كندا تلغي الرسوم الانتقامية.. فهل يرد ترامب بالمثل؟
تاريخ النشر: 28th, August 2025 GMT
ألبرتا – في خطوة مفاجئة ووسط التوترات التجارية المتصاعدة بين البلدين الجارين، أعلن رئيس الوزراء الكندي مارك كارني إلغاء الرسوم الجمركية الانتقامية على السلع الأميركية المشمولة باتفاقية التجارة الحرة لأميركا الشمالية، وذلك بعد يوم واحد فقط من محادثة هاتفية أجراها مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
وأوضح كارني أن القرار سيدخل حيّز التنفيذ مطلع الشهر المقبل، مشيرا إلى أن التعريفات المفروضة على واردات "الصلب والألمنيوم والسيارات الأميركية" ستبقى سارية، لكنه أكد أن هذه الخطوة جاءت استجابة لتأكيدات ترامب أن إلغاء الرسوم الانتقامية سيساعد في استئناف المفاوضات التجارية بين البلدين.
من جانبه، رحب مسؤول في البيت الأبيض بالقرار الكندي، واصفًا إياه بـ"المتأخر منذ مدة طويلة"، ومؤكدا أن الإدارة الأميركية تتطلع إلى مواصلة المناقشات مع أوتاوا بشأن قضايا التجارة والأمن القومي، وفق ما نقلته شبكة "سي تي في" الكندية.
وكانت الحكومة الكندية قد فرضت في مارس/آذار الماضي رسوما جمركية بنسبة 25% على قائمة طويلة من السلع الأميركية، شملت البرتقال والمشروبات الكحولية والملابس والأحذية والدراجات النارية ومستحضرات التجميل، وذلك ردًا على الرسوم الأميركية المفروضة على واردات من كندا.
قرار كارني أثار ردود فعل متباينة في الداخل الكندي، فقد انتقد زعيم حزب المحافظين بيير بوليفير بشدة ما اعتبرها "تنازلات متكررة" لترامب، متهما رئيس الوزراء بالاستسلام أمام واشنطن وإظهار "ضعف" على الساحة العالمية.
وأضاف في تصريحات نقلتها "سي تي في": كان وعد كارني خلال حملته الانتخابية أن يتفاوض بحزم مع ترامب، لكنه الآن يتراجع، إما أنه كان مخطئًا طوال الوقت وإما أنه خدع الكنديين عمدًا للفوز بالانتخابات.
إعلانفي المقابل، رحبت دانييل سميث رئيسة وزراء مقاطعة ألبرتا بالقرار، واعتبرته خطوة إيجابية من شأنها تعزيز المفاوضات التجارية مع الولايات المتحدة، وفتح المجال أمام حلول عملية للنزاع القائم.
محاولة لتجنب التصعيدعلى الصعيد الأكاديمي، رأى أستاذ الاقتصاد في جامعة مكماستر الدكتور عاطف قبرصي أن هذه الخطوة تعكس محاولة كندية أحادية لتهدئة الأجواء وتجنب مزيد من التصعيد التجاري مع واشنطن. لكنه طرح تساؤلا جوهريا: هل ستستجيب إدارة ترامب بالمثل؟
قبرصي شكك في إمكانية حدوث رد أميركي إيجابي على المدى القريب، معتبرا أن سياسة ترامب المتمسكة بفرض الرسوم الجمركية لن تتغير بسهولة. غير أنه أشار إلى أن الضغوط الناجمة عن ارتفاع الأسعار داخل السوق الأميركية قد تدفع الرئيس الأميركي لإعادة النظر، محذرًا من أن استمرار الوضع الراهن يهدد بزيادة معدلات التضخم والبطالة في كلا البلدين.
وأضاف أن التعريفات الكندية في النهاية تشكل عبئا على المستهلك، سواء كان أميركيا أو كنديا، إذ يدفع المواطن ثمنها المباشر عبر ارتفاع الأسعار. وإلغاء هذه الرسوم يعني تخفيف التكاليف على المستهلك الأميركي وزيادة جاذبية السلع الكندية في السوق.
لكن خلف الجدل السياسي يبرز أثر اقتصادي مباشر على الشركات والمستهلكين، فقد أشاد المحلل المالي مايكل كامبل بقرار الإلغاء، واصفًا إياه بـ"الإيجابي" في ظل التوترات التجارية المستمرة.
وأوضح لصحيفة "غلوبال نيوز" أن التعريفات الجمركية مثل "صفقة خاسرة للجميع"، حيث يتحمل المستهلكون والشركات تكلفتها في نهاية المطاف بغض النظر عن بلدهم.
كامبل استشهد ببيانات الاتحاد الكندي للأعمال المستقلة التي كشفت أن 58% من الشركات الصغيرة والمتوسطة تأثرت سلبًا بالرسوم الانتقامية، في حين تحملت 67% منها التكلفة الكاملة لواردات السلع الأميركية. وأشار إلى أن 38% من هذه الشركات حذرت من الإغلاق إذا استمر النزاع لعام إضافي، في حين أكد 19% أنها لن تتمكن من الصمود أكثر من ستة أشهر.
"هذه أزمة حقيقية"، يقول كامبل، مضيفًا أن إلغاء الرسوم سيُستقبل بارتياح واسع من قبل الشركات التي تأمل في استعادة شيء من الاستقرار الاقتصادي. وقد انعكست الخطوة مباشرة على الأسواق، حيث تراجع الدولار الكندي بنسبة 0.5% أمام الدولار الأميركي ليصل إلى 1.3837 دولار كندي مقابل العملة الأميركية.
دوافع سياسية أكثر من اقتصاديةورغم هذه القراءات الاقتصادية، فإن خبير الخدمات المالية أحمد جاد الله يقدم تفسيرًا مختلفا، إذ يرى أن القرار الكندي تحكمه اعتبارات سياسية بالدرجة الأولى. وبيّن أن التوقيت -عقب محادثة هاتفية بين كارني وترامب ودون مفاوضات معمقة- يوحي بأن الهدف الرئيسي هو تهدئة التوترات ودعم استئناف الحوار مع واشنطن، مع منح ترامب مكسبًا سياسيا داخليا.
جاد الله أوضح أن الخطوة قد تخفف جزئيا من ضغوط التضخم على المستهلك الكندي، لكنها في المقابل تهدد بعض الصناعات الوطنية مثل الصلب والألمنيوم والطاقة المتجددة لأنها تمنح المنتجات الأميركية ميزة تنافسية في السوق الكندية من دون مقابل مماثل. وأضاف أن القرار قد يساعد على الحفاظ على بعض مزايا اتفاقية التجارة الحرة، لكنه يبقى رهينًا بمدى تجاوب واشنطن، في ظل استمرار ضعف ثقة المستثمرين بالسوق الكندية.
إعلانوفي موازاة هذا القرار، وقع كارني مطلع الأسبوع الجاري شراكة إستراتيجية مع بولندا تهدف إلى تعزيز التعاون في مجالات التجارة والدفاع والطاقة النظيفة والأمن السيبراني، في محاولة لتقليل الاعتماد الكلي على السوق الأميركية وتوسيع خيارات كندا في الساحة الدولية.
اعتبارًا من مطلع سبتمبر/أيلول المقبل، ستُعفى من الرسوم الانتقامية مجموعة واسعة من السلع الأميركية، تشمل:
مستحضرات التجميل العطور منتجات الألبان الدواجن والتوابل الفواكه والخضروات والبقوليات الحلويات والزيوت والمعجنات الأثاث وأجهزة المطبخ الأجهزة الإلكترونية والهواتف منتجات الأخشاب والورق المشروبات الكحوليةالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات دراسات من السلع الأمیرکیة الرسوم الانتقامیة إلى أن
إقرأ أيضاً:
ترامب يوسع الرسوم الجمركية.. 25% على الشاحنات المستوردة!
أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب، عبر منصته “تروث سوشال”، أن الشاحنات الثقيلة المستوردة إلى الولايات المتحدة ستفرض عليها رسوم بنسبة 25% ابتداءً من الأول من نوفمبر، في خطوة اعتبرها البيت الأبيض مرتبطة بـ”الأمن القومي” وتهدف إلى دعم شركات تصنيع الشاحنات الأميركية مثل بيتربيلت وكينورث وفريتلاينر وماك تراكس.
وتأتي هذه الخطوة ضمن حملة حمائية أوسع أعلن عنها ترامب في 26 سبتمبر، تضمنت فرض رسوم جمركية على قطاعات متعددة مثل الأدوية والأثاث والشاحنات الثقيلة، مستندة إلى البلد أو المنطقة التي تشكل منشأ البضائع بدلاً من طبيعة المنتجات نفسها.
وأثار القرار موجة من التساؤلات حول قانونيته، إذ لم تُثبت المحكمة العليا الأميركية بعد قانونية الرسوم الجمركية الجغرافية، ومن المتوقع أن تصدر قرارها النهائي مطلع نوفمبر، بعد أن قضت محكمة فيدرالية سابقاً بعدم قانونية العديد من الضرائب التي أعلنها الرئيس في هذا السياق.
في الوقت نفسه، واصل ترامب فرض رسوم جمركية قطاعية تشمل السيارات والصلب والألمنيوم والنحاس، استناداً إلى أساس قانوني مختلف، ما يعكس استراتيجية متكاملة لدعم الصناعة الأميركية وحماية سوق العمل المحلي من المنافسة الأجنبية.
وتثير هذه الإجراءات أسئلة مهمة حول توافق الرسوم الجمركية على الشاحنات مع اتفاقيات التجارة الدولية القائمة، مثل تلك التي تربط الولايات المتحدة بكندا والمكسيك، أو الاتفاق الذي تم التوصل إليه هذا الصيف مع الاتحاد الأوروبي، وسط مخاوف من أن تؤدي هذه الرسوم إلى ارتفاع تكاليف النقل وارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية وتأثيرات محتملة على سلاسل الإمداد الدولية.
لولا دا سيلفا يحث ترامب على إلغاء الرسوم الجمركية على الصادرات البرازيلية
دعا الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا نظيره الأمريكي دونالد ترامب إلى رفع الرسوم الجمركية التي فرضتها الولايات المتحدة على السلع البرازيلية، مؤكداً رغبته في استعادة العلاقات الودية بين البلدين بعد سنوات من التوتر التجاري.
وجاءت الدعوة خلال اتصال هاتفي أجراه ترامب مع لولا صباح الاثنين، استمر نحو 30 دقيقة ووُصف بالأجواء الودية، وفق بيان صادر عن مكتب الرئيس البرازيلي، الذي أشار إلى أن الزعيمين ناقشا سبل تعزيز التعاون الاقتصادي بين أكبر ديمقراطيتين في نصف الكرة الغربي.
وطلب لولا من ترامب إلغاء الرسوم البالغة 40% على المنتجات البرازيلية، إلى جانب الإجراءات التقييدية المفروضة على عدد من المسؤولين في بلاده، مشيراً إلى أن هذه الخطوة ستسهم في دعم التجارة الثنائية وخلق فرص عمل جديدة في البرازيل والولايات المتحدة.
واتفق الرئيسان على عقد لقاء شخصي قريباً، ورجّح البيان أن يتم اللقاء على هامش قمة “آسيان” المقرر عقدها في ماليزيا، حيث أعرب لولا عن استعداده لزيارة واشنطن في المستقبل القريب، مؤكداً حرصه على بناء “قناة تواصل مباشرة” مع البيت الأبيض.
وكانت واشنطن قد فرضت في أغسطس الماضي رسوماً جمركية على عدد من الصادرات البرازيلية وصلت إلى 50%، شملت القهوة واللحوم وبعض المنتجات الزراعية، بينما استثنت لبّ الخشب ومكونات الطائرات والمعادن الأرضية النادرة وعصير البرتقال من القرار.
ورغم أن لولا لوّح في يوليو الماضي بالرد بالمثل، فإنه أبدى لاحقاً تفاؤله بإمكانية التوصل إلى تفاهم جديد يعيد العلاقات التجارية إلى مسارها الطبيعي، في ظل ما وصفه بـ”المناخ الإيجابي” في التواصل بين البلدين.