تشكيل الحكومة.. وصفات جاهزة لقتل الكفاءة

محمد الحسن محمد نور

نحن نعيش حرباً قذرة وواقعاً مريراً ومحزناً، لا يحتاج إلى توصيف بقدر ما يحتاج إلى التركيز الجاد على البحث عن مخرج. لا خيارات حقيقية أمام الشعب السوداني سوى اغتنام الفرصة التي برزت، ودعم مسار ملء الفراغ السياسي بتشكيل حكومة مدنية من ذوي الكفاءات، قادرة على التفكير والتخطيط بهدوء، وبمنأى عن ميادين القتال.

الطرح الذي أُعلن مؤخرًا، بتعيين الدكتور كامل إدريس رئيسًا للوزراء ومنحه كامل الصلاحيات لتشكيل حكومة كفاءات مستقلة، يمثل بارقة أمل وسط هذه العتمة، ويُعد في جوهره خطوة موضوعية ومبشّرة. لكن بما أنه تعيين فوقي لا يستند إلى عملية انتخابية، فإنه يظل عرضة لمخاطر كبيرة يجب التحسب لها، خاصة في ظل واقع سياسي هش ومنقسم.

ومن منطلق واقعنا المفعم بالانقسامات والخطاب المتشظي، وتحسباً لتحوُّل الفراغ السياسي إلى صراع نفوذ وتقاسم غنائم، علينا أن نعمل بهمة وصبر على ترسيخ وعي جماهيري ونخبوي يدفع باتجاه التنافس على الأفكار والبناء، لا على التكالب على المناصب والمحاصصة. فغياب الوعي يفسح المجال لتسيد وصفات جاهزة، غامضة المنشأ، لكنها أصبحت راسخة في وعينا وكأنها من المسلمات.

تأتي هذه الوصفات في قوالب براقة تُقدَّم بأشكال ومسميات مختلفة مثل: “تمثيل الشباب بنسب مقدرة لأنهم هم المستقبل”، أو “تمكين المرأة لأنها نصف المجتمع”، أو “العدالة الجغرافية والارتقاء بالهامش”، وغيرها. ومع أنها تُطرح في شكل شعارات نبيلة، إلا أنها تُستخدم في كثير من الأحيان، عمداً أو جهلاً، كأدوات لاستبعاد المؤهلين وإحلال عناصر فقيرة مكانهم، عبر تعيينات تُبنى على الانتماء لا على الجدارة.

تتولى الترويج لهذه القوالب جهات محلية ذات مصالح ضيقة، غالباً ما تجد الدعم والتوجيه من قوى خارجية لها أجنداتها الخاصة.
فإذا كانت قوى الاستعمار والصهيونية، وعلى رأسها أمريكا والكيان الصهيوني، تمارس التصفية الجسدية للقادة الوطنيين – الذين يعارضونها – دون مواربة ودون أي قانون، فهل يصعب عليها استخدام التصفية المعنوية بإقصاء القيادات الكفؤة من المشهد عندنا في السودان؟

لا أحد يريد أن يرى مؤسسات الدولة تُقسم في شكل غنائم، أو تُوزع السلطة وكأنها أسهم في شركة مساهمة. فتتحول الحكومة إلى كيان عاجز تتنازعه الولاءات والانتماءات. إن مثل هذا الواقع لا يولّد سوى الفشل والاستقطاب، حيث يشعر كل كيان بأنه مظلوم، وكل مكسب يُرى ويُصوّر كانتصار لفئة دون الآخرين، وكل تنازل يُعد ضعفاً. ويتكرس الانقسام ويتناسل ليصبح بنية معقدة يصعب تفكيكها.

ومن خلف هذا المشهد، تقف أيادٍ خفية: محلية أنانية لا ترى أبعد من مصالحها الضيقة، وخارجية متحكمة بالخيوط ومتربصة تسعى للنفاذ من بوابات الفوضى. وهكذا تُسرق العدالة الحقيقية: عدالة الكفاءة، وتُستبدل بعدالة هدامة.

التاريخ يعلمنا أن المجتمعات التي نهضت لم تنهض إلا على أيدي الأكفأ، ووضع الرجل المناسب في المكان المناسب. فهل نغتنم الفرصة هذه المرة؟ أم نعيد إنتاج أخطائنا تحت مسميات جديدة؟

الوطن ليس غنيمةً توزّع، بل شجرةٌ تُروى، وتحميها الكفاءة لا الحصص.

الوسومأمريكا إسرائيل السودان الفراغ السياسي حكومة كفاءات رئيس الوزراء كامل إدريس محاصصة

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: أمريكا إسرائيل السودان الفراغ السياسي حكومة كفاءات رئيس الوزراء كامل إدريس محاصصة

إقرأ أيضاً:

نشاط مكثف لرئيس الوزراء قبل تشكيل الحكومة المرتقبة

نشاط مكثف لرئيس الوزراء قبل تشكيل الحكومة المرتقبة..
د.كامل إدريس.. ترتيب البيت الداخلي..!
رئيس الوزراء وجه بتأمين العاصمة وضبط الوجود الأجنبي..
توجيهات بالاهتمام بمواطن غرب دارفور ومعالجة قضايا النازحين واللاجئين والجرحى..
زيارة مرتقبة لرئيس الوزراء إلى مشروع الجزيرة..
تقرير_ محمد جمال قندول- الكرامة
نشاطٌ مكثف لرئيس مجلس الوزراء د. كامل إدريس هذه الأيام بالعاصمة الإدارية المؤقتة “بورتسودان”، حيث ينشط الرجل على ترتيب البيت الداخلي للجهاز التنفيذي والاطلاع على ملف الخدمات والأمن، هذا بجانب التجهيز لإعلان حكومته قريبًا.
وكان رئيس مجلس الوزراء قد أجرى سلسلة من اللقاءات أمس بمكتبه.
توجيهاتٌ جديدة
وكان رئيس الوزراء د. كامل إدريس قد التقى أمس (الأحد) مدير عام الشرطة الفريق أول خالد حسان، ووجه د. كامل بتأمين ولاية الخرطوم وتكثيف الوجود الشرطي بالولاية وتأمين كافة الأحياء والمواقع الحكومية والمرافق الاستراتيجية بالولاية وضرورة ضبط وتقنين الوجود الأجنبي، فيما استعرض مدير عام الشرطة لرئيس الوزراء الأوضاع الأمنية بولايات البلاد وخطة عمل قوات الشرطة خلال المرحلة القادمة.
ومنذ تعيينه رئيسًا للوزراء قُبيل ثلاثة أسابيع، انخرط إدريس في نشاط مكثف، حيث استطاع أن يسجل حضورًا كبيرًا في المشهد عبر لقاءاته وجولاته، وذلك للوقوف قريبًا من ملفات الخدمات ومعاش الناس.
وتفاءل السودانيون بمقدمه الذي أنهى حالة فراغ بالجهاز التنفيذي استمر لأربعة أعوام، آملين بأن تسهم قيادته للجهاز التنفيذي في إحداث اختراق في ملفات مهمة خارجيًا وداخليًا.
قضايا النازحين :
وفي السياق، اطلع رئيس مجلس الوزراء على مجمل الأوضاع بولاية غرب دارفور وذلك خلال لقائه والي ولاية غرب دارفور بحر الدين آدم كرامة أمس بمكتبه.
وقال كرامة في تصريحات صحفية إن رئيس مجلس الوزراء وجه بالاهتمام بمواطن الولاية ومعالجة قضايا النازحين واللاجئين والجرحى.
ويترقب السودان ميلاد حكومة جديدة بقيادة د. كامل إدريس خلال خواتيم شهر يونيو الجاري، حيث يعكف إدريس حاليًا على وضع اللمسات الأخيرة لتشكيل حكومة ملقاة على عاتقها ملفات مهمة تتمثل في أن تحدث اختراقًا في ملف العلاقات الخارجية، وكذلك وضع حلول إسعافية سريعة للأوضاع الاقتصادية الصعبة، بجانب المهمة الكبرى وهي مسيرة إعادة إعمار ما خلفته الحرب.
زيارة مرتقبة
وفي تصريحات صحفية، ذكر محافظ مشروع الجزيرة المهندس إبراهيم مصطفى أن كل المشاكل التي تعيق العمل بالمشروع سيتم حلها وذلك بمساندة رئيس الوزراء.
وأضاف إبراهيم أنهم أطلعوا رئيس مجلس الوزراء على التحديات العاجلة المطلوب معالجتها لبداية الموسم وزراعة محاصيل العروة الصيفية بكل قطاعات المشروع”، وزاد: هناك معينات ومعدات وآليات جديدة ستدخل المشروع، وتابع “ستبدأ ثورة النهضة بمشروع الجزيرة خلال الفترة المقبلة”.
وأعلن مصطفى عن زيارة مرتقبة لرئيس مجلس الوزراء للمشروع خلال الفترة المقبلة، وذلك للوقوف على مجمل الأحوال.
وكان رئيس مجلس الوزراء قد التقى أمس بمكتبه محافظ مشروع الجزيرة.
ويرى مراقبون أن حالة النشاط الكبيرة لرئيس الوزراء تعد مؤشرًا مهمًا للبداية القوية لرأس الجهاز التنفيذي، وذلك لمجابهة التحديات المعقدة الماثلة بالبلاد في ملفات الخدمات ومعاش الناس.

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • نشاط مكثف لرئيس الوزراء قبل تشكيل الحكومة المرتقبة
  • الحكومة الليبية: الرئاسي يمارس الابتزاز السياسي والمالي ويتجاوز الصلاحيات   
  • المنفي يحذر من أزمة اقتصادية ويقترح على “النواب” تشكيل “هيئة مالية عليا” لإدارة أموال الدولة
  • لنقي: استطلاع البعثة تمهيد لتحريك المسار السياسي وتشكيل حكومة موحدة
  • البعثة الأممية: اللجنة الاستشارية دعمت تشكيل حكومة جديدة موحدة تضمن حيادية الانتخابات
  • البعثة الأممية تعلن دعمها تشكيل حكومة جديدة وموحدة
  • بعثة الأمم المتحدة: تشكيل حكومة جديدة هو الخيار الأنسب لإنجاح الانتخابات الليبية
  • اللجنة الاستشارية: يجب تشكيل حكومة جديدة لضمان حيادية الانتخابات
  • حكومة كامل إدريس تقرر الانتقال التدريجي إلى العاصمة الخرطوم