شيخ الأزهر: مستعدون لافتتاح مركز لتعليم اللغة العربية في صربيا
تاريخ النشر: 18th, June 2025 GMT
استقبل فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، اليوم الأربعاء، بمقر مشيخة الأزهر، الدكتور ﭼورو ماتسوت، رئيس وزراء صربيا، لبحث سبل تعزيز التعاون العلمي والدعوي لدعم مسلمي صربيا.
. الأزهر للفتوى يوضحها
وأكَّد الإمام الأكبر استعداد الأزهر لتلبية احتياجات مسلمي صربيا، من خلال تدريب الأئمَّة والوعاظ في أكاديمية الأزهر العالمية لتدريب الأئمة والوعاظ، وتأهيلهم لمواجهة التحديات الفكرية والدعوية المعاصرة، لا سيما ما يتَّصل بنشر قيم الأخوة الإنسانية والتَّعايش الإيجابي، واندماج المسلمين في المجتمعات الغربية، وبيان حقوق المرأة في الإسلام، وتفنيد حجج الجماعات المتطرفة بالعقل والمنطق.
وأشار إلى استعداد الأزهر لاستضافة طلاب صربيا المسلمين الرَّاغبين في الالتحاق بالدراسة في جامعة الأزهر، بالإضافة إلى افتتاح مركز لتعليم اللغة العربية في صربيا، لخدمة أبناء الجالية المسلمة وتعليمهم لغة القرآن الكريم.
وشدَّد الإمام الأكبر على أن الأزهر يحرص على أن يكون السلام والتفاهم هو القاعدة الحاكمة للتعايش بين الجميع، مبينًا أن الأزهر يرسخ في طلابه أن حبَّ الوطن أمر مقدس، ونعزز فيهم الانفتاح على الآخر وقبول التنوع، وأن التنوع والاختلاف سنة كونيَّة أرادها الله وضمن بقاءها، مؤكدًا أن الأزهر يتبنى نشر رسالة وسطية الإسلام الممثَّلة في السلام.
من جانبه، أعرب رئيس الوزراء الصربي عن سعادته بلقاء شيخ الأزهر، مؤكدًا تطلع بلاده لتعزيز علاقاتها مع الأزهر، ودعم التعاون في المجالات التعليمية والدعوية، مع هذه المؤسسة الأعرق في العالم الإسلامي، من خلال إيفاد طلاب صربيا للدراسة في الأزهر الشريف، سواء في الجامعة أم في المراحل ما قبل الجامعية.
وأشار الدكتور ماتسوت إلى رغبة بلاده في توقيع بروتوكولات تعاون بين جامعة الأزهر والجامعات الصربية لتعزيز المشروعات العلمية والبحثية المشتركة، وتبادل الأساتذة والطلاب، مؤكدًا حرص بلاده على تعزيز علاقاتها مع الدول والمؤسسات الإسلامية، وعلى رأسها الأزهر الشريف، لافتًا إلى أن بلاده صوَّتت لصالح قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة لحصول فلسطين على عضوية كاملة، واتخاذ بلاده مواقف داعمة لحقوق الشعب الفلسطيني في إقامة وطنه ودولته المستقلَّة.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: شيخ الأزهر الأزهر الشريف الإمام الأكبر أحمد الطيب صربيا الأزهر الشریف الإمام الأکبر شیخ الأزهر الأزهر ا
إقرأ أيضاً:
اللغة العربية في المخاطبات الرسمية.. قرار في الاتجاه الصحيح
حمد الناصري
في خطوة طال انتظارها، أثلجت صُدورنا توجيهات أمانة مجلس الوزراء الصادرة في الأول من يونيو 2025، والتي تنص على ضرورة الالتزام باستخدام اللغة العربية السليمة في جميع المُخاطبات الرسمية في القطاعين الحكومي والخاص.
يُمثل هذا القرار انتصارًا للهوية الثقافية واللغوية لسلطنة عُمان، وتأكيدًا على أن اللغة العربية ليست مجرد وسيلة للتواصل، بل هي وعاء للثقافة، وجذر راسخ في عُمق المجتمع العُماني الذي قامت حضارته وتاريخه على هذا اللسان العريق.
لقد لاحظنا في السنوات الأخيرة تزايد استخدام المصطلحات والمُسميات الدخيلة في تسمية المشاريع والمرافق والمُنشآت، وهو ما لا يتناسب مع روح الثقافة العُمانية، ولا مع مكانة اللغة العربية التي تمثل، منذ قرون، لغة الدولة والمُجتمع، ولغة التعليم والتشريع، بل ولغة الدين والقيم.. فاللغة العربية ليست كغيرها من اللغات؛ إنها لغة القرآن الكريم، اللغة التي اختارها الله سبحانه وتعالى لتكون وعاءً لِوَحْيه، ووسيلة بيَانِه إلى البشرية جمعاء. يقول تعالى: "إِنا أَنزَلْنَٰهُ قُرْءَانًا عَرَبِيا لعَلكُمْ تَعْقِلُونَ"، وفي ذلك دلالة جلية على تكريم اللغة العربية ورِفْعَة مكانتها، وارتباط العقل والفهم بها.
لقد قدَّس العرب لغتهم منذ القدم، واتخذوها مجالًا للبيان والفصاحة، وميدانًا للشعر والخِطابة، وسجلوا عبرها تاريخهم وأدبهم وفكرهم. كما أنها نالت التقديس الأسمى من المُسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، لكونها لغة الوَحْي، ولسان الصلاة، ومفتاح فهْم الدين. وهذا ما أكسبها الخلود، وأبقاها لغة حية، مُتجددة، لا تندثر..
وإذا كانت اللغة في جوهرها انعكاسًا لهوية الأمة، فإن اللغة العربية مثلت العمود الفقري للهوية الإسلامية والحضارة العربية. فهي التي حملت الفلسفة والفكر، واحتضنت التراث الإنساني المُتنوع، ووسعت من آفاق المعرفة حين استوعبت الحضارات الفارسية واليونانية والهندية، وترجمت علومها إلى العربية، فازدهر بها العقل الإنساني قرونًا طويلة.
إن هذا البُعد الحضاري والديني للغة العربية يستوجب أن نحافظ عليها، لا في الكتب فقط، بل في حياتنا اليومية، ومؤسساتنا، ومراسلاتنا، وخطابنا الرسمي. فليس من المنطقي أن تنشأ مؤسسة أو مشروع في قلب المجتمع العُماني، يحمل اسمًا أعجميًا أو مُصطلحًا بعيدًا عن الفهم الشعبي والهوية الوطنية، في الوقت الذي تزخر فيه لُغتنا بمفردات ثرية ودلالات دقيقة.. وقد أدركتْ الدول العربية، ومنها سلطنة عُمان، هذه القيمة الاستراتيجية للغتها الأم، فسعتْ إلى تعزيز استخدامها في التعليم والإدارة، وحرصت على تعليمها لغير الناطقين بها، من المُسلمين وغيرهم، إدراكًا لأهميتها في ربط الشعوب بالثقافة العربية والإسلامية.
لم يكن العرب الأوائل بحاجة إلى تفسير معاني القرآن، لأنهم كانوا يتخاطبون بالعربية الفصيحة، وكانوا يُدركون تمامًا بلاغته وإعجازه، حتى أن كِبار فُصحائهم كأمثال الوليد بن المغيرة اعترفوا بعجزهم عن الإتْيان بمثله، رغم تمرسهم في فنون اللغة والبيان.. وتتجلى فلسفة هذه اللغة في كونها أكثر من مجرد وسيلة للتخاطب؛ فهي نظام معرفي عميق يُعبر عن رُؤى الإنسان للعالم، ويُشكل وعيه ويدفعه للتأمل والفهم. اللغة العربية، بما تحمله من مُفردات دقيقة وتراكيب مرنة، تُتيح للمتكلم التعبير عن أدق المشاعر وأعْقد الأفكار، وهو ما جعلها لغة للفلسفة، والدين، والأدب، والعلم عبر قرون طويلة.
ولأن اللغة مرآة للفكر، فقد أسهمت اللغة العربية في بناء الوعي الثقافي الجمعي لدى العرب والمسلمين، واحتضنت عبر تاريخها ِسجالات فكرية وثقافية واسعة، من الشعر الجاهلي إلى الفقه الإسلامي والفلسفة العقلية. وهي ما تزال اليوم تشكل أساس الهوية الثقافية والحضارية، وتُحَفز العقل على التفكير والتحليل والتذوق الجمالي، مما يجعلها ليست فقط لغة للأدب، بل أداة للفهم والتأويل والتفاعل مع العالم.
خلاصة القول.. إن اللغة العربية هي لغة الأُمَّة، ولسان الدين، وجسر الحضارة.. وهي ليست مجرد أداة للتواصل، بل أداة لصياغة الفكر وتشكيل الهوية، وبناء الوعي.. وإن الحفاظ على اللغة العربية في الخطاب الرسمي ليس خيارًا ثقافيًا فحسب، بل هو واجب وطني وديني، يليق بمكانتها، ويُؤكد انتماءنا إلى هذه الأمة العريقة.
والتوجيه الأخير من مجلس الوزراء يُمثل لُبنة مُهمة في هذا البناء الحضاري، وعلينا جميعًا- مؤسسات وأفرادًا- أن نكون على قدْر المسؤولية، في احترام لُغتنا، وتعزيز استخدامها، وصَونها من التهميش والتراجع.. فاللغة العربية، باختصار، باقية خالدة.. ما بقي القرآن بيننا.