تقرّ كل الأرقام والمؤشرات والدراسات أن المقاربة الأمنية في مواجهة الحركة الهجرية غير النظامية مآلها الفشل على اعتبار أن البشرية في حركية دائمة ولا يمكن إيقاف هذه الديناميكية الموجودة منذ آلاف السنين.

الأستاذ الجامعي المختص في قضايا الهجرة رياض بن خليفة اعتبر أن المقاربة الأمنية ليست معتمدة فقط من قبل الجانب الأوروبي وإنما كذلك من قبل دول جنوب المتوسط.

وأكّد أن القوانين والتشريعات المنصوص عليها منذ سنة 1995 تحدّ من الهجرة النظامية وتجعلها معقّدة لكافة الشرائح طلبة كانوا أو عمالا أو جامعيين وحتى للمواطنين الذين يرغبون في زيارات أهاليهم في أوروبا.

غلق الطرق الرسمية يقابله قنوات غير نظامية

هذا التمشّي من الجانب الأوروبي والمتصاعد في الفترة الأخيرة في علاقة بالتضييق على التأشيرات والقنوات الرسمية دفع بالعديد إلى البحث عن طرق وقنوات موازية وغير نظامية.

وبحسب المختص في قضايا الهجرة فإن الدول الأوروبية تقدّم مساعدات لدول جنوب المتوسط إلا أن هذه المساعدات تكون في شكل معدات تقنية لتعزيز مراقبة الحدود ضمن مقاربة أمنية بحتة أكّدت الأرقام المرصودة أنها لم تحد من الموجات والتدفقات الهجرية خصوصا في ظل تجديد شبكات الاتجار بالبشر الدولية والمحلية لأساليبها وتنويعها بما فيها المسالك الأطول والأصعب وما ينجرّ عنها من حوادث وكوارث إنسانية حتى أصبح البحر المتوسط يسمى بمقبرة المهاجرين.

وأضاف رياض بن خليفة أن المقاربة الأمنية أنتجت زيادة كبرى في عدد الضحايا خصوصا في ظل التشديد على المنع وعدم التركيز على عمليات الإنقاذ.

إصلاحات اقتصادية وتربوية

وللتخفيف من هذه الكلفة الإنسانية في معالجة ملف الهجرة غير النظامية، طرح رياض بن خليفة الاشتغال على العديد من الإصلاحات من ذلك إصلاح المنظومة التربوية حتى تصبح منظومة دامجة في سوق الشغل لخريجيها والتركيز على الجانب الاقتصادي الذي يشهد صعوبات مرتبطة بتفشي الفساد في الإدارة وغياب الحوكمة الجبائية وتضاعف دور الاقتصاد الموازي .

استرجاع الأموال المنهوبة

وشدد الأستاذ الجامعي المختص في قضايا الهجرة على أن ''تونس قامت بخطوات في اتجاه الإصلاح لكنها مازلت في حاجة إلى دعم الاتحاد الأوروبي لا على المستوى الأمني فقط وإنما من خلال دعم مقاومة الفساد والتصدي لتهريب الأموال ومعاضدة جهودها في استرجاع الأموال المنهوبة وتحويل ديونها إلى استثمارات''.

دعم الانتقال الطاقي

وفي ظل تواصل ارتفاع أسعار المحروقات في الأسواق العالمية والتزايد المستمر لكلفة الطاقة ضمن ميزانية الدولة وما ينجر عن ذلك من إثقال كاهل التونسيين، دعا رياض بن خليفة إلى التوجه نحو إرساء الطاقات البديلة والمتجددة لمؤسسات الدولة على غرار المدارس والوزارات والثكنات وغيرها من المؤسسات في إطار الاستعانة بمساعدات الاتحاد الأوربي لبلادنا.

وأقرّ أن مراجعة السياسات الأوروبية في علاقة بمنح التأشيرات للتونسيين تحتاج إلى مراجعة جذرية والتوجه نحو إقرار الهجرة الدائرية بمعنى إتاحة الفرص للعمال الموسميين والباحثين الجامعيين من التنقل للفضاء الأوربي والاستفادة من فرص العمل والتدريبات والخبرات بهدف المساهمة في دفع التنمية في بلدان جنوب المتوسط.

تخفيف الكلفة الإنسانية

وحسب الباحث في علم الإجتماع والمختص في ملف الهجرة خالد الطبابي فإن تخفيف الكلفة الإنسانية الباهظة للهجرة غير النظامية يستدعي تجهيز جميع الشواطئ التونسية وحتى الحدود البرية بوحدات من الحماية المدنية في إطار إرساء مقاربة للإنقاذ وتجهيز الأميال البحرية التونسية بشبكات تواصل واتصال يتم استعمالها في عمليات النجدة والإنقاذ وإدماج البحارة وأصحاب المراكب التجارية في عمليات إنقاذ الأرواح البشرية.

كما طالب خالد طبابي بضرورة التراجع في مذكرة التفاهم المصادق عليها بتاريخ 16 جويلية في قصر قرطاج مع الأوروبيين على الجانب المتعلق بتعزيز المقاربة الأمنية والتي ستكون لها تكلفة إنسانية باهظة على الشواطئ البحرية والمنافذ البرية لتونس إلى جانب عدم التفاوض مع حكومات شعبوية يمينية هدفها الأساسي خلق جدران عازلة وجعل تونس بمثابة حارس لحدودها، وفق تعبيره.

 

كريم وناس

المصدر: موزاييك أف.أم

كلمات دلالية: غیر النظامیة

إقرأ أيضاً:

تحليل أمريكي: المقاومة الوطنية أثبتت كفاءة عالية في اعتراض شحنات الأسلحة الإيرانية

في ظل التصاعد المستمر لتهديدات مليشيا الحوثي للملاحة الدولية في البحر الأحمر، دعت مجلة "ناشيونال إنترست" الأمريكية، الولايات المتحدة وحلفاءها إلى زيادة دعم وتدريب قوات خفر السواحل اليمنية، باعتبارها أداة فعّالة ومنخفضة التكلفة لمواجهة النفوذ الإيراني والحد من تهريب الأسلحة إلى الحوثيين. مشيدة بدور المقاومة الوطنية اليمنية العاملة على ساحل البحر الأحمر، والتي أثبتت كفاءة عالية في اعتراض شحنات الأسلحة الإيرانية.

التحليل أعدّه الباحثان بريدجيت تومي وإريك نافارو، أشار إلى دعوة رئيس مجلس القيادة الرئاسي في اليمن رشاد العليمي أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة الشهر الماضي لتشكيل تحالف دولي لمواجهة الحوثيين، تتقاطع مع الجهود الجارية لتعزيز التعاون البحري في المنطقة، مشيرًا إلى أن مكافحة تهريب الأسلحة للحوثيين تمثل نقطة انطلاق مثالية لأي تحالف متعدد الأطراف يسعى لتأمين الممرات البحرية الحيوية.

وأضافت المجلة أن إطلاق المملكة المتحدة والمملكة العربية السعودية مبادرة "شراكة الأمن البحري اليمنية" (YMSP) منتصف سبتمبر يمثل خطوة جوهرية نحو تحقيق هذا الهدف، إذ تهدف المبادرة إلى تطوير ودعم خفر السواحل اليمني في مجالات حماية التجارة البحرية ومكافحة التهريب والقرصنة على طول الساحل اليمني، بمشاركة ممثلين عن 30 دولة وخمس منظمات دولية، بينها الولايات المتحدة.

وتلقت المبادرة تعهدات أولية بملايين الدولارات، منها 4 ملايين دولار من المملكة المتحدة والسعودية ومليونا يورو من الاتحاد الأوروبي، في إطار خطة شاملة لتعزيز قدرات اليمن الأمنية البحرية.

وأشار التحليل إلى أن خفر السواحل اليمني ما يزال يفتقر إلى الموارد الكافية رغم الدعم الدولي السابق، وفق ما أكده اللواء خالد القملي، رئيس هيئة خفر السواحل اليمنية، وهو ما يجعل المبادرة الجديدة فرصة لتقوية هذا الجهاز الحيوي الذي يقع في قلب المعركة ضد التهريب والقرصنة.

وأكد الباحثان أن على الولايات المتحدة أن تعزز دعمها المالي والمادي والعسكري لخفر السواحل اليمني ضمن المبادرة الجديدة، موضحين أن هذا الدعم لا يتطلب ميزانيات ضخمة مقارنة بالإنفاق العسكري الأمريكي المعتاد، لكنه قادر على تحقيق أثر استراتيجي كبير.

وأوضح التحليل أن تقديم معدات استشعار متطورة، ودعم استخباراتي ولوجستي ميداني، وتوسيع برامج التدريب يمكن أن يضاعف من قدرات خفر السواحل اليمني على تعقب قوارب التهريب واعتراضها، ما سيحد بشكل مباشر من تدفق الأسلحة الإيرانية إلى الحوثيين.

وأضاف أن هذا النوع من الدعم يتماشى مع استراتيجية واشنطن القائمة على تعظيم العائد السياسي والعسكري من استثمارات منخفضة التكلفة، حيث تلعب القوات المحلية الدور الأساسي في حماية مصالح الولايات المتحدة دون المخاطرة بأرواح جنودها.

ودعا التحليل إلى توسيع نطاق المبادرة ليشمل قوات المقاومة الوطنية اليمنية العاملة على ساحل البحر الأحمر، والتي أثبتت كفاءة عالية في اعتراض شحنات الأسلحة الإيرانية خلال السنوات الماضية، آخرها عملية ضبط 750 طنًا من الأسلحة كانت في طريقها إلى الحوثيين هذا الصيف.

كما أشار إلى أهمية إشراك قوات المجلس الانتقالي الجنوبي التي تسيطر على ميناء عدن، خصوصًا بعد الغارات الإسرائيلية والأمريكية على ميناء الحديدة التي دفعت الحوثيين إلى تحويل خطوط تهريبهم نحو الجنوب. وأوضح التحليل أن دعم هذه القوات سيساعد على توسيع شبكة المنع البحري وتعزيز التنسيق داخل التحالف المناهض للحوثيين.

وأكد الباحثان أن المبادرة يجب أن تكون المنصة الرئيسية للدعم الدولي لقوات خفر السواحل اليمنية، وأن تضمن الدول المانحة إدارة شفافة وتوزيعًا منضبطًا للموارد بما يتوافق مع أولويات الأمن البحري، مع إشراف مباشر على الإنفاق لمنع الفساد والهدر وضمان استدامة الدعم.

واعتبر التحليل أن هذا النوع من الشفافية سيعزز ثقة المجتمع الدولي في الحكومة اليمنية ويشجع على استثمارات إضافية في المستقبل، مما يرفع من مكانتها السياسية ويقوي مؤسساتها الأمنية.

واختتمت المجلة تحليلها بالتأكيد على أن مبادرة "شراكة الأمن البحري اليمنية" تمثل خطوة استراتيجية نحو تمكين اليمنيين من استعادة السيطرة على سواحلهم ومياههم الإقليمية، والتصدي للتهديدات الحوثية التي تُعد امتدادًا لمشروع إيران في المنطقة.

وأضافت أن يمنًا قويًا قادرًا على حماية حدوده البحرية والتعاون مع الولايات المتحدة وحلفائها في إحباط الطموحات الإيرانية، هو هدف مشروع وجدير بالدعم الكامل، ليس فقط لأمن اليمن والمنطقة، بل أيضًا لحماية أحد أهم الممرات المائية في العالم – البحر الأحمر – الذي يمر عبره ما يقرب من 12% من التجارة العالمية.


مقالات مشابهة

  • رئيس جامعة الأزهر يؤم طلاب المدينة الجامعية ويلقي درسا من كتاب رياض الصالحين
  • رياض محرز يودّع اللعب الدولي .. قائد الجزائر: مونديال 2026 آخر محطاتي مع الخضر
  • «صندوق خليفة» يطلق منصة «رحلة الأعمال» لدعم نمو المشاريع الصغيرة والمتوسطة
  • آبل تواجه تحدي اختيار خليفة تيم كوك وسط تغييرات واسعة
  • بالرغم من التهويل.. هل التهدئة ممكنة؟
  • رئيس الوزراء: الفتاة المصرية أثبتت قدرتها على الابتكار والإبداع في مختلف المجالات
  • تحليل أمريكي: المقاومة الوطنية أثبتت كفاءة عالية في اعتراض شحنات الأسلحة الإيرانية
  • وائل رياض يوجه رسالة دعم لحسن شحاتة: بنحبك يا معلم
  • مصر المستقبل: جهود مصر والرئيس السيسي تحقق إنجازا قياديا وإنسانيا في غزة
  • برلماني: مصر أثبتت ريادتها العالمية بإتمام اتفاق السلام بين فلسطين وإسرائيل