي النفس على الاعتصام.. ومن أعظم النعم: تأليف القلوب بعد العداوة، وهي نعمة لا يملكها بشر.
ثمرة الاعتصام بحبل الله
وذكر أن الأخوة الصادقة ثمرة الاعتصام بحبل الله.
وقيل فيها:"سعادة الدهر"، وهي فوق كل متاع.. فالخل الوفي نادر، فمن وجد أخًا في الله فليحفظه.
- من سنن الله في التاريخ : النصر عند الوحدة والاعتصام. الهزيمة عند التفرق والتخاصم.
- الهداية ثمرة الطاعة {لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ}. الهداية لا تكون إلا عبر:
" الاعتصام، الشكر، الأخوة، طاعة الله ورسوله، وحدة الأمة".
كيفية الاعتصام بحبل الله؟
قال الدكتور عبدالله الجهني، إمام وخطيب المسجد الحرام، إن الله سبحانه وتعالى أمر عباده المؤمنين بالاعتصام بحبل الله وهو القرآن الذي أنزله الله سبحانه وتعالى، وما يتبع ذلك من سُنة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم.
وأوضح «الجهني» خلال خطبة له من المسجد الحرام بمكة المكرمة، أن الاجتماع على العقيدة الصحيحة والتمسك بها هي التي تجمع القلوب وتؤلف بينها، وعد هذا بالمجتمعات قبل بعثة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم كيف كانت الفرقة والتنابذ والتناحر والعداوة، حتى بين أفراد القبيلة الواحدة.
وواصل: فلما جاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم وجاء هذا الدين معه، ودخل فيه من أراد الله له السعادة اجتمعت القلوب وتآلفت، ولهذا يذكر الله جل وعلا بهذه النعمة فيقول جل وعلا: « وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا» .
وأكد أن بالشكر تزاد النعم وتدفع النقم ، قال تعالى: « لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ»، ويقول الله تبارك وتعالى : « يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ» بأن يطاع فلا يعصى، وأن يذكر فلا ينسى، وأن يشكر فلا يكفر، وقال تعالى: «اعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ».
وبين أن يد الله مع الجماعة ، ومن شذ شذ في النار داعيًا إلى الايمان بالقضاء والتوكل على الله والصبر على البلاء وشكر الله على النعماء فذلكم هو الخير كله.