أشاد عدد من المشاركين في أعـمـال المؤتمر الثاني عشر لــوزراء الثقافة فـي العالم الإسـلامـي، الـذي تعقده منظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو) وتــســتضـيـفه دولة قطر ممثلة بوزارة الـثـقافـة، تـحت شـعـار «نحو تـجـديـد الـعـمـل الـثـقـافـي فــي الـعـالـم الإسلامي»، أشادوا بدور قطر في احتضان أعمال المؤتمر، مشيرين إلى أن الثقافة مرآة الشعوب.


وقالوا في تصريحات رصدتها «العرب» من الحساب الرسمي لوزارة الثقافة على موقع «اكس»، إن استضافة قطر ممثلة في وزارة الثقافة لأعمال المؤتمر ينبع من حرصها على تأصيل الثقافة في المجتمع والمحافظة على الإرث الاسلامي.

مؤشر لمستقبلنا
وفي هذا الإطار قال معالي الدكتور سالم بن محمد المالك المدير العام لمنظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة «إيسيسكو»: إن دولة قطر حملت على عاتقها استضافة هذا المؤتمر الذي نأمل أن تكون توصياته ووثائقه مؤشرًا لمستقبلنا.
وأوضح أنه هناك انسحاب كبير في العالم الاسلامي من المشهد الثقافي، لكن هناك أمل للتغلب على هذا التحدي، والعمل على تعزيز الحضور الثقافي للدول الاسلامية.

تقريب وجهات النظر
من جهته قال سعادة السيد سعيد بن سلطان البوسعيدي وكيل وزارة الثقافة والرياضة والشباب للثقافة بسلطنة عُمان، إن هذه المؤتمرات مهمة لتقريب وجهات النظر بين الدول الإسلامية في مجالات الثقافة لتحقيق السياسات والإستراتيجيات الثقافية بصورة متكاملة ومتعاونة بين دول العالم الاسلامي، شهدنا خلال المؤتمر أفكار ورؤى واضحة للوصول إلى نظرة حديثة للثقافة.

شكرا قطر 
ودعت سعادة الدكتورة حياة قطاط القرمازي وزيرة الشؤون الثقافية بالجمهورية التونسية إلى العمل الثقافي المشترك وتعزيز انتشاره الدولي، مؤكدة أهمية إرساء سياسات ثقافية واضحة، خصوصا في ظل ما نعيشه من تحديات وتحولات دقيقة على جميع الأصعدة في وقتنا الحاضر من قبيل دخول العالم الافتراضي والذكاء الاصطناعي بقوة وبدون استئذان، فضلا عن التحولات الاقتصادية والاجتماعية والتغيرات المناخية.
وتوجهت الوزيرة بجزيل الشكر لدولة قطر ووزارة الثقافة على حُسن تنظيم المؤتمر الثاني عشر لوزراء الثقافة في العالم الإسلامي.

تعزيز ثقافتنا الإسلامية
بدوره أشاد سعادة السيد أبكر روزي تقيل وزير شؤون الثقافة والإرث التاريخي والسياحة والحرف اليدوية في جمهورية تشاد بالتنظيم المحكم للمؤتمر وقال: «تستضيف الدوحة أكثر من عشرين دولة وهذا بالنسبة لنا دليل نجاح».. ودعا إلى «مواصلة العمل على كيفية تعزيز ثقافتنا الإسلامية».

طرح مهم
وقال الدكتور محمد زين العابدين رئيس قطاع الثقافة والاتصال بمنظمة الإيسيسكو: إن الطرح الجديد للمفهوم الثقافي مهم جدًّا، حيث يعزز الهوية والذاكرة وقضايا التنمية المستدامة ويدعم خلق الثروات والإمكانات خاصة للشباب.
وذكرت السيدة إيرينا بوكوفا المديرة العامة السابقة لمنظمة اليونسكو، أنه في ظل الوقت الحاضر حيث السلام الهش للغاية، والكثير من المفاهيم الخاطئة وسوء التقدير، أعتقد أن المؤتمر له معنى عميق بالنسبة للعالم الإسلامي.

المصدر: العرب القطرية

كلمات دلالية: قطر مؤتمر وزراء الثقافة العالم الإسـلامـي إيسيسكو العالم الإسلامی الثقافة فی

إقرأ أيضاً:

لماذا الحديث عن أمن الهوية الثقافية؟

في نشاطه الجاد والمستمر، خصص النادي الثقافي إحدى جلساته في الأيام الماضية لمناقشة موضوع: «الأمن الثقافي ودوره في الحفاظ على الهوية الوطنية»، واستضافت عددًا من المتحدثين والنشطين ثقافيًا وأكاديميًا في الدراسات الثقافية والحضارية، وصناعة المحتوى الثقافي. قيمة هذه الجلسة في طرحها للأسئلة أكثر من تأطيرها للإجابات القاطعة؛ ولا يستغرب متابع إن خرج منها دون إحاطة دقيقة بتعريف المفاهيم الرئيسة التي تناولتها بما في ذلك مفهومها الأساس «الأمن الثقافي»، ورغم تحفظنا على دقة المفهوم باعتبار أن المكون الثقافي مكون واسع، وفيه من المضمون المادي والمعنوي متباينات شتى، وإحاطته بمفهوم الأمن قد يتناقض مع بعض مكوناته الأساسية، ونرى أن مصطلح «أمن الهوية الثقافية» هو المصطلح الأقرب للدقة – في تقديرنا – باعتبار سعي المجتمع ومكونات النظام السياسي والثقافي للحفاظ على المكونات الفريدة والمميزة التي تسم ثقافة ما ومحاولة استدامتها عبر الأجيال، والحفاظ عليها من تأثير عوامل الخارج في أن تفككها أو تغير مضامينها الرئيسة أو تبدل معانيها الاجتماعية. وقد شدني في الجلسة مداخلتين مهمتين طرحتا من قبل الحضور؛ الأولى أكدت على أهمية تحديد عوامل الخطر التي تواجه هويتنا الثقافية حقًا، والنقاش حولها بطريقة محددة وتشخيصها بشكل منهجي. أما الثانية فكانت تتعلق بضرورة تحديد المفاهيم – وهو ما أخذ حيزًا واسعًا من التداخلات – ولكن السائل كان ينبه حول ضرورة استنبات مفاهيم من الداخل ذات خصوصية اجتماعية وتتسق مع طبيعة السياق الثقافي للمجتمع في عُمان، يمكن أن ننطلق منها ونحدد حولها هواجسنا واستفهاماتنا الرئيسة.

ماذا نريد للهوية الثقافية في عُمان؟ - حسب تقديرنا – فإن السياسات التعليمية والثقافية والإعلامية – باعتبارها أكثر السياسات تأثيرًا وصنعًا لمسارات الهوية الثقافية – ينبغي أن تكون أكثر تناغمًا انطلاقًا من الهواجس الرئيسة حول الهوية الثقافية، وفي كل الأحوال فإن المجتمع المراد هو المجتمع الذي ينظر إلى الحداثة بمفهومها وتطبيقاتها الواسعة بطريقة ناقدة، ويتفاوض بشكل مستمر حول تأثيرها، ويشكل فيه التعليم والانتماء وسيلتان لحماية أفراده وخاصة في الأعمار المبكرة من التقليد والانسياق الأعمى، وتمكن فيه المؤسسات التعليمية الأفراد من امتلاك الحدس النقدي تجاه التيارات الثقافية الصاعدة والمتواترة، دون انقطاع عن حركة الثقافة العالمية. وهو في الآن ذاته مجتمع لا ينظر إلى الاستثمار في الثقافة بوصفها عبء اقتصادي أو مكون جمالي من مكونات الدولة، بل هي امتداد للمعنى المراد ترسيخه، وللقيم المراد تأصيلها، وللموروثات المراد نقلها عبر الأجيال، فتكون في هذه الحالة مؤسساته الثقافية متفاعلة مع حركة المجتمع، جاذبة لكل فئاته وأطيافه، وموجهة أطروحاتها ومنتجاتها بما يتسق مع حفظ النسق الثقافي من ناحية، وإكساب الأفراد روح الثقافة من ناحية أخرى.

وما نريده أيضًا للهوية الثقافية في عُمان هو احتفاؤنا بالتنوع الذي أوجدته عوامل التاريخ والجغرافيا، وهذا الاحتفاء ينطلق من تعزيز المحتوى المبتكر حولها على منصات الإعلام التقليدية والحديثة وفي وسائط التعلم والفضاء العام، واعتبار ذلك التنوع واحترامه قيمة مركزية في بقاء وديمومة المجتمع. وأن تكون القيم والممارسات الأصيلة للهوية الثقافية حاضرة ومجسدة في تجديدنا الحضري، احتفالاتنا ومهرجاناتنا، وأن نخصص الأيام والمناسبات الرسمية للاحتفاء بعناصر ثقافية معينة، وأن نوجد التشريعات والنظم الضامنة لاندماج العناصر الثقافية في حياة الأفراد بشكل مستمر، ففي علم الاجتماع تؤكد نظرية التفاعل الرمزية أن الهوية الثقافية ترتبط بشكل رئيسي بكيفية أداء الأفراد لها والتعامل معها في الحياة اليومية. «ويعتمد ضمان الهوية الثقافية على إدراك الرموز الثقافية (مثل: اللباس، واللغة، والطقوس) وإثبات صحة أداء الهوية في التفاعلات الاجتماعية». وهو ما يؤكد ضرورة نقلها بشكل سليم عبر الأجيال، وتعليمها وتعميق مفاهيمها لديهم بشكل جيد.

إذن ما هي الهواجس الرئيسة التي تواجه أمن هويتنا الثقافية؟ وهنا لابد من التأكيد منهجيًا على ضرورة التفريق بين الهواجس المتخيلة/ المتصورة وبين الهواجس الحقيقية، فالطبيعي أن كل مجتمع لديه متخيلات من المهددات التي تواجه ثقافته دون أصل لها في الواقع، وهذه المتخيلات تنشأ نتيجة التفسير غير الدقيق للتحول الاجتماعي أو نشوء بعض المشكلات الاجتماعية. لكن ما يعنينا هنا هي الهواجس الحقيقية التي تقترن بوجود دلائل تأثيرها على الهوية الثقافية، وهي خمسة حسب تقديرنا: أولها ضمور التواصل بين الأجيال واختلاف اللغة الاجتماعية بين جيلين (المفاهيم/ المعتقدات/ التصورات/ رؤية الحياة..)، وثانيها كفاءة النظام التعليمي في تعزيز ملكة النقد تجاه أدوات الحداثة، وثالثها ضعف التفاعل بين منتج المؤسسات الثقافية وبين حركة المجتمع، ورابعها سهولة التعرض للمحتوى الثقافي المعولم مع ضعف وجود المحتوى الثقافي المحلي (المبتكر / المتنوع)، فهل وصلنا فعليًا لمنصات إعلامية جاذبة في محتواها ترتكز على الثقافة العُمانية في إنتاج المحتوى وقادرة على خلق ميزة تفضيلية لدى المتلقي؟، وهل طورنا صناعة الألعاب الإلكترونية بناء على المعطى الثقافي المحلي مثلًا؟، وهل لدينا صفحات على منصات التواصل الاجتماعي المختلفة قادرة على تغذية الملتقي ثقافيًا ومعرفيًا بشكل مبتكر؟ هذه أمثلة على الطريقة التي يمكن أن يتفاعل فيها المحتوى مع تحولات ذائقة المجتمع وفي نفس الوقت يؤدي دوره في الحفاظ على الثقافة. أما خامس الهواجس فهو في رؤية الهوية الثقافية كـ(مهدد) وليس كـ(فرصة)، وذلك يرتبط بقدرتنا على توسيع نطاق الصناعات الثقافية الإبداعية واعتبارها استثمارًا اقتصاديًا من ناحية، وحافظة ثقافية من ناحية أخرى، ويمكن المؤسسات والدولة والأفراد على حد سواء من تداول العناصر الثقافية رمزيًا وضمنيًا وظاهريًا عبر أدوات الإنتاج وتقنياته الحديثة.

إشارة أخيرة أود أن أقف عليها، وقد أخذت حيزًا واسعًا في نقاشات الجلسة التي أشرت لها، وهي القول بأهمية وجود مراكز وطنية للدراسات الثقافية والحضارية، ورغم عدم اختلافنا على أهمية ذلك في رصد الحركة الثقافية، وإجراء الدراسات والبحوث الدقيقة على تحولات الثقافة وعلى موقفنا الحضاري، إلا أنه لا ينبغي أن يكون الحل السهل والمباشر لكل تحدياتنا ومشكلاتنا هو التوصية بإيجاد مراكز للبحوث والدراسات، قبل أن نسائل الجامعات والكليات القائمة بتنوعها واختلافها عن دورها المركزي في تفعيل هذا الشق المهم، وفي إنجاز برامج بحثية واستراتيجية تعنى بالقضية المطروحة، وفي تتبعها بشكل مستمر، فالمُكن البشرية والمادية واللوجستية تكاد تكون متوفرة، واستدامة المؤسسة في ذاتها تتيح لها أداء هذا الدور، وهو ما سيؤسس لاحقًا في تقديرنا لاستقلالية هذه المراكز بخبراتها ونتاجاتها وكفاءاتها.

مبارك الحمداني مهتم بقضايا علم الاجتماع والتحولات المجتمعية فـي سلطنة عُمان

مقالات مشابهة

  • وزير العمل يشارك في الجلسة الافتتاحية لمؤتمر العمل الدولي بجنيف
  • افتتاح المركز الثقافي في إدلب إيذاناً ببدء مشروع ثقافي وطني على مستوى المحافظات
  • مؤتمر في نزوى يناقش تحديث التشريعات والقرارات الإدارية
  • وزير العمل يترأس وفد مصر المشارك في مؤتمر العمل الدولي بجنيف غداً
  • اليوم.. الداخلية تعقد مؤتمر قيادات قوات أمن الحج في مكة المكرمة
  • «تريندز» يشارك في مؤتمر دولي للحفاظ على الأنهار الجليدية في طاجيكستان
  • لماذا الحديث عن أمن الهوية الثقافية؟
  • الدكتور: حسام صلاح يطرح خارطة طريق للابتكار الطبي في مؤتمر قصر العيني
  • اليوم.. قصور الثقافة تنظم مؤتمر لذوي الإعاقة
  • 4 محاور نوعية بمؤتمر دور القضاء في استقرار المجتمع