ليس هنالك من منطق سياسي أو عسكري، أو من واقعية تحترم موازين القوى، أن تتفق عدّة دول غربية وحتى، عربية، على ربط وقف الحرب الإبادية الإجرامية في قطاع غزة، بتجريد حركة حماس والفصائل الأخرى من السلاح، ثم إجراء ترتيبات "لليوم التالي" لوقف الحرب، على قياس بنيامين نتنياهو ودونالد ترامب.
كان من الممكن أن تُفهم هذه المواقف، لو أن الجيش الصهيوني قضى على قوات المقاومة، واحتلّ قطاع غزة، وأذلّ الشعب الذي لم يخضع للقتل الجماعي والتجويع والحرمان من الدواء والماء.
والأنكى أن الذين يفاوضونه ليوقفوا الحرب ويطلقوا الأسرى، هو وفد من حماس (باسم فصائل المقاومة والشعب)، مما يجعل اشتراط تجريد حماس من السلاح، وفرض اتفاق بناء على قياس نتنياهو المجرم الفاشل المهزوم، خارج كل معقول سياسي، إن لم يكن ستارا لمواصلة جريمة حرب الإبادة والتجويع.
إن حجّة نتنياهو، ومن ورائه ترامب، في تجريد حماس من السلاح، هو الخوف من أن تتكرّر عملية طوفان الأقصى، وهي عملية من قِبَل شعب تحت الاحتلال، وقد اغتصب وطنه منذ العام 1949.
كل من يربط وقف الحرب في غزة بشرط نزع سلاح حماس والمقاومة، لا يريد وقف الحرب، أو يخطئ في تبني الموقف الذي يوقف الحرب؛ لأن هذا الشرط ظالم لأغلب أبناء قطاع غزة، وغير واقعي، ويجب التخلي عنه
لا حاجة إلى إضافة دحض آخر لهذه الحجّة، ذلك كون الأحداث الكبرى في التاريخ لا تتكرّر مرتين، بمكانها وشخوصها وظروفها، وإذا كانت ستتكرّر، أو لا بدّ من أن تتكرّر، فستأتي من معادلة أخرى، مكانا وزمانا، ورجالا وموازين قوى. ولهذا، فإن تشديد التخويف من عملية طوفان أقصى أخرى يُراد منه مواصلة القتل الجماعي والحرب لذاتهما.
لهذا، فإن كل من يربط وقف الحرب في غزة بشرط نزع سلاح حماس والمقاومة، لا يريد وقف الحرب، أو يخطئ في تبني الموقف الذي يوقف الحرب؛ لأن هذا الشرط ظالم لأغلب أبناء قطاع غزة، وغير واقعي، ويجب التخلي عنه، إذ من غير المعقول من جهة أخرى أن يترك قطاع غزة مجردا من سلاح المقاومة، فيما تصريحات نتنياهو، وحليفيه بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير، تعلن جهارا نهارا عن احتلال القطاع، واستكمال المجازر، والمضيّ إلى ترحيل من يتبقى من سكانه المليونين والمائتي ألف. طبعا، لا أحد يستطيع أن يتحدث عن ضمانات تحول دون ذلك، وأمامنا تجربة حرب الإبادة والتجويع في قطاع غزة.
تبقى نقطة يجب أن ينتبه لها البعض، من مثقفين فلسطينيين وعرب، وهي اعتبارهم لعملية طوفان الأقصى بأنها مغامرة، لم تحسب موازين القوى جيدا. فهؤلاء ينكرون حقيقة دامغة لحجتهم؛ وهي ما ثبت من إعداد مسبق من قِبَل قيادة المقاومة، لخوض حرب بريّة ضد جيش العدّو، دامت بنجاح عسكري حاسم طوال 22 شهرا، وما زالت مستعدة لأشهر قادمة. وثبت أن الجيش الصهيوني ما كان بمقدوره أن يستمر بالحرب لبضعة أشهر، دون إمداد عسكري أمريكي يومي، لا سيما بالقذائف والذخائر.
أما حرب الإبادة البشرية، التي وُجِّهت للمدنيين، كما حدث في حرب غزة، فلا يُلام قادة طوفان الأقصى على عدم توقعها. وهي حرب محرّمة، بناء على القانون الدولي والعرف العسكري، ولم يسبق أن مورست كما مورست في غزة، في أيّ حربٍ فلسطينية، أو في العالم، منذ قرنين على الأقل. فاللوم فيها، يجب أن يصبّ على تجريم مرتكبها، وعلى من لم يوقفها من يومها الأول.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه غزة السلاح المقاومة الاحتلال احتلال مقاومة غزة مفاوضات سلاح مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة مقالات رياضة سياسة مقالات سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة وقف الحرب قطاع غزة
إقرأ أيضاً:
نتنياهو: الصفقة الجزئية أصبحت خلفنا ونسعى لإنهاء الحرب بشروطنا
قال رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في مقابلة مع قناة "i24" الإسرائيلية، إن "الصفقة الجزئية أصبحت وراءنا"، مؤكدا أن حكومته "حاولت مرارا التوصل إلى تسوية، لكن اتضح أنهم كانوا يخدعوننا"، في إشارة إلى مفاوضات وقف إطلاق النار في قطاع غزة وتبادل الأسرى مع حركة حماس.
وأكد نتنياهو أن هدفه هو "استعادة جميع الرهائن في إطار إنهاء الحرب، ولكن بشروط تضعها إسرائيل فقط"، مشددا على أن أي حل يجب أن "يحقق الأمن والاستقرار لإسرائيل".
وفيما يتعلق بوضعه السياسي، أشار نتنياهو إلى أن هناك تحفظات عليه من اليسار واليمين، لكنه أوضح: "أنا من يقرر، وكل قرار اتخذته كان صحيحا".
وأضاف: "عندما أرى أنني أنجزت كل ما علي إنجازه، سأغادر، لكن لا يزال لدي الكثير من المهام، والشعب الإسرائيلي يرى أنني قادر على تحقيق الأمن والاستقرار والسلام".
وتطرق نتنياهو إلى الملف الإيراني، مؤكدا أن إسرائيل "على أهبة الاستعداد لاحتمال محاولة إيران إعادة بناء برنامجها النووي"، موضحا أن "400 كلغ من اليورانيوم المخصب في إيران لم تتضرر، ونتابع ذلك عن كثب مع واشنطن".