لم يكن اختيار الأستاذة الدكتورة سهام صلاح الدين الهواري، عالمة العقاقير المصرية، ضمن قائمة جامعة ستانفورد الأميركية لأفضل 2% من العلماء الأكثر تأثيرًا في العالم لعام 2025 مفاجئًا لها، بل كان تقديرًا متوقعًا لمسيرتها الطويلة المليئة بالإنجازات.

فسهام الهواري، أستاذة العقاقير المتفرغة بكلية الصيدلة في جامعة القاهرة والمولودة عام 1946، سبق أن أدرجت في القائمة نفسها خلال الأعوام الثلاثة الماضية بجدارة واستحقاق.

تملك الباحثة المخضرمة، التي تبلغ من العمر 79 عامًا، أكثر من 200 بحث علمي منشور، ولا تزال تواصل العمل على أبحاث جديدة تحمل نتائج واعدة ومفاجآت علمية تثبت أن الشغف بالعلم لا يحده عمر.

كيف بدأت مسيرتك مع دراسة الصيدلة؟

كنت أرغب في دراسة هذا المجال منذ البداية، فأنا أحب عملي بشغف كبير. التحقت بكلية الصيدلة وحصلت على بكالوريوس الصيدلة والكيمياء الصيدلية بتقدير جيد جدا مع مرتبة الشرف، مما أهّلني للتعيين معيدة في الكلية. بعدها واصلت دراستي العلمية فحصلت على درجة الماجستير، ثم دكتوراه الفلسفة في العلوم الصيدلية عام 1976.

ومنذ ذلك الحين، انخرطت في العمل الأكاديمي والإداري إلى جانب تنفيذ عشرات الأبحاث العلمية والسفر في بعثات علمية خارج مصر.

تدرجت في المناصب حتى أصبحت أستاذة متفرغة، أشرف على الأبحاث والرسائل العلمية لطلاب الدراسات العليا، وما أزال حتى اليوم أواصل عملي البحثي بنفس الحماس الذي بدأت به رحلتي.

لماذا تم اختيارك ضمن قائمة جامعة ستانفورد الأميركية لأفضل 2% من العلماء؟

تصدر جامعة ستانفورد الأميركية هذه القائمة سنويا لتضم العلماء الأكثر تأثيرا عالميا، استنادا إلى معايير دقيقة تشمل عدد الأبحاث المنشورة وجودتها، وتصنيف المجلات العلمية التي نُشرت فيها، إضافة إلى عدد مرات الاستشهاد بها في دراسات أخرى.

إعلان

هذا العام، ضمت القائمة 33 باحثا من كلية الصيدلة بجامعة القاهرة، من بينهم 7 من قسم العقاقير، وأنا واحدة منهم، وهي المرة الرابعة على التوالي التي أُدرج فيها اسمي، بفضل تجاوز عدد أبحاثي 200 بحث علمي وتمتعها بتصنيف مرتفع وتأثير واسع.

هل تعارض شغفك العلمي مع ظروفك الأسرية؟

على العكس تمامًا، فقد كان دعمي الأسري هو سر استمراري ونجاحي. تزوجت من الراحل الأستاذ الدكتور محمد سعيد حفناوي، الذي توفي في 12 مارس/آذار 2025، وكان يكبرني بـ4 سنوات. عمل أستاذًا في قسم العقاقير بكلية الصيدلة، وكان خير سندٍ لي في مسيرتي البحثية، بل وشجعني دومًا على المضي قدمًا في عملي العلمي.

كان زوجي عالمًا بارعًا بحق؛ نشر أكثر من 150 بحثا علميا، ونال درجتي دكتوراه، الأولى من جامعة القاهرة والثانية من جامعة جنوب باريس، كما تولى منصب أول عميد لجامعة النهضة في مصر، وحصل على وسام العلوم وجائزتي الدولة التشجيعية والتقديرية في مجال العلوم.

لقد شاركني الشغف نفسه بالبحث العلمي، وكنا نخوض سويا نقاشات علمية مطوّلة حول مشاريعنا وأفكارنا. أنجبنا ابنين ناجحين:

الدكتور تامر حفناوي، أستاذ بكلية الطب، وأمين عام المجلس الأعلى لأخلاقيات البحوث الطبية والإكلينيكية في مصر، والدكتورة رشا حفناوي، التي تعمل في هيئة الدواء المصرية. ورزقنا الله بنعمة الأحفاد، الذين يملؤون حياتنا فخرًا وسعادة.

الأستاذة الدكتورة سهام صلاح الدين الهواري تواصل الإشراف على رسائل الدكتوراه والماجستير إلى جانب عملها البحثي (الجزيرة) ما أبرز الموضوعات التي تناولتها أبحاثك المنشورة عالميا؟

نشرتُ أكثر من 200 بحث علمي في مجلات دولية محكّمة، يصعب اختصارها في بضعة أسطر، كما أن هذه الأبحاث كانت ثمرة عمل جماعي وتعاون بحثي مع زملاء وطلاب من داخل مصر وخارجها.

من بين أبرز الموضوعات التي تناولتها أبحاثي: تأثير الزيوت النباتية في مكافحة الميكروبات والالتهابات، ودور بعض النباتات الطبية في الوقاية من أمراض الدماغ مثل ألزهايمر، وتحسين الذاكرة وتقليل الإجهاد التأكسدي، وإمكانية السيطرة على مرض السكري من النوع الثاني، بل والسعي إلى الشفاء منه باستخدام مستخلصات نباتية طبيعية.

وهناك موضوعات أخرى كثيرة تتعلق بـالاستخدامات العلاجية للنباتات الطبية والعقاقير المستخلصة منها، في إطار سعيي الدائم إلى الربط بين الطب التقليدي والبحث العلمي الحديث لإيجاد حلول آمنة وفعالة للأمراض المزمنة.

ما الذي اكتشفتِه بشأن النباتات على مدار سنوات عملك؟

تخصصي الأساسي في قسم العقاقير هو كيمياء النباتات الطبيعية، المكونات الفعالة فيها وتأثيراتها البيولوجية التي يمكن الاستفادة بها في العقاقير الطبية، بعضها يستخدم كغذاء وله تأثيرات صحية إيجابية، وبعضها مجرد نبات لكن به مواد فعالة نقوم بفصلها، وندرس تأثيراتها البيولوجية على حيوانات التجارب.

النباتات تعالج جميع الأمراض، بما فيها السكر، وبعض أمراض الكبد، والأورام السرطانية وحتى ألزهايمر، مصر غنية جدا بالنباتات الطبية وسيناء بالذات بها نباتات برية لها فوائد كثيرة، هكذا نذهب في كثير من الأحيان خصيصا إلى سيناء وسانت كاترين، للحصول على نباتات معينة نجري عليها مزيد من الأبحاث.

إعلان

وتدخل النباتات أيضا في مستحضرات التجميل من مصادر طبيعية، وتوفر مضادات أكسدة فعالة تقلل من الشيخوخة، ولها دور كبير في علاج الالتهابات، ومكافحة الميكروبات، والأمراض الجلدية، بعضها يستخدم كغذاء ودواء في نفس الوقت مثل التوت وحبة البركة وغيرها الكثير.

سهام الهواري تؤكد أن الوطن العربي غني بالنباتات الطبية القادرة على شفاء العديد من الأمراض الصعبة (الجزيرة)

 

ما الذي يعوق تحول نتائج الأبحاث إلى أدوية فعلية؟

النتائج التي نتوصل إليها في أبحاثنا مبشرة للغاية، لكنها لا تُستثمر بالشكل الكافي، لأن معظمها يقتصر على التجارب المعملية والحيوانية. الخطوة التالية الضرورية هي إجراء الدراسات الإكلينيكية (السريرية) على البشر، وهي المرحلة التي تمهّد لتحويل النتائج إلى أدوية قابلة للتطبيق بعد الحصول على الموافقات الرسمية.

لدينا نباتات أثبتت فعالية واضحة في علاج السكري من النوع الثاني، وأخرى أظهرت نتائج واعدة ضد أمراض متعددة، لكن غياب التعاون المنظم بين الجامعات وشركات الأدوية يعيق تحويل هذه النتائج إلى منتجات دوائية حقيقية. في الخارج، هناك شراكات قوية بين المؤسسات البحثية والصناعة، وهو ما نفتقده جزئيا هنا.

الجانب الإيجابي أن مصر بدأت تولي اهتمامًا أكبر مؤخرًا، إذ تم إنشاء المجلس الأعلى للأبحاث الإكلينيكية لاختيار الأبحاث التي يمكن الاستفادة منها صناعيا، ودعم استكمال مراحلها التطبيقية بما يفتح الباب أمام اكتشافات دوائية محلية المنشأ.

ما أمنيتك بعد كل تلك السنوات من البحث والعمل في مجال العقاقير؟

أنا أحب عملي بكل جوارحي، ورغم أنني قاربت على الثمانين، ما زلت أذهب يوميا إلى الجامعة لإلقاء المحاضرات ومناقشة الأبحاث ومتابعة الطلاب بروح شابة لا تعرف التعب.

أمنيتي أن يمدّ الله في عمري لأواصل شغفي بالبحث العلمي، وأن أرى ثمار جهودنا تتحول إلى أدوية حقيقية تسهم في علاج الناس وتخفيف آلامهم.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: غوث حريات دراسات

إقرأ أيضاً:

محافظ بني سويف يشهد الجلسة الرئيسية لمهرجان النباتات الطبية والعطرية

في إطار فعاليات اليوم الأول لمهرجان النباتات الطبية والعطرية في نسخته الرابعة، الذي يُقام تحت شعار "بني سويف عاصمة النباتات الطبية والعطرية .. من مصر إلى العالمية"، شارك الدكتور محمد هاني غنيم محافظ بني سويف " متحدثاً" في الجلسة الرئيسية التي عقدت تحت عنوان" التصنيع الزراعي كمحرّك للاقتصاديات المحلية"، حيث أدار الجلسة الإعلامي حسام محرز المتخصص في القطاع الزراعي.

وشارك في فعاليات الجلسة، كلا من :الدكتور أحمد الأنصاري محافظ الفيوم، الدكتور هشام الهلباوي مساعد وزير التنمية المحلية للمشروعات القومية والتنمية الريفية، الدكتور علاء عزوز رئيس قطاع الإرشاد الزراعي ممثلًا عن وزير الزراعة واستصلاح الأراضي، الدكتور طارق الهوبي رئيس الهيئة القومية لسلامة الغذاء، النائب عبد الحميد دمرداش رئيس المجلس التصديري للحاصلات الزراعية، واللواء عمرو عبد المنعم رئيس هيئة تنمية الصعيد.

وفي مداخلته أكد محافظ بني سويف أن "الاقتصاد هو محرك كل شيء"، مشيرًا إلى أن التصنيع الزراعي لم يعد خيارًا تنمويًا بل أصبح ضرورة قومية لتعظيم الاستفادة من الموارد الزراعية وتحويلها إلى منتجات ذات قيمة مضافة قادرة على المنافسة عالميًا، وأوضح أن محافظة بني سويف تمتلك مقومات نسبية تؤهلها لتكون عاصمة النباتات الطبية والعطرية، حيث يعتمد أكثر من 50% من اقتصاد المحافظة على النشاط الزراعي، وتُعد من أكبر قلاع الزراعة في مصر من حيث المساحة والتنوع وجودة منتجاتها، وهو ما مكّنها من الاستحواذ على 95% من صادرات الزيوت العطرية والطبية على مستوى الجمهورية.

وأشار المحافظ إلى أن بني سويف وضعت استراتيجية شاملة بشأن التصنيع الزراعي تستند إلى تقليص سلاسل الإمداد، وتوطين الصناعات التحويلية بالقرب من مناطق الإنتاج، مما يسهم في خفض التكاليف وزيادة القدرة التنافسية للصادرات المصرية. 

وكشف عن أن اختيار مدينة سمسطا ليقام بها مجمع النباتات الطبية والعطرية جاء بعد دراسات اقتصادية وجغرافية أكدت أنها الأنسب لتلاقي محافظات شمال الصعيد، لقربها من محور الفشن ومحطة القطار الكهربائي السريع التي تسهل الوصول إلى الموانئ، بما يجعلها مركزًا لوجستيًا واستثماريًا يخدم حركة التجارة والتصدير.

وتم الموافقة على تخصيص 147 فدانًا لإقامة مدينة صناعية متكاملة للنباتات الطبية والعطرية ومنطقة استثمار سياحي مرتبطة بها، بهدف خلق نموذج صناعي متطور يعتمد على تكنولوجيات التصنيع والإنتاج، كما قدم عرضًا تفصيليًا للمشروعات التي بدأ تنفيذها بالفعل، مثل مشروع تجفيف الطماطم الذي يعتمد على زراعة أكثر من 12 ألف فدان.

وخلال الجلسة، تناول الدكتور هشام الهلباوي أهمية التصنيع الزراعي في تحقيق التنمية الريفية المتكاملة، مؤكدًا أن الدولة تعمل على بناء اقتصاديات محلية قادرة على خلق فرص عمل وتحفيز المجتمعات الريفية على التحول من الإنتاج التقليدي إلى الإنتاج الصناعي المتخصص.

 وأشار إلى أن بني سويف تقدم نموذجًا عمليًا لهذا التحول من خلال دعمها للزراعة التعاقدية وتوفير الخدمات اللوجستية والحوافز الاستثمارية.

ومن جانبه، أكد الدكتور طارق الهوبي أن الهيئة القومية لسلامة الغذاء تعمل على بناء منظومة متكاملة لضمان مطابقة المنتجات الزراعية المصنعة للمعايير الدولية، لاسيما في قطاع النباتات الطبية والعطرية، وأكد الدكتور علاء عزوز على الدور المحوري للإرشاد الزراعي في تدريب المزارعين على الأساليب الزراعية المستدامة، موضحًا أن محافظة بني سويف قطعت شوطًا كبيرًا في هذا المجال من خلال تطبيق برنامج الزراعة الذكية وتوسيع قاعدة المستفيدين من المبادرات القومية، بما يمهد الطريق لتوطين سلاسل القيمة التصنيعية.

التحديات التي تواجه التصنيع الزراعي في بني سويف 

وخلال الجلسة تم مناقشة عدد من التحديات التي تواجه التصنيع الزراعي بالمحافظة، من بينها ضعف الاستفادة من سلاسل القيمة المضافة، وغياب المعامل المتخصصة لتحليل متبقيات المبيدات، وانتشار بعض المصانع غير المرخصة التي تعمل خارج الإطار الرسمي، بالإضافة إلى ضعف التواصل بين المزارعين والمصنعين والمصدرين، والحاجة إلى رفع معدلات استخدام التكنولوجيا الحديثة في عمليات الزراعة والتصنيع والتسويق.

وتعمل المحافظة على مواجهة هذه التحديات لإحداث نموذج متكامل للتصنيع الزراعي، قائم على التكامل بين الحكومة والقطاع الخاص والمزارعين، مدعومًا بإرادة سياسية واضحة وخطط استراتيجية قابلة للتنفيذ.

FB_IMG_1760797271852 FB_IMG_1760797269853 FB_IMG_1760797267277 FB_IMG_1760797257552 FB_IMG_1760797261491 FB_IMG_1760797264527 FB_IMG_1760797253715 FB_IMG_1760797251552 FB_IMG_1760797249332 FB_IMG_1760797247171 FB_IMG_1760797244644 FB_IMG_1760797241525

مقالات مشابهة

  • جامعة صنعاء تكّرم 100 من كوادرها ضمن قائمة الأكثر تأثيراً علمياً على مستوى العالم
  • تكريم 100 من أكاديمي جامعة صنعاء الأعلى استشهاداً في الأبحاث العلمية
  • تكريم 100 من أكاديمي جامعة صنعاء الأعلى استشهاداً في الأبحاث العلمية وفقاً للتصنيفات العالمية
  • محافظ بني سويف يشهد الجلسة الرئيسية لمهرجان النباتات الطبية والعطرية
  • محافظ بني سويف: مهرجان النباتات الطبية والعطرية تتويج لمسار من العمل المتكامل
  • ثورة طبية: كلية “عالمية” تنقذ المرضى من قوائم الانتظار
  • 14 عالماً من جامعة الفيصل ضمن قائمة ستانفورد لأفضل 2% من علماء العالم
  • 14 عالمًا من جامعة الفيصل ضمن قائمة ستانفورد لأفضل 2% من علماء العالم
  • تحضيرات بمراكز الشباب قبل مهرجان النباتات الطبية والعطرية ببني سويف