المُجرمُون الجُدُد- جرائم السب والقذف (27)
تاريخ النشر: 28th, August 2023 GMT
بقلم: هيثم السحماوي
(زمان التركية)- من الجرائم الخطيرة التي يرتكبها المجرمون الجدد جريمة السب والقذف، وخطورتها تأتي من الأثر الكبير الذي تتركه في نفس الضحية، وما تمثله من مساس بشرفه وعرضه وسمعته، الأمر الذي يستلزم معه ضرورة معاقبة مرتكبها بكل حزم وشدة، أخذًا بحق من وقع عليه هذا الاعتداء وتحقيقًا لمبدأ الردع العام وعدم التهاون مع هذا النوع من الجرائم بأي شكل من الأشكال، وهذه المحاسبة يجب أن تتم على أكمل وجه مهما كان هذا الإنسان ومهما كان وضعه ومكانته في المجتمع، فحق الإنسان في حماية شرفه وسمعته من حقوقه الأصيلة الأساسية الواجب حمايتها والحفاظ عليها، ومعاقبة من يعتدي عليها.
وفي ذلك يقول الدكتور علي عبد القادر القهوجي والدكتور فتوح عبدالله الشاذلي في كتابهما جرائم الإعتداء على الإنسان والمال (وهكذا فإن شرف الإنسان واعتباره يعتبر قيمة اجتماعية لا تقل أهمية عن تلك التي تتعلق بحق الإنسان في الحياة وفي سلامة بدنه، ومن ثم كانت جديرة بإسباغ الحماية الجنائية عليها).
وتعرف السبب محكمة النقض المصرية بأنه (في أصل اللغة الشتم سواء بإطلاق اللفظ الصريح الدال عليه أو باستعمال المعاريض التي تومأ إليه) وفقما جاء في أحكام محكمة النقض بتاريخ 28 يناير من عام 1985.
أما القذف فهو الإسناد العلني لواقعة محددة تستوجب عقاب أو احتقار من أسندت إليه.
تنص المادة 302 من قانون العقوبات على أنه:
“يعد قاذفًا كل من اسند لغيره بواسطة إحدى الطرق المبينة بالمادة 171 من هذا القانون أمورًا لو كانت صادقة لأوجبت عقاب من أسندت إليه بالعقوبات المقررة لذلك قانونًا”.
وتنص الفقرة الأخيرة من المادة 171 من قانون العقوبات على أنه:
“وتعتبر الكتابة والرسوم والصور الشمسية والرموز وغيرها من طرق التمثيل علنية إذا وزعت بغير تمييز على عدد من الناس”.
ومن أسف أن يكون عدد ارتكاب هذه الجرائم في تزايد مستمر مع تطور الوسائل التكنولوجية الحديثة وتسهيل عملية النيل من الأشخاص وسمعتهم واعتبارهم، والموضوع ليس مقتصر على ارتكاب هذه الجرائم من أشخاص ضد آخرين بصورة فردية بهدف التشهير بهم والانتقام منهم بأسهل الوسائل وأقل التكلفة، ولكن تكمن خطورة هذه الجرائم من ناحية أخرى تأتي عند اختلاف وجهات النظر بين الدول والحكومات تجاه قضية من القضايا أو مسالة معينة، حيث تعمد تلك الدول والحكومات إلى التشهير بغيرها من الدول الأخرى والشعوب من خلال السيطرة على مؤسسات إعلامية تقوم ببث العديد من أفعال السب والقذف والتشهير والتنكيل على مواقعها عبر شبكة الإنترنت، بهدف تضليل الرأي العام بصدد تلك القضايا أو التشهير والانتقام من الأطراف المعتدى عليها، والتي تراها تلك الدول والمؤسسات المسيطرة عليها عدوًا لها من وجهة نظرها السياسية والعنصرية. يعرض ذلك الدكتور أحمد حسام طه تمام في كتابه المعنون “الجرائم الناشئة عن استخدام الحاسب الآلي”.
وفي مصر تنص المادة رقم 76 في الفقرة الثانية من القانون رقم 10 لعام 2003 بِشأن تنظيم الاتصالات على عقوبة هذه الجريمة، والتي يقدرها القاضي ما بين الحبس من 24 ساعة إلى الحبس 3 سنوات، والغرامة التي لا تقل عن 5 آلاف جنيه ولا تزيد عن 20 ألف جنيهًا أو بإحدى هاتين العقوبتين. هذا بالإضافة للحق في المطالبة بالتعويض.
والإثبات في هذه الجرائم يكون عن طريق الرسالة المكتوبة أو المسموعة والتقدم ببلاغ لمباحث الإنترنت بوزارة الداخلية أو إدارة التكنولوجيا التابعة للوزارة، وبالطبع يحق لمن اعتدي عليه أن يلجأ مباشرة للنيابة العامة مطالبًا بحقه.
تبقى العبارة التي كنت أكررها دائمًا في سلسلة المقالات السابقة التي كانت بعنوان “الأمم المتحدة وقضايا العصر” والتي تحدثت فيها عن الأمم المتحدة وحقوق الإنسان وهي أن العبرة دائمًا ليست في نصوص القوانين المنمقة ولكن في مدى الالتزام بتطبيقها وتنفيذها على أرض الواقع أخذًا بحق المجني عليه ومعاقبة المجرم المرتكب للجريمة، وتحقيق المراد العام من ذلك وهو الحفاظ على أمن المجتمع وسلامة أفراده لتحقيق الردع العامّ.
Tags: السب والقذفالمجرمون الجددالمصدر: جريدة زمان التركية
كلمات دلالية: السب والقذف المجرمون الجدد هذه الجرائم
إقرأ أيضاً:
معكم حكومة بريطانيا.. المكالمة التي تلقتها الجنائية الدولية بشأن نتنياهو
كشف المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان أن الحكومة البريطانية هددت بوقف تمويل المحكمة والخروج من نظام روما الأساسي الذي أنشأها، إن مضت في خططها لإصدار مذكرة توقيف بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
كريم خان ذكر هذا الادعاء في مذكرة قدمها للمحكمة دفاعا عن قراره بمحاكمة رئيس الوزراء الإسرائيلي. وكان ذلك في 23 أبريل/نيسان 2024 عندما تلقى خان اتصالا هاتفيا حازما من مسؤول بريطاني لم يكشف عن هويته.
لكن تقارير إعلامية رجحت أن يكون المتصل وزير الخارجية البريطاني آنذاك، ديفيد كاميرون.
وأضاف خان أن المسؤول البريطاني اعتبر أن إصدار مذكرات توقيف بحق نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت أمر غير متناسب.
وقد أوضح المدعي العام -وهو بريطاني من أصول باكستانية- أن التهديدات البريطانية لم تكن الوحيدة، فقد تلقى أيضا تحذيرات من مسؤول أميركي بأن إصدار مذكرات التوقيف سيؤدي إلى "عواقب كارثية".
وخلال مكالمة أخرى في الأول من مايو/أيار 2024، حذره السيناتور الأميركي ليندسي غراهام من أن تنفيذ المذكرات قد يدفع حركة حماس إلى قتل الأسرى الإسرائيليين.
وفي مواجهته لدعوات تأجيل إصدار مذكرة التوقيف، قال خان إنه أصرّ خلال المكالمة على أنه لم تكن هناك أي إشارة إلى استعداد الحكومة الإسرائيلية للتعاون مع المحكمة الجنائية الدولية أو تغيير سلوكها.
وكشف خان أنه أصر على إرسال رد قوي من 22 صفحة على طلب إسرائيل بإلغاء المذكرات، "بعد أن رأى أن الرد الأولي كان ضعيفا.
كذلك، أوضح المدعي العام للجنائية الدولية أنه شكّل لجنة من خبراء القانون الدولي لتقييم اختصاص المحكمة وإمكانية محاكمة نتنياهو وغالانت و3 مسؤولين من حماس.
يذكر أنه بدعم أميركي، شنت إسرائيل حرب إبادة جماعية على غزة في 8 أكتوبر/تشرين الأول 2023 واستمرت عامين، وأدت لسقوط أكثر من 70 ألف شهيد و171 ألف جريح، معظمهم أطفال ونساء.
التزام علني
وعبرت عدة دول أوروبية عن التزامها بقرار الجنائية الدولية ضد نتنياهو، مما أجبره على تفادي المرور في أجواء هذه الدول الأوروبية خوفا من اعتقاله.
إعلانوإذا كانت بريطانيا، حاولت سرا إنقاذ نتنياهو فإنها لم تعارض علنا مذكرة توقيفه، بل أبدت احترام المحكمة وأكدت التزامها بميثاق روما الأساسي.
وفي وقت سابق، قال وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي إن لندن "ستتبع الإجراءات القانونية الواجبة" إذا زار نتنياهو البلاد.
وجاء ذلك تعليقا على إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرة اعتقال بحق الأخير بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
وردا على سؤال عما إذا كانت لندن ستنفذ أمر الاعتقال، قال لامي: "نحن موقعون على نظام روما، ودائما نلتزم بتعهداتنا بموجب القانون الدولي والقانون الإنساني الدولي".