أمام مدارج تغصّ بجمهور متعطش لأجواء الرقص والأغاني الصوفية التي لا يملّها التونسيون ولا يكتفون من إيقاعاتها، أحيا عرض ''الزيارة'' ذكرى مرور عشر سنوات على أول احتضان لمسرح قرطاج الأثري لمنشديه وراقصيه.. عشر سنوات مرّت من العروض المبتكرة والمُحترفة التي زارت أغلب المسارح والمهرجانات، ولاقت في كل مرة النجاح والتفاعل نفسه.

دام العرض الموسيقي الفرجوّي لأكثر من ساعتين، وسط رائحة ''البخور'' و''الجاوي'' وأجواء التصوّف و''التخميرة''.. ولم يسمح العرض للجمهور بالجلوس كثيرا على المدارج.. اذ غصّ المشهد بالراقصين على المسرح وفي المدارج. وكان للجمهور موعد مع مفاجأة عودة ابن ''الزيارة'' ونجمها، مهدي العياشي، الذي أدى عددا من الأغاني التي عُرف بها وألفها الجمهور بصوته، قبل أن يبتعد عن العرض لما يقارب الثلاثة سنوات.

عشر سنوات من النجاح.. تأثّر وتكريم
ولم تنته المفاجأة عند ذلك، إذ تم الاحتفال بعد انتهاء العرض بعيد ميلاد ''الزيارة'' العاشر، عبر الاحتفاء بكل المشاركين في هذا العرض من عازفين وراقصين وراقصات ومنشدين.. كما تم تكريم وزير الثقافة الاسبق مراد الصقلي لدوره المفصليّ في مسيرة ''الزيارة''، إذ كان هو صاحب قرار صعود هذا العمل على ركح مسرح قرطاج لأول مرة سنة 2013.. تم إحياء كل ذلك وسط أجواء صاخبة وتأثّر العارضين الذين سالت دموع بعضهم، وتفاعل الجمهور الذي أبا الخروج قبل انتهاء هذا الاحتفاء.. وكانت له مفاجأة أخرى بأن أعاد المنشدون والعازفون مقاطع من العرض بالحماس والاحتراف ذاته.. 

''الزيارة'' نحو العالمية؟
في تصريحه لموزاييك، أكد سامي اللّجمي مخرج العرض، أنه تلقى عرضا لتنظيم ''الزيارة'' في فرنسا، موضحا أنه مزال بصدد دراسة تفاصيل هذا العرض وشكله.

وعن مستقبل الزيارة بعد بلوغها العشر سنوات، أجاب اللّجمي بأن العرض أمام منعرجين: إما المواصلة ومزيد التطوير والتجديد والتحليق في سماء الفن الصوفي.. أو إنهاؤه والتوجه نحو إنتاج جديد. وعلّق على هذين الخيارين بكون الفصل فيهما ليس بسيطا، مرجعا ذلك إلى مسؤوليته كمخرج وارتباط القرار بفرقة متكاملة من العملة والمُؤدين والراقصين وغيرهم.. وبظروف الانتاج وإمكانياته.. 

مهدي العياشي.. هل هي العودة؟
عبّر مهدي العياشي عن سعادته بالمشاركة في إحياء هذا التاريخ الهام لعرض الزيارة التي وصفها بعائلته، مؤكدا أنه ما كان مطروحا أن يتخلّف عن موعد مماثل. ولقد لقي صعود العياشي على الركح ترحيبا كبيرا من الجمهور الذي اشتاقه في هذا النوع من الآداء والغناء. 

وعن ما إذا كان ينوي العودة إلى الزيارة وبقية عروضها، أفاد العياشي بأن ذلك قد يكون ممكنا إذا تمت دراسته مع بقية فريق العرض ومسؤوليه، قائلا ''الزيارة عائلتي كما قلت.. ولا يمكن الابتعاد عن العائلة''. 

لا بدّ أن جمهور الزيارة عاد من العرض في ساعة متأخرة، محمّلا بصور ومشاهد لا تُمحى.. وبشعور من البهجة التي تصاحب الايقاعات الصوفية كيفما حلّت.. فما بالك بإيقاعات شديدة الانتظام وآداء شديد الحرفية والتطوير.. ولا بدّ أن في جراب سامي اللّجمي مزيدا من الابداع، سواء في ''الزيارة'' أو في مشاريع بعدها..

أمل الهذيلي

المصدر: موزاييك أف.أم

كلمات دلالية: عشر سنوات

إقرأ أيضاً:

الجامعة الأردنية تحلّق عالميًا… واليرموك إلى أين؟!

#الجامعة_الأردنية تحلّق عالميًا… و #اليرموك إلى أين؟!
بقلم: الأستاذ الدكتور محمد تركي بني سلامة

في زمنٍ تتسابق فيه الجامعات إلى التميز، وتتنافس فيه على الريادة والاعتراف العالمي، يسطع نجم الجامعة الأردنية، لترفع اسم الأردن عاليًا في المحافل الأكاديمية الدولية. فقد حققت الجامعة إنجازًا تاريخيًا بكل المقاييس، باحتلالها المرتبة الأولى محليًا، والثالثة عربيًا، والـ276 عالميًا وفق تصنيف UNIRANKS لعام 2025، من بين أكثر من 37,469 جامعة على مستوى العالم، وضمن تصنيف إقليمي ضم 1,558 جامعة. إنه إنجاز لا يُستهان به، بل يُعد ثمرة جهد مؤسسي طويل الأمد، وتخطيط استراتيجي ناضج، قاده فريق أكاديمي وإداري مخلص، بروح من الانتماء والمسؤولية.

كل التقدير لمعالي الأستاذ الدكتور نذير عبيدات، رئيس الجامعة الأردنية، الذي جسّد، مع أسرة الجامعة، أن القيادة الحقيقية لا ترفع الشعارات، بل تُنتج الإنجازات. لقد أثبتت الجامعة الأردنية أن الاحترام الحقيقي للعقول، والاستثمار في الإنسان، والإيمان بروح الفريق والعمل الجماعي، هي مفاتيح النجاح الأكاديمي في زمن تتلاطم فيه التحديات.

لكن، وعلى الضفة الأخرى من المشهد، تقف جامعة اليرموك تائهة في متاهة من الشعارات والتبريرات، وقد كانت بالأمس القريب منارة وطنية يُشار إليها بالبنان. اليوم، تحولت تلك المنارة إلى ظل باهت لما كانت عليه، بعد أن استنزفت الوعود المتكررة طاقات العاملين فيها، وغابت عنها الشفافية، واستُبدلت الروح الأكاديمية الحية بإدارة متكلّسة، لا تجيد سوى فنون التبرير.

مقالات ذات صلة يوم الابتكار في عمان الأهلية بمشاركة نخبة من متخصصي الذكاء الاصطناعي وريادة الأعمال 2025/05/12

كم من المرات رُفعت شعارات “الرقي بالتصنيف”، و”الحداثة والتطوير”، وكم من القرارات اتُخذت، لكنها لم تحمل إلا مزيدًا من التراجع، ومزيدًا من الإنهاك للهيئة التدريسية والإدارية. تحوّلت الجامعة إلى ساحة للإحباط، تُخمد فيها المبادرات، وتُغتال فيها الطموحات، وسط صمت رسمي مريب، وتغييب متعمّد لمبدأ المحاسبة.

نتساءل بمرارة: ما الذي ينقص جامعة اليرموك لتنافس بجدارة؟ هل هو المال؟ أم الكفاءات؟ أم الزمن؟ لا شيء من ذلك. ما ينقصها هو الإرادة الصادقة، والرؤية المؤسسية، والقيادة التي تؤمن بأن الجامعة ليست شركة تجارية، بل صرح وطني للفكر، ومساحة للحرية، ومصنع للكرامة.

كفى تكرارًا لخطابات لا تجد صدى. كفى تبريرًا للفشل بشماعات الظروف. آن الأوان أن نكاشف أنفسنا بجرأة: جامعة اليرموك تستحق أن تُنقذ. تستحق أن تُدار بعقلٍ وطنيٍ لا حساباتٍ ضيقة، وأن تعود كما كانت: رمزًا للعلم والفكر والهوية.

النجاح لا يُصنع في الظلام، ولا يخرج من عباءة التبرير. النجاح يبدأ من الاعتراف بالخلل، والشروع بإصلاح حقيقي، لا يعرف المجاملة، ولا يخضع للمصالح الشخصية. فكما حلّقت الجامعة الأردنية عالميًا، يمكن لليـرموك أن تنهض… إن وُجدت الإرادة.

اليرموك ليست مجرد مبانٍ، بل ذاكرة وطن… وحان الوقت لإنقاذها.

مقالات مشابهة

  • لميس الحديدي عن زيارة ترامب للمنطقة: إيلون ماسك نجم الزيارة
  • تفاصيل الزيارة المفاجئة لنائب رئيس جامعة أسيوط للإدارة العامة لرعاية الطلاب اليوم
  • ترامب في الرياض.. زيارة تاريخية وملف الإقتصاد يتصدر برنامج الزيارة
  • الجامعة الأردنية تحلّق عالميًا… واليرموك إلى أين؟!
  • الزيارة المرتقبة .. هذا ما يعتزم ترامب بحثه في السعودية وقطر والإمارات
  • البابا تواضروس يشيد بالنمو والتطور الذي يتمتع به العراق بعد سنوات من عدم الاستقرار
  • «نحول» الليبي يحصد جائزة أفضل ممثل في مهرجان قرطاج الدولي للمونودراما
  • دعاء لنجاح ابني في التوجيهي
  • أرجوك لا تستسلم وتتوقف
  • القضاء التونسي وعلف الاستبداد