يمانيون / تحليل / خاص

في تطور لافت على مسرح المواجهة بين إيران وكيان العدو الصهيوني وتأثيراته على المستوى الإقليمي والعالمي ، مارست الولايات المتحدة ضغوطًا متزايدة على كيان العدو لوقف إطلاق النار مع إيران، بعد التصعيد الصاروخي الواسع والموجع الذي شنّته الجمهورية الإسلامية الإيرانية ردًا على العدوان الصهيوني الأمريكي .

ويأتي هذا التحرك الأمريكي في ظل معادلة عسكرية جديدة فرضتها إيران على “كيان العدو الصهيوني”، ما استدعى من واشنطن إعادة وضع خطة انسحاب تكتيكي للخروج بهذا المستوى من الهزيمة والحد من الخسائر، وخشية من تحوّل الموقف إلى حرب شاملة قد تطيح بما تبقى من نفوذها وهيبتها في الإقليم.

السبب الحقيقي: حماية الكيان من الانهيار الاستراتيجي

رغم ادعاءات “كيان العدو الصهيوني” وواشنطن أنها دمرت البرنامج النووي الإيراني،  إلا أن تقارير استخبارية وإعلامية متقاطعة تشير إلى أن حجم الدمار الذي تسببت به الضربات الإيرانية الدقيقة، لا سيما على مستوى البنى التحتية العسكرية والمطارات،  فرض على واشنطن التعاطي ببراغماتية واضحة، إذ لا يحتمل “كيان العدو” حرب استنزاف طويلة، ولا تمتلك الجبهة الداخلية الصهيونية المناعة اللازمة في ظل حالة الانقسام السياسي والانهيار المعنوي الذي يعيشه الكيان منذ 7 أكتوبر.

وبحسب معطيات هذه المعركة ، فإن إيران استطاعت إفشال الهجوم الصهيوأمريكي المشترك عبرهجوم مضاد حققت من خلاله انتصارات استراتيجية على كل المستويات الاستخبارية والعسكرية،  هذا الفشل العسكري والاستخباري الفاضح دفع واشنطن إلى التحرك العاجل لكبح التصعيد، ومحاولة إنقاذ “إسرائيل” من مزيد الضربات الإيرانية المدمرة.

17 طائرة أمريكية وغربية… دعم عاجل أم رسالة تهدئة؟

في سياق متصل، أكدت تقارير استخبارية موثوقة وصول 17 طائرة أمريكية وأوروبية محملة بالسلاح والذخيرة إلى “إسرائيل”، في محاولة لتعويض الخسائر الكبيرة في الترسانة، خصوصًا في مجال الدفاعات الجوية واعتراض الصواريخ. هذه الإمدادات وإن بدت دعمًا استراتيجيا، إلا أنها تعكس حالة الهشاشة العسكرية لكيان الاحتلال بعد تلقيه ضربات غير مسبوقة.

اليمن في قلب الاستهداف.. وحرب استخبارية تلوح في الأفق

في مقابل هذا الإرباك الميداني جراء الهزيمة ، بدأ “العدو الصهيوني” بتحريك خطط بديلة، وأهمها التوجه نحو اختراق الساحة اليمنية استخباريًا. فاليمن، الذي تحوّل إلى جبهة فعالة تضغط على المصالح الغربية في البحر الأحمر، بات هدفًا أمنيًا ملحًا للكيان، يسعى عبره لزرع خلايا تجسس، وإيجاد موطئ قدم يمكنه من التأثير في خطوط الملاحة وقطع خطوط الدعم للمقاومة.

لكن اللافت أن هذا التوجه الصهيوني تجاه اليمن لا يتم بعيدًا عن التنسيق الأمريكي، بل يُعد جزءًا من خطة أوسع لاعتماد العمل الاستخباري غير المباشر في الساحات التي لا يمكن الوصول إليها عسكريًا، في ظل الردع المتبادل مع إيران وبقية دول محور المقاومة ، ووقوفاً على الطريقة والأسلوب الذي تعتمده القيادة اليمنية في الصراع مع العدو الصهيوأمريكي فإن هذا المخطط مغامرة أخرى سيدفع ثمنها غالياً .

إعادة تموضع أمريكي 

ما يجري الآن يمكن وصفه بانسحاب أمريكي تكتيكي، لإعادة تموضع استراتيجية، عنوانها: تقليل الخسائر، واحتواء التصعيد، والعمل في الظل، إلى حين امتصاص صدمة الهزيمة والصلابة التي أبدتها إيران في المواجهة مع العدوان الصهيوأمريكي ، وهو ما يؤكد أن واشنطن أدركت أن هذه الحرب ستكلفها الكثير في هذه المرحلة، خصوصاً وأن برنامجها لإنقاذ الإقتصاد الأمريكي لم ينتهي بعد وهو ما قد يؤدي بها الى انهيار إقتصادي تنتظره ’’الصين’’ بفارغ الصبر لتوجه ضربتها القاضية .

خاتمة 

ما يظهر للعلن كضغوط أمريكية للعدو الصهيوني لوقف إطلاق النار، يخفي في طياته تراجعًا استراتيجيًا فرضته الوقائع الميدانية والانتصارات الإيرانية،  ومن خلال محاولة اختراق اليمن أمنيًا، يسعى “كيان العدو” وواشنطن إلى فتح جبهات ناعمة لإضعاف خصومهم بعيدًا عن المواجهة المباشرة التي لم تعد تصب في صالحهم.

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: العدو الصهیونی کیان العدو

إقرأ أيضاً:

انتصار إيران في حرب الـ12 يومًا: تفكك الردع الصهيوني وارتباك أمريكي يُعيد رسم خارطة المنطقة

يمانيون | تحليل
لم تكن حرب الأيام الاثني عشر بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية والكيان الصهيوني مجرد مواجهة عسكرية عابرة، بل مثّلت لحظة مفصلية قلبت قواعد الاشتباك في المنطقة، وأعادت رسم خريطة الردع والمواقف والتحالفات.

لقد خاضت طهران هذه الحرب من موقع الدفاع عن سيادتها، والتمسك بحقها في امتلاك قدراتها النووية والصاروخية، لكنها خرجت منها بتفوق لم يكن في الحسبان حتى لدى أشد المؤيدين لها، فيما خرج العدو الصهيوني مهزومًا على أكثر من مستوى، مهتزًّا في صورته، ومكشوفًا في قدراته، ومتصادمًا في داخله.

معركة بدأت بقرار صهيوني.. وانتهت بطلب أمريكي
اندلعت الحرب على خلفية سلسلة من التهديدات والتصعيدات، بلغت ذروتها بعملية عدوانية نفذها الكيان الصهيوني ضد منشآت إيرانية محددة، ظنًّا منه أن ضربة مفاجئة قد تربك القيادة الإيرانية وتجبرها على التراجع أو الصمت.

غير أن الرد الإيراني جاء على غير ما توقعت تل أبيب، إذ بادرت طهران بردّ صاروخي كثيف ودقيق طال عمق الأراضي المحتلة، وتسبب في شلل جزئي في منظومة الدفاع الجوي الصهيونية.

ولم تكد تمر 72 ساعة حتى اتضح أن “إسرائيل” لم تحسب حسابات المواجهة بدقة، وسرعان ما وجدت نفسها في موقع المتلقي لهجمات متواصلة أربكت منظومتها العسكرية، لتبدأ سلسلة اتصالات ووساطات عاجلة كان محورها واشنطن، التي سارعت لطلب التهدئة بعدما تلمّست حجم الكارثة التي تتدحرج في الميدان.

الأهداف تتساقط.. وفشل معلن للعدوان
ورغم الضربات المكثفة التي شنّها العدو الصهيوني خلال الأيام الأولى، إلا أنه لم ينجح في إصابة أي من المنشآت النووية الإيرانية الحساسة، ولا في إلحاق ضرر جدي بقدرات إيران الصاروخية.

كما أن معظم الهجمات الجوية لم تتجاوز الأهداف المحددة سلفًا من قبل الأجهزة الاستخباراتية الصهيونية، وهي أهداف أقل من أن تُحدث تحولًا ميدانيًا أو معنويًا لصالح المعتدي.

وفي المقابل، نجحت إيران في توجيه صواريخها بدقة نحو قواعد عسكرية في النقب وأسدود، ومحطات كهرباء ورادارات جوية، بل إن صواريخ متطورة استطاعت أن تتجاوز الدفاعات وتصل إلى محيط تل أبيب، وهو ما اعتُبر اختراقًا غير مسبوق لكل ما بناه العدو من تحصينات خلال عقدين.

انهيار الردع الصهيوني .. عندما سقطت القبة
أكثر ما شكّل صدمة في الحرب هو سقوط وهم “القبة الحديدية” التي طالما روّج لها العدو باعتبارها حائط الدفاع الأول ضد أي تهديد صاروخي.

إذ تبيّن خلال الحرب أن هذه المنظومة، ومعها حيتس ومقلاع داوود، عاجزة عن اعتراض صواريخ متعددة الموجات والمسارات، خصوصًا تلك التي طوّرتها طهران في السنوات الأخيرة.

بل إن بعض الصواريخ الإيرانية تجاوزت مداها المعلن، وأصابت أهدافًا حساسة رغم إعلان العدو التصدي لها، ما يعني أن منظومات الحماية فشلت أمام ذكاء السلاح الإيراني.

الداخل الإيراني يزداد تماسكًا.. و”إسرائيل” تتشظى
واحدة من الرهانات الكبرى التي بني عليها العدوان كانت إمكانية إحداث شرخ داخلي في إيران، سواء من خلال الحرب السيبرانية أو عبر ضربات تستهدف شخصيات عسكرية أو علمية، لكن النتيجة جاءت معاكسة تمامًا.

ففي الوقت الذي تكشفت فيه عشرات الشبكات التجسسية داخل البلاد، واستطاعت الأجهزة الأمنية تطهيرها خلال الحرب، كانت شوارع إيران تشهد مظاهرات دعم وتأييد غير مسبوقة للقيادة.. لقد أعادت الحرب توحيد الداخل، ورفعت من منسوب الوعي الشعبي، وأكدت أن الشعوب التي تثق بقيادتها لا يمكن تطويعها بالحرب.

أما في الكيان الصهيوني، فقد تفجرت التناقضات بين المؤسسة العسكرية والسياسية، وتوالت التسريبات عن خلافات بين قادة جيش الاحتلال ومكتب نتنياهو، وسط ضغط شعبي ومظاهرات في القدس وتل أبيب طالبت بكشف أسباب الفشل والتخبط، في مشهد يعكس تفكك الجبهة الداخلية للعدو تحت وقع الصدمة.

واشنطن بين المراهنة والتراجع
ومن اللحظة الأولى، كان الموقف الأمريكي واضحًا في تقديم الغطاء الكامل للعدوان، سواء عبر الدعم اللوجستي أو المعلوماتي أو التغطية الدبلوماسية.. لكن مع تصاعد الضربات الإيرانية، بدأت واشنطن في تغيير لهجتها، ودفعت نحو وساطات إقليمية لإيقاف التصعيد.

تراجع الموقف الأمريكي بهذا الشكل المفاجئ، عكس حجم الارتباك في إدارة بايدن، التي وجدت نفسها أمام خيارين أحلاهما مرّ: إما التورط في حرب شاملة يصعب ضبط نتائجها، أو الاعتراف بفشل الذراع الصهيونية في تنفيذ المهمة، وهو ما سيُحسب كضربة كبيرة لمصداقية الولايات المتحدة كراعٍ لأمن “إسرائيل”.

غزة في الخلفية.. والمشهد الإنساني الفاضح
ولم تكن الحرب على إيران معزولة عن المشهد الكلي في المنطقة، حيث واصل العدو ارتكاب المجازر اليومية بحق المدنيين في غزة، واستخدم مراكز توزيع المساعدات كوسيلة لاصطياد الجوعى، ما أسفر عن استشهاد أكثر من 516 فلسطينيًا وجرح الآلاف.

وكانت هذه الجرائم تُبثّ مباشرة، في الوقت نفسه الذي كانت فيه إيران ترسل صواريخها إلى أهداف في العمق المحتل، ما عزز من مشروعية موقفها إقليميًا، ورفع من شعبيتها في الشارع العربي والإسلامي، ورسّخ صورة إيران كحليف صادق للقضية الفلسطينية لا يكتفي بالخطابات، بل يدفع ضريبة الموقف بالدم والقرار.

ختاماً :
لقد كانت حرب الـ12 يومًا بين إيران والكيان الصهيوني أكثر من مجرد معركة حدودية أو نزاع عابر. كانت معركة سيادة ومعادلة جديدة فُرضت بقوة الحق والسلاح معًا.

إيران لم تنتصر لأنها أقوى تقنيًا فقط، بل لأنها دخلت المعركة بقرار سيادي واعٍ، وإرادة داخلية موحدة، وقضية عادلة راسخة في وجدان شعبها وأمتها. خاضت الحرب بثقة، وخرجت منها أكثر تماسكًا، وأكثر احترامًا، وأكثر إصرارًا على المضي نحو الاستقلال التام.

وفي المقابل، خرج الكيان الصهيوني متصدّعًا، مكشوفًا، تائهاً بين فشل عسكري، وتمزق سياسي، وتآكل في الثقة الشعبية، وارتباك في حلفائه. خسر معركة كان يأمل أن تكون إعلانًا لانتصار كاسح، فتحولت إلى صفعة استراتيجية غير مسبوقة.

لقد انتهت هذه الجولة بانتصار إيراني، لكنها في الحقيقة بداية لمرحلة جديدة في الصراع، عنوانها: لا سيادة دون مقاومة، ولا أمن دون عدالة، ولا ردع دون إرادة.

مقالات مشابهة

  • إيران تحمل العدو الصهيوني مسؤولية جرائمه في قتل الأطفال
  • دماء الشهداء وتضحيات الجرحى في إيران تثمر نصرا استراتيجيا على كيان العدو
  • حزب الله يحتفي بانتصار إيران على العدو الصهيوني بوقفة تضامنية في بيروت
  • الدعم الأمريكي لإسرائيل| تورط مباشر وأبعاد استراتيجية في المواجهة مع إيران.. ماذا يحدث؟
  • انتصار إيران في حرب الـ12 يومًا: تفكك الردع الصهيوني وارتباك أمريكي يُعيد رسم خارطة المنطقة
  • الهزيمة الاستراتيجية للكيان الصهيوني للمرة الثانية
  • لأول مرة في تاريخها .. معلومات تكشف كيف قلبت إيران الطاولة على كيان العدو الصهيوني إقليميًا ودوليًا
  • استشهاد وإصابة61 مواطنا بنيران العدو السعودي الأمريكي الصهيوني في صعدة
  • اليمن يدعو إلى إلغاء وجود القواعد الأمريكية في المنطقة