غزة- في صبيحة يوم 24 يونيو/حزيران 2025، توجّه نادر النجار، مدرب فريق خدمات جباليا لكرة القدم، كعادته في الأيام والأسابيع القليلة السابقة، إلى ما يسمى مركز المساعدات الإنسانية لمؤسسة غزة الأميركية في منطقة الشاكوش غرب مدينة رفح جنوب قطاع غزة، أسوة بعشرات الآلاف من الشباب طالبي المساعدات، ممن أنهك الجوع أطفالهم وأجبرهم على السير في هذا الطريق المحفوف بالخطر والذل.

كانت تلك المرة الرابعة التي يذهب فيها النجار (38 عاما) إلى المنطقة، على أمل أن يعود كالمرات السابقة ببضعة كيلوغرامات من الطحين الشحيح في الأسواق والباهظ الثمن، إلى جانب سلع أخرى مثل المعلبات التي لا فائدة صحية ترتجى منها إلا إسكات صرخات الجوعى من أبنائه الستة (أكبرهم 10 أعوام وأصغرهم 8 أشهر) ولو لبعض الوقت. لكنه ذهب ولم يعد، اختفى تماما كأن الأرض انشقت وابتلعته.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2بحسابات رياضية.. هكذا صنعت إسرائيل مجاعة غزةlist 2 of 2مسك المدهون طفلة فلسطينية تواجه وضعا صحيا حرجا بسبب سوء التغذيةend of list

خرج النجار من خيمته المنصوبة على أراضي المواصي غرب مدينة خان يونس، وهي المنطقة التي استقر بها منذ نزوحه عن معسكر جباليا بعد تدمير منزله ومنزل عائلته بالكامل واستشهاد والدته و3 من أخواته، فقرر البقاء فيها عكس بقية أشقائه الذين عادوا إلى مدينة غزة بعد اتفاق وقف إطلاق النار المؤقت، وكان الأمل يحدوه بالعودة من جديد وفي يده ما يسد رمق أطفاله.

جلس النجار داخل حفرة كبيرة موجودة خلف حاجز ترابي، منتظرا كغيره فتح المركز أبوابه، قبل أن يباغتهم جيش الاحتلال بإطلاق نار كثيف أوقع العديد بين شهيد وجريح في مجزرة إسرائيلية جديدة، وهذه آخر لحظة شوهد فيها النجار حيا وفق ما قاله شقيقه الأكبر محمد للجزيرة نت.

روايات متضاربة

وبحسب محمد، فإن روايات شهود العيان المختلفة والمتناقضة زادت من قلق العائلة وتوترها على مصير ابنها، فهناك من قال إنه شوهد داخل مركز المساعدات بالفعل، وآخرون أكدوا رؤيته وهو داخل سيارة حاملا بعض المساعدات وفي طريقه للعودة إلى خيمته.

إعلان

وأمام جميع الروايات، اتخذت العائلة الطرق الرسمية للبحث عن ابنها في محاولة لمعرفة مصيره، خاصة أن اليوم المذكور شهد أيضا حالات اعتقال واسعة من قبل الاحتلال الإسرائيلي لطالبي المساعدات.

 

طرقت العائلة أبواب المؤسسات المحلية والدولية ذات العلاقة، مثل الصليب الأحمر ومركز الدفاع عن الفرد "الهوموكيد" ومقره في القدس المحتلة، وكذلك مؤسسات الميزان والضمير والهيئة المستقلة لحقوق الإنسان، فجميعها لديها طلبات رسمية لمتابعة القضية.

هذه الخطوة جاءت بعد بحث مضنٍ من العائلة في جميع المستشفيات الحكومية والميدانية وفي ثلاجات الموتى، أملا في العثور عليه، لكنها لم تحصل على أي معلومة من شأنها أن تهدّئ من روعهم وتقلّل من توترهم، ليبقوا رهينة للخوف والقلق وترقب الأسوأ.

مصير مجهول

ومنذ اختفائه لم تحصل العائلة على أي معلومات خاصة من الجهات الدولية، فالصليب الأحمر يؤكد أنه تقدّم بطلب لجيش الاحتلال الإسرائيلي لمعرفة إذا ما كان النجار معتقلا لديه، لكن المؤسسة الدولية أخبرت العائلة بأنها لم تحصل على رد وأن الأوضاع الحالية بهذا الخصوص زادت تعقيدا منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، خاصة في ظل كثرة ملفات المفقودين لديها وتعنّت الاحتلال في الكشف عن مصيرهم.

أما "الهوموكيد" فلديه توكيل رسمي موقّع من العائلة لمتابعة الملف، والذي ردّ بعد 20 يوما بأن مصلحة السجون الإسرائيلية أكدت أنه غير موجود في السجون المركزية التابعة لها.

وأشار المركز نفسه إلى أن نادر النجار قد يكون في أحد معسكرات الاعتقال التي أقامها جيش الاحتلال في مناطق غلاف غزة، ولا يُفصح عن أسماء من فيها إلا عند تحويلهم إلى مصلحة السجون، كما قال شقيقه محمد.

ولحين العثور على نادر أو معرفة مصيره، يمكث والده الحاج عوض (65 عاما) مع أحفاده ليعوّضهم ولو قليلا عن غياب والدهم، رغم قسوة الظروف المعيشية، بينما يحرص محمد وبقية أشقاء نادر على تقديم ما يمكنهم لإعالة أبناء أخيهم.

يُذكر أن نادر النجار سبق له تدريب أندية السلام وأهلي بيت حانون، كما عمل لفترة مساعدا للمدرب في نادي خدمات النصيرات، أما خلال مسيرته في اللعب فقد ارتدى قمصان أندية عديدة أبرزها شباب جباليا، واتحاد خان يونس، والمشتل، ونماء.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات دراسات تجويع غزة

إقرأ أيضاً:

تقرير: الاحتلال يعتقل 18 ألف فلسطيني بالضفة منذ طوفان الأقصى

أظهر تقرير فلسطيني، الأحد، أن إسرائيل اعتقلت نحو 18 ألفا و500 فلسطيني في الضفة الغربية المحتلة، منذ أن بدأت حرب الإبادة بقطاع غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.

وحسب وكالة الأناضول فقد صدر التقرير عن ثلاث جهات هي هيئة شؤون الأسرى والمحررين ونادي الأسير الفلسطيني، ومؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان.

وأفاد التقرير بأن الرقم يشمل من أبقى جيش الاحتلال الإسرائيلي على اعتقالهم، ومَن أُفرج عنهم لاحقا.

وبحسب التقرير نفسه، بلغ إجمالي عدد الأسرى بسجون إسرائيل حتى بداية يوليو/تموز الماضي نحو 10 آلاف و800، منهم 49 سيدة، و450 طفلا، وهو العدد الأعلى منذ انتفاضة الأقصى (الانتفاضة الثانية) عام 2000.

كما أفاد بـارتفاع حصيلة الاعتقالات في صفوف النساء إلى نحو 570، بينما لا تشمل هذه المعطيات عدد النساء اللواتي اعتُقلن من غزة، ويُقدَّر عددهن بالعشرات.

ووثق التقرير ارتفاع حالات الاعتقال في صفوف الأطفال بالضفة الغربية إلى ما لا يقل عن 1500.

وبلغ عدد المعتقلين من الصحفيين أكثر من 194، لا يزال 49 منهم رهن الاعتقال، بحسب التقرير.

وأكدت المؤسسات الثلاث، أن حملات الاعتقال المستمرة ترافقها جرائم وانتهاكات متصاعدة، منها التنكيل والاعتداءات بالضرب المبرح، وتهديدات بحق المعتقلين وعائلاتهم، وعمليات التخريب والتدمير الواسعة في منازل المواطنين، والاستيلاء على المركبات والأموال والمصاغ الذهبي.

وأفادت المؤسسات الثلاث، أنه قتل في سجون إسرائيل منذ بدء حرب الإبادة ما لا يقل عن 75 فلسطينيا، كُشف عن هوياتهم، منهم 46 من غزة.

ويضاف إلى ذلك العشرات من أسرى غزة الذين قتلوا في السجون والمعسكرات ولم تفصح إسرائيل عن هوياتهم، بحسب التقرير.

وتوازيا مع إبادة غزة، قتل جيش الاحتلال والمستوطنون في الضفة الغربية، بما فيها القدس المحتلة، ما لا يقل عن 1012 فلسطينيا، وأصابوا نحو 7 آلاف، وفق معطيات فلسطينية رسمية.

اقتحامات وإصابات

على صعيد آخر أصيب عدد من الفلسطينيين، أحدهم بالرصاص الحي، مساء الأحد في اقتحامات قام بها جيش الاحتلال على مناطق متفرقة بالضفة الغربية المحتلة.

إعلان

فقد أصيب شاب بالرصاص واختنق آخرون، مساء الأحد، خلال مواجهات اندلعت مع قوات الاحتلال الإسرائيلي وسط مدينة الخليل (جنوب).

وقالت مصادر للجزيرة إن قوات الاحتلال اعتقلت الليلة فتى جريحا من بلدة بيت فجار جنوب بيت لحم بالضفة الغربية.

كما اقتحم جيش الاحتلال أيضا بلدة يطا، جنوب مدينة الخليل، وبلدة حزما شمال شرقي القدس (وسط)، إضافة إلى عدة مناطق في محافظة رام الله والبيرة (وسط) منها بلدة سلواد شرق رام الله، وقريتا بدرس وقبيا غرب المحافظة، وحي الجنان في مدينة البيرة.

من جهة أخرى، شيعت جماهير فلسطينية الأحد جثمان الشهيد معين ديرية الذي قتله مستوطنون في بلدة عقربا جنوب شرقي مدينة نابلس.

وتشهد الضفة الغربية اعتداءات مكثفة من الجيش والمستوطنين، في ظل عملية عسكرية متواصلة للاحتلال منذ أكثر من سبعة أشهر في مخيمات شمال الضفة الغربية.

وبموازاة حرب الإبادة، صعد الجيش الإسرائيلي والمستوطنون اعتداءاتهم. بالضفة، بما فيها القدس الشرقية، ما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 1012 فلسطينيا، وإصابة نحو 7 آلاف، إضافة إلى اعتقال أكثر من 18 ألفا و500، وفق معطيات رسمية فلسطينية.

وترتكب إسرائيل إبادة جماعية في غزة منذ عملية طوفان الأقصى التي شنتها المقاومة في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 ردا على الاعتداءات المستمرة والحصار الإسرائيلي، خلفت أكثر من 210 آلاف فلسطيني قتلى وجرحى، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 9 آلاف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين، ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين.

ومنذ عقود تحتل إسرائيل فلسطين وأراضيَ من سوريا ولبنان، وترفض الانسحاب منها وقيام دولة فلسطينية مستقلة، وعاصمتها القدس الشرقية، على حدود ما قبل حرب 1967.

مقالات مشابهة

  • عائلة الناشطة التركية الأمريكية عائشة نور لسيناتورة ديمقراطية: كيف تبررين قتل مواطنتك؟
  • هكذا استشهد قائد منتخب فلسطين قنصا في رحلة البحث عن الطعام لأطفاله
  • استشهاد فلسطيني في قصف الاحتلال الإسرائيلي منزلًا شمال الضفة الغربية
  • تقرير: الاحتلال يعتقل 18 ألف فلسطيني بالضفة منذ طوفان الأقصى
  • بالفيديو.. مؤذن فلسطيني يصارع الموت جوعا في غزة
  • ماليزيا تطالب بتحقيق دولي في مقــ.ــتل 1300 فلسطيني من طالبي المساعدات في غزة
  • استشهاد 71 فلسطينيًّا في قصف الاحتلال على قطاع غزة
  • مسؤول أممي: استشهاد أكثر من 100 فلسطيني في نقاط توزيع مساعدات بغزة
  • الأمم المتحدة: 1400 فلسطيني ضحايا انتظار المساعدات في غزة منذ مايو