شاهد | حان الوقت لأطير.. خياط فرنسي يسقط من برج إيفل في محاولة للطيران
تاريخ النشر: 9th, June 2025 GMT
مغامرة طريفة انتهت بكارثة مأساوية، لكنها بقيت في ذاكرة العالم كواحدة من أغرب القصص في تاريخ الطيران.
في فبراير عام 1912، احتشد عدد من الصحفيين والمتفرجين أسفل برج إيفل لمتابعة تجربة فريدة من نوعها، بطلها كان الخياط النمساوي الفرنسي فرانز رايشيلت.
اشتهر رايشيلت بتصميم الأزياء في قلب باريس، وكان يحلم بابتكار بذلة طيران يمكن استخدامها كبديل آمن للمظلات.
قرر تصميم معطف يمكن ارتداؤه، يتحول إلى أجنحة عند القفز من ارتفاع شاهق، ليتيح لصاحبه الهبوط بأمان على الأرض، في مزيج من الخياطة والخيال العلمي.
تحدى الجاذبية وفشلبعد أشهر من التجارب على دمى خشبية، قرر رايشيلت أن الوقت قد حان ليجرب الاختراع بنفسه
تقدم بطلب رسمي للسلطات الفرنسية للسماح له بالقفز من برج إيفل، وبالفعل تم منحه الإذن.
كان الجميع يعتقد أنه سيبدأ بدُمية أخرى، لكن المفاجأة حين ظهر فجراً وهو يرتدي البذلة بنفسه، قائلا: “حان الوقت لأطير”
كانت البذلة غريبة الشكل، مصنوعة من الحرير والقماش المطاطي، وتزن حوالي 9 كيلوجرامات، تشبه إلى حد كبير ملابس مهرجي السيرك أكثر من بدلة طيران، لكنه كان مقتنعًا أنها ستعمل، تمامًا كما فعلت على الورق.
عند الساعة الثامنة صباحا، صعد رايشيلت إلى الطابق الأول من برج إيفل، على ارتفاع نحو 60 مترًا، وسط دهشة الجمهور وعدسات الصحافة التي التقطت كل لحظة ووقف على الحافة، فتح ذراعيه كطائر يستعد للتحليق، ثم قفز، لكن الأجنحة لم تفتح.
وفي أقل من 5 ثوان، سقط رايشيلت أرضا ولفظ أنفاسه الأخيرة في الحال، في مشهد صادم التقطته الكاميرات، ولا يزال الفيديو الأصلي متداولا حتى اليوم كتوثيق لأغرب قفزة في تاريخ برج إيفل.
وتحول رايشيلت إلى أسطورة رجل كان يحلم بالطيران فسقط.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: برج إيفل تحدي الجاذبية برج إیفل
إقرأ أيضاً:
عن أيّ تاريخٍ نُحدّث أبناءنا؟
د. إبراهيم بن سالم السيابي
في لحظة صمتٍ لم تدم طويلًا، سألني طفلي وهو يتابع معي الأخبار: لماذا يموت الأطفال في غزة جوعًا؟ لم أستطع أن أجيبه، كنت قد أنهيت لتوي درسًا معه عن الفتوحات الإسلامية ومواقف القادة العظام، وكان لا يزال متأثرًا بحكاية المعتصم حين سيّر جيشًا لنصرة امرأة واحدة، لكنه بدا مرتبكًا، عاجزًا عن التوفيق بين أمجاد الماضي وصمت الحاضر.
هذه الفجوة المؤلمة بين ما ندرّسه لأبنائنا وبين ما يشاهدونه بأعينهم لا يمكن تجاهلها. إننا نُكثر من الحديث عن التاريخ، ونبني في أذهان طلابنا صورةً مثالية لماضينا، ثم نتركهم يواجهون واقعًا يناقض تمامًا تلك الصورة، ففي يومٍ واحد، يموت 100 إنسان جوعًا في غزة، منهم 80 طفلًا، بحسب بيانات صادرة عن الأمم المتحدة. وذلك بخلاف من يُقتلون تحت القصف الممنهج، في واحدة من أسوأ حروب الإبادة التي يشهدها العصر الحديث، وعلى مرأى ومسمع من العالم كله، ولا يتحرك في عالمنا العربي شيء يشبه ما قرأناه في كتبنا، كيف نُقنع أبناءنا أن تلك البطولات ليست مجرد أساطير، وأن النخوة والعدل ليست كلمات منسية في صفحات بعيدة؟
ليست المشكلة في التاريخ ذاته، بل في الطريقة التي نتعامل بها معه، فنحن ندرّس التاريخ وكأنه وسيلةٌ للتفاخر، لا أداةٌ للتفكر، نحفظ الأسماء ونحتفي بالوقائع، لكننا نغفل المعنى، نُشيد بالقادة الذين نصروا المظلومين، بينما نعجز اليوم عن إرسال علبة حليب أو رغيف خبز لطفل محاصر، نملأ عقول أبنائنا بصور المجد، ولا نُدرّب قلوبهم على الإحساس بالمسؤولية تجاه الإنسان.
وقد قيل: "التاريخ لا يُكتَب بالحبر، بل بالموقف".
وهو قول يكاد يختصر كل ما نعانيه اليوم، فما جدوى الحروف إن لم تدفعنا إلى الوقوف؟ وما نفع الدروس إن لم توقظ فينا ضميرًا؟
ما نحتاجه ليس إلغاء مادة التاريخ، بل إعادة النظر في الغاية من تدريسها، هل نريد من أبنائنا أن يكونوا حفّاظًا لأحداث مضت؟ أم أن يكونوا حملةً لقيمٍ لا تموت؟ إن لم يكن للتاريخ أثرٌ في بناء الضمير، فما جدواه؟ وإن لم يُلهِمنا العدل، والرحمة، ونصرة المظلوم، فهل بقي منه غير الحبر والورق؟
في غزة، يُعيد التاريخ نفسه، لا في مشهد البطولة، بل في مشهد الخذلان. يموت الناس تحت الحصار، وتُقصف البيوت، ويُدفن الأطفال تحت الركام، بينما تنشغل الأمة بتفاصيل لا تنقذ حياة ولا تحرّر أرضًا، فأطفال غزة لا يحتاجون إلى مديحٍ في الكتب، بل إلى حياةٍ تحفظ كرامتهم، والطلاب في مدارسنا لا يحتاجون إلى سرد الانتصارات القديمة، بل إلى من يُريهم كيف تُصنع المواقف في الزمن الصعب.
فهل نُحدّث أبناءنا عن التاريخ، أم نبدأ بمساءلة الحاضر؟ هل نروي لهم ما فعله الأجداد، أم نُريهم ما ينبغي أن نفعله نحن؟ لقد أصبح السؤال عن التاريخ، في هذا الزمن، سؤالًا عن الأخلاق أولًا، وعن موقعنا من الكرامة الإنسانية، فالتاريخ الذي لا يوقظ فينا هذه الأسئلة ليس تاريخًا حيًّا، بل سردية منزوعة الروح.
غزة اليوم امتحانٌ قاسٍ لكل ما نُدرّسه لأبنائنا، فإن لم نربط بين الدرس والواقع، بين المعنى والموقف، سنكون كمن يزرع في الأرض حجارة لا ثمارًا، فالتاريخ لا يعيش في السطور، بل في الضمير.
رابط مختصر