سودانايل:
2024-06-02@17:14:54 GMT

لقد سرقوا بهجة المولد ولكن تبقى الذكريات

تاريخ النشر: 17th, September 2023 GMT

المولد كان من اجمل ايام امدرمان . ونحن صغار كنا نأتي من زريبة الكاشف المحصورة بين الهجرة والركابية او الحارة 1 ... 9 . وكنا نعاير الهلالاب بهذا الرقم الكتوب على بعض المباني لتسهيل عملية التعداد الاول 1956 النتيجة كان 12323 نفس. واحد تسعة نتيجة هزيمة الهلال بواسطة فريق الهونفيد المجري بزعامة الاسطورة بوشكاس وزميله بوجيك .

وكان من يقوم بتلك ،،المكاواة ،، هو اخي محمد دوكة الذي اشتهر فيما بعد كأكبر ظرفاء امدرمان . مجوعتنا تتكون من الصبي المهذب وجارنا عبر الحائط عبد الله دواي شقيق عبده الحلاق في صالون عنبر في المحطة الوسطي بالقري من نعيم شندي عندما يلتقي شارع ابروف مع شارع السيد علي . عبدوكان صديقا لجعفر نميري في زمن معاناة جعفر عندما طرد من الجيس لما يقارب السنتين عبدو كان يحلق لنميبري و ،، يغمت،، له بعد الحلاقة . .
من الزملاء قريب الله كاوروا ابن العم كاوروا شيخ الدباغين في حفر الدباغة . وكنا نذهب بطريقة راتبة الي سينما العرضة البعيدة لان الدخول بقرشين فقط بدلا من ثلاثة ونصف قرش . ولكن نشاطنا الاكبر في ايام المولد الذي بدآه عاشق امدرمان البريطاني المفتش برامبل . السبب الرئيسي أن الانصار اثناء الاحتفال بالمولد يتربصون ب ،، سفينة ،، الختمية ويعطوهم علقة نظيفة .جمع برمبل كل الاحتفال في ميدان اخليفة وضم كل الطرق الصوفية وكانت للمولد ميزانية شحمانة من جزينة البلدية منذ 1939 .
قديما كان يسمح للنساء بالتواجد في المولد . بعض الاطفال الاشقياء يشبكون توب النساء مع جلابية رجل في الزحام بالدبوس وتم منع النساء على طلب الزعماء الدينيين من المولد . .
ابو طالب اخ محمد دوكة الاكبر كان وقتها شابا ومن مشاهير امدرمان لانه مكشكش وتحبه كل امدرمان ويركب التاكسي والترام ولا يدفع . وفي يوم من الايام قبض على بكارة الترام التي توصل الكهرباء للمحرك في المحطة الوسطي ورفض تركها الا بعد حصوله حق الفطور واعطاه الكماسرة حق الفطور . ومن الاشياء المؤلمة موته بعد ان صعقه التيار الكهربائي عندما تسلق صاري المولد . وتذكرني هذه الحادثة بتقمص مهنة الكهربائي في المولد في آخر ايامي في اندرمان قبل ان اغادر المبروكة لاوربا. .

اقتباس

خاطرة أم درمانية – مطرة المولد .. بقلم: شوقي بدري
في أيام المولد الماضي تذكرت هذه الخاطرة ولكن لم يكن هناك متسع للكتابة . عام 1964 هطلت مطرة قوية في الايام الاخيرة في المولد . وكان بعض بائعات الهوي في أم درمان عندما يمر الناس بمنازلهن دون توقف يقلن : هي يا البتسو السوتو المطرة في المولد!! .
وبما أن المطرة كانت في المساء ففي الصباح كانت الطرقات مليئة بماء الامطار وبينما انا حاملا حقيبة ادوات من شاكوش فارة شنكار جيون سراق ضهر ومنشار طويل في يدي ومفكات الخ ناداني احد شيوخ الطرق الصوفية واظنه من القادرية وخيمتهم في الركن الجنوبي الغربي في المولد . وأنا كنت في طريقي إلي اللالوبة الكبيرة خارج المولد وعلي بعد امتار من المدخل الجنوبي الشرقي لجامع الخليفة ومدرسة بيت الامانة الوسطى. وتحت تلك الشجرة كان نادي التربية البدنية الذي كان امام بوابة عبد القيوم قد اقام سوقا خيريا تحت شجرة اللالوب . وقمت انا بصنع الترابيز العالية التي كان يمارس فيها "اللبس تكسب" والمشمع وهو عبارة عن مربعات ابيض واسود يقذف الانسان بالقرش او التعريفة واذا كانت قطعة العملة داخل المربع بالظبط يكسب الانسان خمسة اضعاف وهنالك "نوامة" او دوارة . وهي مربع من الزجاج بستة اقسام هلال مريخ موردة نيل اهلي تحرير وظهر يدور . وكنت وقتها في طريقي لإصلاح احد الترابيز التي انهارت اثر هروع الناس للخروج من المولد هربا من الامطار ..
الشيخ الصوفي أحبط عندما قلت له بأنني لست بكهربائي فطلب مني أن أحاول مساعدتهم لأن كل الأسطوات مشغولين بالخيم الأخري . وكانت عندي فكرة عن الكهرباء فقد كاني صديقي الحبيب متعه الله بالصحة عثمان ناصر بلال ميكانيكيا ويجيد عدة مهن منها توصيلات الكهرباء والمواسير . وتعلمت علي يده النجارة وكنت أقوم بالكثير من أعمال النجارة وكانت عندي عدة نجارة كاملة..
ومن منشئاتي كشك المرطبات الذي كان في شارع الأربعين في تقاطع شارع مرفعين الفقرا .
من أول نظرة كان واضحا لي أن الأمطار هي سبب العطل فقد كان توصيل اللمبات عن طريق الدبوس . وهذه طريقة دفن الليل اب كراعا مارقة . فبدلا عن تعرية السلك وتوصيل سلكين قصيرين سالب وموجب تتدلي منهما اللمبة اكتفوا بغرس دبوس في الخط الرئيسي وقاموا بلف الأسلاك المتدلية حول الدبوس . ومع الرطوبة والماء حصل التماس "شورت" . ولاحظت أن الكهربائي صديقي والرجل الفيلسوف عوض حمد يعمل في احد الخيم الكبيرة فهرعت إاليه . فنصحني بفصل الأسلاك التي فيها سخانة لأن هذا يعني أن هنالك إلتماس . واعطاني شريط كهرباء . .
وحتى بعد نصيحة عوض حمد لم تنجح العملية فأتي بنفسه ولاحظ أن اللمبات مختلطة بعضها "زمبة" وبعضها "قلوظ" فطلب مني فصلهم الزمبة براهم والقلوظ براهم وأن أقوم بعملية تجفيف اللمبات من الرطوبة . . .
عوض حمد كان كهربائيا ماهرا وكان يسكن فريق حمد وهو الحي جنوب ميدان الربيع وغرب فريق جبر الله ، وكان نحيف الجسم الا انه شخص مؤثر في محيطه ومجتمعه يحترمه الجميع . قدم لي في احدي المرات نصيحة . ونصيحته كانت : في بعض الناس المعاملة الكويسة ما بتنفع معاهم والأدب بيعتبر عندهم ضعف . وأبدا ما تقول الزول ده أضعف مني وما أرفع عليه يدي ، في ناس ما بتجي إلا بالكف. .
أخونا فلان ده مش بيتهم فيه كل شي كعب لكن زول بيقدر يرفع عينو مافي لأنو أيدو واصلة ، في ناس ما بينفع معاها إلا العين الحمرة . .
كان رجلا ساخرا . وكان يردد كثيرا عندما يقابل الناس عندما يري شخصا تعبانا أو يحتاج أن يردد له الكلام فيقول : إنت مالك يا أخي ؟ فاطر فول ؟ .
عندما قلت له في أحدي الأيام ،عوض يا أخي ما كل السودانيين بيفطروا فول . ضحك وقال : أهي دي المشكلة .
بعد عدة زيارات ماكوكية اشتغلت زينة الخيمة فشكرني الشيخ الصوفي ووصفني بالأسطي فقال عوض حمد : أسطي شنو يا أخي ده ما ود ناس بدري وأشار لتمثال بابكر بدري الذي كان في شارع الموردة وليس بعيدا عن المولد. فاستغرب الشيخ وقال : إنت يا ولدي أهلك ديل علموا الناس ديل كلهم انت يا ولدي ما علموك ليه ؟ شايل عدتك وحايم ؟ فقال عوض حمد : ما علموه كيف ! علموه وأسى كمان ماشي أوروبا يدرس . وعندما لاحظ عوض حمد نظرة الشيخ الصوفي المستغربة قال : لكن طالقنوا يضايق الناس في شغلهم يوم نجار ويوم كهربجي يوم نقاش يوم عجلاتي . فقام الشيخ بالدعاء لي بالنجاح والتوفيق في رحلتي . .
كثيرا ما فكرت في عوض حمد . كان فيلسوفا أمدرمانيا . تعلمت منه الكثير . أحد دروسه أنه عندما كان يجالسني في قهوة مهدي حامد في سوق الموية ولاحظت لطشة كهرباء تركت أثرا ظاهرا علي الزردية فسألتهعن اللطشة . عرفت أنه قد سأل أحد زملائه عدة مرات فصلت الكهرباء ؟؟ والرد كان أيوة يا أخي فصلت الكهرباء . وعوض كان يقول لي ما تكضب الناس لكن اعتمد علي نفسك . لو صدقت كلام الراجل ومديت يدي كان أكون الليلة في حمد النيل "مقابر." .
وهذا الدرس من عوض حمد تذكرته كثيرا ولهذا يندر أن أكلف أي إنسان حتى أبنائي بأي شي وأفضل أن أقف علي الأمور بنفسي ، وأتذكر زردية عوض حمد المكسية بالبلاستيك الأحمر وأثر سلك الكهرباء علي فمها .
لك التحية عزيزي وأخي عوض حمد فقد كنت فيلسوفا أمدرمانيا عظيما ولك الرحمة إن كنت قد تركت هذا العالم .
في كتابتي عن معارفي النشالين كتبت قديما حادثة المولد والقائم مقام البطل الزين حسن .
اقتباس النشالون كانوا لا يضيعون فرصه مثل سقوط القائم مقام الزين حسن . .
القائم مقام الزين حسن ابن حيينا و يسكنون شمال الدايات و شرق دار الاذاعه القديمه . و شقيق صديقنا و كابتن الفريق عمر (حاج) تعرض لحادث نشل في 1965 مع انه من ابناء امدرمان المدردحين و البعض يذكره رحمة الله عليه من برنامج اسماء في حياتنا . فلقد رفسه حصان في المولد و اقام البعض عثرته . و بعد ان طلب الحلاوه من دكان حجوج الذي كان في الركن الشمالي الغربي في المولد و بالقرب من خيمة خضر الحاوي اكتشف ان جزلانه قد نشل فضحك و رجع بالحلاوه الي المنزل لان ال حجوج يعرفونه و قال ( السنه الفاتت كنته حاكم عسكري في الابيض ، عزفوا لي السلام الجمهوري في المولد ، السنه دي رفسني حصان و نشلوني في بلدي امدرمان .).

التحية
ع . س .شوقي

shawgibadri@hotmail.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: فی المولد الذی کان کان فی

إقرأ أيضاً:

عبد الرحمن مختار: كان عبد الخالق محجوب رفيق طفولتي يطرق للأرض كأنه يعد الحصا والذرات

عبد الله علي إبراهيم
في يوم من إبريل 1968 قصد عبد الرحمن مختار، صاحب جريدة "الصحافة"، دار أستاذنا عبد الخالق محجوب في حي السيد المكي-الشهداء ليجري حديثاً صحفياً معه. وعبد الرحمن ليس غريباً على الحي. فكان ترعرع بدار جده فيه. فأخذته الذكريات هوناً عن مهمته. فرأى بيت جده عتيقاً ما يزال تدخر حيطانه حكايات من طفولته. وبدا له دار الشيخ الطاهر الشبلي صاحب المدرسة الأولية الأهلية التي قرأ فيها جيل الحي.
ولكنه توقف أطول نوعاً ما عند طفولته مع عبد الخالق في الحي. فقال
"تذكرت شقاوة الطفولة وحلاوتها وبراءتها. وبدأت استعيد ذكريات كرة الشراب و"شلع" و"شليل" ووجوه الإخوان والأصدقاء. فلم يغب عني أحدهم" وعرج على عبد الخالق وقال "وقد تميز بالهدوء الغريب. كان يتحدث قليلاً ويلعب قليلاً. ويتحرك بحساب. ويمشي دائماً ورأسه يتابع الأرض كأنما يعد الحصا والذرات. كان نادراً ما يشاركنا الشقاوة حتى لا يصطدم بأحد لأنه كان مفرط الحساسية. ولكنه كثيراً ما كان يفضل القراءة وهو يجلس القرفصاء "تحت الحائط" ويتابع ألعابنا. وصراخنا في تحفظ قل أن تتخلله الابتسامة أو المداعبة. فاحترمناه جميعاً بقدر ما عطفنا عليه ونحن لا نعرف سر نظراته هذا (تلك) وهو في سن العاشرة. ذلك هو الفتى الصغير عبد الخالق محجوب نفس عبد الخالق محجوب السياسي الكبير الذي عدت أطرق بابه في عنف شوش عليّ الذكريات وردني في سرعة البرق إلى واقعنا بكل ما فيه من مرارة وخوف وتحفز".
(الصحافة السادس من إبريل 1968)


IbrahimA@missouri.edu  

مقالات مشابهة

  • البعريني: للضغط على النواب حتى انتخاب رئيس للجمهورية
  • أحمد حلمي يشارك في مسيرة لدعم فلسطين في هولندا
  • رسالة مؤثرة من علي معلول إلى جماهير الأهلي
  • نهائي دوري أبطال أوروبا.. تعرف على راتب أنشيلوتي الضخم مع ريال مدريد
  • أكاديمي أميركي: عندما ينتهك القادة القانون
  • مورينيو يقترب من تدريب فنربخشة التركي
  • عبد الرحمن مختار: كان عبد الخالق محجوب رفيق طفولتي يطرق للأرض كأنه يعد الحصا والذرات
  • محافظ واسط يقرر احالة اصحاب المولدات المخالفين لتسعيرة الأمبير الى القضاء
  • بعد تحريك سعر الخبز| أديب لـ الحكومة: "متقولوش المواطن كان بيعطيه للبط والوز"
  • ”عرفتم أنهم سرق وأبناء حرام”...محلل سياسي يفضح أكاذيب الحوثيين: سرقوا البنك ومرتبات الناس