ألقى الشيخ الدكتور عبدالله بن عواد الجهني خطبة الجمعة اليوم بالمسجد الحرام، وافتتحها بتوصية المسلمين بتقوى الله وعبادته، والتقرب إليه بطاعته بما يرضيه، وتجنب مساخطه ومناهيه.
وقال فضيلته: “إن التقوى هي ملاك الأمور وأساسها، راقبوه فإنه يعلم ما أخفيتم وما أعلنتم، وأفردوا بالتوحيد والعبادة الواحد المعبود، فالدعاء لله وحده، والذكر والتوجه له وحده لا شريك له، وزكوا نفوسكم بالتوبة وطهروها، واشكروه على ما جمع لكم في هذا اليوم الأشرف بين عيد الأسبوع وعيد العام، إنهما يومان كريمان وموسمان عظيمان، يوم الجمعة وهو اليوم الأزهر، ويوم عيد النحر وهو يوم الحج الأكبر على الصحيح، وسمي بذلك؛ لكثرة أعمال الحج فيه من الرمي والذبح والحلق وطواف الإفاضة”.


ودعا الشيخ الجهني حجاج بيت الله الحرام إلى الهدوء والسكينة، وليكن الحج وفق الأنظمة والتعليمات وعليكم بالرفق واللين والتوسعة على الناس، وتجنبوا الجلبة والإضرار.
وأشار فضيلته إلى أن في هذا اليوم العظيم خطب النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم خطبة فتح الله لها أسماع الناس، حتى سمعه جميع أهل مني في منازلهم، ومما قاله عليه الصلاة والسلام : (اعبدوا ربكم، وصلوا خمسكم، وصوموا شهركم، وأطيعوا ذا أمركم، تدخلوا جنة ربكم)، وبين حرمة يوم النحر وفضله عند الله -جل وعلا-، وحرمة مكة على جميع البلاد، فاحذر أيها المسلم أن تسيء الأدب في هذا البلد المقدس، احذر إيذاء المسلمين بأي نوع من الأذى، وتأدب مع إخوانك المسلمين حجاج بيته الحرام، فلا تزعجهم بكثرة الصخب، ورفع الأصوات، وشدة المزاحمة، والتشويش عليهم بالتجمعات، والتكتل في الطرقات، والهتافات الكاذبة، والدعايات المزيفة، فإن هذه الأمور من الأذية، وقد حرم الله أذية المؤمنين بقوله سبحانه: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا} فلا تقعوا في الإثم وأنتم لا تشعرون، ولا تبطلوا أعمالكم وأنتم لا تعلمون، ولا تدنسوا عيدكم باجتراح الآثام، مبينًا أنه يجدر بالمسلم في هذا اليوم الأغر، أن يتنبه لشيء هام هو الإخلاص في التقرب إلى الله -عز وجل- مبتعدًا عن الرياء والمباهاة، فاتق الله أيها المسلم وأخلص لله تنل ثوابه ورضاه.
وأوضح إمام وخطيب المسجد الحرام، أن المسلم وهو يعيش نفحات هذا اليوم العظيم يفرح لفرح إخوانه المسلمين بالإفاضات الروحانية التي أفاضها الله تبارك وتعالى على أهل الموقف، ووصولهم لبيت الله الحرام لأداء طواف الإفاضة في أمن ورخاء وصحة، لم يشغلهم شاغل ولم يلههم عمل مخادع ولم يكدر صفو إقامتهم مكدر، فنتوجه إلى المولى العلي القدير بالحمد والشكر والثناء على ما أنعم وتفضل، ونسأله تبارك وتعالى أن يعين المسؤولين عن الحج ويوفقهم لخدمة حجاج بيت الله الحرام، وتسهيل مناسكهم في يسر وسهولة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وسمو ولي عهده الأمين -حفظهما الله-، فقد استنفرت جميع قطاعات الدولة لخدمة الحرمين الشريفين، وخدمة ضيوف الرحمن والسهر على راحتهم، فجزاهم الله خيرًا عن الإسلام والمسلمين، ومما تجدر الإشارة إليه في هذا المقام هو مكرمة خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- باستضافة عدد من إخواننا وأشقائنا من فلسطين من ذوي الشهداء وذوي الأسرى لأداء فريضة الحج هذا العام، يشاركونهم مشاعرهم ويواسونهم ويقفون في صفهم ويشدون من عضدهم، وتأتي هذه الاستضافة تكميلًا لجهود بذلت وستبذل في المستقبل لخدمة القضية الفلسطينية، وهم بذلك ماضون على نهج المؤسس الملك عبدالعزيز -رحمه الله-، على أن هذه الأمة واحدة في دينها وواحدة في عقيدتها وواحدة في مظاهر عبادتها، وأنه من الواجب أن تكون متوحدة في قلبها وقالبها، وأن تكون كما أمر الله -جلّ وعلا- {واعْتَصِمُوا بِحَبْل اللهِ جميعًا ولا تَفَرَّقُوا}.

* وفي المسجد النبوي الشريف ألقى فضيلة الشيخ الدكتور عبدالبارئ بن عواض الثبيتي خطبة الجمعة اليوم، وحث فيها المسلمين على ملازمة فعل الأعمال الصالحة من الطاعات والعبادات والإحسان إلى الناس، وأن لا يستهين المرء بفعل الخير مهما كان صغيرًا أو يسيرًا، فإن الله يدعو إلى بذل الخير، ولا يُضيعُ أجر المحسنين.
واستهلّ الشيخ الدكتور عبدالبارئ الثبيتي خطبته موصيًا العباد بتقوى الله، فهي أساس كل خير، ومفتاح كل توفيق، وأصلٌ لكل عملٍ مبارك، مبينًا أن العمل الصالح زَادُ المؤمن، وثمرة من ثمار الإيمان، وعلامة على رضى الرحمن، ومن دلائل توفيق الله للعبد أن يُحبّب إليه الطاعات، ويُثبّته عليها حتى الممات، فمن وجد في قلبه حُبًا للعمل الصالح، فقد ذاق حلاوة الْإِيمَانِ، وامتلأت حياته بالسكينة والاطمئنان، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: “مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً”.
وأوضح إمام وخطيب المسجد النبوي أن من فضل الله العظيم، توسيع مفهوم العمل الصالح، فجعله يشمل الطاعات الظاهرة والباطنة، الفردية والجماعية، مثل الصلاة، والزكاة، والصيام، والحج، وتلاوة القرآن، وذكر الله، وبرّ الوالدين، وصلة الأرحام، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وكفالة اليتيم، وتعليم الجاهل، وإغاثة الملهوف، وقضاء حوائج الناس، مذكرًا بقول النَّبِيُّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” وَفِي كُلِّ كَبِدِ رَطْبَةٍ أَجْرٌ”، وَقَالَ: “اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ”.
وأضاف بأن بركة العمل الصالح لا تقتصر على الآخرة، بل تظهر آثارها في الدنيا إذ يمنح الله العبد راحة القلب، وطمأنينة النفس، ويحببه إلى خلقه، ويبارك له في رزقه، وعمره، وأولاده، ويكفيه هُمُومَ الدنيا، ويثبته عِنْدَ الْفِتَنِ، وَيَمُنُّ عليه بِحُسْنِ الخاتمة، قَالَ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَٰنُ وُدًّا}.
وقال الشيخ الدكتور عبدالبارئ الثبيتي: “إن من وُفّق للعمل الصالح في مواسم الطاعات، فليحمدِ الله، وليواصل طاعته، فالمؤمن لا ينقطع عن عبادة ربه، ولا يملْ من السير إليه”، مستدلًا بقول رَسُولُ اللَّهِ-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: “أَحَبُّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ أدومُها وإن قلّ”.
وتابع إمام وخطيب المسجد النبوي مبينًا أن الثبات على الطاعة حتى الممات من أعظم الفتوحات، فإنما الأعمال بالخواتيم، فقال بعض السلف: “مَا أَبْكَى الْعَابِدِينَ فِي خَلَوَاتِهِمْ مِثْلُ خَوْف من سُوءِ الْخَاتِمَةِ” داعيًا من صام وقام وأنفق وخشع في مواسم الطاعات أن لا يفرّط فيما بدأ، ولا يضيّع ما جمع، فإنه لا يدري بأي عمل يُختم له.
وذكر أن العمل الصالح لا يفوتُ بموتِ صاحبه، بل يبقى أثرهُ في ولدٍ صالحٍ يدعو له، أو مسجدٍ بناه، أو علمٍ نشره، أو يتيمٍ كفله، أو صدقةٍ جاريةٍ امتدّت آثارها، قَالَ تَعَالَى: {إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَىٰ وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ}.
وحضّ فضيلته على لزوم الأعمال الصالحة، وأن لا يحتقر المرء عمله، مهما صغُر أو قل أثره، فرُبّ كلمةٍ طيبةٍ خرجت من قلبٍ صادقٍ في لحظة صفاء، فكانت سببًا في هداية إنسان، ورُبّ دعوةٍ صادقةٍ يسيرةٍ أنقذت ملهوفًا، فكانت سببًا في دخول الجنة، مستشهدًا بقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “لَقَدْ رَأَيْتُ رَجُلًا يَتَقَلَّبُ فِي الْجَنَّة في شَجَرَة قَطَعَها من ظهر الطَّرِيقِ، كَانَتْ تُؤْذِي النَّاسِ”، داعيًا إلى عدم الاستهانة بأي عملٍ، فالله لا يُضيعُ أجر المحسنين، وأبواب الخير كثيرة، والموفّقُ من وفقه الله لاغتنامها.
وختم الشيخ عبدالبارئ الثبيتي خطبة الجمعة سائلًا المولى سبحانه وتعالى أن يحفظ حجاج بيته الحرام، ويجنبهم الشرور والآثام، ويسهّل لهم نسكهم، ويردهم إلى ديارهم سالمين غانمين، وأن يديم على بلاد الحرمين الشريفين أمنها، وأمانها، وسائر بلاد المسلمين، داعيًا الله العلي القدير أن يرفع البلاء ويكشف الضُرّ عن أهلنا في فلسطين، وأن يرفع عنهم الكرب، ويفُكّ عنهم الحِصار، ويكون لهم معينًا ونصيرًا، وسندًا وظهيرًا، وأن يطعم جائعهم، ويسقي عطشهم، ويُبدل خوفهم أمنًا، ويربط على قلوبهم، وينصرهم على من بغى عليهم وظلمهم، ويعيد لهم أرضهم، وأمانهم وكرامتهم، وأن لا يرفع للطغاة المعتدين راية، ولا يحقّق لهم غاية، إنه سميع قريب مجيب.

المصدر: صحيفة الجزيرة

كلمات دلالية: كورونا بريطانيا أمريكا حوادث السعودية الحرمین الشریفین الشیخ الدکتور العمل الصالح هذا الیوم فی هذا

إقرأ أيضاً:

ضيوف الرحمن يؤدون ركن الحج الأعظم في عرفات اليوم

مكة المكرمة (الاتحاد)

بدأ حجاج بيت الله الحرام، مع إشراقة صباح اليوم الخميس، بالتوجه إلى صعيد عرفات لأداء ركن الحج الأعظم، حيث يشهدون الوقفة الكبرى، في أجواء روحانية يغمرها السكون والخشوع.
وبجاهزية تامة لمختلف القطاعات الحكومية العاملة في خدمة الحجاج، وفرت في مختلف أنحاء المشعر الخدمات الطبية والإسعافية والتموينية، وما يحتاج إليه ضيوف الرحمن ليؤدوا الركن الخامس من أركان الإسلام.
وتوافد حجاج بيت الله الحرام صباح أمس، إلى مشعر منى لقضاء «يوم التروية».
ويحرم المتمتعون المتحللون من العمرة من أماكنهم سواء داخل مكة أو خارجها حيث يبقى الحجاج بمنى إلى ما بعد بزوغ شمس اليوم التاسع من ذي الحجة ليتوجهوا بعدها للوقوف بعرفة. بعدها ينفر الحجاج مع غروب الشمس من عرفة للمبيت بمزدلفة ويؤدي الحجاج بعد وصولهم إلى مزدلفة صلاتي المغرب والعشاء جمع تأخير ويلتقطون بعدها الجمرات ويبيتون الليلة في مزدلفة ثم يتوجهون إلى منى بعد صلاة فجر يوم العيد لرمي جمرة العقبة ونحر الهدي.
ويقع مشعر منى بين مكة المكرمة ومشعر مزدلفة على بعد 7 كيلومترات شمال شرق المسجد الحرام وهو حد من حدود الحرم تحيطه الجبال من الجهتين الشمالية والجنوبية ولا يسكن إلا مدة الحج ويحده من جهة مكة جمرة العقبة ومن جهة مشعر مزدلفة وادي محسر. 
وذكرت وكالة الأنباء السعودية «واس» أن السلطات السعودية وفرت الخدمات الأمنية والطبية والتموينية ووسائل النقل، للتسهيل على قاصدي بيت الله الحرام حجهم، وأداء مناسكهم بروحانية وطمأنينة.
وقالت: إن «الشريعة الإسلامية السمحة بينت أن قدوم الحجاج المقرنين أو المفردين بإحرامهم إلى منى يوم التروية والمبيت فيها بطريقهم للوقوف بمشعر عرفة، سنة مؤكدة».
وتفقد وزير الحج والعمرة السعودي توفيق الربيعة أمس، المشاعر المقدسة ضمن جولة ميدانية على عدد من المواقع المختلفة في إطار متابعة الاستعدادات الميدانية لموسم الحج والاطمئنان على جاهزية المخيمات والمنشآت والخدمات قبل انتقال ضيوف الرحمن إلى مشعر عرفات غداً. وذكرت وكالة الأنباء السعودية «واس» أن الجولة شملت الوقوف ميدانياً على جاهزية مشعر عرفات لاستقبال الحجاج للاطلاع على كفاءة المخيمات ومرافق الإيواء والخدمات اللوجستية، وتكامل التجهيزات الصحية والتقنية والخدمية بما يضمن أداء النسك بسلاسة وطمأنينة.
وأشارت إلى متابعة الوزير الربيعة لسير العمل بمشروع تظليل وتبريد الساحات المحيطة بمسجد نمرة الذي يعد أحد المشاريع النوعية المخصصة لتحسين بيئة عرفات، ويغطي مساحة 85 ألف متر مربع.
ونقلت «واس» تأكيد الوزير الربيعة في ختام الجولة أهمية تكامل الجهود بين مختلف الجهات المشاركة، والعمل وفق أعلى معايير الكفاءة التشغيلية لخدمة ضيوف الرحمن. ويعمل مسؤولون سعوديون ليلاً نهاراً في مراقبة خرائط وشاشات وكمّ هائل من البيانات، مستعينين بالذكاء الاصطناعي لمساعدتهم على إدارة شعائر الحج.
وأثبتت هذه التقنية المتطورة فعاليتها في تحليل العدد الهائل من اللقطات التي تسجّلها أكثر من 15 ألف كاميرا موزعة في أنحاء مكة والمشاعر المقدسة، إذ جرى تصميم البرمجيات خصيصاً لرصد أي خلل في حركة الحشود أو التنبؤ بنقاط الازدحام.
كما تُستخدم التقنية في تتبّع أكثر من 20 ألف حافلة تنقل الحجاج بين المواقع المقدسة.
ويشكّل هذا النظام جزءاً من أدوات تقنية متقدمة اعتمدتها السعودية للمساعدة في تنظيم الحج.

أخبار ذات صلة السعودية تسخر جميع إمكاناتها لخدمة حجاج بيت الله الحرام «التنمية الأسرية» تتابع شؤون الحجاج من كبار المواطنين

مقالات مشابهة

  • خطبتنا الجمعة من المسجد النبوي والمسجد الحرام
  • خطبتي الجمعة من المسجد الحرام والمسجد النبوي
  • بث مباشر.. خطبة الجمعة من الحرمين الشريفين
  • عيدان في يوم واحد.. خطيب عيد الأضحى بالحرم المكي: من شهد العيد سقطت عنه الجمعة
  • الشيخ الدكتور ماهر المعيقلي يؤم المصلين في صلاة عيد الأضحى المبارك بالمسجد الحرام
  • خطيب المسجد الحرام: مناسك الحج تؤول إلى مقاصد جليلة أعلاها توحيد الله.. فيديو
  • الشيخ صالح بن حميد يلقي خطبة عرفة اليوم من مسجد نمرة
  • فضل صيام يوم عرفة.. اغتنم أفضل عبادة ثوابها بـ 1000 حسنة
  • ضيوف الرحمن يؤدون ركن الحج الأعظم في عرفات اليوم