مع توقف خدمة الهاتف والإنترنت، وتحت القصف المتبادل بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، عادت الرسائل المكتوبة باليد لتصبح وسيلة التواصل الوحيدة في دارفور.

هذه الرسائل لا يحملها ساعي بريد كما في الماضي، وإنما ينقلها سائقو حافلات النقل المشترك.

غادر أحمد عيسى منذ أيام عدة مدينة نيالا عاصمة جنوب دارفور، حيث عاش طوال حياته وترك خلفه الكثير من الأقارب والأصدقاء.

اليوم وقد صار بمأمن في بلدة الضعين الواقعة على بعد 150 كيلومترا شرق نيالا، جلس في مقهى صغير ليكتب رسائل من أجل الاطمئنان عليهم.

يقول عيسى البالغ 25 عاما: "نحن سكان مدينة نيالا كنا نجد صعوبة أصلا في التواصل مع الناس في الأحياء الأخرى منذ بداية المعارك".

اقرأ أيضاً

مقتل 39 شخصا في قصف طال مساكن بجنوب دارفور

اليوم، صار تبادل المعلومات عن أحوال الأهل والأصدقاء أكثر صعوبة في إقليم دارفور الواقع في غرب السودان والذي يعيش فيه ربع السكان البالغ عددهم الإجمالي 48 مليونا، وكان مسرحا لحرب أهلية دامية قبل عشرين عاما.

أسبوع لوصول الرسالة

ويتابع عيسى: "أحيانا تصل الرسالة إلى الشخص المعني بعد أسبوع وحتى لو تسلمها ليس هناك ما يضمن أنه سيتمكن من الرد هو الآخر برسالة خطية"، ذلك أن الطرق المؤدية إلى نيالا مليئة بالعثرات.

فبعد الجنينة عاصمة غرب دارفور التي أصبحت في يونيو/حزيران شاهدا على عودة العنف الإثني إلى دارفور، باتت المعارك بين الجيش وقوات الدعم السريع تتركز الآن في نيالا.

خلال 10 أيام في أغسطس/آب، فر أكثر من 50 ألف شخص من مدينة نيالا، ثاني أكبر مدن السودان من حيث عدد السكان بعد الخرطوم، وفق الأمم المتحدة. كذلك، قتل عشرات المدنيين ولم تعد شبكات الكهرباء والمياه تعمل؛ ما يعد كارثة في مدينة كان ربع سكانها يعتمدون أصلا قبل الحرب على المساعدات الإنسانية، بحسب المنظمة الدولية.

الأحد، أخذ النزاع بعدا تصعيديا جديدا في نيالا. فللمرة الأولى منذ اندلاع الحرب في أبريل/نيسان، انضم سلاح الجو للمعارك. وقصفت الطائرات الحربية أحياء سكنية عدة تسيطر عليها قوات الدعم السريع، على ما قال سكان لوكالة "فرانس برس".

"حلم واحد: وصول أخبار"

على منصة "إكس" (تويتر سابقا)، كتب الناشط الحقوقي أحمد قوجا الذي خرج هو نفسه من نيالا، ولكنه يحاول تسليط الضوء على المجازر التي ترتكب في المدينة، أن الأخبار تصل بالقطارة ومتأخرة كثيرا.

قبل أسبوع، نشر عبر المنصة نفسها خبر مقتل "خمس أسر بكامل أفرادها" بسبب المعارك.

وكتب كذلك أنه بقي "16 يوما بلا أخبار عن أسرتي الموجودة في نيالا"، موضحا أنه تلقى بعد ذلك رسالة من "أحد أشقائه" الذي وصل إلى الضعين حيث وجد شبكة إنترنت.

وتابع الناشط: "إننا نموت كل لحظة نمضيها بلا أنباء عن أسرنا ولا نحلم إلا بشيء واحد؛ وهو أن نعرف كيف حال أهلنا وأصدقائنا".

اقرأ أيضاً

مصير مجهول للنازحين السودانيين مع تمدد المعارك إلى دارفور

منذ عدة أسابيع، يتوافد على مكتب السفر الذي يملكه سليمان مفضل في الضعين، عدد كبير من الأسر التي ترغب في معرفة أي أخبار عن ذويها الذين لم يتمكنوا من الخروج من نيالا.

ويقول مفضل لوكالة "فرانس برس": "مع انقطاع الاتصالات، عاد الناس لكتابة الرسائل الخطية للاستفسار عن أحوال ذويهم"، وهو يمسك بالأظرف المكتوب عليها بعناية العناوين في نيالا والتي يقوم بإرسالها مع السائقين المتوجهين إلى هذه المدينة. ويوضح أن السائقين "غالبا ما يوزعون خطابات" لدى عودتهم من نيالا.

ويشرح أنه بمجرد أن تصل الرسالة إلى صاحبها في نيالا "يكتب على الفور ردا ويسلمه للسائق".

ويتعين على السائق بعد ذلك أن ينجح في الخروج من المدينة، وهي رحلة صعبة تحت القصف خصوصا في ظل موسم الأمطار الذي غالبا ما يؤدي إلى تعطل حركة السير على طرقات عدة.

اقرأ أيضاً

الدعم السريع يعلن السيطرة على ولاية وسط دارفور

المصدر | أ ف ب

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: دارفور اشتباكات دارفور أزمة دارفور أزمة السودان الدعم السریع فی نیالا

إقرأ أيضاً:

انفجارات تهز أم درمان وسط تصدي الجيش السوداني لمسيرات تابعة للدعم السريع

كشفت تقارير دولية، اليوم الأربعاء، عن سماع دوي انفجارات قوية في مدينة أم درمان السودانية، في ظل استمرار المواجهات بين الجيش السوداني وميليشيات الدعم السريع.

ووفقًا للتقارير، فإن المضادات الأرضية التابعة للجيش السوداني تصدت لمسيرات حلّقت في أجواء المدينة، ما تسبب في سماع أصوات انفجارات متتالية في عدد من الأحياء.

وكانت مصادر أمنية سودانية قد أفادت، أمس الثلاثاء، بأن مسيرتين تابعتين لميليشيات الدعم السريع استهدفتا منطقة عد بابكر شرقي العاصمة الخرطوم.

وفي سياق متصل، ذكرت مصادر طبية بمدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، أن نحو 60 شخصًا لقوا مصرعهم جراء قصف نفذته طائرات مسيّرة تابعة لميليشيات الدعم السريع على مركز إيواء للنازحين داخل المدينة.

ويأتي هذا الحادث بعد أيام من قصف مستشفى الفاشر من قبل الميليشيات ذاتها، ما أسفر عن مقتل 12 شخصًا وإصابة 17 آخرين، بينهم طبيبة وعدد من أفراد الطواقم الطبية والتمريضية.

من جانبها، أكدت منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في السودان أن الوضع الإنساني في الفاشر يزداد سوءًا، مشيرة إلى عدم القدرة على إرسال المساعدات أو الإمدادات الطبية إلى المدينة بسبب استمرار القتال وإغلاق الطرق المؤدية إليها.

يُذكر أن الحرب الدائرة في السودان منذ أكثر من عام تسببت في مصرع ما لا يقل عن 120 من العاملين في مجال الإغاثة الإنسانية، ما يعكس حجم المخاطر التي تواجهها المنظمات الدولية في أداء مهامها داخل البلاد.

 

مقالات مشابهة

  • انفجارات تهز أم درمان وسط تصدي الجيش السوداني لمسيرات تابعة للدعم السريع
  • الدعم السريع تقصف بالمسيرات والجيش السوداني يصد هجوما بالفاشر
  • الأمم المتحدة تُـدين استهداف الدعم السريع “المتكرر والمتعمد” للمدنيين في الفاشر
  • السودان.. مسيرتان للدعم السريع تستهدفان منطقة عد بابكر شرقي الخرطوم
  • الجيش السوداني يتصدى لهجوم على الفاشر
  • (السيادة السوداني): نستنكر الصمت الدولي على جرائم (الدعم السريع)
  • السودان يدين الصمت الدولي تجاه هجمات «الدعم السريع» في الفاشر
  • السيادة السوداني يستنكر الصمت الدولي على جرائم الدعم السريع
  • سقوط قذائف داخل أحياء الدلنج إثر قصف لقوات الدعم السريع أمس
  • حكومة السودان تُطالب بمُساندة دولية للقضاء على الدعم السريع