بوابة الوفد:
2025-12-12@14:01:44 GMT

«دوسة» مولانا

تاريخ النشر: 24th, September 2023 GMT

أثارت بقرة مريضة، لا يتجاوز عمرها الأربعة أشهر، جدلًا كبيرًا وتفاعلًا واسعًا بين الناس، بعد أن قال صاحبها إنها حامل فى تسعة أشهر، تلك البقرة التى أطلق عليها الأهالى «البقرة المبروكة»، وألبسوها مجموعة من السبح منتظرين المعجزات، وجعلت عددًا من وسائل الإعلام المعتبرة تنشر تفاصيل تلك القصة، وتذهب إلى التحقق من صحة هذا الحدث، أليست هذه معجزة؟!

نعم تلك البقرة معجزة ليس لكونها حاملًا من عدمه، بل لأنها لم تلعن بصوت عالٍ الجالسين فى كهوف الجهل ينتظرون بركتها للتغلب على مصائب المرض، تلك البقرة معجزة لأنها لم تصرخ فى وجوه كانت أقصى أمانيها أن تثبت لجان التحقيق صحة حملها فى مرحلة الفطام، تلك البقرة معجزة لكونها تحمَّلت همس الدراويش والمريدين تستغيث بها من مصائب الأسعار، وتطلب منها الحماية من هول الزلازل والأعاصير، وأن تكفينا والعالم شر كوارث الساعات والأيام القادمة بعد تنبؤات العالِم الهولندى «فرانك هوجربيتس»!

تلك «البقرة المبروكة» التى ظهرت منذ أيام فى المحمودية بمحافظة البحيرة هى امتداد طبيعى لتلك «البقرة المبروكة» التى ظهرت فى الرحمانية فى نفس المحافظة عام 2015، وادعى صاحبها أن لبن هذه البقرة البكر يشفى كثيرًا من الأمراض المزمنة!

تلك البقرة هى امتداد طبيعى لمن يهوى الجهل، ويتزود منه، ويستقوى به، ثم يوثق تلك اللحظات والضحكات والحكايات المحبوكة بصور ومشاهد تحمل تعبيرات مغلفة بالدهشة والاستغراب، ثم يختمها بهزة رأس ممزوجة بـ«سبحان الله»!

تلك البقرة وأخواتها هى امتداد طبيعى ليوم «الدوسة» التى كان يمر فيه «سيدنا» بحصانه فوق ظهور دراويشه ومريديه فى الموالد، تلك «الدوسة» التى وصفها «إدوارد وليم لاين» فى كتابه «عادات المصريين المحدثين وتقاليدهم، مصر ما بين 1833 – 1835»، قائلًا: إن شيخ الدراويش السعدية السيد «محمد المنزلاوى» دخل بركة الأزبكية يسبقه موكب كبير من الدراويش، وتوقف هذا الموكب على بعد مسافة قصيرة من منزل الشيخ «البكرى»، وانطرح عدد كبير من الدراويش أرضًا جنبًا إلى جنب متلاصقين متراصين، ظهورهم مستقيمة وأرجلهم ممدودة وأذرعهم مضمومة تحت جباههم، وكانوا لا ينفكون يرددون كلمة «الله».

يستكمل «لاين» وصف تلك التجربة ويقول: ثم قام نحو اثنى عشر درويشًا وقد خلعوا أحذيتهم فى معظمهم، يمشون على ظهور رفاقهم الممددين، وكان بعضهم يضرب «الباز» وهو نوع من الطبلة الصغيرة، ويهتف باسم «الله» إلى أن بان الشيخ»، يقول «وليم لاين» إن الحصان تردد دقائق معدودة فى الدوس على ظهور الرجال الممددين المنطرحين أمامه، ولكنه قفز أخيراً عليهم بعد أن دفعوه إلى ذلك، وراح يرهو رهوًا دون خوف ظاهر فوق هؤلاء جميعًا يقوده شخصان، فكان أولهما يدوس أقدام الممددين، وثانيهما يمشى على رؤوسهم، عندها صرخ المتفرجون صرخة مطولة في صوت واحد: «الله».

تلك البقرة وأخواتها هى امتداد طبيعى لمشهد «الدوسة» التى نادى الشيخ محمد عبده بإبطالها، وبعد أن أوقفها الخديو توفيق، كتب مقالًا بجريدة الوقائع المصرية فى أبريل 1881 يستنكر فيه سماعه خبر التماس نفر ممن ألفوا تلك العادات، واستفزتهم مصالحهم الخصوصية، يطلبون من حضرة الحسيب النسيب السيد البكرى أن يبيح لهم إعادة «الدوسة» فى مولد الشيخ يونس المدفون بجهة باب النصر، محتجين بأنها من كرامات أحد الأولياء يقصدون الشيخ يونس، وأنه عُمل بها من زمن طويل يتناقلها الخلف عن السلف، فلا يصح بطلانها الآن اتباعًا لسنة الآباء والأجداد، وقام الشيخ محمد عبده بالرد على تلك الحجج وتفنيدها، ولم يكن الشيخ محمد عبده يعلم أنه سيأتى زمان ستظهر فيه «الدوسة» بدراويش جدد وأسياد متنوعين، ويتحول ذلك المشهد إلى مشاهد، ويصير هذا اليوم أيامًا.

فى النهاية.. تغيرت الملامح والوجوه والعادات، وتحولت بركة الأزبكية موطن «يوم الدوسة» إلى حديقة على الطراز الإيطالى، ثم أصبحت بعد مرور الأيام والسنوات على ما هى عليه الآن، وصرنا فى انتظار مشهد «البقرة المبروكة» فى الظهور من حين لآخر، ليعيد إلى الأذهان مشهد «دوسة مولانا» والدراويش الذين يتحملون ألم تلك «الدوسة» ومخاطرها، عندما يمر «حصان مولانا» وأقدام أتباعه على ظهورهم مهللين بصوت مرتفع: «الله»!

الخلاصة: إن بناء الفرد أولاً هو أهم مشروع قومى يمكن الاستثمار فيه ثم البناء عليه.

[email protected]

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: أشرف عزب البقرة المبروكة وسائل الإعلام محافظة البحيرة

إقرأ أيضاً:

الإعادة تكشف المستور

كشف نتائج الانتخابات فى الدوائر التى تم الغاء نتائجها سواء عن طريق الهيئة الوطنية للانتخابات أو بقرارات من الإدارية العليا عن المستور فى الجولة الأولى للانتخابات..خسرت أحزاب كبيرة مقاعد كانت قاب قوسين من الفوز بها وكسب مستقلون مقاعد كانوا قد خسروا المنافسة عليها بعد النتائج الرسمية لإعلان نتيجة الجولة الأولى..سقط كبار فى مشهد دراماتيكى عجيب غريب يعجز المنطق عن تفسيره والواقع عن شرحه وتحليله..إعادة الانتخابات قلبت خريطة المشهد الانتخابى الذى لطخه عبث العابثين واطماع الحالمين بمقعد تحت قبة البرلمان..نتائج الدوائر التى جرت فيها الانتخابات بعد إلغاء نتائجها كشفت وبجلاء عن رصيد المرشحين الحقيقى لدى جموع الناخبين فى دوائرهم..سابقة انتخابية لم تشهدها الحياة السياسية من قبل.. أصبح السؤال الذى يحتاج إلى إجابة شافية لا لبس فيها هى كيف حدث ذلك ولمصلحة من كانت نتائج هذه الدوائر قبل الغاء نتائجها ومن وراء ذلك؟..مرور هذه النتائج دون مراجعة وبحث وتمحيص جريمة تستوجب محاسبة من يعلم بها أو يتستر عليها.. من منطلق إذا عُرف السبب بطُل العجب نريد أن نعرف السبب؟..وعلى وقع مقولة ادينى عقلك كيف لنائب يخرج من السباق فى الجولة الأولى من الانتخابات وفى الجولة الأولى «بلس» أن جاز لنا نسميها حتى نستطيع أن نفرق بين الجولة الأولى قبل الإلغاء والجولة الأولى بعد الإلغاء يفوز بالمقعد وهذا ما جرى فى دائرة نجع حمادى حيث خرج أحد المرشحين من السباق ولم يتمكن من دخول الإعادة فى الجولة الأولى فإذا به يفوز فى الجولة الأولى «بلس» ويحسم الصراع بحصول على ٥٠٪ + ا من عدد الأصوات الصحيحة معلنا استرداد مقعده تحت قبة البرلمان.. وعلى وقع ادينى عقلك كيف حصل مرشح فى دائرة قوص على ما يزيد على ٦٥ ألف صوت فى الجولة الأولى من المرحلة الأولى وفى الجولة الأولى «بلس» حصل على ١٢ ألف صوت!!!.. وفى دائرة الرمل حصل أحد المرشحين على ٥١ ألف صوت فى الجولة الأولى لانتخابات المرحلة الأولى وفى الأولى «بلس» حصل على ٢٠ ألف صوت!!.. وفى نفس الدائرة حصل مرشح على ٥٢ ألف صوت قبل الإلغاء وفى الأولى «بلس» حصل على ١٥ ألف صوت!..دائرة دمنهور حصلت إحدى المرشحات على ٧٤ ألف صوت قبل الإلغاء وفى الأولى «بلس» حصلت على ٣١ ألف صوت!!!.. وفى إمبابة كانت المفاجأة الكبرى بخسارة أحد المرشحين وحصوله على ١٣٥٠ صوتا فى حين كان قد حصل على ٢٣ ألف صوت دخل بيها جولة الإعادة قبل الإلغاء.. وفى إمبابة دخلت أحدى المرشحات الإعادة بعدما كانت قد انسحبت فى الجولة الأولى وهى أول مرشحة تعلن انسحابها من الانتخابات بعدما رأت خروقات وانتهاكات صعب عليها المشاركة فيها إلا إنها عادت إلى المشهد بعد إبطال النتائج ودخلت الإعادة فى الأولى «بلس» والمنافسة على المقعد من جديد.. ونجع حمادى حصل أحد المرشحين على ٢٨ ألف صوت فى الأولى «بلس» فى حين كان قد حصل فى الجولة الأولى قبل الإلغاء على ٧٨ ألف صوت!! وفى الأولى«بلس» خسر حزب مستقبل وطن أربعة مقاعد كان ينافس عليها فى الجولة الأولى من المرحلة الأولى خسرها بعد الغاء النتائج وإعادة الانتخابات تمثلت فى سوهاج، المنشأة، قوص، اطسا!!!.. كيف نفسر ما حدث؟ صحيح قد يكون حدث تغير فى مزاج الناخبين ولكن نحن بحاجة إلى معرفة سبب تغير مزاج الناخبين وما هو العامل الذى أثر على تغيير هذا المزاج؟ قد يكون هناك سبب فى ضعف الإقبال من الناخبين فى المرة الثانية ولكن مدى تأثير هذه الفروقات الرهيبة التى تفوق التفكير السليم للعقل والمنطق..ظاهرة انسحاب فائزين فى المرحلة الأولى ودخولهم الإعادة ألا أنهم انسحبوا من المشهد بعد الغاء النتائج وعزفوا عن المشاركة بعد إعادة الانتخابات ظاهرة تحتاج إلى دراسة وتحليل منطقى يفسر لنا هذا الغموض.. أسئلة كثيرة مطروحة تحتاج إلى إجابات من الهيئة الوطنية للانتخابات باعتبارها أنها الوحيدة التى لديها المعلومات الاحصائيات والأرقام والأسباب وراء إلغاء نتائج هده الدوائر حتى يعرف الناس الحقائق وأن نسمع عن محاسبة أعضاء هذه اللجان والدوائر التى ألغيت فيها النتائج ليكونوا عبرة لغيرهم فيمن يتولى مسئولية الانتخابات الاستفتاءات فيما بعد..اللجان التى حدث بها وفيها خروقات وانتهاكات نحتاج محاسبة القائمين والمشرفين عليها.. الشعب يريد أن يعرف الحقائق ويرى تحقيقات للمتسببين فيما حدث وما جرى فى انتخابات طالها ما طالها من خروقات وانتهاكات كانت سببا فى بيان الرئيس عبدالفتاح السيسى على صفحته الرسمية وهذا البيان كان سببا فى كشف المستور وحل ألغاز ما بين الستور وإعاد توجيه البوصلة من أجل انتخابات حرة نزيهة تليق بمصر والمصريين وتحترم إرادة الشعب وتعبر عن إرادة الناخبين.

 

[email protected]

 

مقالات مشابهة

  • فتاوى :يجيب عنها فضيلة الشيخ د. كهلان بن نبهان الخروصي مساعد المفتي العام لسلطنة عُمان
  • الشيخ خالد الجندي يحذر من الخطأ الشائع في كتابة «اللهم صل على النبي»
  • ضبط شاب ينتحل صفة أخصائى علاج طبيعى ويدير مركزا غير مرخص فى سوهاج
  • الشيخ خالد الجندي يشرح سر دقة العذاب الإلهي ولماذا لا يهلك الكون كله
  • الشيخ خالد الجندي يوضح شروط التوبة الصادقة
  • الشيخ خالد الجندي: عطاء الدنيا زائل وليس دليلاً على محبة الله للعبد وقد يعطيه للكافر
  • بقرار وزير الرياضة.. حل مجلس إدارة مركز شباب في كفر الشيخ
  • كيف عادت تسجيلات الشيخ محمد رفعت إلى النور؟.. تفاصيل تُروى لأول مرة
  • قلب المجتمع!!
  • الإعادة تكشف المستور