لجريدة عمان:
2025-07-30@06:27:57 GMT

«جهاز الرقابة» مقياس التحقق وتفعيل المحاسبة

تاريخ النشر: 3rd, September 2023 GMT

ارتبط مفهوما الرقابة والمراقبة بكل مستوياتهما الخاصة والعامة بامتعاض وضيق سواء من المرسل المراقِب أو المُستقبِل المُراقَب المستهدف بالرقابة والمحاسبة، كيف لا وأصل كلمة رقابة أتى من تطويق الرقبة وإحكام وثاقها؟! لكن المفهوم الدلالي تجاوز المصطلح الأولي للمفردة في تطورها التاريخي وارتباطها المؤسسي ماليا وإداريا ليشمل متابعة ومحاسبة السياسات والإجراءات والوسائل التي يتم من خلالها التحقق من سلامة العمليات ذات الأثر المالي على الميزانية العامة، والقوائم المالية والحسابات الختامية، كما تشمل التأكد من كفاءة وفاعلية أنظمة الرقابة الداخلية، ومدى التزام المؤسسات -المشمولة بالرقابة- بالأنظمة واللوائح والأدلة والتعليمات والقرارات ذات الصلة وصولا لنتائج أفضل ومنجزات أكبر توافقا مع إنفاق مالي دون هدر واستنزاف، ومحاربة أي شبهة للفساد وسوء استغلال المال العام، لا يمكن للامتعاض والضيق حينها من الوقوف حاجزا دون بلوغ جدوى الرقابة وفاعليتها وقدرتها على التقييم والتقويم معا بما تملك من معايير، وما توظف من وسائل وآليات وصولا لأهداف وطنية كبرى لا يمكن بلوغها دون رقابة ولا يمكن تفعيلها دون محاسبة.

وإن كان للرؤى الاقتصادية الوطنية والخطط الاستراتيجية الحكومية من مؤشر يدل على فعاليتها وجدواها، أو مواتها وعدم صلاحيتها فذاك هو دور عمليات الرقابة الدورية في مراحل تنفيذ مرئياتها النظرية، وجس قدرتها على البقاء أو الفناء، واستبدالها بالأصلح والأجدى نفعا في حال ثبوت عدم جدواها أو عدم صلاحيتها لمتغيرات وتحديات الواقع والمستقبل معا.

نتلمّس في سياقنا هذا أهمية جهاز الرقابة المالية والإدارية للدولة جهة حيوية فاعلةً تأكيدا على ما سبق تأسيسه من أهمية الرقابة الإدارية والمالية، وتعزيزا لخطاب حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق حفظه الله ورعاه «إننا عازمون على اتخاذ الإجراءات اللازمة لإعادة هيكلة الجهاز الإداري للدولة، وتحديث منظومة التشريعات والقوانين، وآليات وبرامج العمـل وإعلاء قيمه ومبادئه وتبني أحدث أساليبه وتبسيط الإجراءات وحوكمة الأداء والنزاهة والمساءلة والمحاسبة لضمان المواءمة الكاملة والانسجام التام مع متطلبات رؤيتنا وأهدافها» ولمَّا كان الفساد مُقوِّضا لأهداف التنمية الحضارية، مُهددا للأمن الاقتصادي والمجتمعي معا كان التركيز على مكافحته وتطويقه هدفا رئيسا من أهداف جهاز الرقابة المالية والإدارية للدولة عبر تدابير مختلفة تعزيزا للنزاهة ومكافحة للفساد بالتعاون مع الجهات الحكومية المعنية بذات الهدف كالادعاء العام، والمركز الوطني للمعلومات المالية، وغيرها من دوائر الرقابة الداخلية، إضافة إلى استقراء وتشرّب التجارب الدولية في مجال مكافحة الفساد، كل تلك الشراكات التفاعلية أفضت إلى مشروع الخطة الوطنية لتعزيز النزاهة (2022-2030).

ومع تركيز المنظمات العالمية الساعية لمكافحة الفساد على ضرورة استقلالية أجهزة الرقابة المالية والإدارية عالميا إلا أن معيار الاستقلالية وحده لا يمكن له تحقيق أهداف الرقابة في مكافحة الفساد وآثاره المدمرة على استقرار الأمم وتنمية الدول، ولعلّ من الضرورة بمكان التعرض لمعيار الشفافية في مستويات عديدة، بداية بالرصد الدقيق للميزانيات والخطط الموضوعة، ثم متابعة التنفيذ والمساءلة والمحاسبة، كل تلك المستويات من الشفافية تعكس الرغبة الصادقة لدى الأجهزة القائمة على الرقابة في تشارك المسؤولية تماما كمشاركة النتيجة، إضافة إلى ما تقدمه تجليات الشفافية من وعي قانوني ووعي اجتماعي وثقافة مالية إدارية عامة.

لا ينبغي لأهداف جهاز الرقابة المالية والإدارية للدولة أن تكون عملا منفصلا ينهض به الجهاز وحده دون دعم مؤسساتي حكومي أو وعي مجتمعي شعبي، بل ينبغي تآزر جهود الجميع أفرادا ومؤسسات سعيا لبلوغ أهداف مشروع الخطة الوطنية لتعزيز النزاهة، ولن يتأتى ذلك دون تفعيل واقعي لكل وسائل التحول الرقمي التي حرص الجهاز على تطوير آلياتها ووسائلها، كما لن يتأتى دون توافق إعلامي توعوي معزز لثقافة النزاهة، محارب لفكرة الفساد وممارساته المُقوِّضَة كلَّ مقدّرات التنمية، المستنزِفة مواردَ الوطن و طاقات مواطنيه ومقيميه على حد سواء، لا بد من اعتبار هذه المهمة مسؤولية أخلاقية عامة ينهض بها الجميع وفق إطار قانوني عام بإشراف جهاز حيوي يبتغي مصلحة الوطن عبر حياد تام دون نفعيات فردية أو محسوبيات استثنائية خاصة.

ختاما؛ نتحرّى جميعا أدوارنا المستقبلية في ممارساتنا سلوكا فرديا أو عملا وظيفيا مكافحة للفساد بكافة أشكاله، حرصا على حقوق الإنسان على هذه الأرض الطيبة، نتحرّى أمنا مجتمعيا مأمولا ونحن نرقب تقرير جهاز الرقابة المالية والإدارية للدولة إجراءً تعودنّاه نتاجَ عملٍ سنويٍّ للجهاز، و مشاركةً تعكس شفافيةً نُحبها، آملين تعزيز وتوسيع صلاحيات جهاز الرقابة المالية والإدارية مستقبلا لتجاوز الدور العلاجي إلى أدوار وقائية رقابية تسعى لتفادي المخالفة ومكافحة الفساد قبل رصد مراحله النهائية، وتهدف إلى تحجيمه وتطويقه حتى قبل وقوعه، نأمل ذلك في فضاء محددات وأطر تنظيمية قانونية عامة تصلنا بأحلامنا مجتمعا واعيا ومؤسسات تكاملية فاعلة.

حصة البادية أكاديمية وشاعرة عمانية

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: لا یمکن

إقرأ أيضاً:

اللجنة العليا للموارد السيادية تناقش تشغيل مصافي عدن وتفعيل المؤسسات الإيرادية

بحثت اللجنة العليا للموارد السيادية، الإثنين، تشغيل مصافي عدن وتفعيل المؤسسات الإيرادية في البلاد، بالتزامن مع تردي الأوضاع المعيشية والخدمية والإقتصادية، في مختلف المحافظات اليمنية.

 

جاء ذلك خلال اجتماع دوري للجنة العليا للموارد السيادية برئاسة عضو مجلس القيادة الرئاسي، عيدروس الزُبيدي، في العاصمة الموقتة عدن.

 

وذكرت وكالة سبأ الحكومية، أن الاجتماع، ناقش الأوضاع الاقتصادية والمالية الراهنة، وبرنامج الإصلاحات الاقتصادية والمالية، وآلية تنفيذها من قبل الحكومة والبنك المركزي، والتدابير الكفيلة بتعزيز الموارد، وتفعيل المؤسسات الإيرادية للدولة، وفقًا للتقرير المُقدَّم من وزارة المالية، والذي استعرضت فيه الوضع المالي العام للدولة، ومستوى العجز القائم في الموازنة العامة، والخطوات الممكنة لسدّ هذا العجز.

 

وأشارت إلى أن الاجتماع بحث أبرز التحديات التي تعيق تفعيل المؤسسات الإيرادية، وفي مقدمتها شركة مصافي عدن، باعتبارها أحد أهم الركائز الاقتصادية الاستراتيجية، مشددا على ضرورة توفير التمويل اللازم لإعادة تشغيل المصفاة، إلى جانب تأمين كميات النفط الخام اللازمة لتكرير 6000 برميل يوميًا، كخطوة أولى على طريق إعادة تشغيل المصفاة بطاقتها الإنتاجية الكاملة، وتحقيق مردود اقتصادي يخفف من الاعتماد على الاستيراد ويوفّر فرص عمل جديدة.

 

وناقش اللقاء، الخطة التنفيذية لعمل اللجنة خلال النصف الثاني من العام 2025م، والتي تضمنت أولويات عاجلة لمعالجة الاختلالات في المؤسسات الإيرادية السيادية، وفي مقدمتها مصلحتي الجمارك والضرائب، وتفعيل الأجهزة الرقابية، وإعادة ترتيب آليات التحصيل، وتوسيع قاعدة الموارد المحلية والسيادية.

 

وتطرّق الاجتماع، إلى أزمة الوقود التي تهدد استمرار تشغيل محطات الكهرباء في العاصمة المؤقتة عدن، وحضرموت، والمحافظات المحررة عموما.

 

ووجه الزُبيدي، الحكومة والبنك المركزي بتوفير السيولة المالية المطلوبة لتأمين كميات الوقود اللازمة لتشغيل محطات التوليد، من خلال استيراد شحنة عاجلة من المازوت، وإلزام وزارة النفط بتوفير كميات كافية من النفط المحلي لكهرباء عدن وحضرموت، لضمان استقرار الخدمة.

 

وشدد عضو مجلس القيادة، رئيس اللجنة العليا للموارد على ضرورة مضاعفة الجهود، وتكثيف العمل التنسيقي بين الجهات المختصة، للانتقال من مرحلة المعالجات الطارئة إلى مرحلة التخطيط الاستراتيجي القائم على مؤشرات واقعية وبيانات دقيقة، مؤكدًا أن المرحلة الراهنة تتطلب قرارات جريئة ومبادرات فعّالة لمواجهة التحديات الاقتصادية المتفاقمة.


مقالات مشابهة

  • تعليم المدينة المنورة يدعو الطلاب لتنفيذ مقياس الميول المهنية عبر "مدرستي"
  • لعبة Death Stranding 2 تخدع أنظمة التحقق من العمر.. كيف ذلك؟
  • الرقابة المالية تصدر قرارات لـ 4 شركات بمزاولة أنشطة التمويل غير المصرفي
  • تعزيز الشفافية ومراقبة العقود.. «قادربوه وتكالة» يضعان خارطة إصلاح حتى 2030
  • هزة أرضية بقوة 4.68 على مقياس ريختر غرب مدينة جازان
  • قرار جمهوري بفتح اعتماد إضافي بالموازنة العامة للدولة للسنة المالية 2024-2025
  • الرقابة المالية توافق لـ 4 شركات بـ مزاولة الأنشطة غير المصرفية
  • قرار جديد من الرقابة المالية بشأن تعاملات شركات التمويل العقاري والتأجير التمويلي
  • «الرقابة المالية» تمنح التراخيص لـ 3 شركات تمارس أنشطة مالية غير مصرفية وتوفيق أوضاع بنكين
  • اللجنة العليا للموارد السيادية تناقش تشغيل مصافي عدن وتفعيل المؤسسات الإيرادية