المنطقة الجنوبية 2025-08-09nedalسابق مدير وحدة الإعلام والتواصل في منظمة الهلال الأحمر العربي السوري عمر المالكي لـ سانا: تعرضت قافلة للمنظمة تعمل ضمن استجابتها الإنسانية في المنطقة الجنوبية يوم أمس لإطلاق نار مباشر دون وقوع إصابات. انظر ايضاً معرض للمشاريع الصغيرة للتدريب المهني في درعا

درعا-سانا أقام مجلس كنائس الشرق الأوسط معرضاً للمشاريع الصغيرة لمنتجات التدريب المهني في مدينة طفس

آخر الأخبار 2025-08-09المالكي لـ سانا: المنظمة مستمرة في عملياتها الإنسانية في المنطقة الجنوبية رغم الاستهداف، لكنها ستقوم بمراجعة وتعديل إجراءات الأمان لضمان وصول الفرق إلى المواقع المستهدفة بشكل آمن.

2025-08-09مدير وحدة الإعلام والتواصل في منظمة الهلال الأحمر العربي السوري عمر المالكي لـ سانا: تعرضت قافلة للمنظمة تعمل ضمن استجابتها الإنسانية في المنطقة الجنوبية يوم أمس لإطلاق نار مباشر دون وقوع إصابات. 2025-08-09قبة حرارية تحاصر الشرق الأوسط وتهدد سكانه 2025-08-09مصر وتركيا تؤكدان أهمية الحفاظ على وحدة سوريا وسلامتها    2025-08-09تحت شعار “وتبقى العربية”.. انطلاق فعاليات معرض إسطنبول الدولي العاشر للكتاب العربي 2025-08-09قوات الاحتلال الإسرائيلي تتوغل في عدد من قرى ريف القنيطرة 2025-08-09اللجنة الوزارية العربية الإسلامية تدين إعلان إسرائيل نيتها السيطرة على غزة 2025-08-09ضربة الشمس… أعراضها وطرق تجنب حدوثها 2025-08-09الأرصاد الجوية: موجة الحر الحالية في سوريا طبيعية وذروتها اليوم وغداً وبعد غد 2025-08-09ألمانيا تجدد التزامها بوحدة الأراضي السورية وسيادتها الكاملة

صور من سورية منوعاتقبة حرارية تحاصر الشرق الأوسط وتهدد سكانه 2025-08-09 الصين تنجح باختبار هبوط وإقلاع مركبة فضائية مأهولة على سطح القمر 2025-08-08
مواقع صديقة أسعار العملات رسائل سانا هيئة التحرير اتصل بنا للإعلان على موقعنا
Powered by sana | Designed by team to develop the softwarethemetf © Copyright 2025, All Rights Reserved

المصدر: الوكالة العربية السورية للأنباء

كلمات دلالية: لـ سانا

إقرأ أيضاً:

مستقبل العلاقات التركية الإسرائيلية في الشرق الأوسط الجديد.. الأبعاد والآفاق

د. منى سليمان
باحث أول ومحاضر فى العلوم السياسية

القاهرة (زمان التركية)ــ كشفت وسائل الإعلام التركية في 5 أغسطس 2025 عن مضمون تقرير أصدرته “الأكاديمية الوطنية للاستخبارات التركية” لتقييم حرب الـ(12) يوم بين إسرائيل وإيران التي جرت منتصف العام، وأوصى التقرير بإتخاذ إجراءات أمنية قصوى منها بناء ملاجئ تحت الأرض بالمدن الكبرى، وذلك تحسبا لإندلاع حرب جديدة بين إيران وإسرائيل أو بين الأخيرة وتركيا، وحث التقرير أنقرة على إجراءات استباقية في مجال الدفاع والأمن الداخلي، مثل (تطوير قدرات الدفاع الجوي التركي وتحديث أنظمة الدفاع الجوي لمواجهة الصواريخ الفرط صوتية، وبناء قدرات سيبرانية دفاعية وهجومية، بناء شبكات استخباراتية نشطة)، ويشير التقرير لإستمرار حالة الإستهداف بين والتوتر في العلاقات بين أنقرة وتل أبيب، والتي بدأت مع العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة بأكتوبر 2023، وتفاقم بعد سقوط نظام “بشار الأسد” بسوريا وتمدد النفوذ التركي ورفض التواجد العسكري الإسرائيلي بالجنوب السوري، ثم الموقف التركي الرافض للاعتداء الإسرائيلي على إيران والذي بلغ حد تحذير قيادات سياسية تركية ووسائل الاعلام الرسمية من استهداف إسرائيلي لأنقرة بعد طهران، وهذه التطورات تكشف عن ملامح الشرق الأوسط الجديد التي تود إسرائيل تشكيله بما يحقق مصالحها الحالية ورؤيتها المستقبلية، وهو ما تمثل تهديد للقوى الإقليمية الهامة كتركيا، الأمر الذي سيؤثر على مستقبل العلاقات بين الدولتين.

أولا: الموقف التركي من التدخل الإسرائيلي بسوريا:

تباينت مواقف تركيا وإسرائيل من الإدارة السورية الجديدة بعد سقوط النظام السوري السابق في 8 ديسمبر 2024، حيث رحبت أنقرة بذلك نظرا لدعمها السياسي والعسكري “لهيئة تحرير الشام” التي سيطرت على دمشق والمعارضة السورية منذ عام 2011، ووعد الرئيس التركي “رجب طيب أردوغان” بتقديم كل أشكال الدعم السياسي والاقتصادي والعسكري لبناء الدولة السورية الجديدة مما أدى لتوسيع النفوذ التركي والتواجد العسكري التركي بسوريا، في المقابل أبدت إسرائيل قلقها من سيطرة نظام سياسي إسلامي على سوريا، وقامت بتكثيف قصفها العسكري لكافة المواقع العسكرية السورية ودمرت 80% من ترسانتها البحرية والعسكرية وتوسعت جنوبا وسيطرت على بلدة “جبل الشيخ” بهضبة الجولان ونفذت علمية برية في مدينة “درعا” جنوب سوريا وأكدت بقائها بتلك المنطقة لفترة طويلة للحفاظ على أمنها القومي، وهو ما انتقدته أنقرة، ثم أعلن في إبريل 2025 عن عقد مفاوضات بين أنقرة وتل أبيب بعاصمة أذربيجان باكو لبحث الترتيبات الثنائية بينهم لتقاسم النفوذ بسوريا وتجنب أي مواجهة سياسية أو عسكرية بينهم، بيد أن ذلك التوافق لم يستمر طويلا حيث تفاقم الخلاف بينهم على خلفية التطورات السورية الأخيرة، كما يلي:

– رفض إسرائيل التواجد العسكري التركي بسوريا: في مطلع إبريل 2025 قام وفد عسكري تركي بزيارة سوريا وأكدت مصادر استخباراتية غربية أنه بحث إنشاء قواعد عسكرية برية وجوية تركية بوسط سوريا ستكون الأكبر في الشرق الأوسط في (حمص، حماة) مما آثار قلق إسرائيل التي سارعت في 2 إبريل 2025، بشن غارات جوية على خمس مناطق مختلفة وسط سوريا ما أسفر عن تدمير مطارات عسكرية هي (حماة، تدمر، التياس) ويضم الأخير قاعدة (تي 4) الجوية التي تردد أن تركيا تعتزم استغلالها وإعادة بنائها وإقامة قاعدة جوية كبيرة بها، ثم حذر وزير الخارجية التركي “هاكان فيدان” من أن “الضربات الإسرائيلية المتكررة على المنشآت العسكرية تضعف قدرة الحكومة السورية الجديدة على ردع التهديدات الإرهابية لداعش”.

– ترحيب تركي بالتطبيع السوري الإسرائيلي: أكد “إردوغان” في 6 يوليو 2025 دعمه لكل ما من شأنه تأمين مستقبل مزدهر لسوريا، بما في ذلك طلب الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب”، إنضمامها إلى “الإتفاقيات الإبراهيمية” مع إسرائيل، وأشاد بقرار ترامب رفع العقوبات عن سوريا وأكد أن أنقرة لا تمانع من انضمام سوريا إلى “الاتفاقيات الإبراهيمية” للسلام، وتركيا تدعم جميع التطورات التي تدعم مستقبل سوريا المزدهر وتعزز السلام والهدوء، وأوضح أن أنقرة حددت “خطوطها الحمراء في سوريا”، وهي رفض تواجد أي تنظيمات إرهابية أو منح كيانات مرتبطة بها أي شرعية بالدولة السورية الجديدة، وأن أنقرة ستدعم كل ما من شأنه تأمين مستقبل مزدهر لسوريا، والتأكيد على وحدة الأراضي السورية ورفض أي مخدد لتقسيمها، ودافع عن التدخلات العسكرية التركية في شمال سوريا وهي (درع الفرات، غصن الزيتون، نبع السلام، درع الربيع)، لأنها كانت لضمان أمن الحدود التركية السورية.

– أنقرة تتهم إسرائيل بتحريض دروز سوريا: شهدت مدينة السويداء في 13 يوليو 2025 اشتباكات مسلحة بين عشائر البدو السنية وبين العشائر الدرزية (بقيادة شيخ عقل الدروز “حكمت الهجري” المقرب من إسرائيل) أسفرت عن مقتل 800 شخص، مما دفع إسرائيل لشن غارات جوية على جنوب سوريا ومقر رئاسة الأركان بدمشق دفاعا عن الدروز وحقوقهم، كما أكدت إسرائيل أنها لن تسمح بأي وجود عسكري سوري بالمنطقة الممتدة من دمشق للسويداء وجنوب سوريا، وتم وقف الغارات الإسرائيلية على سوريا ووقف الاشتباكات داخل مدينة السويداء في 18 يوليو 2025 بوساطة أمريكية، وتتمتع المدينة بأهمية استراتيجية خاصة لدى إسرائيل كمحور في سيطرتها على جنوب سوريا ثم إنشاء (ممر داوود) للربط بينها ويبن سوريا والعراق ولبنان فضلا عن أهميتها لحماية أقلية “الدروز” حلفاء إسرائيل والتي تعهدت بحمايتهم في المنطقة ككل، ولذا تعمل تل أبيب على إخلاء المنطقة المحاذية للسويداء من العشائر العربيّة لتعزيز سيطرة “الدروز” عليها، ونزع السلاح من جنوب دمشق حتى السويداء.

– إتهام تركي لإسرائيل بعرقلة استقرار سوريا: في 21 يوليو 2025 اتهم الرئيس التركي “رجب طيب إردوغان” دول أخرى بالعمل على عرقلة مشروع الاستقرار في سوريا، وأكد أن “إسرائيل تواصل استفزازاتها ولا تريد الاستقرار في المنطقة، وتعتقد أنه ليس من مصلحتها أن تكون سوريا موحدة”، ودعا لضرورة العمل على إيضاح ذلك للعالم أجمع، وأكد “إردوغان” “أن الحكومة السورية بسطت سيطرتها على السويداء وجنوب البلاد بنحو 2500 جندي”، عقب ذلك جددت أنقرة تأكيدها على “ضرورة حماية وحدة الأراضي السورية، وضمان الاستقرار ومكافحة التنظيمات الإرهابية”، وأوضحت وزارة الدفاع الأمريكية أن تركيا تواصل في هذا الإطار جهودها لتقديم الدعم الفني والتدريب والتشاور بهدف تعزيز القدرة الدفاعية لسوريا، مشيرا إلى أن هدف تركيا الأولي هو ريادة الجهود الرامية لضمان السلام الدائم في المنطقة ودعم الوحدة السياسية ووحدة الأراضي في سوريا.

– تحذير تركيا من تقسيم سوريا: حذر وزير الخارجية التركي “هاكان فيدان” في 22 يوليو 2025 من “أن أي محاولة إسرائيلية لتقسيم سوريا ستقابل بتدخل تركي”، وأعلنت تركيا في 26 يوليو 2025 عن أنها رصدت تحركات لتقسيم سوريا بعد اشتباكات السويداء، وحذرت من يدعو للانقسام في سوريا لانها ستحبط ذلك في إشارة للدروز والاكراد، كما طالبت أنقرة “قسد” بتنفيذ اتفاقية 9 مارس مع دمشق التي تنص على دمج الأكراد سياسيا وعسكريا مع مؤسسات الدولة السورية، ودعا “فيدان” “لضرورة احترام حكومة دمشق وهوية جميع أطياف الشعب ومراعاة حقوقهم، وأنه يجب ألا تحمل أي جهة السلاح خارج سلطة الدولة”، واتهم “فيدان” إسرائيل بأنها “تعرقل جهود الحكومة السورية للتدخل بشكل محايد في الصراع بين البدو والدروز”، وأكد أن دمشق طبقت “سياسة شاملة” في التعامل مع الأقليات، وأكد “فيدان” أهمية سوريا بالنسبة للأمن القومي التركي، وأن هدف تركيا الأساسي هو ضمان السلام والاستقرار والأمن في المنطقة.

– تحذير إسرائيلي من تمدد النفوذ التركي بسوريا: زعم وسائل الإعلام الإسرائيلية وأبرزها “يديعوت أحرونوت” التي نشرت تقرير يؤكد مساع تركيا لملئ الفراغ الحالي في سوريا بعد تقلص التأثير الإيراني، وزعمت الصحيفة “أن أكبر تهديد لإسرائيل في المنطقة لم يعد إيران بل تمدد النفوذ السياسي والتواجد العسكري التركي، وحذرت من الاصطهاد التركي ضد الأقليات (الكردية والعلوية والدرزية) في سوريا الذي قد يهدد السلام الإقليمي، جدير بالذكر أن تل أبيب قد أبدت انزعاجها من تمدد النفوذ التركي في سوريا بعد سقوط النظام السابق منذ 8 ديسمبر 2024، حيث ابرمت تركيا عددمن الاتفاقيات الهامة لاعادة بناء البنية التحتية بسوريا وإدارة المطارات ومد دمشق بمصادر الطاقة، كما تعتزم أنقرة ابرام اتفاق للتعاون الدفاعي مع دمشق لتدريب الجيش السوري ودعمه بالسلاح والجنود وتعزيز قدراته القتالية، فضلا عن تواجد عدد من القواعد العسكرية التركية بشمال سوريا وعزم انقرة بناء قاعدة أخرى هامة في وسط البلاد.

جدير بالذكر أن تركيا تقود صيغة تعاون إقليمي رباعي يضم بجانبها (العراق، الأردن، لبنان، سوريا) لمكافحة التنظيمات الإرهابية في تلك الدول وهي (داعش ، حزب العمال الكردستاني، خلايا القاعدة المتبقية)، وفي مارس 2025 تم عقد اجتماع وزراء خارجية ودفاع ورؤساء مخابرات الدول الخمس في عمان في 9 مارس الماضي، وفي مايو الماضي تم تأسيس مركز تنسيق ثلاثي بين تركيا والأردن وسوريا لمتابعة تنفيذ ما يتم التوصل اليه من اتفاقيات لمكافحة الإرهاب.

وهذه المواجهة التركية الإسرائيلية حول بسط النفوذ السياسي والتواجد العسكري في سوريا ستستمر بطرق عدة منها الدبلوماسية، ففي نهاية يوليو 2025 بدأ التفاوض التركي الإسرائيلي والسوري الإسرائيلي لتقاسم النفوذ في سوريا لتحافظ كل دولة على مصالحها في سوريا، وتحافظ الإدارة الجديدة على الاعتراف الدولي بها ورفع العقوبات عنها، فقد عقدت في باريس يوم 24 يوليو 2025 مفاوضات مباشرة بين وزير الخارجية السوري “أسعد الشيباني” ووزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي “رون ديرمر” لأول مرة برعاية أمريكية ومباركة تركية لأنها لم تعترض على التطبيع السوري الإسرائيلي وهذا إرضاء للأخيرة وللحفاظ على مصالحها بسوريا، كما تم عقد ثاني اجتماع بين وفدين سوري واسرائيلي يوم 31 يوليو 2025 في العاصمة الأذربيجانية باكو برعاية أمريكية تركية، وذلك لتحديد مناطق النفوذ الإسرائيلي بسوريا في ظل الإدارة الجديدة، حيث تطالب إسرائيل بوجود دائم في الجنوب السوري ونزع السلاح منه ومنح الأقلية الدرزية بالسويداء ما يشبه الحكم الذاتي ولم تتعهد تل ابيب بوقف هجماتها على سوريا وطالبت بمنطقة خالية من الجنود، وتمركز دائم لها في المنطقة المنزوعة السلاح على خط 1974، وتمتد المنطقة المنزوعة السلاح لنحو 80 كيلومتر وتتراوح مساحتها بين 500 متر و10 كيلومترات وتقع على مساحة 235 كيلومتر، وتمتد على طول خط وقف إطلاق النار الذي يفصل مرتفعات الجولان المحتلة عن بقية سوريا، ولذا من الواضح أن التفاهمات التركية الإسرائيلية حول تقاسم النفوذ في سوريا سيستمر وربما تشهد خلافات بينهم حال إثارة تل أبيب النزعات الطائفية والعرقية في سوريا وحرضت الأكراد والدروز على مواجهة حكومة دمشق مما سيدفع أنقرة للدفاع عن الأخيرة للحفاظ على أمنها واستقرارها وخشية من تأثير الأمن القومي التركي بتدهور الوضع السياسي والأمني في سوريا، أو انتقال النزاعات العرقية إليها نظرا لوجود أقليات متعددة في تركيا من (العلويين، الدورز، الأكراد).

ثانيا: الموقف التركي من الحرب الإسرائيلية على إيران:

بدأت إسرائيل في 13 يونيو 2025 شن هجمات جوية على إيران استهدفت مقرات البرنامج النووي الإيراني وأهداف استراتيجية عسكرية بطهران كما أغتالت عشرات العلماء النووين والقيادات العسكرية بإيران، بالتزامن مع ذلك أعلنت واشنطن في 22 يونيو 2025 بقصفها منشآت نووية بإيران في (فوردو، نطنز، أصفهان)، وتم قصفها “بقنابل خارقة للتحصينات”، ثم قامت إيران باستهدافها محيط قاعدة “العديد” الأمريكية في قطر دون أي خسائر بشرية، وقد حذرت وزارة الخارجية التركية من أن الهجمات تهدد بمزيد من زعزعة الاستقرار في البيئة الأمنية في المنطقة، وأكدت أن تركيا قلقة للغاية بشأن العواقب المحتملة للهجوم الأمريكي على طهران، حيث تتخوف أنقرة من عدة مخاطر تشمل التهديدات المباشرة للأمن الإقليمي لتركيا وأمن الطاقة والأهداف الاقتصادية والاستقرار الديمغرافي، ثم أعلنت واشنطن أن الصراع الذي استمر 12 يوما بين إيران وإسرائيل سيتوقف على الفور، وقد أعلنت الحكومية الإيرانية نقلا عن وزارة الصحة الإيرانية أن ما لا يقل عن 430 شخص قتلوا وأصيب حوالي 3500 آخرين في الهجمات الإسرائيلية، وقد تصاعد الخطاب السياسي التركي الناقد لتل أبيب، واتخذ الموقف التركي من الأزمة عدة صور كما يلي:

– إدانة الإعتداء الإسرائيلي على إيران: غداة بدء الهجوم الاسرائيلي على إيران وصفه “أردوغان” بأن له أهداف “خبيثة وشاملة للغاية”، وهذا سيهدد “وجود إسرائيل شيئا فشيئا ومستقبلها بالمنطقة”، وتبنى البرلمان التركي قراراً ندّد فيه بشدة بالإبادة الجماعية التي ارتكبتها إسرائيل ضد شعب غزة وهجماتها على إيران، وعقد “إردوغان” اجتماع أمني بأنقرة بمشاركة (وزيرا الخارجية والدفاع “هاكان فيدان” و”يشار غولر”، ورئيس المخابرات “إبراهيم كالين”، ونائب رئيس حزب “العدالة والتنمية” الحاكم “عمر تشيليك”)، لبحث تداعيات التصعيد بين إسرائيل وإيران على الأمن الإقليمي والعالمي، واستعدادات تركيا للتطورات المحتملة.

وفي 15 يونيو 2025 ندد الرئيس التركي “رجب طيب إردوغان”، خلال اتصال هاتفي مع نظيره الإيراني “مسعود بزشكيان” بالهجوم الإسرائيلي على إيران وأكد دعمه لطهران بشتى الطرق، بدوره أكد وزير الخارجية التركي “هاكان فيدان” في نهاية يونيو 2025، “إن إسرائيل دفعت إيران إلى الرد في إطار الدفاع المشروع، وتل أبيب ليست قادرة فعليًا على تدمير البرنامج النووي الإيراني، وتم الاتفاق على تدمير بعض المنشآت النووية”، وأكد أن “مؤسسات الدولة التركية تعمل بكل طاقتها لحماية البلاد، وليست هناك قوة يمكن أن تُرهب تركيا”، والأهم “هو القدرة على قراءة التهديدات بوضوح، وإقامة حوار عقلاني مع الأطراف المختلفة، مع الاستعداد الكامل لأسوأ السيناريوهات”، وكرر طرح أنقرة كوسيط بين إيران وإسرائيل، لحل التوترات بينهم.

– تكثيف الجهود الدبلوماسية لحل الأزمة: خلال حرب الـ12 يوم بين إسرائيل وإيران كثفت تركيا جهوده الدبلوماسية وطرحت الوساطة لمعالجة الأزمة، حيث أجرى “أردوغان” اتصالات مع رؤساء الولايات المتحدة الامريكية “دونالد ترامب”، وإيران “مسعود بزشكيان”، وروسيا “فلاديمير بوتين”، ومصر “عبد الفتاح السيسي”، وملك الأردني “عبد الله الثاني”، وولي العهد السعودي “محمد بن سلمان”، ورئيس وزراء باكستان “شهباز شريف”، وسلطان عمان “هيثم بن آل سعيد”.

وقد عقد في 22 يونيو 2025 اجتماع لوزراء خارجية دول منظمة التعاون الإسلامي بإسطنبول برئاسة وزير الخارجية التركي “هاكان فيدان” لدعم جهود تخفيف التوترات، ووقف العدوان على إيران، والتوصل إلى حل سلمي، وأدان الاجتماع سياسات إسرائيل وزعزعتها الاستقرار في المنطقة، وعدّوا الاستهداف الأمريكي لمنشآت إيران النووية “تصعيداً خطيراً”، واستنكر الوزراء اعتداءات إسرائيل الأخيرة على إيران وسوريا ولبنان، وأفعالها التي تنتهك القانون الدولي، وهذه الاعتداءات تشكل انتهاكاً واضحاً لسيادة وأمن تلك الدول. وصدر عن الاجتماع “إعلان إسطنبول” بختام أعمال دورتهم الـ51 ودعا لاتخاذ “إجراءات رادعة” لمحاسبة إسرائيل على جرائمها، وقد التقى “فيدان” مع نظيره الإيراني ا “عباس عراقجي” باسطنبول على هامش الاجتماع لبحث الضربات الإسرائيلية على إيران، وتم الكشف في 22 يونيو 2025 عن رفض المرشد الإيراني “علي خامنئي” عقد لقاء بين مسؤولين أمريكيين وإيرانيين بإسطنبول، رغم موافقة “ترامب” و”إردوغان” على ذلك.

وبعد الإعلان عن وقف الهجمات المتبادلة بين طهران وتل أبيب أكد “إردوغان” في 24 يونيو 2025 إن تركيا تبذل جهوداً مكثفة لمنع تحول هجمات إسرائيل وداعميها على إيران إلى كارثة على أمن المنطقة، وتحاول كذلك تجنب الآثار الاقتصادية للحرب المشتعلة بين إيران وإسرائيل، بالتزامن مع ذلك أصدرت وزارة الخارجية التركية بيانا للترحيب بوقف اطلاق النار، بينما نفت الرئاسة التركية الانباء حول استخدام واشنطن المجال الجوي لتركيا أثناء الهجوم على مواقع نووية في إيران، وأكدت “إن المجال الجوي التركي لم يتعرض لأي انتهاك خلال هجمات إسرائيل على إيران” ونفت وجود أي “تأثير سلبي على الوحدات التركية المتمركزة في المنطقة إثر الهجمات الصاروخية الإيرانية على القواعد الأمريكية في قطر والعراق”، جدير بالذكر أن تركيا لها قاعدة عسكرية بقطر هي (الريان) ولها قواعد عسكرية بإقليم كردستان العراق وشمال سوريا.

– تحذيرات تركية من استهداف إسرائيلي: تفاعل المجتمع التركي على مختلف الأصعدة مع الهجوم الإسرائيلي على إيران، وأجمع الحزب التحالف الحاكم وقيادات المعارضة والأوساط الإعلامية والشعبية على التحذير من حدوث استهداف إسرائيلي مماثل على تركيا، وكان من أبرز تلك التحذيرات ما ذكره رئيس حزب “الحركة القومية” “دولت بهشلي” الشريك الرئيسي بائتلاف “تحالف الشعب الحاكم”، “من أن تركيا هي الهدف القادم بعد إيران والعراق وسوريا”، ووصف “بهشلي” الهجوم الأمريكي على 3 منشآت نووية إيرانية “بالفضيحة” وأكد أن “القنابل التي أُلقيت على إيران كانت في الواقع رسالة إلى تركيا”، واتهم “إسرائيل بمحاولة محاصرة جغرافية تركيا”، وتقويض هدفها في إقامة “تركيا خالية من الإرهاب” (في إشارة الى الاتفاق مع حزب العمال الكردستاني لنزع سلاحه وابرام اتفاق سلام مع الدولة التركية لأن الحزب كان يحصل على دعم إسرائيلي تاريخيا).

بدوره ألمح له رئيس حزب “الرفاه من جديد” “فاتح أربكان” في 23 يونيو 2025 إلى أن “الدور قد حان على تركيا بعد الهجوم الإسرائيلي على إيران الدولة الصديقة والشقيقة”، وذكر أن “واشنطن قامت بالقضاء على العراق ولييبا وسوريا، ودعا لاتخاذ الخطوات اللازمة بالوحدة والتضامن مع العالم الإسلامي، لأن مشروع الشرق الأوسط الكبير يعني مشروع إسرائيل الكبرى”، ودعا “لإغلاق قاعدة إنجيرليك الجوية بأضنة وقاعدة رادار كورجيك بمالاطيا”، وعي القواعد التابعة لحلف شمال الأطلسي “الناتو” في تركيا خشية من استخدامها مستقبلا ضد أي من دول الجوار التركي أو ضد الدولة التركية نفسها، بينما حذر البرلماني عن حزب “المساواة وديمقراطية الشعوب” الكردي المعارض “عمر فاروق جرجرلي أوغلو” من أن “إسرائيل تستعد لضرب تركيا بعد إيران لأنها تقصف الأتراك والأكراد وستحوّل الشرق الأوسط إلى جحيم”.

جدير بالذكر، أنه قبل بدء الهجمات على إيران صرح رئيس الوزراء الاسرائيلي “بنيامين نتنياهو” في 12 يونيو 2025 بتصريح لافت عن تركيا حيث أكد أن “الإمبراطورية العثمانية لن تعود قريبًا، ولن تعود على الإطلاق”، وذلك خلال جلسة أمام الكنيست الإسرائيلي بحضور رئيس الوزراء الأرجنتيني “خافير”، حيث أشاد بدور الأرجنتين في استقبال اليهود في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، بعد تهجيرهم من أوروبا الشرقية والإمبراطورية العثمانية، وهو التصريح الذي انتقدته الأوساط السياسية التركية وحذرت من مخطط إسرائيلي لاستهداف بلادهم.

– الدعوة لتعزيز القدرات الصاروخية التركية: رفعت تركيا درجة التأهب القصوى على حدودها مع إيران خلال حرب الـ(12) يوم، وقام وزير الدفاع التركي “يشار غولر” في 18 يونيو 2025 بتفقد الوحدات العسكرية على الحدود مع إيران بطولها البالغ (500 كم)، يرافقه رئيس أركان الجيش “متين غوراك”، وقادة القوات المسلحة، وعقد غولر والقادة العسكريون لقاء مع قادة الوحدات العسكرية المنتشرة على الحدود في قيادة الكتيبة الحدودية الرابعة، التابعة لقيادة لواء الحدود السادس، بولاية وان شرق البلاد.

من جهة آخرى أعلن “أردوغان” أن “تركيا سترفع دفاعاتها إلى مستوى يمنع أي دولة من التفكير في مهاجمتها، بما في ذلك الصواريخ بعيدة المدى، على الرغم من قول مسؤولين ومحللين إن خطتها لإنشاء نظام القبة الفولاذية الدفاعي”، وذلك لمواجهة التحديات الإقليمية الراهنة، وأشار إلى أن استمرار الحرب الروسية الأوكرانية وتواصل خطر تكرار الاشتباكات بين الهند وباكستان، والحرب الإسرائيلية في غزة، وعدوانها على سوريا ولبنان، ثم استهداف المنشآت النووية الإيرانية يتطلب تطوير القدرات الصاروخية التركية، وأكد “أردوغان” أن تركيا ستصل خلال مدة ليست بالطويلة إلى مستوى من القدرات الدفاعية بحيث لن يجرؤ أحد على التطاول عليها، وأكد أن تركيا باتت واحدة من الدول الرائدة عالميا في مجال الطائرات المسيرة وأصبحت علامة تجارية عالمية في مجال المركبات البرية المدرعة، وتقوم اليوم بتطوبر وإنتاج طائراتها المأهولة والمسيرة، إلى جانب صواريخها وراداراتها ومركباتها البحرية وأنظمة اتصالاتها، مما أسفر عن أن تركيا وصلت إلى مرحلة تصنيع منتجاتها الدفاعية بشكل وكم يدعمان قدرتها على الردع، وأكد أن “هدف تركيا يتمثل في أن يسود السلام وتتعزز بيئة من الاستقرار والثقة بالمنطقة”، كما أكد أن بلاده ستعمل على وضع خطط إنتاج تهدف إلى تعزيز مخزونها من الصواريخ متوسطة وبعيدة المدى إلى مستوى يُشكل قدرة ردع فاعلة، وأن “هدف تركيا أن يسود السلام، وتتعزز بيئة من الاستقرار والثقة في المنطقة”، وأوضح “إردوغان” أن “دفاع إيران عن نفسها حقّ مشروع”، وذلك في ظل تصاعد الدعوات داخل الأوساط السياسية التركية بالعمل على امتلاك “قوة نووية” وصواريخ باليستية عابرة للقارات لتشكل “قوة ردع” ضد أي محاولة إسرائيلية لاستهدافها مستقبلا.

وجدد “أردوغان” يوم 26 يونيو 2025، موقفه وأوضح أن أنقرة ستعمل على تعزيز القدرات العسكرية التركية في ظل التوترات الإقليمية وستقوم بإستكمال مشروع “القبة الفولاذية” وهي منظومة متكاملة تضم أنظمة الدفاع الجوي على ارتفاعات مختلفة، إلى جانب الرادارات وأنظمة القتال الإلكترونية، بدأت في تنفيذه العام الماضي ومن المخطط أن يتم استكماله بحلول عام 2030، حيث تعتزم أنقرة توسيع شبكة الدفاع الجوي لتغطي مختلف أنحاء البلاد، وكشف أن أنقرة ستقوم بتطوير (أنظمة الدفاع الجوي، الصواريخ الفرط صوتية، الباليستية، صواريخ كروز، والأنظمة غير المأهولة البرية والبحرية والجوية، والجيل القادم من حاملات الطائرات، والفرقاطات، والدبابات)، وأكد “إردوغان” أن “امتلاك تركيا لصواريخ تعمل على ارتفاعات مختلفة “أمر هام جدا لبلاده”، ومنظومة الدفاع الجوي الصاروخية (إس – 400)، التي حصلت عليها تركيا من روسيا عام 2019، ليست كافية لتلبية احتياجات البلاد الدفاعية.

مما سبق نجد أن “أردوغان” قد وظف حالة العداء الحالي لإسرائيل داخليا لأنه يبحث عن عدو جديد يوجه له رسائله ويحشد من خلاله مؤيديه والشعب التركي ككل، لأنه خلال العام الأخير نجح في سجن خصومه من المعارضة التركية وبدأ في مفاوضات لحل قضية العمال الكردستاني لمحاربة الإرهاب، لم يبق له عدو يحشد من خلاله أنصاره ويمكنه أن يضع “إسرائيل” كعدو وهمي له وينفذ نظرية الإلهاء لإشغال الشعب التركي بالأوضاع الإقليمية بدلا من معالجة الأزمات الداخلية بتركيا ومنها (الاقتصاد، اضطهاد المعارضة، وضع آليات لتنفيذ مبادرة اوجلان وحل القضية الكردية)، وقد نجح في ذلك.

ثالثا: تصاعد التنافس الإقليمي التركي الإسرائيلي:

أصبح واضحا توتر العلاقات بين أنقرة وتل أبيب فقد أعلن “أردوغان” أن “نتنياهو لم يعد شخصا يمكن التحدث معه”، وألغى كل خططه لزيارة إسرائيل بسبب حربها “اللاإنسانية” بغزة، وفي مطلع نوفمبر 2023 استدعت أنقرة سفيرها من تل أبيب للتشاور لتصبح بذلك المرة الأولى التي تشهد فيها العلاقات بين الدولتين استدعاء للسفير منذ إعادة تطبيع العلاقات بينهم عام 2018، بعد 8 أعوام من القطيعة الدبلوماسية بينهم عقب مهاجمة إسرائيل لسفينة “مافي مرمرة” التركية التي كانت تتجه لقطاع غزة عام 2010 لفك الحصار عنها ثم هاجمتها البحرية الإسرائيلية ما أدى لمقتل 9 نشطاء أتراك كانوا على متنها، وأكدت تل أبيب “أن السفير الإسرائيلي لن يعود إلى أنقرة أثناء وجود أردوغان بالسلطة”، مما يؤكد إطالة أمد التوتر بينهما نظرا لأن ولاية الأخير ستنتهي في 2028، بيد أن المتابع لتطور العلاقات بين أنقرة وتل أبيب خلال العامين الماضيين يجد أن السبب الرئيسي في ذلك التوتر هو تصاعد التنافس الإقليمي بينهم الذي يبدأ بالشرق الأوسط ويمتد لأقاليم (آسيا الوسطى، القوقاز، البلقان، شرق المتوسط)، ويعد هذا التنافس جزء من التمهيد لرؤية الشرق الأوسط الجديد الذي تسعى إسرائيل لتحقيقه على أرض الواقع وتعترض عليه أنقرة لأنه يمثل تهديد لمصالحها، وهناك عدة مؤشرات على ذلك التنافس منها:

– تصاعد الهجوم الإعلامي بين تركيا وإسرائيل: منذ مطلع العام الحالي تتصاعد حدة الخطاب الإعلامي بين أنقرة وتل أبيب، ففي مارس 2025 شن وزير الطاقة الإسرائيلي “إيلي كوهين” هجوم حاد على “أردوغان” ووصفه بأنه “جاحد ومعادي للسامية”، وتوقع قرب سقوط نظامه السياسي ، وفي إبريل 2025 زعم مدير مؤسسة “سونار” التركية للأبحاث “هاكان بايراكجي” “أن الجيش التركي، بإمكانه دخول تل أبيب خلال 72 ساعة”، وخلال الحرب الإيرانية الإسرائيلية كثفت وسائل الإعلام التركية الرسمية والمقربة للرئاسة التركية من انتقادها لإسرائيل ودعت لضرورة “القضاء على قوة إسرائيل لأنه بعد استهداف إيران، سيتم القضاء على تركيا وباكستان وأذربيجان ومصر”، كما يمكن اقتباس بعض العبارات من تلك المقالات التي تؤكد أن إسرائيل أصبحت تمثل تهديد لتركيا ومنها .. “تركيا يجب أن تبقي إيران واقفة.. اليوم تُقصف طهران، وغدًا إسطنبول، الهدف النهائي لتلك الحروب هو تركيا وما يحدث مجرد خدع وفخاخ”، كما دعا بعض الكتاب للتعاون بين الدول الإسلامية للقضاء على إسرائيل وأكدوا “إن وجود إسرائيل لم يكن ليحصل لولا سقوط الدولة العثمانية ويجب أن ينتهي هذا الوجود مع صعود تركيا، لأن وجودها يمثل تهديد لبقاء تركيا”، في المقابل تراجع الإعلامي الإسـ.ـرائيلي “إيال بيركوفيتش” عن تصريحاته التي قال فيها “إن تل أبيب ستـ.ـواجه أنقرة بعد الانتـ.ـصار على إيران”.

– تحالف ثلاثي آسيوي بقيادة تركيا: عقدت يوم 8 يوليو 2025 قمة ثلاثية بين (تركيا، باكستان، اذربيجان) في إسلام آباد حيث تسعى أنقرة لتعزيز دورها الإقليمي وتنويع شركائها كما أنها تعمل على تشكيل محور بجنوب شرق آسيا ضد (الهند، آرمينيا، اسرائيل) التي ترتبط الأخيرة بعلاقات تحالف استراتيجية متميزة مع كل من نيودلهي ويريفان وهو ما يضفى المزيد من الأهمية الاستراتيجية للقمة الثلاثية التي قادتها أنقرة باسلام آباد، وأكد خلالها “فيدان” ان “إسرائيل مستمرة في سياساتها الهجومية ضد إيران وتقود المنطقة للهاوية مما ينذر بمرحلة مقبلة من التنافس الإقليمي الحاد بين تركيا وإسرائيل.

– تحذير إسرائيلي من التواجد التركي بشمال قبرص: في الذكرى الـ51 لعملية السلام القبرصية التي قامت بها تركيا عام 1974 وتحل بنهاية يوليو من كل عام، نشرت صحيفة “إسرائيل هيوم” الإسرائيلية تقرير يحذر من تحويل جمهورية “شمال قبرص التركية” (لا يعترف بها كدولة سوي أنقرة) لقاعدة للأنشطة الاستخباراتية والصاروخية والإرهابية لجماعات تابعة لتركيا وإيران، وهو ما يهدد أمن إسرائيل، وحلفائها في قبرص واليونان ويعزز النفوذ التركي في شرق المتوسط، حيث نشرت تركيا طائرات (بيرقدار تي بي 2) المسيرة في قاعدة “غيتكال الجوية” بشمال قبرص منذ عام 2021، وأنظمة (أكينجي) المسيرة عام 2024، وهي طائرات مسيرة متوسطة المدى يمكنها الوصول لمنصات الطاقة والمواقع الاستراتيجية الإسرائيلية مثل (تل أبيب، القدس، حيفا)، وحذر التقرير أيضا من تواجد عناصر لحركة “حماس” والحرس الثوري الإيراني بقبرص الشمالية التي تحولت لمركز للعمليات المالية والاستخباراتية لهم بدعم تركي، ودعا التقرير لتوجيه ضربة عسكرية استباقية بالتنسيق مع أثينا وينقوسيا لتدمير المراكز العسكرية التركية بقبرص الشمالية واستعادة السيطرة عليها، وهو السيناريو الذي يبدو بعيد التحقق بيد أنه يكشف عن تصاعد القلق الإسرائيلي من التواجد السياسي والعسكري التركي بالمنطقة.

– استمرار النقد التركي للحرب بقطاع غزة: أكد الرئيس التركي “رجب طيب أردوغان” في 4 يوليو 2025 أن “سياسات إسرائيل تهدد سلام واستقرار الشرق الأوسط”، وذلك خلال حضوره القمة الـ17 لمنظمة التعاون الاقتصادي بأذربيجان، ودعا “أردوغان” إلى تكاتف المجمتع الدولي لإيقاف الفظائع في غزة التي فقدت نحو 57 ألفا من الفلسطينيين، وجدد “فيدان” في 8 يوليو 2025 بكلمته خلال قمة قادة مجموعة “البريكس” بالبرازيل أنتقاداته لإسرائيل وأكد أن الهجمات الإسرائيلية على قطاع غزة أدت لمأساة يعيشها الشعب الفلسطيني وتراجع معدلات التنمية بالمنطقة لعشرات السنوات وهو ما يؤدي لأزمة خطيرة من حيث شرعية المؤسسات المكلفة بضمان الأمن والسلام العالميين، وأكد مساعي تركيا للتوصل لحلول سلمية واستعدادها لتقديم الدعم الكامل للسلام الدائم في المنطقة، كما شاركت تركيا بأعمال المؤتمر الدولي “من أجل التسوية السلمية لقضية فلسطين وتنفيذ حل الدولتين”، الذي استضافته الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك على مدى يومي (28،29) يوليو 2025 برعاية سعودية فرنسية، ودعا المؤتمر إلى إنشاء “دولتين مستقلتين، ومتجاورتين، وديمقراطيتين، وذواتي سيادة، ومعترف بهما من الجميع، ومندمجتين بالكامل في المجتمع الدولي… على أساس خطوط ما قبل عام 1967، والقدس عاصمة لكلتا الدولتين”، وقد شارك في المؤتمر 17 دولة، أبرزها (مصر، الجزائر، البرازيل، ..)، كما استقبل وزير الخارجية التركي “هاكان فيدان” يوم 1 أغسطس 2025 وفد من حركة “حماس” بقيادة رئيس مجلس الشورى “محمد درويش” في إسطنبول، لبحث الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة، وهذا في ظل استمرار الحديث عن نقل قيادات حركة “حماس” الفلسطينية مقر إقامتهم من العاصمة القطرية الدوحة لمدينة إسطنبول التركية، كجزء من إعادة تموضع الحركة بعد العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في 7 أكتوبر 2025.

– تصاعد الدور التركي الإقليمي: أوضح السفير الأمريكي السابق بأنقرة “توم باراك” بعد الحرب الإيرانية الإسرائيلية إن “التصعيد العسكري الأخير بين إيران وإسرائيل قد يكون نقطة تحوّل تتيح إعادة تشكيل النظام الإقليمي في الشرق الأوسط، مع إمكانية أن تتولى تركيا دوراً مركزياً في هذه المرحلة المفصلية”، ودعا لإعادة تطبيع العلاقات التركية – الإسرائيلية، وأكد أن المشكلة بين الدولتين “ليست دينية، بل تتعلق بالتطلعات الإقليمية”.

ومما سبق نجد أن تركيا قد عززت مكاسبها الإقليمية وموقفها التنافسي مع إسرائيل، حيث تعمل أنقرة حاليا على “تحييد” ورقة الأكراد عبر المضي قدما في مشروع “تركيا خالية من الإرهاب” عبر نزع سلاح “حزب العمال الكردستاني” وقوات سوريا الديمقراطية “قسد” وهي الورقة التي كانت تضغط بها تل أبيب على تركيا، كما اتخذت أنقرة مواقف عدة منذ أكتوبر 2023 عظمت دورها الداعم والمساند للقضية الفلسطينية واستغلت ذلك للتقارب مع الدول العربية والإسلامية لما لهذه القضية من أبعاد تاريخية وإنسانية، هذا بالإضافة للتواجد العسكري والهيمنة الاقتصادية التركية على سوريا منذ تولى الإدارة الجديد ةفي 8 ديسمبر 2024، فضلا عن تمدد الدور التركي الإقليمي بآسيا الوسطى وشرق المتوسط وغرب افريقيا ومنافسة المصالح الإسرائيلية بتلك المناطق الحيوية.

رابعا: مستقبل العلاقات التركية الإسرائيلية:

مثلت عملية “طوفان الأقصى” التي نفذتها حركة “حماس” الفلسطينية لحظة تاريخية في الشرق الأوسط، حيث كشفت عن مخطط إسرائيلي لتشكيل ما تطلق عليه “شرق أوسط جديد” يحقق رؤيتها ومصالحها بالمنطقة من خلال إعادة ترتيب توازنات القوى بها، ويحظى هذا المخطط بدعم ومباركة ورعاية أمريكية مستمرة، ويعتمد على ضمان تفوق استراتيجي عسكري إسرائيلي على كافة دول المنطقة المؤثرة (إيران، تركيا، مصر)، وعرقلة البرنامج النووي الايراني وتقليص قدراتها العسكرية، القضاء على وكلاء إيران بالمنطقة من الميليشات المسلحة (حزب الله اللبناني ونزع سلاحه تماما، الحوثيين باليمن، الميليشيات العراقية الشيعية، حركة حماس الفلسطينية)، فضلا عن إقامة مناطق عازلة على الحدود الإسرائيلية العربية ولذا توغلت تل أبيب عسكريا بالجنوب السوري واللبناني واحتلت مناطق جديدة بهما، لضمان عدم تسلل أي عناصر مسلحة إليها وتكرار عملية “طوفان الأقصى” مرة آخرى، ثم التوسع في “الاتفاقيات الابراهيمية” والتي تعني التطبيع التام من قبل دول الشرق الأوسط والدول الإسلامية مع إسرائيل رغم حروبها المستمرة على الدول العربية، وهو ما دعا إليه “ترامب” مؤخرا، وأمام هذا المخطط الإسرائيلي الذي نجحت في تحقيق جزء كبير منه نجد الرؤية التركية للتوسع الإقليمي عبر تعزيز التعاون الاقتصادي والتغلغل الثقافي وانتشار القواعد العسكرية بالمنطقة، ووفق المتغيرات الجيوسياسية الراهنة يمكن استشراف ثلاث سيناريوهات لمستقبل العلاقات بين تركيا وإسرائيل كما يلي:

-استمرار الصدام السياسي والتعاون التجاري: يرجح هذا السيناريو استمرار الوضع القائم المعتمد على صدام سياسي واضح توظفه كلا من تركيا وإسرائيل داخليا، بينما يستمر التبادل التجاري بينهم بما يحقق مصالحهم المشتركة، حيث كشفت قاعدة بيانات الأمم المتحدة للإحصاءات التجارية الدولية (UN Comtrade)، أن إجمالي الواردات الإسرائيلية خلال عام 2024 من تركيا بلغت نحو 91.5 مليار دولار، في حين بلغت صادراتها 61.7 مليار دولار، ما يعكس استمرارية النشاط التجاري بينهم رغم الخطاب السياسي التركي المنتقد لإسرائيل، وذلك رغم إعلان أنقرة وقف تجارتها مع تل أبيب، وأصبحت تركيا خامس أكبر مصدّر إلى إسرائيل عام 2024، وتؤكد تقارير من جمعية المصدّرين الأتراك (TİM) ومكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي (CBS) أن التجارة بين الجانبين استمرت بطرق غير مباشرة. فقد ارتفعت الصادرات التركية إلى اليونان بنسبة 71% في مايو 2024 مقارنةً بالشهر ذاته من عام 2023، لتصل إلى 375 مليون دولار. ويُعتقد أن جزءًا كبيرًا منها يعاد تصديره إلى إسرائيل – كما شهدت الصادرات التركية إلى الأراضي الفلسطينية ارتفاعًا بنسبة 423% خلال الأشهر الثمانية الأولى من 2024، حيث تسجل فلسطين كوجهة نهائية بالوثائق الجمركية التركية بدلا من إسرائيل ثم تسلم للأخيرة عبر وسطاء فلسطينيين.

– صعوبة تطبيع العلاقات بين تركيا وإسرائيل: حذر الدكتور “هاي إيتان كوهين يانروجاك”، في 7 أغسطس 2025 الخبير في الملف التركي بمركز “موشيه ديان” في جامعة تل أبيب، من أن تركيا تقود حملة دولية لمقاطعة إسرائيل وفرض العقوبات الاقتصادية عليها، مما يعرقل خطوات التطبيع مع تركيا، ودعا بلاده لتقديم تنازلات من أجل التطبيع، واستبعد أن يتم التطبيع مع تركيا في ظل حكومة “نتنياهو”.

– الإعداد لمواجهة مقبلة بين إسرائيل وتركيا: في ظل استمرار توجهات النخب الحاكمة الحالية في تركيا وإسرائيل فإن هناك مواجهة مقبلة بينهم وليست بالضرورة ان تكون عسكرية ريما يتم تصاعد حدة التنافس السياسي الإقليمي بينهم واستهداف مصالح كلا منهم للآخرى، حيث لم تقبل إسرائيل بالتوسع في الصناعات الدفاعية التركية اكثر من ذلك أو إمتلاك أنقرة للسلاح النووي، كما أن تمدد الدور التركي الإقليمي يهدد المصالح الإسرائيلية في عدد من الدول الحيوية لها، ومن المنتظر ان يتم تعظيم ذلك الدور أكثر حيث ستسعى تركيا لتعزيز قوتها العسكرية والسياسية لملىء الفراغ السياسي والعسكري الايراني بالمنطقة والتواجد بدول لم يكن لها نفوذ بها من قبل مثل ( لبنان، اليمن)، ونلاحظ أن التحذيرات من التهديدات او الاستهداف المستقبلي من إسرائيل لتركيا اشتركت فيها كافة الأحزاب السياسية التركية من التحالف الحاكم (العدالة والتنمية، الحركة القومية) وأحزاب المعارضة وأيضا الأحزاب الإسلامية والكردية، مما يؤكد أن ثمة إجماع سياسي وقلق مجتمعي تركي من التمدد الإسرائيلي بالمنطقة المعتمد على القوة العسكرية المفرطة، وهذا سيساهم في دعم مواقف “أردوغان” ضد تل أبيب، مما سيؤدي لتغير طبيعة العلاقة بين الأخيرة وأنقرة من تعاون استراتيجي لتوتر وفتور مستمر.

مما سبق سنجد أن العلاقات التركية الإسرائيلية ستحدد توازنات القوى بالشرق الأوسط خلال المرحلة المقبلة، وعلى المدى القصير والمتوسط ستلجا تركيا وإسرائيل للتفاوض والحوار لمعالجة خلافاتهم، بيد أنه على المدى الطويل ربما بعد عقد قادم وحال استمرت مساعي كلا منهم لتعظيم دورها الإقليمي فربما تحدث مواجهة عسكرية بينهم بطرق غير مباشرة مثل (الحرب بالوكالة) وهي الطريقة التي اعتمدها (إيران، إسرائيل) خلال عقود، كما أن مستقبل العلاقات التركية الإسرائيلية سيكون رهنًا بالمتغيرات الدولية وطبيعة النظام الدولي الذي بدأت دعوات روسية وصينية لضرورة تحوله من نظام آحادي القطبية لمتعدد الأقطاب، فحال استمرت واشنطن منفردة بقيادة العالم ستحاول التقريب بين أنقرة وتل أبيب لأنهما من حلفائها بالشرق الأوسط.

 

Tags: الإتفاقيات الإبراهيمية" مع إسرائيلالدعم التركي للشرعتقرير الأكاديمية الوطنية للاستخبارات التركيمستقبل العلاقات التركية الإسرائيليةهيئة تحرير الشام

مقالات مشابهة

  • المالكي لـ سانا: المنظمة ستتابع جهودها بكل الوسائل الممكنة لضمان وصول المساعدات إلى المستفيدين في الوقت المناسب مع تعزيز إجراءات الحماية والسلامة لجميع موظفيها في الميدان.
  • المالكي: المنظمة تؤكد على التزامها الكامل بالمبادئ الإنسانية والحيادية، وأي استهداف لفرق الهلال الأحمر يُعد انتهاكاً للقوانين الدولية وحرمات العمل الإنساني.
  • المالكي لـ سانا: الأولوية تبقى للحفاظ على سلامة العاملين وضمان استمرارية تقديم الدعم الإنساني للمحتاجين دون انقطاع.
  • مدير وحدة الإعلام والتواصل في منظمة الهلال الأحمر العربي السوري عمر المالكي لـ سانا: تعرضت قافلة للمنظمة تعمل ضمن استجابتها الإنسانية في المنطقة الجنوبية يوم أمس لإطلاق نار مباشر دون وقوع إصابات.
  • مستقبل العلاقات التركية الإسرائيلية في الشرق الأوسط الجديد.. الأبعاد والآفاق
  • مصطفى بكري: المنطقة تعيش لحظة فارقة وخطيرة.. ومصر لن تقبل بالمساس بأمنها القومي
  • اللواء الغباري يكشف مخططا خبيثا لمنطقة الشرق الأوسط
  • بوليفارد حمص… مشروع عمراني بمواصفات عالمية
  • مجلس كنائس الشرق الأوسط يطلق مشروع ترميم مدارس في درعا