الحر يضرب بجنون.. ما الذي يحدث في تركيا؟
تاريخ النشر: 27th, July 2025 GMT
شهدت الأجواء في تركيا درجة حرارة قياسية بلغت 50.5 مئوية يوم الجمعة في مدينة سيلوبي جنوب شرق البلاد، في أعلى مستوى حراري تشهده البلاد على الإطلاق، بالتزامن مع موجة حرّ شديدة تضرب المنطقة وتسببت في اندلاع حرائق غابات واسعة في تركيا واليونان المجاورة.
وقالت وزارة البيئة التركية، السبت، إن 132 محطة أرصاد جوية في أنحاء البلاد سجّلت درجات حرارة غير مسبوقة لشهر يوليو/تموز.
وتزامنت هذه الموجة الحارّة مع اندلاع حرائق غابات في عدة مناطق تركية، أبرزها في محافظة قره بوك شمال البلاد، حيث تواصل النيران اشتعالها لليوم الرابع على التوالي، ما أجبر سكان قرى مجاورة على مغادرة منازلهم. كما اندلع حريق كبير في غابات بورصة بين منطقتي غورسو وكاستل.
وفي محافظة إسكيشهير، لقي عشرة أشخاص مصرعهم، بينهم عمال غابات ومتطوعون، أثناء محاولتهم إخماد حريق عنيف الأسبوع الماضي.
وتحذّر تقارير بيئية من تفاقم خطر التصحر في تركيا، إذ تشير دراسة أممية إلى أن نحو 88% من أراضي البلاد مهددة بهذه الظاهرة.
في اليونان، تواصل موجة الحر ضرب البلاد، حيث وصلت درجات الحرارة إلى 44 مئوية، وسط جهود مكثفة لاحتواء حرائق الغابات التي اندلعت في عدد من المناطق، ما استدعى عمليات إخلاء في قرى وتجمعات سكنية.
وفي ضواحي العاصمة أثينا، غطت سحب كثيفة من الدخان قرية دروسوبيي الواقعة على بُعد 25 كيلومترًا شمالي المدينة، حيث وقعت انفجارات في مصانع تحتوي على مواد قابلة للاشتعال، واشتعلت النيران في عدد من المنازل. وطلبت السلطات من سكان قرية كريونيري القريبة المغادرة فورًا إلى أثينا، فيما نُقل خمسة أشخاص إلى المستشفيات إثر إصابتهم بحروق أو استنشاق الدخان.
وأفادت فرق الإطفاء اليونانية بأن 52 حريقًا اندلع في غابات البلاد خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية، بينما تسببت الرياح العاتية في تعقيد عمليات الإخماد، خصوصًا في جزيرة إيفيا، حيث تم إجلاء سكان منطقة تريادا بعد اشتعال حريق ضخم ألحق أضرارًا بآليات الإطفاء وأدى إلى إصابة خمسة من رجال الإطفاء.
© 2000 - 2025 البوابة (www.albawaba.com)
قانوني وكاتب حاصل على درجة البكالوريوس في الحقوق، وأحضر حالياً لدرجة الماجستير في القانون الجزائي، انضممت لأسرة البوابة عام 2023 حيث أعمل كمحرر مختص بتغطية الشؤون المحلية والإقليمية والدولية.
الأحدثترنداشترك في النشرة الإخبارية لدينا للحصول على تحديثات حصرية والمحتوى المحسن
اشترك الآن
المصدر: البوابة
كلمات دلالية: فی محافظة فی ترکیا
إقرأ أيضاً:
غابات الأركان بالمغرب.. كنز بيئي واقتصادي يواجه تحديات
يتدفق زيت الأركان بين أصابعك كالذهب السائل، مرطِبا وفاتنا، ومجدِدا. يُقدَر هذا الزيت عالميا كعامل تجميلي شديد الأهمية، وهو أكثر من ذلك في المغرب، إذ يعد شريان حياة للنساء الريفيات، ومنتجا ثانويا لغابات تنهار ببطء تحت وطأة الطلب المتزايد والتغير المناخي والرعي العشوائي.
فوق طواحين حجرية تجلس النسوة في إحدى التعاونيات المحلية بمنطقة الصويرة المغربية ويطحنّ حبوب الأركان ويوفرن كيلوغراما واحدا خلال يومين ويكسبن نحو 3 دولارات، وهو ما قد يكفي لتأسيس موطئ قدم متواضع في اقتصاد تندر فيه الفرص. كما تربطهن هذ الحرفة سنوات وأجيال سابقة.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2نبتة ورد النيل.. "لص المياه" الذي يهدد البيئة والزراعة في مصرlist 2 of 2الكوارث الطبيعية تهدد ألفي نوع من الكائنات بالانقراضend of list"وُلِدنا وترعرعنا هنا. هذه التقاليد نابعة من الطبيعة، مما علمنا إياه آباؤنا وأجدادنا، وما ورثناه عنهم"، هذا ما تقوله فاطمة منير، العاملة في التعاونية.
لطالما كان زيت الأركان عنصرا أساسيا في الأسواق المحلية المغربية، وهو اليوم يُستخدم في المنتجات الفاخرة للعناية بالشعر والبشرة، التي تملأ أرفف الصيدليات ومراكز التجميل حول العالم.
إلا أن هذه الشعبية الجارفة التي توفر عوائد اقتصادية هامة تُهدد غابات الأركان نفسها، إذ يُفاقم الإفراط في الحصاد جفاف أشجار كانت تُعتبر في السابق صامدة في وجه أقسى الظروف والرعي الجائر.
وتقول حفيظة الحنطاتي، صاحبة إحدى التعاونيات التي تقوم بجمع الثمار وعصرها للحصول على زيت الأركان الثمين، "إن المخاطر تتجاوز الأشجار، مما يهدد التقاليد العزيزة، مضيفة أنه يجب أن نعتني بهذه الشجرة ونحميها لأنه إذا فقدناها، فسوف نفقد كل ما يميزنا وما لدينا الآن".
منذ قرون، دعمت أشجار الأركان الحياة في التلال القاحلة بين المحيط الأطلسي وجبال الأطلس، حيث كانت مصدر الغذاء للناس والحيوانات، وحافظت على التربة في مكانها، وساعدت في منع التدهور البيئي وصدت انتشار رمال الصحراء.
إعلانتستطيع هذه الأشجار الشوكية التكيف والبقاء في مناطق يقل فيها معدل هطول الأمطار السنوي عن 25 ملليمترا، وتتحمل درجات حرارة تصل إلى 50 درجة مئوية. تتحمل الجفاف بجذور تمتد حتى عمق 35 مترا تحت الأرض.
لكن الغابة تقلصت والأشجار أقل ثمارا، وأغصانها متشابكة من العطش. في أماكن كثيرة، حلت محلها الأراضي المزروعة، مع اتساع حقول الحمضيات والطماطم، المزروعة في كثير منها للتصدير.
كانت المجتمعات المحلية تُدير الغابات جماعيا، وتضع قواعد الرعي والحصاد. أما الآن، فقد بدأ النظام بالتآكل، حيث تُبلّغ السلطات عن سرقات متكررة، فالغابة التي غطت حوالي 14 ألف كيلومتر مربع مع مطلع القرن، تقلصت بنسبة 40%. ويحذر العلماء من أن أشجار الأركان ليست منيعة رغم تجذرها.
وتقول زبيدة شروف، وهي خبيرة كيميائية في جامعة محمد الخامس بالرباط وباحثة في خصائص أشجار الأركان: "نظرا لأن أشجار الأركان كانت بمثابة ستار أخضر يحمي جزءا كبيرا من جنوب المغرب ضد زحف الصحراء، فإن اختفاءها البطيء أصبح يُعتبر كارثة بيئية".
كما يعد تغير المناخ جزءا من المشكلة، فالثمار والأزهار تنبت مبكرا كل عام، إذ يؤدي ارتفاع درجات الحرارة إلى اختلال تزامن الفصول.
أما الماعز التي تتغذى من أوراق هذه الأشجار، فقد تساعد على نشر البذور لكنها قد تكون مدمرة أيضا، خاصة إذا تغذت على الشتلات قبل نضجها. وقد ازداد الرعي الجائر سوءا، مع هروب الرعاة وجامعي الفاكهة من المناطق الأكثر جفافا وتجاوزهم الأراضي المخصصة لعائلات محددة.
وتواجه الغابات أيضا تهديدات من الإبل التي يربيها أثرياء المنطقة، ويقول شروف إن الإبل تمدّ أعناقها نحو الأشجار وتقضم أغصانا كاملة، مخلفة أضرارا دائمة.
رغم ما يحيط بغابات الأركان من مخاطر، ما زالت النساء الريفيات يقمن بتقشير حبات الأركان وتكسيره وعصره للحصول على زيته في مئات الجمعيات التعاونية. ويمر الكثير منه عبر وسطاء ليُباع كمنتجات لشركات وفروع شركات "لوريا" و"يونيليفر" و"إستي لودر" العملاقة.
لكن العمال يقولون إنهم يكسبون القليل، بينما يشاهدون الأرباح تتدفق إلى الخارج. وتقول التعاونيات إن جزءا كبيرا من الضغط ينبع من ارتفاع الأسعار، إذ تُباع زجاجة لتر واحد مقابل 600 درهم مغربي (نحو 60 دولارا)،، بينما كانت تباع بنحو 2.5 دولار قبل نحو 3 عقود.
وتُباع المنتجات المُضاف إليها زيت الأركان أيضا بأسعار أعلى في الخارج. وتُصنف شركات مستحضرات التجميل زيت الأركان على أنه أغلى زيت نباتي في السوق.
خلال السنوات الماضية، أدت جائحة فيروس كورونا إلى تقلبات حادة في الطلب العالمي والأسعار، وأغلقت العديد من التعاونيات أبوابها. ويقول قادة التعاونيات إن منافسين جددا غمروا السوق في الوقت الذي أدى فيه الجفاف إلى انخفاض كمية الزيت التي يمكن عصرها من كل ثمرة.
أُنشئت التعاونيات لتوفير أجر أساسي للنساء وتقاسم الأرباح شهريا، لكن رئيسة اتحاد تعاونيات الأركان النسائية، جميلة عيد بوروس، قالت إن قلة منهن يتقاضين أكثر من الحد الأدنى للأجور الشهرية في المغرب.
إعلانوأضافت أن الأشخاص الذين يبيعون المنتج النهائي هم الذين يكسبون المال، كما أن الشركات متعددة الجنسيات الكبيرة تستخدم قيمتها وشهرتها لتحديد الأسعار واستبعاد الآخرين.
من جهتها، تؤكد خديجة ساي، وهي مالكة مشاركة في جمعية "أجيورد" التعاونية، إن هناك مخاوف حقيقية بشأن الاحتكار. وتقول: "لا تنافسوا الفقراء على مصدر رزقهم الوحيد. عندما تأخذون نموذجهم وتُحسّنونه بفضل امتلاككم المال، فهذا ليس منافسة، بل تشريد".
ووفقا لبيانات من التعاونيات المحلية، تسيطر شركة "أولفيا" على 70% من سوق التصدير. وتقول التعاونيات إن قلة من المنافسين يستطيعون مجاراة قدرتها على تلبية الطلبات الكبيرة للعلامات التجارية العالمية. ولم يستجب ممثلو الشركة لطلبات التعليق من أسوشيتد برس.
على تلة تطل على المحيط الأطلسي، تتنقل شاحنة مياه حكومية بين صفوف الأشجار، وتتوقف لرش الأشجار الصغيرة التي بدأت للتو في الإنبات.
بدأ المغرب مشروع التشجير هذا عام 2018، بزراعة 100 كيلومتر مربع على أراض خاصة مُجاورة للغابات. وللحفاظ على المياه وتحسين خصوبة التربة، تُزرع أشجار الأركان بالتناوب مع الكبر، وهي تقنية تُعرف بالزراعة البينية.
وتتمثل الفكرة في توسيع الغطاء الحرجي وإثبات أن الأركان، إذا أُدير جيدا، يمكن أن يكون مصدر دخل مُجدٍ. ويأمل المسؤولون أن يُخفف ذلك الضغط على الأراضي المشاع المفرطة الحصاد، ويُقنع الآخرين بإعادة الاستثمار في هذه الأراضي. وكان من المتوقع أن تبدأ الأشجار بالإنتاج هذا العام، لكنها لم تفعل ذلك خلال فترة الجفاف.
تبرز قضية أخرى تتعلق بسلسلة التوريد. بين النساء في القرى والتعاونيات والمشتري النهائي، فهناك 4 وسطاء. كلٌّ منهم يأخذ نصيبه. ولا تستطيع التعاونيات تحمل تكاليف التخزين، لذا تبيع بأسعار زهيدة لمن يدفع مقدما، كما قال رئيس النقابة، عيد بوروس.
وسعت الحكومة إلى بناء مراكز تخزين لمساعدة المنتجين على الاحتفاظ ببضائعهم لفترة أطول والتفاوض على صفقات أفضل. وحتى الآن، تقول التعاونيات إن هذه الجهود لم تُجدِ نفعا، ولكن من المتوقع طرح نسخة جديدة منها في عام 2026 مع عوائق وصول أقل.