"في ضوء ما يتردد على لسان بعض الشخصيات على وسائل الإعلام المختلفة، والتي تحاول توصيف بيان القيادة العسكرية على أنه انقلاب عسكري، تؤكد المؤسسة العسكرية على ما يلي: أن عقيدة وثقافة القوات المسلحة المصرية لا تسمح بانتهاج سياسة الانقلابات العسكرية. وقد سبق أن نزلت القوات المسلحة للشارع المصري في أعوام 1977-1986-2011 ولم تنقلب، بل كانت دائما تقف مع إرادة الشعب المصري العظيم وطموحاته نحو التغيير والإصلاح.
- جاء بيان القوات المسلحة بغرض دفع جميع الأطراف السياسية بالدولة لسرعة إيجاد حلول للأزمة الراهنة والتوصل إلى صيغة من التوافق الوطني الذي يلبي متطلبات الشعب المصري.
- كما أننا نؤكد أن بيان القيادة العامة للقوات المسلحة يعد تفاعلا مع نبض الشارع المصري، وقد أكد على أن القوات المسلحة لن تكون طرفا في دائرة السياسة أو الحكم ولا ترضى أن تخرج عن دورها المرسوم لها في الفكر الديمقراطي الأصيل النابع من إرادة الشعب" (الصفحة الرسمية للمتحدث العسكري للقوات المسلحة- الساعة 7:57 مساء يوم 1 تموز/ يوليو 2013)
كان هذا البيان قبل 48 ساعة من المشهد التاريخي الذي توسطه وزير الدفاع المنقلب عبد الفتاح السيسي، مع بعض الجنرالات وبعض الشخصيات التي شاركت في حملة تمرد وجبهة الإنقاذ وشيخ الأزهر وراعي الكنيسة المصرية. والملاحظ أن البيان المشار إليه قد أكد وبوضوح أن الجيش لن يكون طرفا في دائرة السياسية، ليكتشف العالم كله بعد ذلك أن الجيش هو الطرف الفاعل الوحيد في السياسة في مصر منذ الانقلاب وإلى يومنا هذا، فلماذا أصف ما جرى بأنه نكبة سياسية خطيرة، إليكم بعض الأسباب:
1- دخل الجيش إلى عالم السياسة فترك العسكرية فلم يدافع عن مصالح مصر في أي من القضايا التي كانت تستأهل تدخله، مثل سد النهضة الإثيوبي، أو التمرد الذي تدعمه الإمارات في السودان (الحديقة الخلفية لمصر)، أو التمرد العسكري في ليبيا (البوابة الغربية للبلاد).
2- أفسد الجيش الحياة السياسية فلم يعد لها دور ولا حتى أثر، فلا يوجد برلمان يعول عليه، ولا توجد محاسبة ولا شفافية ولا رقابة، ولا يقيم الحكم العسكري القائم أي اعتبار لوجهة نظر الشعب فيما يجري من أمور عظيمة وخطيرة؛ ليس أقلها الوضع الاقتصادي المتدهور والديون المتراكمة والمتراكبة، وسنأتي عليها بإيجاز.
3- تضاعف حجم الدين المحلي والخارجي 7 أضعاف بنسبة 618 في المئة خلال فترة حكم السيسي، فقفز من 1.74 تريليون جنيه إلى 13.3 تريليون جنيه في نهاية أيلول/ سبتمبر 2024، منها 7.750 تريليون جنيه ديون خارجية، أي حوالي 155 مليار دولار أمريكي وذلك حتى عام 2024. وبالمناسبة، فنسبة الدين العام إلى الموازنة تصل إلى 92 في المئة أو يزيد ليتبقى 8 في المئة من الموازنة لتغطية بقية مشاريع الحياة في مصر من تعليم وصحة ونقل ومواصلات.. الخ.
4- يتعين على مصر سداد 43.2 مليار دولار التزامات خارجية للديون، منها 5.9 مليار دولار فوائد للديون و37 مليار أصل القروض حسب بيانات البنك الدولي.
5- ارتفع نصيب الفرد من الدين العام من 20 ألف جنيه في عام حكم الرئيس مرسي عليه رحمة الله ليصل إلى 116.8 الف جنيه في السنة العاشرة لحكم السيسي.
6- انهيار قيمة الجنيه المصري من 7,5 جنيه للدولار الواحد ليصبح سعر الدولار 51 جنيه مصري في الوقت الراهن، مع زيادة الأعباء اليومية وكثرة الواردات (95 مليار دولار سنويا) وضآلة دخل الفرد في مصر يوميا، مع حوالي دولار ونصف تقريبا، وهو لا يكفي للأكل والشرب والمواصلات والتعليم والصحة، بل إن متوسط الدخل لا يكفي ثمنا لكوب من الشاي على مقهى في حي وسط البلد.
7- أما على مستوى التعايش والتوافق الوطني وهو الضمانة الرئيسية لبقاء الدول، فقد حدث انشقاق وصدع كبير ورهيب، ورفع الانقلاب شعار "إحنا شعب وانتو شعب" في إعلان حرب صريح على كل من يخالفه. ولا تزال مصر تنزلق يوما بعد يوما في هاوية سحيقة، ولا أحد ينسى أن مصر تحولت إلى سجن كبير أو مجموعة سجون (88 سجنا) منها 44 سجنا بنيت بعد الانقلاب المشئوم، تضم مئات الألوف من المعتقلين الأبرياء ممن يتجاوز عمر بعضهم التسعين عاما، ومثلهم أو أضعافهم في المنافي، وعشرات الألوف مختفون قصريا لا يعلم إلا الله أين هم، وهل لا يزالون على قيد الحياة أم قتلتهم السلطة الباغية.
8- في السياسة الخارجية تقزم الدور المصري وأصبح محاصرا من جانب ثلاث دول هي الإمارات والسعودية ودولة الكيان، فمصر التي وقف رئيسها الشهيد محمد مرسي معلنا "لن نترك غزة وحدها" فور استلامه للسلطة، ليست مصر اليوم التي تحاصر غزة وتترك القضية برمتها للقادمين عبر الحدود من بعيد لكي يتولوا مسئولية توزيع المساعدات، مع القتل والقصف اليومي لأهلنا في غزة، دون أن تحرك أو تملك القدرة أو القرار على تحريك شيء عبر الحدود التي أغلقتها بالضبة والمفتاح في وجه القادمين لنجدة أهل غزة، وحتى على مستوى التفاوض أصبح الدور المصري ضعيفا وفي بعض الأحيان معينا للدور الصهيوني وغير قادر على تقديم أي دعم أو رؤية سياسية للحل سوى رفع شعار لا للتهجير، بينما القتل والإبادة يسيران على قدم وساق أمام أعين الجميع.
9- أصبحت صورة مصر في عيون العالمين العربي والإسلامي وكأنها دولة حصار وليست دولة جوار، وكلما تداعت مجموعات أو دول أو منظمات لفك الحصار خرجت الأبواق الإعلامية الزاعقة والناعقة لتسب الداعين وتعتبرهم خونة وقطّاع طرق ودعاة حرب يرغبون في توريط مصر في حرب مع الكيان الصهيوني، والجميع يعلم أن مصر ليست قادرة على شن حرب وبالكاد يمكنها صد العدوان إن حدث بصورة فجة.
10- بينما أكتب هذه المقالة، فإن العلاقة بين مصر والسعودية ليست في أحسن أحوالها، والجنرال السيسي محاصَر ويشعر بأن ثمة مؤامرة يتم التخطيط لها لدرجة أنه قال في خطابه الأخير بمناسبة ما يسمى بثورة 30 يونيو (أن لن يركع لغير الله) ولا أدري من الذي طلب منه الركوع. كما أن العلاقة بين مصر والنظام الجديد في سوريا شبه مجمدة، ويعلم الجميع أن الدور المصري في سوريا حاليا معطل بأوامر من خارج سوريا، وأن شروط مصر التي رفعتها في وجه النظام الجديد لن يتحقق منها شيء، وأن النظام يشعر بأن ما جرى في سوريا جرى بعيدا عن عينيه رغم أهمية سوريا لمصر تاريخيا.
11- على المستوى الأفريقي، غابت مصر بالكلية ونشأت قوى سياسية صاعدة وواعدة تتزعمها إثيوبيا ورواندا وبروندي وبالطبع جنوب أفريقيا، وكلها دول تخلصت من الحروب الأهلية والصراعات السياسية وتوجهت نجو بناء دولة الإنسان، وليس كما يجري في مصر.
12- انقلاب الثالث من تموز/ يوليو أسس لمجموعة من الانقلابات على الحكومات الشرعية المنتخبة في تونس وليبيا، وحتى الكويت جرى فيها انقلاب دستوري ناعم قبل عام وتم تعطيل الحياة السياسية بالكامل، في تكرار للتجربة المصرية في 2013.
وختاما، ففي بلد هكذا وضعه الاقتصادي والسياسي قام النظام ببناء عاصمة إدارية كلفت ميزانية الدولة حوالي 42 مليار دولار حتى اليوم، لكي يسكنها السيسي وثلة من جنرالات الجيش، ونقل الوزارات بالأمر المباشر إلى الصحراء، وقرر أن تقوم الدولة بدفع إيجارات سنوية مليارية للشركة المشرفة على العاصمة الجديدة بالأمر المباشر، حتى يقنع الشعب بأن مشروعه ناجح ويدر مليارات على الشركة أيضا، ولكي يعيش وأولاده وأحفاده في قصور مشيدة ولا يسكن معه في هذا العاصمة الجديدة سوى 25 ألف مواطن تم اختيارهم بعناية ودقة وفحص وتمحيص.
لك الله يا مصر..
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه قضايا وآراء انقلاب المصرية السيسي 30 يونيو مصر السيسي انقلاب 30 يونيو قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء مقالات مقالات مقالات سياسة مقالات سياسة صحافة اقتصاد مقالات سياسة اقتصاد اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة القوات المسلحة ملیار دولار فی مصر
إقرأ أيضاً:
الرقابة المالية: 168.1 مليار جنيه استثمارات صناديق التأمين الخاصة بنهاية 2024
أصدرت الهيئة العامة للرقابة المالية تقريرها السنوي لأداء صناديق التأمين الخاصة لعام 2024، في خطوة تعكس الدور المحوري للهيئة في دعم شفافية قطاع التأمين، وتوفير بيانات دقيقة تُسهم في رفع كفاءة السوق وتعزيز ثقة المتعاملين، ويُعد التقرير مرجعًا أساسيًا لرصد الاتجاهات المالية والاستثمارية للصناديق، وأداة مهمة في دعم صناعة القرار والسياسات التي تعزز الحوكمة والحماية التأمينية في مصر.
واشتمل التقرير على أحدث المؤشرات المالية ونتائج الأعمال عن العام المنتهي في 31 ديسمبر 2024، مسلطًا الضوء على الأداء المتنامي لصناديق التأمين الخاصة باعتبارها إحدى آليات الحماية الاجتماعية، ووسائل الادخار والاستثمار طويل الأجل التي تقدم مزايا تأمينية اختيارية ودعمًا ماليًا للمشتركين، بما يسهم في تعزيز الاستقرار المالي والاجتماعي للأفراد وأسرهم، وتخضع الصناديق لرقابة دقيقة من الهيئة وفق أفضل الممارسات الدولية لضمان سلامة إدارة أموالها ومتانة مراكزها المالية.
ورصدت الهيئة من خلال التقرير تطور أداء صناديق التأمين الخاصة، بالتوازي مع جهودها المستمرة لتطوير هذا القطاع الحيوي وتوسيع نطاق الاستفادة منه ليشمل فئات جديدة من المواطنين غير المشمولين بالتغطية التأمينية، مع العمل على تحسين وتنويع الأدوات الاستثمارية المتاحة للصناديق، بما يعزز دورها كمستثمر مؤسسي يدعم الاقتصاد الوطني ويرفع العوائد لصالح أعضائها.
وتضمن التقرير استعراضًا شاملاً للمسار التشريعي المنظم لنشاط صناديق التأمين الخاصة، بدءًا من قانون رقم 54 لسنة 1975، مرورًا بالتعديلات المتتابعة للائحة التنفيذية وقواعد الحوكمة، وصولًا إلى قانون التأمين الموحد رقم 155 لسنة 2024 الذي وحّد الإطار القانوني لجميع أنشطة التأمين تحت مظلة واحدة، وأفرد فصلًا متكاملًا لتنظيم صناديق التأمين الخاصة، منهياً العمل بالقانون القديم.
ويُعد قانون التأمين الموحد أول تشريع شامل للقطاع بعد أن كان يخضع لأربعة قوانين منفصلة، ما يجعله خطوة مهمة لدعم التنظيم والرقمنة وتعزيز استخدام التكنولوجيا المالية وتوسيع نطاق المستفيدين من الخدمات التأمينية.
كما شهد عام 2024 إصدار حزمة من القرارات التنظيمية شملت تحديث ضوابط الحوكمة، وإصدار قواعد استثمار الأموال، وإلزام الصناديق التي تتجاوز أموالها 500 مليون جنيه بإعداد قوائم مالية وفقًا لمعايير المحاسبة المصرية، كما نظمت الهيئة شروط اختيار أعضاء مجالس الإدارة وآليات التسجيل والشطب وتعديل النظم الأساسية، مع تحديد نسب وضوابط ملزمة لاستثمار أموال الصناديق في أدوات استثمارية متنوعة.
وكشف التقرير عن ارتفاع عدد الصناديق السارية إلى 671 صندوقًا، وزيادة عدد الأعضاء إلى نحو 4.3 مليون عضو. وبلغ إجمالي الاشتراكات 18.6 مليار جنيه بنهاية 2024 مقابل 15.5 مليار جنيه في 2023 بنسبة نمو 20%. كما ارتفع إجمالي الأصول إلى 195.8 مليار جنيه مقابل 162.9 مليار جنيه، محققًا نموًا بنسبة 20.2%، وبلغ المال الاحتياطي 184.8 مليار جنيه مقارنة بـ151.4 مليار جنيه بمعدل نمو 22%.
وسجلت استثمارات الصناديق نموًا قويًا، حيث بلغت 168.1 مليار جنيه في نهاية 2024 مقارنة بـ133.7 مليار جنيه في 2023 بنسبة نمو 25.7%. كما ارتفعت قيمة المزايا التأمينية المسددة إلى 17.9 مليار جنيه مقابل 15.9 مليار جنيه بنسبة نمو 12.6%. وحقق صافي الدخل من الاستثمارات قفزة ملحوظة ليصل إلى 31.4 مليار جنيه مقارنة بـ16.8 مليار جنيه بنسبة نمو 87%.
وفي إطار خطتها للتحول الرقمي، تواصل الهيئة العامة للرقابة المالية تنفيذ برنامج متكامل للميكنة يشمل تحسين الخدمات المقدمة للأفراد والمؤسسات، والاستفادة من التقنيات الحديثة لإتاحة منتجات تأمينية مبتكرة تلبي متطلبات مختلف شرائح المجتمع، وتعزز الشمول التأميني، كما أتاحت الهيئة تأسيس صناديق مشتركة بين أكثر من جهة، بما يدعم تنمية الوعاء الادخاري والاستثماري في المجتمع.
ويؤكد إصدار التقرير السنوي لعام 2024 التزام الهيئة بمواصلة بناء بيئة تأمينية قوية ومنضبطة، وتوفير بيانات دقيقة وشفافة تعزز قدرة صناديق التأمين الخاصة على دعم منظومة الحماية الاجتماعية ودورها كمستثمر مؤسسي فاعل في الاقتصاد الوطني، وترسيخ مكانة الهيئة كركيزة أساسية في تطوير قطاع التأمين المصري.