شبكة اخبار العراق:
2025-12-13@16:35:52 GMT

هل يحتاج العراق إلى تنمية؟

تاريخ النشر: 27th, September 2023 GMT

هل يحتاج العراق إلى تنمية؟

آخر تحديث: 27 شتنبر 2023 - 9:13 صبقلم:فاروق يوسف لو تعلق السؤال بدولة غير العراق لبدا كما لو أنه نوع من السخرية المبتذلة لا تمت إلى المزاح الثقيل بصلة. ولكن العراق وهو دولة فاشلة على الأصعدة كافة لا يُخطئه السؤال ولن تكون الإجابة بـ“لا” منافية للحقيقية ومناقضة لواقع هو الواجهة والجوهر في الوقت نفسه. ذلك لأن طبقته السياسية الحاكمة فيه لا تملك القدرة على فهم ما الذي تعنيه التنمية، أكانت مادية أم بشرية.

وهي، أي الطبقة السياسية عبارة عن جسم طفيلي التصق بالمجتمع وأصابه بالعدوى حين دس كل عاداته بين تلافيف العقل الجمعي وعمل على تطبيع فساده غير المسبوق في التاريخ البشري.  هناك حقائق على الأرض وبالأرقام يمكنها أن توضح شيئا من فاجعة ذلك البلد الذي شهد عبر أربعين سنة حروبا من أنواع، اتخذ البعض منها طابعا عالميا مثل ما حدث في عامي 1991 و2003. حربان سبقتهما حرب عبثية استمرت ثماني سنوات وتلتهما حرب عالمية على الإرهاب. وكان من نتيجة تلك الحروب أن أضحى البلد مجردا من بنيته التحتية بطريقة لا تعاني منها أكثر البلدان فقرا في العالم. ولأنه بلد ثري فقد بلغت ميزانية دولته المزعومة لعام 2023 ما يقارب 153 مليار دولار. في المقابل فإن 30 في المئة من سكانه يقعون تحت خط الفقر كما أن نصف عدد شبابه يعانون من البطالة. أما البطالة المقنعة فيكشف عنها الرقم الذي يشير إلى عدد العطلات التي يتمتع بها الموظفون والتي تبلغ 110 أيام في السنة من غير يومي الخميس والجمعة من كل أسبوع. وإذا ما عرفنا أن الدولة تنفق على أربعة ملايين موظف لديها وأكثر منهم ممَن يتقاضون رواتب شهرية من المجاهدين والسجناء السابقين ولاجئي رفحاء و”الشهداء” الإيرانيين والمرحلين ناهيك عن ذوي الامتيازات الخاصة ممَن يتقاضون رواتب فلكية وأكثر من راتب، يُضاف إليهم أكثر من مليون من منتسبي القوات المسلحة، بضمنهم مقاتلو الحشد الشعبي الذين يبلغ تعدادهم أكثر من 220 ألف مقاتل، تكون الدولة العراقية عبارة عن ثقب أسود في إمكانه أن يبتلع كل الأموال التي تُلقى فيه ويصرخ “هل من مزيد؟”. وإذا ما كان هناك فائض من المال فإن أحدا لن يراه. ذلك لأن الأحزاب الحاكمة أظهرت عبقرية استثنائية في فنون الفساد. لا يفلت من قبضته شيء حتى لو كان هواء. الفساد الذي تم تطبيعه لم يستثن أحدا. وليس من باب التشهير القول إن مَن تظهر عليه ملامح الشرف والنزاهة الحقيقية إما أن يُلقى به خارج الوظيفة أو يتم سجنه بتهم جاهزة قد تصل إلى تهمة تشجيع الإرهاب وهي تهمة جاهزة. هناك شعب معتقل ضاقت به السجون وليس أمام وزارة العدل سوى أن تبني سجونا جديدة. في العالم يهدمون السجون بحثا عن عقوبات أقل ألما وفي العراق تحتكر القسوة الهواء كله من خلال اتساع رقعة العبث بمصائر الناس. ذلك بلد أسطوري. متى لم يكن العراق كذلك؟ أسطوري في جماله وأسطوري في قبحه. إلى وقت قريب ظل المزارعون يقاومون الظروف السيئة التي يعملون في ظلها بعد أن تهدمت مشاريع الإرواء كلها والتي أنفق العراق عليها مليارات الدولارات، وشح الماء حيث صارت تركيا تخالف القوانين الدولية في ما يتعلق بحصة دولة المصب. غير أن الدولة تخلت عنهم حين فتحت حدودها أمام منتجات الجارة العزيزة إيران فصار عليهم أن يندبوا حظهم العاثر ويتلفوا حصادهم ويتركوا أرضهم مهاجرين إلى المدن.تأوي العاصمة العراقية اليوم أكثر من عشرة ملايين نسمة وهي التي لم تُصمم في حالتها النموذجية إلا لإيواء مليون من البشر. وهو ما يعني أن الملايين التسعة سطت على حصة المليون في الحياة وتقاسمتها معه. وبعد نتحدث عن التنمية. ضحك رئيس الحكومة على نفسه حين تحدث عن خط التنمية الذي يمتد من البصرة إلى أوروبا. ما حدث على أرض الواقع أن هناك مشروعا للربط السككي بين إيران والعراق هو البديل. يذهب العراقيون من خلاله إلى مشهد لزيارة الإمام الرضا ويستعمله الإيرانيون لزيارة ضريح الأمام الحسين. ذلك هو مفهوم تنمية يقوم على الشعائر الدينية (الطائفية).ما يعرفه العراقيون قبل غيرهم أن بلدهم صار خارج المنطقة التي تتحرك فيها الدول لتصريف شؤون شعبها وحمايته وتطوير قدراته والاستفادة من كفاءته ومن قبل ذلك كله الحفاظ على سيادتها على أراضيها وأمن حدودها. العراق دولة مُخترقة من الداخل والخارج. خارجيا فإنها لا تملك حق السيادة على أراضيها وداخليا فإن ثرواتها مهما عظمت لا بد أن تتعرض للنهب المنظم من غير أن يبقى منها شيء للشعب.

المصدر: شبكة اخبار العراق

كلمات دلالية: أکثر من

إقرأ أيضاً:

قراءة في كتاب «وكأنني لازلت هناك» للدكتور صبري ربيحات

صراحة نيوز- الاستاذ الدكتور فواز محمد العبد الحق الزبون _ رئيس الجامعة الهاشمية سابقاً.

يقدّم الدكتور صبري ربيحات في كتابه «وكأنني لازلت هناك» عملاً سرديًا يتجاوز حدود السيرة الذاتية إلى فضاء أرحب يدمج بين الذاكرة الفردية والتاريخ الاجتماعي. فالكتاب يشكّل شهادة حيّة على مسار إنساني حافل بالتجارب، يبدأ من الطفيلة وينفتح على فضاءات العمل الأكاديمي والإداري والثقافي والسياسي في الأردن. ومنذ الصفحات الأولى، يلمس القارئ صدق الكاتب، وحرصه على تسجيل التفاصيل بعمق إنساني يذكّر بأن السيرة ليست مجرد أحداث، بل هي رؤية إلى الحياة وإلى أثر المكان في تشكيل الإنسان.

يعود ربيحات إلى الطفيلة باعتبارها نقطة بدء تكوّنت فيها شخصيته وتبلورت قيمه الأولى. فهو ابن البيئة التي صاغت أبناءها على الصلابة والاعتداد بالنفس واحترام العمل. ولا يظهر المكان في الكتاب مجرد مساحة جغرافية، بل كذاكرة راسخة ومصدر للمعنى. إذ يُبرز المؤلف تأثير الطفولة المبكرة، والمدرسة، والعلاقات الاجتماعية، في بناء الإنسان، مستعيدًا مشاهد الحياة اليومية التي شكّلت خلفيته الثقافية والأخلاقية. ويتعامل مع تلك التفاصيل بحنان معرفي يجعل القارئ يشعر أنه أمام وثيقة صادقة تُدوّن تحولات المجتمع الأردني عبر صورة الفرد.

وإلى جانب البعد الاجتماعي، يكشف الكتاب عن مسيرة مهنية متشعبة تجمع بين الأكاديمية والعمل العام. فقد تنقّل الدكتور ربيحات بين مواقع متعددة، بدءًا من خدمته في الأمن العام، وصولًا إلى تولّيه حقائب وزارية مثل وزارة الثقافة ووزارة التنمية السياسية والشؤون البرلمانية. ويعرض هذه التجربة بروح المسؤول الذي يرى في العمل العام التزامًا تجاه المجتمع، وليس موقعًا بروتوكوليًا. ومن خلال سرد هذه المحطات، تُقدَّم للقارئ صورة لرجل يؤمن بأن خدمة الدولة مهمة تتطلب المعرفة والانتماء معًا.

ويتميّز الكتاب بلغته الرشيقة التي توازن بين بساطة التعبير وعمق الفكرة. فهو يكتب بلا مبالغة، وبلا مسافة بين الذاكرة والقارئ، مما يمنح السرد صدقه ودفئه. كما تتضح في أسلوبه خبرة الأكاديمي وقدرته على قراءة الأحداث وربطها بسياقاتها الثقافية والاجتماعية، وهو ما يضفي على السيرة قيمة معرفية مضاعفة. وفي الوقت نفسه، تحضر الإنسانية بوضوح في طريقته في استحضار العلاقات والتجارب، وفي قربه من الناس وتجاربهم اليومية.

وبالنظر إلى موضوعه وأسلوبه وأبعاده الفكرية والتربوية، يُعدّ الكتاب مادة ذات قيمة للتدريس في المدارس والجامعات، خصوصًا في مساقات التربية الوطنية، والدراسات الاجتماعية، وأدب السيرة الذاتية. فهو نموذج لكتابة تجمع بين التجربة الشخصية والتاريخ الوطني، وتساعد القارئ ،وخاصة الطالب ،على فهم كيفية تداخل السيرة الفردية مع تحولات المجتمع والدولة.

ملامح شخصية الدكتور صبري ربيحات كما تعكسها السيرة

تكشف صفحات الكتاب عن مجموعة من السمات التي تكوّن صورة واضحة لشخصية المؤلف، من أبرزها:
1. الانتماء للبيئة الأصلية
يظهر ربيحات ابنًا وفيًا للطفيلة، ممتنًا لتجربته الأولى، ومحمّلًا بقيم الجهد والنزاهة والاقتراب من الناس.
2. الصدق والشفافية
يكتب تجربته كما عاشها، دون تجميل أو مواربة، الأمر الذي يمنح السرد واقعيته ومصداقيته.
3. الرؤية الوطنية
لا ينظر إلى الأحداث من زاوية فردية فحسب، بل يربطها بالسياق الأردني العام، ويقدّم شهادة ناضجة على تاريخ اجتماعي وسياسي متحوّل.
4. العقل الأكاديمي
تظهر خبرته البحثية في قدرته على التحليل، وفي سلاسة الجمع بين التجربة الذاتية والمعطيات الموضوعية.
5. خبرة العمل العام
تمتزج في شخصيته ثقافة المثقف مع مسؤولية رجل الدولة، مما يجعل سيرته نموذجًا لفهم دور النخب في خدمة المجتمع.
6. البعد الإنساني
في كل التفاصيل، يحضر الإنسان القريب من الناس، والحريص على قراءة التجربة من منظور إنساني قبل أي شيء آخر.

خلاصة القول، يمثّل كتاب «وكأنني لازلت هناك» إضافة نوعية إلى أدب السيرة الذاتية في الأردن، لما يحمله من قيمة توثيقية وإنسانية، ولقدرته على الجمع بين سرد التجربة الفردية ورصد تحولات المجتمع. وهو عمل يستحق القراءة والتأمل، ويناسب أن يكون مرجعًا تربويًا يوظَّف في العملية التعليمية، لما يقدّمه من مضامين ثقافية ووطنية وأخلاقية راسخة. ويظلّ الكتاب شهادة صادقة لرجل حمل قيم بيئته معه أينما ذهب، وظلّ قريبًا من الناس ومن الحقيقة ومن فكرة الخدمة العامة.

 

مقالات مشابهة

  • برج الميزان حظك اليوم السبت: مكان العمل يحتاج إلى تركيز ثابت
  • مرصد اقتصادي: العراق ينفق أكثر 5 تريليونات دينار لتغطية نصف الطلب على الكهرباء
  • مصطفى بكري: هناك رموز ستختفي والحكومة ستتغير بعد الانتخابات.. فيديو
  • هل يحتاج الاتحاد السعودي خدمات محمد صلاح؟ تقارير سعودية تطرح التساؤل
  • فوائد واسعة لـالبابونج.. هل هناك أضرار في حال تناوله يوميا؟
  • قراءة في كتاب «وكأنني لازلت هناك» للدكتور صبري ربيحات
  • نحو 100 قتيل في هجوم الإنتقالي على حضرموت.. ومعلومات تكشف حجم الإنتهاكات التي ارتكبتها مليشياته هناك
  • أكثر من (7)ملايين برميل نفط الصادرات العراقية لأمريكا خلال الشهر الماضي
  • جمال حمزة: الزمالك يحتاج 5 محترفين أجانب من العيار الثقيل
  • سيناريو التأهل المباشر بدوري أبطال أوروبا: برشلونة لا يحتاج للفوز فقط