واشنطن, "د.ب.أ": يرى المحلل الأمريكي مايكل فرومان أن الصين ربما قد أصبحت مركز التصنيع للاقتصاد العالمي ، ولكن الغرب يشعر ببعض الارتياح من التقييم بان الولايات المتحدة تحتفظ بالريادة عندما يتعلق الأمر بالبحث عن الهيمنة في مجال الذكاء الاصطناعي .

ومع ذلك ربما يعتمد ذلك على الكيفية التي يحدد بها المرء مفهوم المنافسة.

وقال فرومان ، رئيس مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي في تقرير نشره المجلس ، إن الولايات المتحدة تميل إلى تعريف المنافسة بأنها السباق نحو الذكاء الاصطناعي العام ، ويعني ذلك الذكاء الاصطناعي الذي يحسن نفسه ذاتيا ويتفوق على القوة المعرفية للبشر، والقادر على تنفيذ مهام العمل المعرفي في العالم الحقيقي.

وأضاف فرومان، أنه بحسب تقدير ديفيد ساكس، كبير مستشاري الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في مجال الذكاء الاصطناعي ، "فإن الصين ليست متأخرة عنا بسنوات وسنوات في مجال الذكاء الاصطناعي.

وربما يكون الصينيون متأخرين من ثلاثة إلى ستة أشهر ". وإذا كان مقياس النجاح هو عمل النموذج الأكبر والأكثر جمالا، فإن الولايات المتحدة تعمل بشكل جيد للغاية.

وتابع فرومان أنه بينما تضخ الشركات الأمريكية استثمارات بمئات المليارات من الدولارات في النماذج والرقائق والبنية التحتية للذكاء الاصطناعي الأحدث ، "فقد شعرت بالارتياح عندما قرأت التقرير الجديد الخاص بمعايير الذكاء الاصطناعي الذي أصدره المعهد الوطني للمعايير والتكنولوجيا، والذي وجد أن النموذج الأمريكي الأفضل تفوق على أفضل نموذج صيني وهو "ديب ديسك في 1ر3 "في كل معايير الأداء تقريبا ، بما في ذلك التفوق بنسبة 20% في مهام هندسة البرمجيات، و35% في تكاليف التشغيل العامة، والتفوق الهائل في اختبارات الأمن السيبراني. ولكن روبوتات الدردشة (التي تحاكي الدردشة البشرية )، ربما لا تكون الهدف الأسمى عندما يتعلق الأمر بالآلات المفكرة والمنافسة الاستراتيجية بين الولايات المتحدة والصين.

وهناك حجة متنامية ــ ولو أنها تخدم مصالح ذاتية ــ بين كبار خبراء التكنولوجيا والمسؤولين والباحثين في الصين، مفادها أن النماذج اللغوية الكبيرة التي تجذب وادي السليكون لا تمثل المسار الأكثر استراتيجية لمستقبل مدعوم بالذكاء الاصطناعي. او بصياغة أخرى لما قاله بعض الخبراء الصينيين على موقع ويبو، "مخرجات تطبيق شات جي بي تي " هي هراء رأسمالي.

وبينما من المؤكد أن الصين تعمل على تحسين نماذجها اللغوية الكبيرة، فإنها تتبع استراتيجية مختلفة نوعا ما ، سواء ذلك اختيارا أو ضرورة . والصين أقل تركيزا على تطبيق شات جي بي تي ، وتركز أكثر على دمج الذكاء الاصطناعي في الاقتصاد المادي على نطاق واسع. ويكون التحرك الحقيقي في مجال التصنيع، حيث تحقق الصين تقدما في مجال "الذكاء الاصطناعي المجسد".

وتقوم الصين بتشغيل ما يقرب من مليوني روبوت صناعي، وقامت بتركيب نحو 295 ألف روبوت إضافي بحلول عام 2024 وحده، أي أكثر من بقية دول العالم مجتمعة، ويتم الآن تصنيع أغلب هذه الروبوتات محليا في الصين. وعلى النقيض ، قامت المصانع الأمريكية بتركيب حوالي 34ألف روبوت. وسوف تشغل كل هذه الروبوتات أو سوف يتم دعمها بتطبيقات ذكاء اصطناعي صينية أصغر حجما ، لا تتطلب البنية التحتية الضخمة للتدريب على الحاسبات التي تتطلبها روبوتات الدردشة الغربية القوية. وتشير تقديرات وزارة الصناعة وتكنولوجيا المعلومات الصينية إلى أن أكثر من 60% من المصنعين الصينيين الكبار سوف يكونوا قد تبنوا بحلول نهاية عام 2025 شكلا من تكامل "الذكاء الاصطناعي + التصنيع"، وقد تم بالفعل اعتماد آلاف المصانع "المدعومة بالذكاء الاصطناعي" على مستوى البلاد.

وتدعو الخطة الخمسية الرابعة عشرة للصين إلى "التحول الذكي الشامل" للإنتاج الصناعي، مع دمج الذكاء الاصطناعي في 70% من القطاعات الرئيسية بحلول عام 2027، وفي 90% عام 2030، وبنسبة 100% بحلول عام .2035

و يمكن بالفعل قياس هذا الانتشار على أرض الواقع: حيث أن قرابة نصف كل معدات التصنيع الصينية الجديدة التي تم بيعها في العام الماضي كانت تتضمن الرؤية الآلية، أو الصيانة التنبؤية، أو وظائف التحكم الذاتي - وهو دليل على أن الذكاء الاصطناعي لم يعد يقتصر على المشاريع التجريبية بل أصبح طبقة افتراضية من الاقتصاد الصناعي.

من الواضح أن الولايات المتحدة ليس لديها مثل هذه الخطة أو المعايير، ولكن ليس من الصعب أن نتخيل جيوشا من رواد الأعمال في جميع أنحاء الولايات المتحدة يعملون على تطوير تطبيقات جديدة لاستخدامها في جميع قطاعات الاقتصاد في الوقت الذي يتقدم فيه الذكاء الاصطناعي.

وتراهن الولايات المتحدة على ما قيمته مئات المليارات من الدولارات من الحوسبة، ومجموعات البيانات الضخمة، ونماذج اللغة الأكبر حجما على نحو متزايد، سعيا وراء الهيمنة على قطاع الذكاء الاصطناعي العام - وهي أنظمة قادرة ومبدعة إلى الحد الذي قد يسمح لها بإطلاق عصر من النمو الاقتصادي القوى والاكتشاف العلمي . وربما اتخذ الذكاء الاصطناعي في الولايات المتحدة شكل تطبيقات المستهلكين وبرامج المؤسسات، لأن الحوافز ،أي الأرباح على المدى القريب. وعلى النقيض ، يتركز نهج الصين على تطبيقات الذكاء الاصطناعي الأصغر حجما كمدخل للإنتاج، وليس كمنتج بحد ذاته..

وتنعكس الاختلافات في استراتيجية الذكاء الاصطناعي بين الولايات المتحدة والصين أيضا في استجابة سياسة كل دولة، بما في ذلك نهجها بشأن ضوابط التصدير. وأشار فرومان إلى أن واشنطن قضت سنوات في استخدام التفوق البارز لتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي كسلاح - حيث قيدت وصول الصين إلى وحدات معالجة الرسوميات الأكثر تقدما والتي يمكن أن تسهل المنافسة الصينية في "سباقنا "نحو الذكاء الاصطناعي العام - بينما عززت بكين السيطرة على المدخلات - بما في ذلك المعادن الحيوية - والتي يمكن أن تساعد الولايات المتحدة في المنافسة في سباقها نحو الهيمنة الصناعية.

وكالة الطاقة الدولية وهيئة المسح الجيولوجي الأمريكية، تتمتع الصين بوضعية مهيمنة في السوق العالمية في مجال تكرير النيكل والكوبالت والجرافيت والجاليوم والجرمانيوم - وهي مواد أساسية لصناعة الرقائق المتقدمة وأجهزة الاستشعار والبطاريات.

وهذا ينطبق أيضا على تصنيع الالماس الصناعي المتخصص والصناعي، ومعالجة المعادن الأرضية النادرة الثقيلة - وهي المجالات التي يمتلكونها ويسيطر فيها أيضا على الملكية الفكرية لتقنيات المعالجة والمعدات.

وبمعنى آخر ، يمكن أن تحرم الولايات المتحدة الصين من الحصول على الرقائق الإلكترونية اليوم، ولكن الصين يمكنها أن تجعل من الصعب جدا تصنيع الرقائق وغيرها من التقنيات المتقدمة في المستقبل.w. ورغم براعة أمريكا الفائقة في مجال البرمجيات والتصميم، فإن الحقيقة المثيرة للقلق هي أنه في عالم تسيطر فيه الصين على المواد الخام الأساسية لصناعة الرقائق، لا يمكن غض الطرف عن استراتيجية الذكاء الاصطناعي الصناعية التطبيقية الصينية - التي ترتكز على التصنيع وأمن الموارد.

وجدير بالذكر أن الصين اتخذت هذه الإجراءات التصعيدية عشية اجتماع ترامب مع الرئيس الصيني شي جين بينج على هامش قمة منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادئ المقبلة في كوريا الجنوبية.

واختتم فرومان تقريره بالقول "إنه عندما فرض ترامب الرسوم الجمركية على الصين لأول مرة، لاحظ الكثير منا أن الصين ربما تنتقم باستغلال التحكم في منتجات معينة تسيطر عليها. والآن، نتنافس في استخدام النفوذ الاقتصادي أيضا. وسوف يكشف الزمن من سيثبت أنه الفائز ، إن حقق أي منهما الفوز ، في هذه المنافسة.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الولایات المتحدة الذکاء الاصطناعی أن الصین فی مجال

إقرأ أيضاً:

ترامب: الولايات المتحدة تريد مساعدة الصين لا إيذاءها

قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الأحد، إن الولايات المتحدة تريد مساعدة الصين، لا إيذاءها.

ترامب يغادر واشنطن لزيارة إسرائيل وحضور قمة شرم الشيخ زيلينسكي يطلب من ترامب تعزيز الدفاعات الجوية الأوكرانية

جاء ذلك في تدوينة لترامب على منصة "تروث سوشيال" الأمريكية.

 

وأكد ترامب، أنه "لا داعي للقلق بشأن الصين، وأن كل شيء سيكون على ما يرام".

 

وأضاف: "مرّ الرئيس الصيني شي جين بينغ، بفترة عصيبة. إنه لا يريد أن تقع بلاده في كساد، وأنا أيضا لا أريد ذلك".

 

ترامب أردف: "الولايات المتحدة تريد مساعدة الصين، لا إيذاءها".

 

والخميس، أعلنت وزارة التجارة الصينية عن فرض قيود جديدة على صادرات العناصر الأرضية (المعادن) النادرة، أو نقل معدات أو معلومات تتعلق بإنتاجها أو معالجتها وذلك لـ"دواع تتعلق بالأمن القومي".

 

وتنص القيود الجديدة على حصول المصدرين للمعادن النادرة على ترخيص تصدير من الوزارة.

 

والجمعة، أعلن ترامب، أن الولايات المتحدة ستفرض رسوما جمركية إضافية بنسبة 100 بالمئة على الصين، بالإضافة إلى الرسوم الحالية (30%)، اعتبارا من 1 نوفمبر المقبل، كما ستطبق ضوابط تصدير على جميع البرمجيات الحساسة.

 

وقال ترامب، إن الصين أرسلت رسالة "عدائية للغاية"، تشير إلى أنها ستفرض اعتبارا من الأول من نوفمبر، ضوابط تصدير واسعة النطاق على جميع المنتجات التي تُنتجها تقريبا، بل وحتى على بعض المنتجات التي لا تُصنع لديها، واصفا هذا الموقف بأنه "عدواني جدا" في مجال التجارة.

 

استعدادات لاحتمال تبكير موعد الإفراج عن الأسرى

 

كثّفت إسرائيل خلال الساعات الماضية استعداداتها لتنفيذ صفقة تبادل الأسرى مع حركة حماس، وسط مؤشرات على احتمال تبكير موعد الإفراج عن الأسرى، بعد صدور أوامر عاجلة بتحريك الوحدات الخاصة ونقل عدد من المعتقلين إلى مراكز الإفراج.

 

وذكرت هيئة البث الإسرائيلية أن الجيش وضع وحدات خاصة في حالة تأهب داخل قطاع غزة تحسبا لإطلاق الأسرى الإسرائيليين في أي لحظة، بعد ورود تقديرات أمنية بإمكانية تسريع تنفيذ المرحلة الأولى من الاتفاق قبل يوم غد الاثنين.

 

وفي موازاة ذلك، كشفت صحيفة يديعوت أحرونوت أن إدارة السجون الإسرائيلية تلقت أوامر مباشرة بالبدء في إجراءات الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين، موضحة أن السلطات باشرت نقل المعتقلين من خمسة سجون إلى مرافق خاصة استعدادا لبدء التنفيذ.

 

وينص الاتفاق على الإفراج عن 250 أسيرا محكوما بالمؤبد، إضافة إلى 1700 أسير من قطاع غزة اعتقلوا بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.

 

وقالت مصادر حقوقية إن سلطات الاحتلال جمعت عددا من الأسرى المقرر الإفراج عنهم في سجن النقب وسجن عوفر، تمهيدا للإفراج عنهم خلال الساعات المقبلة.

 

وأقدمت قوات الاحتلال على الاعتداء على الأسرى ومعاملتهم معاملة مهينة أثناء تجميعهم في سجن النقب، إذ ظهروا مقيدين ومعصوبي الأعين وأجبروا على خفض رؤوسهم، بينما يحيط بهم عناصر من قوات الاحتلال، وفق ما وثقته لقطات فيديو.

 

ووصف مكتب إعلام الأسرى المشاهد بأنها “توثيق جديد لسياسة الإذلال الممنهج”، مشيرا إلى أن ما جرى يثير القلق بشأن التزام إسرائيل بالمعايير الإنسانية خلال تنفيذ الصفقة.

مقالات مشابهة

  • وزير الاتصالات: الذكاء الاصطناعي أداة للتعليم والمعلم يظل البوصلة التي توجه المستقبل
  • «دو» تُطلق مجمع «AI Park» ومنصّة الذكاء الاصطناعي الوطنية الهجينة
  • فرومان: الصين وأميركا وسباق الهيمنة على الذكاء الاصطناعي
  • دراسة: معظم الناس يواجهون صعوبة في التفريق بين الأصوات البشرية وتلك التي يولدها الذكاء الاصطناعي
  • ترامب: الولايات المتحدة تريد مساعدة الصين لا إيذاءها
  • كيف يمكن أن تتفوق الصين في سباق الذكاء الاصطناعي؟
  • تعاون بين «بريسايت» ومجلس الأمن السيبراني في مجال الذكاء الاصطناعي
  • د. هبة عيد تكتب: المزحة التي خرجت عن السيطرة.. عندما يتحول الذكاء الاصطناعي إلى فوضى رقمية
  • الصين تلاحق رقائق الذكاء الاصطناعي.. شرائح إنفيديا في مرمى القيود