منظمة حقوقية تحذّر: إبادة جماعية مرتقبة في غزة وسط صمت دولي
تاريخ النشر: 5th, August 2025 GMT
حذّر المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان من أنّ أي تصعيد جديد في الهجمات العسكرية الإسرائيلية، لا سيما البرية، على قطاع غزة سيؤدي إلى مذابح جماعية غير مسبوقة بحق المدنيين، ويقضي نهائيًا على ما تبقى من جهود الاستجابة الإنسانية المتهالكة أصلًا، مؤكدًا أن هذا التصعيد، في حال تنفيذه، سيكرّس فصلًا غير مسبوق من الإبادة الجماعية الإسرائيلية، تُرتكب على مرأى من المجتمع الدولي الذي يواصل توفير الغطاء السياسي والمالي والعسكري لمرتكبيها، ما يجعل المجازر القادمة أفعالًا معلنة سلفًا، لا تطورات ميدانية مفاجئة، بل نتيجة محسوبة لسياسة رسمية وعلنية يتحمّل المجتمع الدولي مسؤوليتها الكاملة بصمته وتخاذله، وتواطؤ العديد من الدول بشكل مباشر.
وقال المرصد في بيان صحافي اليوم الثلاثاء، تلقت "عربي21" نسخة منه: إن هناك مؤشرات قوية على نية الحكومة الإسرائيلية تصعيد جريمة الإبادة الجماعية وصولًا إلى احتلال عسكري كامل للقطاع، إذ تصاعدت خلال الأسبوع الأخير تحركات سياسية وعسكرية يقودها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، شملت الطرح الصريح لخيار الاجتياح الشامل والاحتلال الكامل للقطاع خلال اجتماعات مغلقة، ومناقشة "الكابينت" الأمني لخطوات تنفيذية تمهّد للعملية. وتشير المعطيات إلى أن نتنياهو صدّق على الإطار العام للخطة، التي تهدف إلى السيطرة بالقوة على جميع مناطق القطاع.
تجسد الخطة الإسرائيلية لتصعيد العمليات العسكرية مستوى خطيرًا من الوحشية، وتمثل امتدادًا لحالة الإفلات من العقاب والحصانة التي تتمتع بها إسرائيل، بعد ارتكابها، خلال الأشهر الـ22 الماضية، أخطر الجرائم ضد المدنيين الفلسطينيين، ونزع إنسانيتهم بشكل منهجي، فيما بلغ قطاع غزة مرحلة غير مسبوقة من الدمار الشامل، مدعومًا سياسيًا وعسكريًا من الولايات المتحدة، وبغطاء دولي مستمر أتاح استمرار هذه الجرائم دون مساءلة.
وتأتي هذه التصرفات في ظل تكديس أكثر من مليوني فلسطيني قسرًا في أقل من 15% من مساحة القطاع، وتدمير منهجي طال معظم المساكن والمنشآت الصحية، مع انهيار أنظمة المياه والصرف الصحي بنسبة تجاوزت 95%، وتوقف جميع المدارس، في تجسيد لاستراتيجية متعمدة تهدف إلى التدمير الجماعي للسكان الفلسطينيين، معتبرة إياهم مجموعة قومية محمية ضمن نمط من الأفعال تشكل جريمة إبادة جماعية.
ويعاني القطاع اليوم أسوأ مراحل الانهيار الإنساني منذ بدء جريمة الإبادة الجماعية في أكتوبر 2023، حيث أُجبر أكثر من 90% من السكان على النزوح قسرًا بين مناطق مدمّرة في موجات تهجير متكررة بفعل القصف والدمار، وتفاقمت المجاعة إلى حد بدأت تحصد مئات الأرواح، في ظل انعدام الأمن الغذائي وانهيار شبه كامل للنظام الصحي بسبب نفاد الأدوية والمستلزمات الطبية الأساسية.
ويرى المرصد أن أي هجوم بري جديد في هذه الظروف، مع وجود أكثر من 2.3 مليون شخص محاصرين في مساحة لا تتجاوز 55 كم²، سيؤدي حتمًا إلى مجازر جماعية ضخمة، خصوصًا بين النساء والأطفال الذين يشكلون غالبية الضحايا، مما يعني تنفيذ عملية قتل جماعي في مساحة مغلقة لا يملك المدنيون وسيلة للفرار منها.
ورصد المرصد أيضًا قيام إسرائيل منذ 26 يوليو/تموز الماضي، بمناورة تضليلية من خلال الترويج الزائف لتحسين الوضع الإنساني في غزة، مع استمرار الحصار وتجويع السكان، حيث لم تتجاوز المساعدات الواردة 15% من الاحتياجات الأساسية، وتُستخدم هذه الزيادة الشكلية لتسكين الرأي العام العالمي، بينما تستغلها إسرائيل كغطاء لتصعيد جريمة الإبادة واستكمال السيطرة العسكرية على القطاع، عبر تكديس السكان في معسكرات احتجاز وترحيل جماعية تمهيدًا لتهجيرهم قسرًا وإعادة تشكيل غزة بما يخدم المشروع الاستعماري الاستيطاني الإسرائيلي.
وحذر المرصد من أن مشاركة بعض الدول في إجراءات رمزية، مثل عمليات إسقاط المساعدات جوًا، من دون معالجة أسباب التجويع والحصار، قد تساهم فعليًا في إضفاء غطاء سياسي وإنساني زائف على سياسات تهدف إلى استكمال تدمير القطاع وسكانه، مطالبًا هذه الدول بمراجعة مسؤولياتها واتخاذ ما يلزم لضمان عدم استخدام مساهماتها كأداة لشرعنة أو تغطية على سياسات الإبادة، والعمل على وقف الجرائم الجارية وإنفاذ التزاماتها بموجب القانون الدولي.
وفي ختام بيانه، حثّ المرصد الدول والكيانات الدولية على ممارسة جميع الضغوط الممكنة على إسرائيل لإجبارها على التوقف عن تنفيذ جريمة التجويع، والدفع فورًا لاستعادة الوصول الإنساني ورفع الحصار الإسرائيلي غير القانوني عن القطاع، كوسيلة وحيدة لوقف التدهور الإنساني وضمان وصول المساعدات، مع إنشاء ممرات إنسانية آمنة بإشراف الأمم المتحدة، ونشر مراقبين دوليين مستقلين للتحقق من الامتثال، وضمان إعادة تأهيل القطاع الزراعي والحيواني كجزء من جهود الإغاثة الطارئة والتعافي.
ودعا المرصد جميع الدول إلى تحمّل مسؤولياتها القانونية، والتحرك العاجل لوقف جريمة الإبادة الجماعية، واتخاذ كافة التدابير لحماية المدنيين الفلسطينيين، وضمان مساءلة إسرائيل عن جرائمها، بما في ذلك تنفيذ مذكرات القبض الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية بحق كبار المسؤولين الإسرائيليين، دون حصانة، وفرض عقوبات اقتصادية ودبلوماسية وعسكرية فورية على إسرائيل.
وطالب المرصد المحكمة الجنائية الدولية بتسريع إجراءاتها للتحقيق في الجرائم المرتكبة في غزة، وتوسيع نطاق التحقيق ليشمل بوضوح جرائم الإبادة والتهجير القسري، وإصدار مزيد من مذكرات التوقيف بحق المسؤولين الإسرائيليين، كما حثّ الدول الأعضاء على تنفيذ هذه المذكرات دون تأخير دعمًا للعدالة الدولية وإنصافًا لضحايا الجرائم.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية غزة احتلال الخطة الفلسطينيين احتلال فلسطين غزة تحذير خطة المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الإبادة الجماعیة جریمة الإبادة
إقرأ أيضاً:
تقرير دولي: ليبيا بين أكثر الدول الإفريقية تطوراً في 2025
سجلت ليبيا حضورًا متقدمًا ضمن قائمة أكثر الدول الأفريقية تطورًا خلال عام 2025، بعدما حلّت في المرتبة التاسعة أفريقيًا وفق مؤشر التنمية البشرية HDI الصادر عن World Population Review، بمعدل بلغ 0.721، في مؤشر يعكس تحسنًا تدريجيًا في مسار التنمية البشرية بعد سنوات من النزاع وعدم الاستقرار.
وأظهر التقرير أن هذا التقدم الليبي ارتبط بإعادة هيكلة قطاع التعليم، والتوسع في التعليم المهني والتقني، وربطه بمتطلبات إعادة الإعمار وسوق العمل، إلى جانب تحسن نسبي في مؤشرات الصحة ومستوى الدخل الفردي، ما ساهم في تعزيز جودة الحياة مقارنة بالسنوات السابقة.
وأوضح التقرير، الذي أعدّته الباحثة فاثيا أولاسوبو، أن التصنيف اعتمد على مؤشر التنمية البشرية الذي يقيس التقدم عبر ثلاثة محاور رئيسية تشمل متوسط العمر المتوقع، ومستوى التعليم، والدخل الفردي، بدلًا من الاعتماد على الناتج المحلي الإجمالي فقط، معتبرًا أن التنمية الحقيقية تُقاس بمدى انعكاس السياسات العامة على حياة المواطنين.
وبحسب التصنيف، تصدرت سيشل قائمة الدول الأفريقية الأكثر تطورًا في 2025 بمؤشر بلغ 0.848، نتيجة التزام طويل الأمد بتنمية الإنسان، وتحقيق معدلات شبه كاملة في التعليم ومحو الأمية، مع تركيز متزايد على العلوم والتكنولوجيا والمهارات الرقمية ضمن خطة تطوير التعليم والمهارات للفترة 2023–2027.
وجاءت موريشيوس في المرتبة الثانية بمؤشر 0.806، محافظة على موقعها المتقدم بفضل استثمارات قوية في التعليم والصحة والمؤسسات المستقرة، مع إصلاحات ركزت على مجالات STEM، والتعلم مدى الحياة، والمهارات المرتبطة بالاقتصاد الرقمي.
وحلت الجزائر في مرتبة متقدمة بمؤشر 0.763، مدفوعة باستثمارات متواصلة في التعليم والصحة وتنويع الاقتصاد، إلى جانب تحديث واسع للمناهج التعليمية، مع تركيز على التعليم التقني والمهني والمهارات الرقمية.
وسجلت مصر مؤشر 0.754، مستفيدة من الجمع بين الإصلاحات الاقتصادية والاستثمار في رأس المال البشري، مع تحديث المناهج، والتوسع في التعليم الفني والرقمي، وبرامج دعم الفئات المهمشة.
أما تونس، فحققت مؤشر 0.746، نتيجة سياسات اجتماعية شاملة ركزت على تقليل التسرب المدرسي، ومواءمة التعليم مع سوق العمل، وتعزيز التعليم الرقمي والتقني.
وحافظت جنوب أفريقيا على موقعها المتقدم بمؤشر 0.741، مستندة إلى اقتصاد متنوع وبنية تحتية متطورة، مع سياسات تعليمية ركزت على المهارات الرقمية والتعليم المهني وبرامج الإنصاف الاجتماعي.
وسجلت الغابون مؤشر 0.733، معتمدة على توظيف عائدات النفط في تطوير التعليم والصحة، وتحديث المناهج، والتوسع في التعليم المهني وعلوم STEM.
وجاءت بوتسوانا بمؤشر 0.731، مستفيدة من الاستقرار السياسي والإدارة الرشيدة لثروات الألماس، واستثمارات مستمرة في التعليم الأساسي والعالي، وبرامج تأهيل الشباب لسوق العمل الحديث.
ودخل المغرب قائمة العشر الأوائل بمؤشر 0.710، مدعومًا بإصلاحات طويلة الأمد في التعليم والصحة، ركزت على تحديث المناهج، وتقليص الفجوة بين الجنسين، وتوسيع التعليم الرقمي.
وأكد التقرير أن الدول المتقدمة في تصنيف 2025 نجحت في تحويل النمو الاقتصادي والسياسات العامة إلى تحسن ملموس في جودة حياة المواطنين، عبر استثمارات طويلة الأمد في الصحة والتعليم وتعزيز الحكم الرشيد.
وخلص التقرير إلى أن التجارب الأفريقية الناجحة تظهر أن التنمية الحقيقية لا تُقاس بالنمو الاقتصادي وحده، بل بمدى انعكاس السياسات العامة على صحة الإنسان، وتعليمه، وفرصه المعيشية، مع الإشارة إلى أن تحسن ترتيب ليبيا يمثل فرصة مهمة لتعزيز الاستقرار وربط التنمية بالتعافي الاقتصادي وإعادة الإعمار.
ويُعد مؤشر التنمية البشرية أحد أهم أدوات قياس جودة الحياة عالميًا، ويعتمد على متوسط العمر المتوقع عند الولادة، ومستوى التعليم، والدخل الفردي، ويُستخدم لتقديم صورة أشمل عن واقع التنمية، خصوصًا في الدول الخارجة من النزاعات مثل ليبيا، حيث يشكل تحسن هذا المؤشر عنصرًا محوريًا في دعم الاستقرار وإعادة بناء الدولة.