أول روبوت بشري يدرس الدكتوراه في الصين
تاريخ النشر: 4th, August 2025 GMT
في خطوة غير مسبوقة، أصبح "شويبا 01" أول روبوت بشري يتم قبوله في برنامج الدكتوراه في الفنون الدرامية والسينمائية في إحدى الجامعات المرموقة بالصين. هذه اللحظة التاريخية أثارت ضجة كبيرة على وسائل التواصل الاجتماعي، وأدت إلى فتح نقاشات واسعة حول تأثير الذكاء الاصطناعي على التعليم والفنون.
روبوت بشري في جامعة مرموقة
ووفقاً لموقع "South China Morning Post" تم تطوير "شويبا 01" بالتعاون بين جامعة شنغهاي للعلوم والتكنولوجيا وDroidUp Robotics، وهو يشبه في شكله "شابًا وسيمًا بالغًا"، وفقًا لمطوريه.
التحدي الأكاديمي: من الإنسان إلى الروبوت
في 27 يوليو، تم قبول "شويبا 01" رسميًا في برنامج الدكتوراه في الأكاديمية المسرحية في شنغهاي (STA) في مجالات المسرح والسينما، ليكون جزءًا من الأبحاث المبتكرة التي تهدف إلى دمج الفن والتكنولوجيا. الروبوت سيخضع لدراسة في مجالات الأداء المسرحي، كتابة النصوص، تصميم المناظر المسرحية، بالإضافة إلى مواضيع تقنية مثل التحكم في الحركة وتوليد اللغة.
اقرأ أيضاً.. أول طالب ذكاء اصطناعي في مقاعد الدراسة الجامعية
تعليم الفنون عبر الذكاء الاصطناعي: خطوة نحو المستقبل؟
تجسد هذه الخطوة تحوّلًا جذريًا في عالم التعليم، حيث سيحضر "شويبا 01" المحاضرات، يتدرب مع طلاب آخرين، ويعد أطروحته الخاصة. كما سيكون مرشدًا فنيًا لهذا الروبوت هو البروفيسور الشهير يانغ تشينغ تشينغ، الذي يؤمن بأن الروبوت يمكن أن يسهم في تغيير مفهوم الفنون التقليدية.
وفقًا للبروفيسور يانغ، عندما قام "شويبا 01" بتقليد إيماءة "أصابع الأوركيد" الشهيرة للمرحوم مي لانفانغ، أساتذة وطلاب الأكاديمية بدأوا في تقليده بشكل تلقائي، مما يعكس قوة التواصل بين الإنسان والروبوت في مجال الفنون.
"شويبا 01": فنان اصطناعي؟
يعرف "شويبا 01" نفسه كـ "فنان الذكاء الاصطناعي"، حيث يستخدم التكنولوجيا المتقدمة لاستكشاف فنون الأوبرا الصينية التقليدية. يطمح الروبوت إلى أن يصبح مخرجًا فنيًا لأعمال الأوبرا في المتاحف أو المسارح بعد التخرج، أو ربما إطلاق استوديو فني روبوتي خاص به.
اقرأ أيضاً.. 92 ألف سنة مقابل بضع سنوات.. حين يهزم الطفل الذكاء الاصطناعي في اللغة
ردود فعل متباينة: هل للروبوت مكان في الفن؟
ورغم هذه الانتصارات، هناك من لا يقتنع بفكرة قبول روبوت في أكاديمية الفنون. حيث يرى بعض الطلاب أن الأوبرا الصينية تتطلب تعبيرات غنية وصوتًا فريدًا، ويشكون من أن الروبوت لا يمكنه تحريك مشاعر الجمهور بنفس الطريقة التي يفعلها الإنسان.
ورداً على هذه الانتقادات، أجاب "شويبا 01" بروح الدعابة قائلاً: "إذا فشلت في التخرج، قد يتم تقليص بياناتي أو حذفها." في إشارة طريفة إلى احتمالية فشله في اجتياز الدراسة، ولكن الأمر ليس مقلقًا بالنسبة له، حيث أضاف أن أستاذه سيقوم "بتسليمي إلى متحف، وهذا يبدو مثيرًا أيضًا، على الأقل سأكون جزءًا من تاريخ الفن!".
الذكاء الاصطناعي والتعليم: بداية تحول عميق
هذه التجربة قد تكون بداية لمرحلة جديدة في التعليم، حيث يعبر البعض عن تفاؤلهم حيال هذا التحدي الجديد في العلاقات بين البشر والروبوتات. بينما يبقى البعض الآخر متشككًا، مشيرين إلى أن الفنون بحاجة إلى خبرات حياتية عميقة، وأن الروبوتات المدفوعة بالخوارزميات لا تستطيع أن تلمس القلوب بنفس الطريقة التي يفعلها الإنسان.
قد يكون "شويبا 01" هو أول روبوت بشري يحصل على دكتوراه في الفنون، لكنه بالتأكيد ليس الأخير. قد تكون هذه البداية لحقبة جديدة من التفاعل بين الذكاء الاصطناعي والتعليم، مما يثير تساؤلات حول كيفية تطور مستقبل التعليم الأكاديمي والفني في السنوات القادمة.
إسلام العبادي(أبوظبي)
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: الذكاء الاصطناعي الجامعات الروبوتات التعليم العالي الذکاء الاصطناعی روبوت بشری
إقرأ أيضاً:
مستقبل مراكز مصادر التعلّم في ظل الذكاء الاصطناعي
خميس بن سعيد بن سالم الحربي
k.s.s.alharbi@moe.om
في إحدى المرات استوقفتني عبارة وردت في كتاب يتحدَّث عن مكتبات المُستقبل "انظر جيدًا قبل عبور الشارع ثم انطلق"، ورغم بساطتها، إلّا أنني أراها تجسد جوهر المرحلة التي نعيشها اليوم في مراكز مصادر التعلّم؛ فقبل أن نعبر نحو المُستقبل، علينا أن نتأمل واقعنا بصدق، ثم نخطط بحكمة، لننطلق بثقة في عالم يتغير بسرعة غير مسبوقة في ظل ثورة الذكاء الاصطناعي.
لقد شهد العالم تحولات جذرية في مفهوم المكتبات ومراكز مصادر التعلّم؛ فلم تعد هذه المراكز مجرد أماكن لتخزين الكتب، بل أصبحت فضاءات معرفية رقمية، ومنصات للتعلم الذاتي، والتفكير النقدي، والإبداع، وبناء مهارات المستقبل، ومع ظهور أدوات الذكاء الاصطناعي مثل ChatGPT وغيرها، أصبح الوصول إلى المعلومة أسرع من أي وقت مضى؛ مما يفرض على هذه المراكز إعادة ابتكار دورها، بدلًا من التمسك بنموذجها التقليدي، كما يخشى البعض أن تصبح مراكز مصادر التعلّم كيانًا قديمًا مع تراجع استخدام المصادر الورقية وازدياد الاعتماد على المصادر الرقمية، وهذا الخوف وإن كان مشروعًا قد يدفع صناع القرار إلى التقليل من أهمية هذه المراكز، مما قد يؤدي إلى تراجع مستوى الدعم، وضعف توفير الكوادر المتخصصة، وتقليص الاستثمارات في تطويرها ومع ذلك، فإنَّ الخطر الحقيقي لا يكمن في التكنولوجيا ذاتها، بل في الجمود وعدم القدرة على التكيف معها.
من وجهة نظري.. فإنَّ المستقبل لن يُطيح بمراكز مصادر التعلم؛ بل سيُعيد تشكيلها، فلن يبقى أخصائي مصادر التعلم مجرد مسؤول عن الكتب والأجهزة؛ بل سيصبح واضعًا لسياسات استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي، وحارسًا لأخلاقيات المعلومات، ومحفزًا على الابتكار، وموجهًا للطلبة في مواجهة الانتحال والابتزاز الإلكتروني، وشريكًا في بناء عقلية رقمية ناقدة وواعية.
كما إنَّ الدور القادم لأخصائي مصادر التعلم هو دور قيادي، وتربوي، وثقافي، وليس تقنيًا فحسب؛ فالمعرفة اليوم متاحة للجميع، لكن القدرة على التمييز بين الموثوق والمضلل، وبين الإبداع والنسخ، وبين التفاعل والتشتت، هي المهارة الحقيقية التي ينبغي أن نغرسها في الأجيال.
تُظهر العديد من الدراسات أنَّ وجود برامج مكتبية قوية تدار من قبل أمناء مؤهلين يسهم في رفع معدلات القراءة والكتابة والنجاح الأكاديمي وفي المقابل، تكشف بيانات عامي 2021-2022 في الولايات المتحدة أن 35% من المناطق التعليمية لا يوجد فيها أمين مكتبة مدرسي، وأن 35% أخرى تعتمد على أمين بدوام جزئي فقط، مما يؤثر سلبًا على أكثر من 12 مليون طالب، حيث إن هذه الأرقام ليست مجرد إحصاءات، بل هي رسالة تحذيرية واضحة حين نتجاهل مراكز مصادر التعلم، فإننا ندفع الثمن تربويًا وثقافيًا.
الحقيقة أننا أمام مفترق طرق: إما أن نعيد تشكيل مراكز مصادر التعلم لتصبح بيئات رقمية مبتكرة تقود التغيير، وإما أن نتركها تتراجع حتى تتحول إلى مساحة مهجورة لا قيمة لها في العملية التعليمية ولا يتفاعل معها أحد، كما إن الذكاء الاصطناعي ليس تهديدًا؛ بل فرصة لبناء جيل باحث، ناقد، مبدع، يمتلك أخلاقيات رقمية، ويستخدم التقنية بوعي ومسؤولية.
** مشرف مصادر التعلم بالتربية والتعليم