الرنتاوي : الحرب على غزة… انتهت ولم تنتهِ
تاريخ النشر: 14th, October 2025 GMT
#سواليف
#الحرب على #غزة… انتهت ولم تنتهِ
كتب: #عريب_الرنتاوي، مدير مركز القدس للدراسات السياسية
14 تشرين الأول/ أكتوبر 2025
مقالات ذات صلة حماس تكشف موقفها من ملف السلاح والتنازل عن السلطة 2025/10/14يجهد الوسطاء العرب والأتراك، في تحويل قمة شرم الشيخ الدولية، إلى منصةٍ يٌعلّنُ من فوقها، انتهاء الحرب على غزة، وهم يعوّلون في مسعاهم هذا، على “شغف” دونالد ترامب، في تسطير المعجزات، وإيقاف حروب ممتدة لثلاثة آلاف عام، وإرساء سلام أبدي، لا يقتصر على غزة وفلسطين و”إسرائيل”، بل يشمل الشرق الأوسط بمظلته، وصولاً إلى إيران، التي تلقت في الأيام الأخيرة، ما يكفي من رسائل الغزل من البيت الأبيض، وترامب شخصياً، حتى وصل الأمر بالخارجية الأميركية إلى توجيه رسالة دعوة لطهران، للمشاركة في احتفالية السلام، في مدينة السلام، على شواطئ البحر الأحمر.
وعلى الرغم من أن هذا المسعى، يجد دعماً دولياً-إسلامياً- عربياً، شبه إجماعي، إلا أن طرفي الحرب المباشرين، ما زالا على مواقفهما واشتراطاتهما، التي قد تجعل هدف وقف الحرب، محفوفاً بالشكوك والمخاطر، وهما، أي “إسرائيل” والمقاومة، وإن كانتا قد قدّمتا دعماً “مشروطاً” لمبادرة ترامب، وتتحدثان عن التزام بإنهاء الحرب، إلا أنهما تدركان تمام الإدراك، أن الاستمساك بهذه المطالب والشروط، قد يجعل المهمة صعبة، وقد يفتح الباب رحباً على عودة “الأعمال العدائية”، وإن بقدرٍ أقل من الشدّة، وبمستوى أكثر انخفاضاً من المستويات التي بلغتها حرب الإبادة والتطهير.
ثلاثة عناوين رئيسة متداخلة، يكفي كل واحدٍ منها، لتبديد فسحة التفاؤل والأمل، التي أنتجها اتفاق شرم الشيخ الأخير: (1) مصير سلاح المقاومة وكوادرها وقادتها في غزة… (2) شكل وطبيعة حكم القطاع في مرحلة ما بعد الحرب… (3) انتشار قوات أجنبية في قطاع غزة، لمرحلة انتقالية، إلى حين بت مسائل الأمن والحكم وإعادة الإعمار، والعلاقة مع الضفة والسلطة.
العنوان الأول، مصير السلاح والمسلحين
أبقت المقاومة موقفها من هذا البند في مبادرة دونالد ترامب، غامضاً، لم تقل بشأنه شيئاً محدداً، لم يصدر عنها قبل الاتفاق ما يشي باستعدادها لتسليم السلاح أو الموافقة على انتزاعه، ظلت تربط هذه المسألة بشرط قيام دولة فلسطينية مستقلة، بحيث يصبح سلاح المقاومة، جزءاً من سلاح الدولة.
بعد “شرم الشيخ”، أخذ موقف المقاومة يتظهّر على نحو أكثر جزماً، بيانات حماس والفصائل وتصريحات قادتها، البيان الثلاثي (شعبية، جهاد وحماس)، التقت جميعها على موقفٍ واحدٍ، يرفض تسليم السلاح، ويتعهد بالاحتفاظ به باعتبار أن “نزع السلاح رديف انتزاع الأرواح”… ما بدا أنه مناورة تكتيكية، أو غموض بناء، صدر عن المقاومة في خطاب الردّ على مبادرة ترامب، عاد اليوم ليكون كما كان بالأمس: موقفاً استراتيجياً، لا يدانيه في وضوحه، سوى الإصرار على وقف الحرب والانسحاب من غزة ورفع الحصار عن أهلها.
في المقابل، ليست مسألة سلاح المقاومة، بـ”الجزئية” أو “التفصيل” في حسابات نتنياهو وشروط الكابينت الخمسة لإنهاء الحرب، لقد وردت مرتين في قائمة هذه الشروط، مرة حين تحدثت عن تدمير البنية الحكومية والقتالية لحماس، وأخرى عند اشتراط “غزة برمتها، منزوعة السلاح” لوقف الحرب… بقاء حماس كقوة مسلحة في غزة، من منظور “إسرائيل”، هو قبول صريح بـ”الهزيمة”، ولا سيما بعد الصفعات القاسية التي تلقتها أحلامهم السوداء باحتلال غزة واقتطاع أجزاء منها لاستيطانها بعد تهجير سكانها، وفرض السيطرة الأمنية طويلة الأمد عليها.
على هامش جولات التفاوض وفي الاتصالات النشطة التي أجراها الوسطاء، خرجت تسريبات عديدة، تجهد في إيجاد “نقطة وسط” بين الموقفين، قيل “وضع السلاح بدل نزعه”، وجرى تمييز بين سلاح ثقيل/هجومي، وآخر خفيف/دفاعي، وتم التفريق بين السلاح وبنيته التحتية من أنفاق ومعامل إنتاج ومواقع هجومية، وغير ذلك مما يشفّ عنه سعي الدبلوماسية لإيجاد “حل الوسط”، يستطيع الطرفان، الزعم بأنه يلبّي شروطهما وأهدافهما.
في الصراع التفاوضي حول السلاح، تجد حماس (والمقاومة) وحدها، مجردة من الحلفاء والداعمين الأقوياء… معظم الدول العربية والإسلامية التي اجتمع قادتها ومسؤولوها بالرئيس الأميركي الشهر الفائت في نيويورك، ليسوا معنيين بالسلاح، بل إن بعضهم، لا يقل حماسة عن “تل أبيب”، لانتزاعه، وإنهاء ظاهرته، فيما الحلفاء الأقرب، الذين يتولون دور الوساطة، لن يكونوا في موقع تبرير إبقاء السلاح وتبرير الاحتفاظ به، ولن يخوضوا معركة حماس والمقاومة، من أجل الاحتفاظ به، تلكم قضية إشكالية، بالنسبة إليهم، لن تكون مفهومة تماماً من سيد البيت الأبيض.
وفي الصراع التفاوضي حول “السلاح”، ستسعى واشنطن و “تل أبيب”، ومروحة واسعة من الدول الأوروبية والعربية، إلى ربطه بمسألتي “التعافي وإعادة الإعمار”، وتشكيل “قوة الاستقرار الدولية”، التي من دون انتشارها في المناطق “خارج الخط الأصفر”، لن تكون هناك نبضة ثانية من الانسحابات، معنى ذلك، أن نصف قطاع غزة، أو أكثر قليلاً (53 في المئة)، سيظل خاضعاً للاحتلال حتى إشعار آخر.
ثمة نقطة ما زال يكتنفها قدرٌ من الغموض، حول إذا ما كانت “قوة الاستقرار الدولية” ستنتشر على الأجزاء الخاضعة لسيطرة “الجيش” الإسرائيلي، بصرف النظر عن رفض حماس أو قبولها بفكرة نزع السلاح… في المبادرة، ثمة إشارة إلى أن الخطة ستمضي في مراحلها التالية لمرحلة تسليم الأسرى والرهائن، بموافقة حماس أو من دونها، لكن السؤال المهم التالي: من هي الدول التي ستجازف بإرسال قواتها على الأرض في غزة، في الوقت الذي تنظر فيه حماس لهذه القوة، بوصفها “انتداباً دولياً مسلحاً”، يجري بالضد من إرادتها وإرادة المقاومة؟ ومن هي الدولة العربية أو الإسلامية، التي ستقدم على مغامرة الاشتباك المُحتمل مع الفلسطينيين، بعد عامين من حرب الإبادة والتطهير، فتظهر أمام شعبها وكأنها جاءت لإتمام المهمة التي عجزت “إسرائيل” عن إنجازها عسكرياً طيلة هذه الفترة؟
لقد وجدت حماس دعماً وتأييداً من مجموعة “الثماني” العرب والمسلمين، في قضايا وقف الحرب والانسحاب ورفع الحصار وإدخال المساعدات، والأهم منع التهجير ورفضه بالكامل، وذلكم أمرٌ مقدر من دون شك، لكنها لن تلقى منهم، الدعم ذاته، لقضية الاحتفاظ بالسلاح، وفي ظني أن قيادة حماس، تدرك ذلك أتم الإدراك.
الرهان معقود اليوم، على ما يمكن للدبلوماسية أن تجترح من حلول وسط، يمكن لكل طرف تسويقها في بيئته و”العيش معها”، بخلاف ذلك، فإن السلاح، سيكون في المرحلة الثانية، كما كانت “الرهائن” في المرحلة الأولى، مبرراً لاستئناف العمليات العسكرية… وقد يتحول إلى ذريعة تستغلها “تل أبيب”، لـ”شرعنة” مطلبها، بالاحتفاظ بحقها في اللجوء إلى القوة العسكرية، كلما استشعرت تهديداً، أي بعبارة أخرى، إعادة إنتاج “النموذج اللبناني” في غزة، وبضمانة أميركية، وربما بتفهم من أطراف عرب ودوليين.
عودة الحرب على نطاق شامل، كما في “عربات جدعون 2″، يبدو خياراً غير مرجح لأسباب عديدة، منها الوضع الإسرائيلي الداخلي، حالة الإنهاك والإعياء التي أصابت “الجيش” الإسرائيلي، فقدان الحرب لأهداف عسكرية ذات قيمة وازنة، ولا سيما بعد انسداد أو تراجع الفرص أمام مشاريع التهجير والاحتلال والسيطرة المستدامة، المشهد الدولي الضاغط، إلى غير ما هنالك من عوامل وأسباب… لكن مستويات أقل شدة من “الأعمال العدائية”، ستظل احتمالاً قائماً، بل ومرجحاً.
العنوان الثاني: قوة الاستقرار الدولية
“إسرائيل” تريدها، لهدف واحد، تنتهي صلاحيتها ووجودها، بإنجازه: نزع سلاح المقاومة، ولا بأس في أن تشرع بتنفيذ أولى مهامها: البحث عن جثث الرهائن القتلى وانتشالها… لـ “إسرائيل” موقف “تاريخي”، عابر للحكومات والأحزاب، رافض لفكرة “التدويل”، فما بالكم حين يكون “التدويل” مطعماً” بـ”الأسلمة” و”التعريب”؟
حماس أيضاً، لا تريدها، وهي وإن كانت مقبولة لهدف مؤقت وطارئ لضمان عدم عودة الحرب، وإيفاء “إسرائيل” بالتزاماتها، إلا أن حماس تدرك، أن هذه القوة، هي من سيسهر على تنفيذ شرط “نزع السلاح”، وأن الدول المشاركة فيها، أجنبية كانت أم عربية/إسلامية، لن تقامر بإرسال وحداتها، في حالتي بقاء “الجيش” الإسرائيلي من دون انسحاب، وبقاء سلاح حماس ومسلحيها منتشرين في أرجاء القطاع، حتى وإن جاء تحت غطاء “تجميد السلاح”، أو تخزينه تحت رعايتها وحمايتها.
ترامب في خطته، جعل من تشكيل هذه القوة، وانتشارها ما وراء الخط الأصفر، شرطاً للولوج إلى المرحلة الثانية، وما سيعقبها من مراحل، و”حكومة غزة” الجديدة، سواء تشكلت من تكنوقراط فلسطيني “مُطَعّم” أم خالصة، وبالأخص “سلطة المندوب السامي الجديد: طوني بلير”، لن تعتمد لحفظ أمنها وفرض سلطتها وممارسة صلاحياتها، على مقاتلي حماس ولا على شرطتها… ثمة شرطة فلسطينية جديدة، يجري إعدادها لتحل محل شرطة حماس، و”قوة الاستقرار الدولية” وفقاً للخطة، هي التي ستكون مولجة حفظ الأمن والاستقرار في غزة، بديلاً، وليس إلى جانب قوات حماس، على اختلاف تشكيلاتها وتسمياتها.
الفلسطينيون عامة، وليس حماس والمقاومة، منقسمون في موقفهم حول القوة الدولية، أو التدويل بصفة عامة… فريق منهم، وليس السلطة وحدها، يرى في التدويل، “كسراً” لخط أحمر إسرائيلي، كان أميركياً كذلك، طيلة الفترات الماضية، ونقطة تسجل للفلسطينيين في الحرب على النقاط مع أعدائهم، ولا يرون ضيراً في اللجوء إليها، طالما أن المجتمع الدولي يكاد يُجمع على “حل الدولتين” ويدعم فكرة قيام دولة فلسطينية، بخلاف الحليفتين الاستراتيجيتين، وربما رهاناً على أن موقفاً كهذا، قد يُسرّع في استحداث الاستدارة المطلوبة في الموقف الأميركي.
هنا أيضاً، ستجد حماس وفريقها التفاوضي، والمقاومة، وضعاً أشد حرجاً على موائد التفاوض والمحادثات، إذ حتى أقرب حلفائها إليها، من عرب وأتراك، هم الأكثر ترشيحاً، للمساهمة في تشكيل هذه القوة، من وحدات جيوشهم وأجهزتهم الأمنية… وثمة ما يشبه الإجماع الدولي الداعم، لهذه الخطوة، وسط تفهم أقل، لمخاوف المقاومة وسرديتها.
خيار منع تشكيل هذه القوة، أو التسريع في إخراجها من غزة، تحت وقع الضربات والعمليات العسكرية، كما حصل في لبنان أكثر من مرة، منذ “قوات الردع العربية” في الحرب الأهلية، إلى الانتشار الأميركي الفرنسي بعد حرب 1982، فضلاً عن أنه، صعب للغاية في الظروف القائمة في غزة اليوم، يمكن القول، إنه سيكون خياراً انتحارياً للمقاومة، إذ سيضعها في الميدان وعلى موائد التفاوض، وجهاً لوجه، مع من تبقى لها من مؤازرين رسميين، في العالمين العربي والإسلامي، بل وقد يفضي أي احتكاك مع هذه القوات، إلى انقلابات في الرأي العام الداعم للمقاومة في هذه الدول، ولكن في الاتجاه المعاكس لما تشتهيه سفن المقاومة وأشرعتها.
إن أمكن للدبلوماسية أن تجترح حلولاً “إبداعية” لمسألة السلاح، وهو أمرٌ ممكن على صعوبته، فإن الحلول ذاتها، ستنسحب على تشكيل القوة الدولية المذكورة، والتي بالمناسبة، بدأت طلائعها الأميركية بالوصول مبكراً إلى المنطقة، وستليها قريباً “Task Force”، للبحث عن جثث وبقايا الرهائن القتلى، تحت أنقاض غزة، وركام منازلها، وهي قوة مكونة من عناصر ووحدات مصرية وتركية وقطرية، وآخرين ربما، من خارج “ثلاثي الوساطة”.
العنوان الثالث: حكم غزة وحكومتها
حماس تريد لليوم التالي لغزة، أن يكون فلسطينياً بامتياز، على الرغم من أنها أكدت مراراً وتكراراً، قبل مبادرة ترامب وبعدها، بل وبعد أشهر قلائل من السابع من أكتوبر…. هذا الموقف، يجد دعماً وتأييداً من مختلف الكيانات والمكونات الفلسطينية، بمن فيها السلطة والرئاسة الفلسطينيتان، حتى وهما تشترطان استبعاد حماس من السلطة والمنظمة والانتخابات المقبلة سواء بسواء، ما لم تلتزم بشروط الرباعية الدولية “البائدة” وترفع أوسلو و”التنسيق الأمني” إلى مستوى الالتزام المطلق، وتضفي عليهما كما فعل الرئيس، هالة من “القداسة”.
حماس برغم ذلك لا تمانع في عودة السلطة إلى ممارسة أدوارها على المعابر وفي حكم غزة وحكومتها، إلى جانب أطراف وشخصيات فلسطينية أخرى… حكومة نتنياهو، هي من لا يزال يشهر حق النقض “الفيتو” في وجه هذه الدعوة، مدعومة بموقف أميركي، جعلها مشروطة بسلسلة من “الإصلاحات” وفق “دفتر شروط” مستلّ من قاموس نظرية الأمن القومي الصهيونية… فيما المجتمعان، العربي والدولي، يطالبان بعودة السلطة، وإن كانا سيقبلان بـ”تسللها” إلى بعض من الأدوار والمواقع في المرحلة المقبلة، تحت عناوين وذرائع انتقالية شتى.
في مطلق الأحوال، ليس ثمة مسافة شاسعة، بين حديثٍ عن حكومة تكنوقراط فلسطينية “مُطعمة”، لإدارة غزة انتقالياً، وبين مبادرة “الإسناد المجتمعي” المصرية، التي قبلت بها حماس والفصائل، وعادت السلطة للأخذ بها “بعد لأي”… لكن الجديد الناشئ اليوم، أن فوق هذه الحكومة، ستكون هناك حكومة “عالمية” برئاسة دونالد ترامب فخرياً، وطوني بلير تنفيذياً، فيما الصلاحيات والأموال والمساعدات، ستكون بيد الأخيرة لا الأولى.
طوني بلير يتحرك بمعزل عن كل ما يتناهى إلى مسامعه من مواقف الرفض والتنديد والاستنكار التي تجتاح المجتمعين العربي والفلسطيني، للرجل وإرثه وسلوكه وتاريخه، وهو في هذا السياق، بدأ التحضير لتشكيل حكومته الجديدة، “المندوبية السامية الجديدة” لغزة، وسيأخذ دعماً وزخماً من قمة شرم الشيخ، وفي سياق هذه المشاورات يلتقي في عمان بنائب الرئيس الفلسطيني، ليس بوصفه صاحب السلطة والسيادة، بل بوصفه ممثلاً لفريق، من الممكن (أو غير الممكن)، أن يحظى بـ”شرف المشاركة” في تشكيلته الوزارية الجديدة، عبر أشخاص تنطبق عليهم معايير واشنطن وتل أبيب، وليس عبر ممثلين حقيقين لتطلعات وأشواق شعبهم وطموحاتهم الوطنية.
ومثلما يتحرك طوني بلير على أرض الإقليم، تتحرك المقاومة على أرض غزة كذلك، فما إن غادرت الدبابات الإسرائيلية مناطق انتشارها داخل الخط الأصفر، حتى شرعت “حكومة حماس وداخليتها” في نشر عناصرها لضبط الأمن وتقديم ما تيسر من خدمات، في شروط أقرب للجحيم منها إلى أي شيء آخر، لكأن حماس تريد أن تبعث برسالة مفادها: نحن هنا، ومن قال إن الحركة باتت جزءاً من ماضي وتاريخ الشعب الفلسطيني، يبدو مشتبهاً وملتبساً عليه الأمر.
الصراع على شكل الحكم والحكومة وإدارة غزة، يبدو محتدماً… حماس لديها وجودها على الأرض، الذي ضعف ولم ينهر، وثبت أنها خرجت من حرب السنتين متماسكة كمنظمة ومنظومة، فيما خصومها، يسعون لمحوها عن خريطة غزة وفلسطين، وبين هذين الحدين “الأقصويين”، يتحرك الوسطاء، لاجتراح الحلول، كما يفعلون في قضية السلاح و”قوة الاستقرار الدولية”.
وخلاصة القول، إن ترامب يصل اليوم إلى المنطقة، في رحلة “التقاط الصور”، في “تل أبيب” مع عائلات الأسرى، وسيظهر في وسطهم، كما يفعل “بابا نويل” في أعياد الميلاد، ومن على منصة الكنيست سيفرد جناحيه، كداعم أعظم لدولة الفصل والتطهير والإبادة، وفي شرم الشيخ، سيعتلي المنبر كبطل سلام، جاء بما لم يستطعه الأوائل… وسيغادر تاركاً للإقليم “خطاب نيات” ملتبساً” ومبادرة ضبابية ووعود سلام، فيما الاتفاق على الأرض، يترنح تحت ضغط العنجهية الإسرائيلية، وتكاد مرحلته الأولى، أن تتعثر قبل أن تبدأ، بعد أن نكث نتنياهو باتفاق تبادل الأسرى وقوائم المحكومين بالمؤبدات، فيما الوسطاء والضامنون، يقفون حيارى، لا يقوون على فعل شيء جدي يُذكر، فكيف سيكون مصير الضمانات والتطمينات، حين يشرع الأفرقاء، في معالجة الملفات الأكثر تعقيداً وسخونة وحساسية، ملفات المرحلتين الثانية والثالثة، من مبادرة العشرين بنداً؟… الأيام وحدها، ستجيب عن هذا السؤال.
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: سواليف غزة عريب الرنتاوي سلاح المقاومة شرم الشیخ الحرب على هذه القوة تل أبیب فی غزة
إقرأ أيضاً:
قادة إسرائيليون سابقون: الحرب انتهت وحماس حصلت على ما تريد
تناول الإعلام الإسرائيلي احتمالات العودة للحرب من جديد في قطاع غزة حيث قال مسؤولون عسكريون سابقون، إن هذا الأمر لم يعد ممكنا في ظل الظروف الحالية، رغم حديث بعضهم عن عدم قدرة اتفاق وقف إطلاق النار الحالي على الصمود.
فقد أكد الرئيس السابق للجنة الخارجية والأمن في الكنيست تسفي هاوزر، أن إسرائيل ستطلق سراح 2000 من أعضاء حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، وهذا يعني أن الحركة ستحصل على نسخة جديدة من كل قادتها الذين قتلوا خلال الحرب.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2أكاديمي إسرائيلي: إسرائيل تراهن على خطة خطيرة في غزةlist 2 of 2كاتب تركي: نتنياهو قبِل خطة ترامب لكنه يفكر كيف يفشلهاend of listواعتبر هاوزر أن هذا الحدث "يتجاوز صفقة شاليط التي يجب على إسرائيل أن تستخلص منها الدروس".
كما قال محلل الشؤون العربية في يديعوت أحرونوت، آفي إيسسخاروف، إن العالم يرى تبعات الاتفاق على أرض الواقع حيث بدأ مقاتلون في الانتشار بالشوارع وهم يحملون السلاح ويرتدون سترات واقية لإظهار سيطرتهم، مما يعني أن الهدف الأول من الحرب وهو القضاء على الحركة لم يتحقق.
وفي السياق، قال الرئيس السابق لمجلس الأمن القومي، الجنرال غيورا آيلاند، إن ما يجري حاليا هو وقف لإطلاق النار في أحسن حالاته وليس معروفا، إن كان مؤقتا أو أكثر من مؤقت.
وأضاف آيلاند "لو قالت حماس إن إسرائيل أجرت تعديلات على قوائم الأسرى المتفق عليهم، وبناء على ذلك رفضت إطلاق سراح بعض الرهائن الإسرائيليين، فلا أحد في العالم يمكنه فعل شيء لأنها أصبحت تمتلك أوراق قوة خصوصا بعدما عاد مئات الآلاف إلى مدينة غزة".
ويرى الجنرال السابق الذي كان صاحب خطة الجنرالات في شمال القطاع أن شن هجوم عسكري جديد "لم يعد ممكنا في ظل الظروف الجديدة".
أما الصحفي في يديعوت أحرونوت، رونين بيرغمان، فنقل عن مسؤولين كبار في فريق التفاوض أن التوصل لهذا الاتفاق كان ممكنا قبل 7 أشهر وربما أكثر.
ونقل بيرغمان عن هؤلاء المسؤولين أن حماس "حصلت في النهاية على ما أصرت عليه منذ البداية، فقد بقيت في القطاع وحصلت على كل أسراها باستثاء 20 اسما فقط، بينما إسرائيل ستنسحب من غزة بالتأكيد".
إعلانولم يختلف الرئيس السابق لشعبة العمليات في الجيش اللواء احتياط يسرائيل زيف، مع الأحاديث السابقة بقوله إن الحرب قد انتهت، وإن كل الأحاديث التي يسوقها بعضهم عن العودة للقتال "هي ادعاءات غير صحيحة".
وأكد زيف أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب ليست لديه نية لاستئناف الحرب، وأن هناك قوة أميركية للمراقبة على الأرض مما يعني أن أحدا لن يشن أي هجوم، مضيفا "هناك نقاش بشأن شن إسرائيل هجمات من خارج الحدود كما هي الحال في لبنان لكن هذا أيضا محل شك".
نتنياهو سيعاود الحربفي المقابل، نقل الرئيس السابق لقيادة الجبهة الداخلية العميد احتياط، دادي سيمحي، عن مسؤول أمني وصفه بـ"الكبير جدا جدا": "لن نقبل بعودة التهديد مجددا، وقد أثبتت إسرائيل هذا خلال العامين الماضيين وستفعل ذلك خلال السنوات الـ30 المقبلة".
كما قال محلل الشؤون السياسية في القناة 13، رفيف دروكر، إنه من الصعب خلق وضع قابل للبقاء لأن بنيامين نتنياهو، المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية "لن يتعايش مع بقاء حماس في حكم غزة".
وأضاف دروكر "حتى لو بقيت حماس في نصف القطاع فقط، فهذا أمر لن يقبله نتنياهو ولا غالبية الإسرائيليين ولا الحكومة"، مؤكدا أن هذا الوضع "غير قابل للاستمرار"، وأن عودة الحرب "أقرب للواقع من تأسيس قوة سلام بقيادة رئيس الوزراء الأسبق توني بلير".