حقائب دبلوماسية تشعل أزمة جزائرية-فرنسية وانقسام بالمنصات
تاريخ النشر: 27th, July 2025 GMT
ويمس هذا الإجراء بصميم الممارسة الدبلوماسية، إذ تتمتع الحقيبة الدبلوماسية -وهي تعبير مجازي لمظروف أو طرد تستخدمه الدول لتبادل المراسلات الرسمية- بالحصانة الكاملة ولا يجوز تفتيشها أو حجزها وفق اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية.
وما يزيد الأمر تعقيدا أن وزارة الداخلية الفرنسية اتخذت هذا الإجراء من دون علم الخارجية الفرنسية ومن دون إشعار رسمي، وهذا دفع الجزائر لاستدعاء القائم بالأعمال الفرنسي مرتين والتهديد باللجوء للأمم المتحدة.
وإزاء توسع العراقيل لتشمل نطاقا أوسع، لم تكتف الجزائر بالاحتجاجات الدبلوماسية، بل ردت بالمثل عبر استرجاع كافة بطاقات امتياز الدخول إلى الموانئ والمطارات الجزائرية التي كانت تستفيد منها السفارة الفرنسية.
وأمام هذا التصعيد المتبادل، انقسم المغردون الجزائريون في تحليل الأزمة بين فريقين رئيسيين: الأول يركز على تحليل الدوافع والخلفيات السياسية للخطوة الفرنسية، بينما يطالب الثاني بموقف أكثر حسما قد يصل لقطع العلاقات نهائيا. وهو ما أبرزته حلقة (2025/7/27) من برنامج "شبكات".
ومن زاوية التحليل السياسي، يرى المغرد حافظ أن الخطوة الفرنسية تأتي ضمن سياق سياسي أوسع، إذ غرد يقول: "نلاحظ الآن أن فرنسا هي من أخذت زمام المبادرة في التصرفات العدوانية، وكأن الجزائر لم تكن تنتظر ردة الفعل هذه من فرنسا".
مناورة للانتخابات
وفي التوجه نفسه، ربط الناشط باور الخطوة بالحسابات الانتخابية الفرنسية، وكتب يقول: "الحكومة الفرنسية تستعمل الجزائر كملف استعدادا للانتخابات الرئاسية القادمة، كأن من يكون المشاغب الأكبر هو من يتولى كرسي الرئاسة في قادم الأيام".
أما على الجانب الآخر، فقد طالب أصحاب الرأي الأكثر تشددا بموقف أكثر حسما، إذ غرد صاحب الحساب باديس يقول: "إذا كنتم صادقين في عدائكم مع المستعمر فاقطعوا العلاقات معه للأبد".
إعلانوفي تساؤل يعكس ترقب الشارع لخطوات أكثر جذرية، كتب الناشط منصور يقول: "قطعت كل شرايين التواصل لم يبق إلا حبل الوريد، هل تقطع العلاقات السياسية؟".
ووسط هذا التفاعل المتنوع على وسائل التواصل الاجتماعي، تحافظ فرنسا على صمتها الرسمي حول ما أعلنته الخارجية الجزائرية، وهذا يزيد من ترقب الجزائريين لتطورات الأزمة وما قد تحمله الأيام القادمة من خطوات متصاعدة في هذا الملف الدبلوماسي الحساس.
ولا يعتبر هذا التطور في العلاقات الجزائرية الفرنسية جديدا، فالعلاقات بين البلدين تشهد توترات متتالية خصوصا في الفترة الأخيرة.
ففي السياق الزمني المتصل، طردت الجزائر 12 موظفا بالسفارة الفرنسية في أبريل/نيسان الماضي، ردا على حبس موظف قنصلي جزائري بفرنسا، فردت فرنسا بالمثل.
وتصاعدت الأمور أكثر في مايو/أيار الماضي عندما طردت الجزائر 15 موظفا آخرين، وهو ما ردت عليه فرنسا بالمثل أيضا، وهذا يضع الأزمة الحالية في إطار تصعيد مستمر بين البلدين.
27/7/2025-|آخر تحديث: 19:22 (توقيت مكة)المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
العاهل المغربي يدعو إلى مصالحة تاريخية مع الجزائر.. ويؤكد: لا حل للصحراء خارج مبادرة الحكم الذاتي
شدد العاهل المغربي الملك محمد السادس على أن إعادة إحياء الاتحاد المغاربي تمر بالضرورة عبر تطبيع العلاقات بين المغرب والجزائر، مجددًا الدعوة لفتح صفحة جديدة بين البلدين الجارين، ومؤكدًا استعداده الدائم لحوار صريح ومسؤول.
الملك قال بصريح العبارة في خطاب سياسي رفيع بمناسبة عيد العرش، إن “الاتحاد المغاربي لن يكون بدون انخراط المغرب والجزائر، مع باقي الدول الشقيقة”، مبرزًا إيمانه الراسخ بوحدة شعوب المنطقة، وقدرتها على تجاوز “الوضع المؤسف” الراهن، عبر التعاون وتغليب المصالح الاستراتيجية على الخلافات الظرفية.
مد اليد للجزائر.. والتزام بالحوار
أكد الملك، في خطابه الذي ألقاه مساء الثلاثاء 29 يوليوز 2025، أن موقفه تجاه الجزائر لم يتغير، قائلًا: “الشعب الجزائري شعب شقيق، تجمعه بالشعب المغربي علاقات إنسانية وتاريخية عريقة، وتربطهما أواصر اللغة والدين والجغرافيا والمصير المشترك”.
وأضاف: “حرصت دوماً على مد اليد لأشقائي في الجزائر، ومستعدون لحوار صريح ومسؤول، أخوي وصادق، حول مختلف القضايا العالقة بين البلدين”.
قضية الصحراء.. دعم دولي متزايد لمبادرة الحكم الذاتي
وفي الشق المرتبط بنزاع الصحراء، أعرب الملك عن اعتزازه بما وصفه بـ”الدعم الدولي المتزايد” لمبادرة الحكم الذاتي المغربية، مشيدًا على وجه الخصوص بموقفي المملكة المتحدة والبرتغال، اللذين اعتبر أنهما يكرّسان مواقف داعمة لـ”سيادة المغرب على صحرائه”.
وأشار الملك إلى أن المغرب، رغم ذلك، لا يزال حريصًا على إيجاد “حل توافقي لا غالب فيه ولا مغلوب، يحفظ ماء وجه جميع الأطراف”.
في تفاعل مباشر مع الخطاب الملكي، أصدر المنتدى المغاربي للحوار بيانًا ثمّن فيه مضامين خطاب العرش، معتبرًا أنه يحمل “روحًا واقعية وانفتاحًا مسؤولًا”، ويدشّن فرصة تاريخية لترميم العلاقة بين المغرب والجزائر، وبعث مشروع الاتحاد المغاربي من جديد.
وقال البيان، الذي أرسل نسخة منه ل- "عربي٢١" إن المنتدى تابع “باهتمام بالغ” ما جاء في خطاب العاهل المغربي، وخاصة دعوته إلى “فتح صفحة جديدة في العلاقات مع الجزائر”، مشيدًا بتجديد مد اليد و”تغليب منطق الحكمة والتكامل”، وفق تعبيره.
وأكد المنتدى أن وحدة شعوب المغرب الكبير لم تعد مجرد خيار سياسي، بل “ضرورة استراتيجية لمواجهة التحديات التنموية والأمنية”، داعيًا إلى استثمار هذه اللحظة السياسية.
وأعلن المنتدى في بيانه: دعوة الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون إلى التجاوب الإيجابي مع المبادرة الملكية، وبناء مستقبل مشترك على أسس الثقة والاحترام المتبادل. ومناشدة النخب المغاربية، من سياسيين ومثقفين ومجتمع مدني، إلى الانخراط الفاعل في دينامية التقارب والمصالحة، بما يخدم تطلعات شعوب المنطقة نحو الاستقرار والازدهار، وتجديد التزام المنتدى بدعم المبادرات الرامية إلى بعث الاتحاد المغاربي، باعتباره مشروعًا للسلم والتنمية والتكامل.
وختم المنتدى بيانه برسالة رمزية قوية، مفادها أن “القطيعة والانغلاق لا يمكن أن يكونا قدَر شعوبنا”، وأن “الزمن المغاربي قد حان”، وأن “المصالحة التاريخية هي السبيل إلى مستقبل أكثر إشراقًا وكرامة لجميع مواطني المنطقة”.
كرونولوجيا القطيعة بين المغرب والجزائر
رغم الروابط التاريخية والجغرافية التي تجمع المغرب والجزائر، فإن العلاقات بين البلدين ظلت متوترة لعقود، وشهدت محطات مفصلية عمّقت الانقسام، وصولًا إلى القطيعة الرسمية عام 2021:
1975 بداية الشرخ: مع انسحاب إسبانيا من الصحراء الغربية، دعم الجزائر لجبهة البوليساريو مقابل المسيرة الخضراء المغربية، فجّر أولى بوادر النزاع الحاد.
- 1994 إغلاق الحدود: عقب تفجيرات مراكش التي اتهم المغرب فيها عناصر جزائرية، فرض تأشيرات فردّت الجزائر بإغلاق الحدود البرية، في قرار لا يزال قائمًا حتى اليوم.
- 2004–2011 محاولات تطبيع خجولة، لكنها لم تثمر إعادة بناء الثقة، وبقيت العلاقات في وضع هشّ.
2014–2020 تصعيد إعلامي واستخباراتي متبادل، وسط اتهامات بالتدخل ودعم الانفصال.
أواخر 2020 – المغرب يحصل على اعتراف أمريكي بسيادته على الصحراء، ويطبع العلاقات مع إسرائيل، ما فاقم التوتر مع الجزائر.
24 أغسطس 2021 الجزائر تعلن قطع العلاقات الدبلوماسية مع المغرب، متهمة الرباط بـ”أعمال عدائية”، بينما اكتفى المغرب بالتعبير عن “الأسف”، داعيًا إلى تغليب منطق الحوار.
منذ ذلك الحين، بقي الوضع على حاله، وسط مبادرات متفرقة من الرباط لمد الجسور، دون استجابة رسمية من الجزائر حتى الآن.