شهدت مدينة نيويورك، مساء أمس الإثنين، احتجاجًا واسعًا أمام فندق ترامب الدولي بالقرب من "كولومبوس سيركل"، حيث تجمع مئات المتظاهرين الرافضين للحرب في قطاع غزة والمنددين بالتدهور الكارثي في الأوضاع الإنسانية هناك، مطالبين الإدارة الأمريكية بوقف دعمها غير المشروط لإسرائيل والضغط من أجل إدخال المزيد من المساعدات الإنسانية إلى القطاع المحاصر.

وجاءت المظاهرة بدعوة من منظمة "إف نوت ناو"، وهي حركة يهودية-أمريكية مناهضة للاحتلال الإسرائيلي، حيث رفع المشاركون لافتات كتب عليها:

"أوقفوا التطهير العرقي"،"لا للتجويع... لا باسمنا"،"كفى دعمًا للحرب"،و"لن يتكرر ذلك مجددًا".

وقالت مورياه كابلان، المديرة المؤقتة للحركة، في كلمتها أمام الحشد: "دعونا لا نلجأ للمراوغة: حصار الحكومة الإسرائيلية على غزة هو سياسة تطهير عرقي من خلال التجويع الجماعي القسري. إنه إهانة لا تحتمل لإنسانيتنا المشتركة".

وأضافت:"نحن هنا كيهود، لا لنرفض هذه الجرائم فحسب، بل لنؤكد أن معارضتنا لها تنبع من جوهر معتقداتنا اليهودية".

أصوات يهودية رسمية تنتقد إسرائيل

وشهدت المظاهرة مشاركة شخصيات يهودية بارزة، بينها الحاخامة جيل جاكوبس، والرئيسة السابقة لبلدية مانهاتن روث ميسينجر، بالإضافة إلى براد لاندر، المراقب المالي لمدينة نيويورك، الذي قال:

"ما يحدث في غزة هو دمار بيد الدولة الإسرائيلية... من غير المقبول أن نواصل دعم هذه الحرب بأسلحتنا وأموالنا وصمتنا".

وتزامنت المظاهرة مع مناسبة "تيشا بآف" في الديانة اليهودية، والتي يحيي فيها اليهود ذكرى تدمير هيكلهم التاريخي، ما أضفى طابعًا رمزيًا على التظاهرة، بحسب لاندر.

مسؤولة أمريكية سابقة: يجب أن نقول "كفى"

من بين المشاركين أيضًا، ليلي جرينبرج كول، المسؤولة السابقة في إدارة بايدن-هاريس، والتي كانت أول مسؤولة يهودية أمريكية تستقيل علنًا في مايو 2024 احتجاجًا على دعم واشنطن اللامشروط لإسرائيل خلال الحرب.

وقالت في تصريحات للصحافة: "نحن ممولون مباشِرون لهذه الحرب، عبر الضرائب الأميركية. وكمواطنين يهود أميركيين، تقع علينا مسؤولية أخلاقية للرفض والاحتجاج".

وأضافت: "ثمة تغير حقيقي في الوعي، وأرى وجوهًا جديدة بين المحتجين. الحضور وحده لا يكفي، لكنه البداية".

تصعيد في الموقف.. واعتقالات بالجملة

وانتهت المظاهرة بسلسلة من الاعتقالات طالت أكثر من 40 شخصًا، وفقًا للشرطة، دون تسجيل مواجهات عنيفة. وتعد هذه المظاهرة من أكبر التحركات اليهودية الرافضة للحرب على غزة في قلب نيويورك منذ بدء الحرب في أكتوبر 2023، وسط تصاعد الغضب الشعبي والانتقادات المتزايدة لإدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بسبب موقفها من النزاع.

طباعة شارك ترامب يهود حرب غزة الاحتلال إسرائيل

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: ترامب يهود حرب غزة الاحتلال إسرائيل

إقرأ أيضاً:

عقيدة ترامب للأمن القومي.. من أكثر المتضررين في العالم؟

في تحول جذري يعيد صياغة دور الولايات المتحدة في الساحة الدولية، كشفت إدارة الرئيس دونالد ترامب عن وثيقة إستراتيجية الأمن القومي الجديدة، المكونة من 37 صفحة، والتي تؤسس لمرحلة "الواقعية التجارية" وتنهي حقبة "تصدير الديمقراطية".

هذا التحول لم يبق حبرا على ورق، بل ترجم بشكل فوري لتحركات تشريعية في الكونغرس لإنهاء "قانون قيصر" ورفع العقوبات عن سوريا، في خطوة يصفها المراقبون بأنها "تاريخية".

وتأتي وثيقة إدارة ترامب للأمن القومي الجديدة بفكر مغاير عن نمط تعامل أسلافه من رؤساء أميركا، إذ يهدف ترامب بسياسته الجديدة إلى تجاهل مفهوم الديمقراطية، ويعمل على إعادة صياغة شكل علاقته مع الحلفاء والمنافسين.

وحسب تقرير عرضه برنامج "من واشنطن"، فإن الوثيقة تستند إلى 3 محاور رئيسية، وهي إعادة ترتيب الخصوم (الصين وروسيا)، والقوى المزعزعة للاستقرار (إيران)، والمسارح المتغيرة مثل (أميركا اللاتينية والبحر الأحمر وأفريقيا)، غير أن الجوهر يكمن في "تغيير الأدوات".

ومن ضمن المتغيرات التي شملتها إستراتيجية ترامب، هي تخليها عن حماية أمن الدول الغنية والمتقدمة، مطالبا تلك الدول بأن تتحمل المسؤولية الأولى عن أمن مناطقها.

وتتبنى الوثيقة لهجة مغايرة عن الإستراتيجيات الأميركية السابقة، إذ تتحدث بصراحة عما سمته "محو الطابع الأوروبي" في خطاب يقترب من سرديات اليمين المتطرف ويثير توترا عميقا داخل أوروبا نفسها.

ويتخلل الإستراتيجية عدة تساؤلات حول أبعادها على السياسة التجارية والدبلوماسية، وملامح العلاقات الدولية الأميركية في العالم إذ تقلص من سيطرة واشنطن على النظام الدولي.

الاقتصاد هو الأمن

ويرصد برنامج "من واشنطن" بتاريخ (2025/12/11) آراء مراقبين ودبلوماسيين سابقين حول أبعاد التغيرات الأساسية التي كشفتها إستراتيجية ترامب الجديدة للأمن القومي.

ويرى السفير الأميركي السابق روبرت فورد تحولا جذريا في وثيقة ترامب للأمن القومي، إذ تتعامل الإدارة مع الشرق الأوسط باعتباره منطقة "أكثر استقرارا" مما يظن البعض، وميدانا مفتوحا للشراكات التجارية بدلا من الحروب.

وأوضح فورد أن الإستراتيجية تهمش الشرق الأوسط كمنطقة تهديد أمني، معتبرة إياه منطقة "أكثر استقرارا" وجاهزة لاستحداث شراكات تجارية بدلا من التدخلات العسكرية، مضيفا أن هذا التحول يعني عمليا انسحابا عسكريا أميركيا متوقعا من سوريا والعراق، حيث تستعيض الإدارة عن الجنود بالشركات، والتدخلات العسكرية بصفقات الاستثمار.

واللافت -حسب فورد- هو الغياب التام لمصطلح "حقوق الإنسان" في الوثيقة، مقارنة بذكرها 8 مرات في إستراتيجية سلفه الرئيس جو بايدن، مما يؤكد أن المعيار الجديد للعلاقات هو "المصلحة"، لا "المبادئ".

كما أوضح الدبلوماسي السابق أن الإستراتيجية تصب تركيزها على النصف الغربي من الكرة الأرضية وهو الأمر الجديد فيها، كما تشدد على أهمية منطقة شرق آسيا، وهو ما يشبه توجهات أوباما وبايدن.

أبعاد الإستراتيجية على الحرب في غزة

وفي قراءة دقيقة لمستقبل الحرب في غزة ضمن هذه الإستراتيجية، يؤكد فورد بشكل قاطع أن إدارة ترامب لا تملك أي رغبة "ولو بنسبة ضئيلة" في استخدام القوات الأميركية في أي شكل من أشكال في العمليات داخل قطاع غزة، سواء كانت عمليات قتالية أو حتى لحفظ السلام.

وستتبع واشنطن سياسية "النفس القصير"، فترامب يرفض سيناريو "الأحذية على الأرض" أو دخول أي جندي أميركي داخل غزة، حسب السفير الأميركي السابق.

واستشهد فورد بما حدث في التوتر الأخير بين إسرائيل وإيران كـ"نموذج مصغر" لعقيدة ترامب العسكرية، إذ تنفذ أميركا هجوما عسكريا قويا ومكثفا (ضربات صاروخية)، لمدة زمنية قصيرة جدا (يومين فقط)، ثم انسحابا فوريا وإعلان العودة للتفاوض بمجرد انتهاء المهمة المحددة.

ويعد هذا النموذج -حسب فورد- هو ما سيطبق على غزة، فواشنطن لن ترسل جنودها، ولن تتورط في المستنقع الميداني.

ويرى فورد أن المعضلة الكبرى في غزة لن تكون عسكرية فحسب، بل دبلوماسية، إذ يتساءل: "هل ستحافظ إدارة ترامب على اهتمامها المستمر في غزة؟".

ففي عالم ترامب، الدبلوماسية تشبه الصفقات التجارية السريعة، بينما يتطلب حل نزاع غزة "اهتماما مستداما"، وهو الأمر "الذي يفتقده ترامب الذي يُعنى بملفات أخرى بمجرد انخفاض حدة الصور الإعلامية".

ويرى الدبلوماسي السابق نبيل خوري أن الخطيئة الكبرى في عقيدة ترامب تكمن في قراءتها المعكوسة للواقع، فبينما أجمعت الإدارات السابقة على مركزية القضية الفلسطينية، يتجاهل ترامب ذكر "فلسطين" إلا مرة واحدة، ومتجاهلا قضية "حل الدولتين".

ويركز ترامب بدلا من ذلك على "دمج إسرائيل" وتوسيع التطبيع كبديل عن الحلول السياسية الجذرية، بحسب خوري.

بين "النرجسية" والواقعية المفرطة

رغم احتفاء أنصار "الواقعية السياسية" بإستراتيجية ترامب الجديدة للأمن القومي، فإن هذا النهج يواجه انتقادات حادة، إذ يصف خوري الوثيقة بأنها "نرجسية وشخصية للغاية" وتتسم بتناقضات خطيرة، خاصة في افتراضها أن المنطقة مستقرة في وقت تشتعل فيه الجبهات من غزة إلى لبنان.

ويحذر خوري من هذا التناقض الجوهري في الوثيقة، إذ يرى ترامب أن إسرائيل تفوقت على أعدائها في غزة، وبالتالي لا داعي للوجود الأميركي، وهو الأمر غير الصحيح، يضيف خوري، "لأن خططه قد تتطلب انخراطا أكبر وليس أقل"، مرجعا تزايد التوتر في المنطقة إلى تجاهل ترامب للجذور السياسية الخاصة بالصراع في غزة والاعتماد على "ذكاء الرئيس الشخصي" بدلا من الخبراء.

من جانبه، يشير المحلل السياسي محمد المنشاوي إلى أن ترامب أعاد تعريف "الأمن القومي" ليشمل الأمن الاقتصادي والمجتمعي (مكافحة الهجرة والمخدرات)، موجها خطابه للداخل الأميركي بقدر ما هو للخارج، ومستبدلا المظلة العسكرية التقليدية بمفهوم "القبة الذهبية" الصاروخية وإحياء الترسانة النووية.

واتفق الخبراء على أن واشنطن في عهد ترامب تنظر إلى الشرق الأوسط بوصفه "سوقا تجاريا" وليس "مشروعا سياسيا"، موضحين أن غض النظر عن حقيقة الوضع هناك سيعمق الأزمات، بينما يرى المنشاوي أنها "الواقعية الفجة" التي يطلبها الشارع الأميركي.

Published On 12/12/202512/12/2025|آخر تحديث: 12:04 (توقيت مكة)آخر تحديث: 12:04 (توقيت مكة)انقر هنا للمشاركة على وسائل التواصل الاجتماعيshare2

شارِكْ

facebooktwitterwhatsappcopylink

حفظ

مقالات مشابهة

  • بيتر روف: التطورات العسكرية المتسارعة في أوكرانيا تجعل الأوضاع أكثر تعقيدا
  • تأخر الإجلاء الطبي يودي بحياة أكثر من 1000 مريض في غزة
  • الأوروبيون يطالبون بضمانات أمنية أمريكية قبل تقديم أوكرانيا تنازلات إقليمية
  • عقيدة ترامب للأمن القومي.. من أكثر المتضررين في العالم؟
  • قاذفة أمريكية تُحلق قرب فنزويلا
  • اتهام بالخيانة وتحذير من «جحيم شيوعي».. إيلون ماسك يشن هجومًا على إلهان عمر وعمدة نيويورك
  • ترامب يدفع لنفط أرخص: ضغوط أمريكية تهدد الخليج وتغرق العراق في أزمة مالية
  • مباحثات أمريكية متقدمة لفرض عقوبات على الأونروا بزعم "صلة بالإرهاب"
  • ترامب يتهم “نيويورك تايمز” بالخيانة.. والصحيفة ترد: الشعب يستحق الاطلاع على صحة القائد الذي انتخبه
  • عبد العاطي يبحث التعاون مع مسؤول اللجنة اليهودية الأميركية