واشنطن بوست: نتنياهو أكثر رؤساء الحكومات خلافًا مع جنرالاته
تاريخ النشر: 13th, August 2025 GMT
نشرت صحيفة "واشنطن بوست " تقريرا للصحفيين جيري شيه، وليور سوروكا، وبريان بيرلمان قالوا فيه: إن "رئيس الوزراء الإسرائيلي خدم لفترة أطول ودخل في خلافات مع جنرالاته أكثر من أي رئيس وزراء في تاريخ إسرائيل".
وأضافت الصحيفة الأمريكية أن في الأيام التي سبقت اجتماعا محوريا لمجلس الوزراء الأمني الأسبوع الماضي، مرت "إسرائيل" بمنعطف حاسم بشأن اتخاذ قرار باتجاه إعادة احتلال قطاع غزة أو البقاء على المسار الحالي, وفي النهاية، لم يكن القرار - الذي كان في الواقع حلا وسطا – يُمثل أيا منهما.
وبموجب الخطة التي أُعلن عنها يوم الجمعة الماضي، ووفقا لمسؤولين إسرائيليين حاليين وسابقين ومستشارين حكوميين، فإن جيش الاحتلال الإسرائيلي، الذي يسيطر حاليا على ثلاثة أرباع غزة، سيغزو آخر مركز حضري لا يخضع للسيطرة الإسرائيلية بهدف الاستيلاء على 10 في المائة إضافية من أراضي القطاع.
وهو ما سيدفع بسكان غزة البالغ عددهم نحو مليوني نسمة للاكتظاظ بالكامل ضمن الـ 15 في المائة المتبقية من الأرض.
وفي حين أن الخطة المتفق عليها أكثر خطورة وربما أكثر دموية من الخيار الذي دعا إليه رئيس أركان جيش الاحتلال إيال زامير وغيره من كبار الضباط، والذي تضمن تطويق مدينة غزة وشن ضربات من محيطها، فإنها ستتوقف عند احتلال غزة بأكملها وهو الخيار الذي يفضله نتنياهو وحلفاؤه السياسيون.
وستبدأ العربية البرية ببطء، فقط بعد إجلاء حوالي مليون من السكان، الذين نزح الكثير منهم عدة مرات، بحلول أيلول/ سبتمبر، على الرغم من وجود أماكن قليلة، إن وجدت، يمكنهم الذهاب إليها.
ومثل القرار تراجعا لنتنياهو بعد أقل من 12 ساعة من تصريحه لقناة فوكس نيوز يوم الخميس الماضي، بأنه ينوي استعادة كامل قطاع غزة، الذي احتلته "إسرائيل" من عام 1967 إلى عام 2005.
تفاقم الصراع الداخلي
وبينما أثار القرار استياء حلفائه من اليمين المتطرف، فقد سلّط الضوء على قوة قيادة جيش الاحتلال في التصدي للقادة "المدنيين"، بمن فيهم نتنياهو، الذي خدم لفترة أطول ودخل في خلافات مع جنرالاته أكثر من أي رئيس وزراء في تاريخ "إسرائيل".
ونقلت الصحيفة عن نمرود نوفيك، الذي عمل مستشارا لرئيس الوزراء شمعون بيريز وزميلا في منتدى السياسة الإسرائيلية، وهو مركز أبحاث مقره نيويورك: "لو قررت الحكومة فرض احتلال كامل قطاع غزة على زامير، لكانت هذه هي المرة الأولى على الإطلاق التي يتجاهل فيها المستوى السياسي التقدير العسكري المهني للمؤسسة الأمنية عندما يكون بالإجماع".
وأضاف نوفيك أن المؤسسة الأمنية "دفعت نتنياهو إلى تقليص نطاق الخطة بشكل كبير".
ومع ذلك، ذكّرت هذه الحادثة بالصراع الداخلي غير العادي الذي عصف بصناعة القرار الإسرائيلي في السنوات الأخيرة، وبالاعتقاد السائد بين العديد من كبار الضباط بأن الجيش لا يستطيع تحقيق أي أهداف استراتيجية أخرى.
وبعد 22 شهرا، لا يزال 20 أسيرا إسرائيليا على قيد الحياة في غزة، بينما أسفرت الحملة العسكرية عن استشهاد أكثر من 61 ألف فلسطيني، وفاقم حصار المساعدات الذي بدأ في آذار/ مارس من أزمة إنسانية خانقة أصلا، بما في ذلك انتشار الجوع على نطاق واسع.
وركزت الصحيفة الأمريكية كيف أن الصحافة الإسرائيلية انشغلت طوال الأسبوع الماضي لتناول التسريبات الشبه يومية بشأن الضغوط التي مارسها نتنياهو ووزراءه على زامير لإقناعه بتنفيذ خطة السيطرة على القطاع بأكمله، فيما كان زامير يواصل انتقاده للحكومة بشدة حول المخاطر التي قد يتعرض لها الجنود الإسرائيليين في غزة.
على وسائل التواصل الاجتماعي تناول الكثيرون كيف طالب وزير الأمن القومي في حكومة نتنياهو، إيتامار بن غفير، زامير بالتعهد بالامتثال لأوامر الحكومة، بينما اتهم نجل نتنياهو، يائير نتنياهو، قائد الجيش بمحاولة "انقلاب عسكري يليق بجمهورية موز في أمريكا الوسطى في السبعينيات".
ضباط متقاعدون
على الجانب الآخر، اجتمع أكثر من اثني عشر رئيسا متقاعدا من جيش الاحتلال وأجهزة المخابرات والشرطة قبل أيام من اجتماع مجلس الوزراء الحاسم لتسجيل فيديو يحثّون فيه نتنياهو على إنهاء الحرب.
وقبل ساعات من اجتماع مجلس الوزراء، نشر الجيش مقتطفات من خطاب داخلي لزامير أعلن فيه أن "ثقافة النقاش جزء لا يتجزأ من تاريخ الشعب اليهودي" , وأن الجيش "سيواصل التعبير عن موقفه دون خوف".
وفي محاولة للتخفيف من حدة التوتر , دافع نتنياهو مرارا وتكرارا عن قراره بإصدار الأمر للجيش بدخول مدينة غزة رغم تحفظاته , وقال للصحفيين: "أحترم الجيش الإسرائيلي وقادته وجنودنا كثيرا، لكنني اتخذت قراراتٍ تتعارض أحيانا مع آراء كبار ضباط الجيش الإسرائيلي , نحن دولةٌ لها جيش، ولسنا جيشا له دولة".
وقال نتنياهو للصحفيين الأجانب في مؤتمر منفصل عُقد باللغة الإنجليزية: "لم يثبت تفضيل الجيش لشن حرب استنزاف من مواقع دفاعية فحسب , أعتقد أن هذا سيجرنا إلى صراع طويل الأمد لا يُنهي الحرب".
هذا وأظهرت صور الأقمار الصناعية الملتقطة يوم الجمعة 9 آب/ أغسطس، عشرات المركبات التابعة للجيش متوقفة عند معبر "كارني" الحدودي، الواقع على بُعد أميال قليلة جنوب شرق مدينة غزة, حيث تم رصد نشاطا للمركبات في المعبر منذ أوائل تموز/ يوليو ، وفقا لتحليل صحيفة واشنطن بوست.
وقال مستشار لنتنياهو، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته لوصف المداولات الداخلية، إن غزو مدينة غزة ضروري لأنه "سيُضعف قبضة حماس على السكان بشكل أكبر".
وأضاف المستشار أن هذه الخطوة "ستسمح لإسرائيل باستهداف عز الدين الحداد ، آخر القياديين البارزين في حماس الذي ما زال على قيد الحياة, كما ستُمكّن إسرائيل من دعم زعماء عشائر جدد على غرار ياسر أبو شباب وهو شخصية يقول محللون إسرائيليون وفلسطينيون إنه سُلّح من قبل إسرائيل ومتهم بنهب المساعدات الإنسانية التي تدخل القطاع، كما أنه كان متهما بتجارة المخدرات ومسجونا حتى اندلاع الحرب على غزة في تشرين الأول/ أكتوبر 2023".
وقال المستشار إن نتنياهو اختار زامير قبل ستة أشهر لقيادة الجيش، معتقدا أنه سينتهج نهجا أكثر عدوانية تجاه غزة, وبدا لفترة أنه يسير في "الاتجاه الصحيح لكن للأسف، كان جديدا، والجنرالات من حوله هم أنفسهم ، وتمكنوا من إقناعه بأن احتلال كامل غزة غير قانوني وخطير".
ويضيف تقرير واشنطن بوست, أن الصدامات بين القادة المدنيين والعسكريين في إسرائيل ، أمرا شائع للغاية وغالبا ما ينتصر القادة العسكريون.
قبل حرب عام 1967، حثّ الجنرالات الشباب رئيس الوزراء ليفي إشكول على شنّ هجوم استباقي على جيران "إسرائيل" العرب، وهي حادثة وصفها بعض المؤرخين بـ"انقلاب الجنرال".
وفي السنوات الأخيرة، تصاعدت التوترات بشكل مطرد بين نتنياهو وكبار مسؤولي الأمن الذين غالبا ما ينتقدهم اليمين الإسرائيلي باعتبارهم وسطيين أو ليبراليين.
ففي عام 2023، قبل اندلاع الحرب في غزة، كان لمسؤولي المخابرات والجيش السابقين، وخاصة أولئك من سلاح الجو، دور فعال في قيادة حركة احتجاج شعبية ضد إصلاحات نتنياهو القضائية.
وبعد اندلاع الحرب في وقت لاحق من ذلك العام، حارب نتنياهو وزير حربه ورئيس أركان جيشه، وأقالهما في النهاية، بعد أن جادلا بأن الحملة العسكرية قد استنفدت أغراضها.
الحرب المطولة ستزيد عزلة "إسرائيل" دوليًا
قال مسؤول عسكري إسرائيلي كبير سابق، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته للتحدث بصراحة عن المناقشات داخل المؤسسة الأمنية: إن "ما يختلف الآن هو القلق المتزايد لدى بعض الضباط من أن الحرب المطولة تُلحق ضررا طويل الأمد بمكانة إسرائيل الدولية".
وأضاف المسؤول أن كبار مسؤولي الأمن شعروا بـ"القلق الأسبوع الماضي من حدوث تمرد لدى الجيش يرفض أوامر الحكومة المتطرفة، عقب إعلان ألمانيا، الحليف الوثيق، أنها ستوقف صادرات المعدات العسكرية التي يمكن استخدامها في غزة لأن ذلك سيشمل المحركات المستخدمة في دبابات ميركافا والمركبات المدرعة الإسرائيلية.
وقال المسؤول السابق: "هذا لا يعني أن الجيش لن يتصرف وفقا لقرارات مجلس الوزراء، لكن الجيش يتمتع بحرية المناورة , ويمكن للحكومة أن تقول إننا نريد ( أ، ب، ج ) لكنها لا تستطيع تحديد تفاصيل كل نقطة".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة عربية صحافة إسرائيلية غزة جيش الاحتلال احتلال غزة نتنياهو غزة نتنياهو جيش الاحتلال حرب غزة احتلال غزة صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة جیش الاحتلال واشنطن بوست مدینة غزة أکثر من فی غزة
إقرأ أيضاً:
واشنطن بوست: ترامب لديه خطط كبيرة للنفط الباكستاني
عندما أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب الأسبوع الماضي عن صفقة لاستغلال احتياطيات النفط "الهائلة" في باكستان، حير ذلك الباكستانيين الذين حلموا لعقود بالعثور على ما يكفي من النفط واستخراجه لتحسين وضع بلادهم الاقتصادي.
ومع أن أيا من محاولات باكستان لاكتشاف النفط لم يكتب لها النجاح -كما تقول صحيفة واشنطن بوست- فإن ترامب أبدى تفاؤلا ملحوظا في منشور له على موقع "تروث سوشيال"، معلنا أن "باكستان والولايات المتحدة ستعملان معا على تطوير احتياطياتهما النفطية الهائلة".
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 24 عوامل تهدد قمة ترامب وبوتين حول أوكرانياlist 2 of 2كيف يدان اليهودي إذا نطق بالإبادة في غزة؟end of listوذكرت الصحيفة -في تقرير بقلم ريك نواك وشايق حسين- أن باكستان تستورد حوالي 80% من إمداداتها من النفط، ومع ذلك قال ترامب متأملا "من يدري. ربما يبيعون النفط للهند يوما ما".
وقدرت إدارة معلومات الطاقة الأميركية أن باكستان قد تمتلك 9.1 مليارات برميل من النفط القابل للاستخراج، وهو رقم يذكره المسؤولون الباكستانيون لجذب المستثمرين الأجانب، ولكنه لم يثبت بعد، كما تقول الباحثة في مجال الطاقة عافية مالك.
وأشارت الصحيفة إلى أن احتياطيات باكستان المثبتة أقل بكثير من ذلك، إذ أنتجت أقل من 100 ألف برميل من النفط يوميا عام 2023، وهو رقم أقل بكثير من أرقام كبار المنتجين في العالم، مثل الولايات المتحدة التي تنتج حوالي 13 مليون برميل يوميا.
وبعد تاريخ طويل من النكسات والإخفاقات، لا يعتقد كثير من الباكستانيين أن بلدهم سيصبح يوما ما دولة مصدرة للنفط، تقول عافية مالك "إن البيروقراطية والتدخل السياسي وعدم الكفاءة" قد ردعت المستثمرين الأجانب وحدت من التقدم في هذا لاتجاه.
الاهتمام الأميركي المتجدد بباكستان قد لا يتعلق بالنفط بقدر ما يتعلق بالوصول إلى المعادن والأتربة النادرة التي يعتقد أن باكستان تمتلك رواسب كبيرة وغير مستكشفة منها
المعادن النادرةغير أن ترامب أشار إلى أن الاستثمارات الجديدة ستأتي من مصادر أميركية خاصة، وكتب "نحن بصدد اختيار شركة النفط التي ستقود هذه الشراكة"، وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض آنا كيلي "كما قال الرئيس، ستعمل باكستان والولايات المتحدة معا على تطوير احتياطياتهما النفطية الضخمة، مما سيعزز الأمن الاقتصادي لبلدينا".
إعلانورحب المسؤولون الباكستانيون بإعلان ترامب، وقال وزير الطاقة عويس ليغاري "إذا كانت هناك استثمارات قادمة من دول مثل الولايات المتحدة والصين وغيرها، فإننا نرحب بذلك. من الجيد أن نرى ذلك على رادار الرئيس ترامب".
غير أن عدم التصديق إلى حد السخرية أحيانا ساد بين المعلقين الباكستانيين، فرأى بعضهم أن ترامب يرسل رسالة إلى الهند المجاورة، وقال المحلل السياسي حسن عسكري رضوي "قد تكون باكستان مجرد نقطة ضغط، وليست المستفيد الرئيسي من هذا الارتباط".
وبينما يشكك البعض في كون باكستان أولوية بالنسبة لترامب، يقول المسؤولون إنهم لاحظوا تحسنا في العلاقات مع واشنطن، إذ توسطت واشنطن لوقف إطلاق النار عندما كاد القتال الحدودي بين الهند وباكستان يتحول إلى حرب شاملة، واستضاف ترامب قائد الجيش القوي عاصم منير على الغداء في البيت الأبيض، وقالت إسلام آباد إنها سترشح ترامب لجائزة نوبل للسلام.
ويعتقد بعض المحللين أن الاهتمام الأميركي المتجدد بباكستان قد لا يتعلق بالنفط بقدر ما يتعلق بالوصول إلى المعادن والأتربة النادرة التي يعتقد أن باكستان تمتلك رواسب كبيرة وغير مستكشفة منها، خاصة أن مسؤولين أميركيين حضروا منتدى الاستثمار في المعادن الباكستاني في أبريل/نيسان الماضي.
وكانت أكثر المحاولات طموحا لاكتشاف النفط في باكستان قد انتهت عام 2019، عندما بحث تحالف يضم شركة إكسون موبيل قبالة سواحل كراتشي، لكنه لم يعثر على أي رواسب نفط أو غاز.