قبل جائحة كوفيد، كانت منطقة جنوب شرق آسيا واحدة من أكثر المناطق ديناميكية حول العالم مع أعلى توقعات نمو.

وكانت الاقتصادات الستة الأكبر فى رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان-6)، والتى تشمل إندونيسيا وتايلاند وسنغافورة وماليزيا وفيتنام والفلبين، من أسرع الاقتصادات نموًا فى العقود الأخيرة.

مع انتهاء جائحة كوفيد وبدء عملية إعادة الانفتاح فى الصين، كان من المتوقع أن تعود هذه البلدان إلى معدلات النمو القوية المسجلة فى السنوات السابقة.

لكن تبين أن عام 2023 وفر بيئة أقل دعمًا مما كان يُتوقع، وتم تعديل التوقعات وفقًا لذلك.

إجماع بلومبرغ هو أداة مفيدة لتتبع التوقعات الاقتصادية الصادرة من الاقتصاديين ومراكز الفكر ومراكز البحوث.

وهى تسمح بمقارنة توقعات النمو مع الأداء التاريخى، بالإضافة إلى تتبعها بمرور الوقت. تظهر التوقعات أن النمو هذا العام سيكون أقل فى مختلف اقتصادات آسيان-6 من متوسطاته التى كانت سائدة قبل جائحة كوفيد فى 2012-2019.

بالإضافة إلى ذلك، انخفض إجمالى توقعات النمو لعام 2023 لآسيان-6 منذ منتصف عام 2022 بمقدار 0.80 نقطة مئوية، من 5% إلى 4.2%، ليستقر عند أقل من متوسط 5.1% للمنطقة خلال الفترة 2012-2019.

وناقش التقرير الأسبوعى لمجموعة QNB ثلاثة عوامل وراء أداء آسيان-6 هذا العام.

العامل الأول أن أسعار الفائدة المرتفعة والأوضاع المالية المشددة فى الاقتصادات المتقدمة الرئيسية، وكذلك فى دول آسيان-6، تعنى أن البيئة الحالية أقل دعمًا للنمو.

فى الاقتصادات المتقدمة، تعتبر الأوضاع المالية فى أكثر مستوياتها تشديدًا منذ سنوات. رفع بنك الاحتياطى الفيدرالى الأمريكى والبنك المركزى الأوروبى أسعار الفائدة بمقدار 525 و400 نقطة أساس، على التوالى، منذ النصف الأول من عام 2022. على الرغم من أنه لا يزال من غير الواضح متى ستكتمل دورات التشديد هذه، إلا أن أسعار الفائدة المرتفعة من المتوقع أن تستمر لفترة أطول فى الاقتصادات المتقدمة الرئيسية.

طبقت البنوك المركزية فى دول آسيان‐6 دورات التشديدالنقدى الخاصة بها من أجل احتواءالتضخم المحلى. فى هذه الاقتصادات، بلغ متوسط الزيادة فى أسعارالفائدة الرسمية 230 نقطة أساس، مع تنفيذ أكثرجولات الزيادة بصرامة فى الفلبين وسنغافورة، مع زيادات متراكمة قدرها 425 و400 نقطة أساس على التوالى. حتى مع توقع وصول بعض البنوك المركزية فى هذه المنطقة إلى نقطة تحول فى سياستها النقدية، كان للتشديد المحلى والدولى بالفعل تأثير على النمو هذا العام، وستظل أسعار الفائدة المرتفعة تشكل عبئًا على النشاط فى المستقبل.

والعامل الثانى أن ضعف الطلب الخارجيتُرجم إلى تباطؤ فى نمو التجارة الدولية، وهو أمر مهم بشكل خاص لاقتصادات آسيان-6 المتكاملة عالميًا.

تتقلب أحجام التجارة بالتزامن مع الدورات العالمية للتوسعات والانكماشات الاقتصادية. مع تباطؤ الاقتصاد العالمى حتى الآن هذا العام، ضعفت دوافع التجارة الدولية. من المتوقع أن يبلغ النمو فى أحجام التجارة الدولية حوالى 1.7% فى عام 2023، وهى علامة ضعيفة مقارنة بمستوى 2.5% لفترة 5 سنوات قبل تفشى جائحة كوفيد 2015-2019، مما يضيف عاملًا آخر يسهم فى انخفاض النمو الاقتصادى فى اقتصادات آسيان-6.

ثالثًا العوامل وفقًا QNB بعد السياسات المالية التوسعية الكبيرة التى تم تنفيذها لدعم الاقتصادات خلال جائحة كوفيد، تواجه الحكومات الآن الحاجة إلى تطبيع مستويات ديونها وإنفاقها.

وبين عامى 2019 و2021، ارتفع مستوى الدين الحكومى بالنسبة إلى الناتج المحلى الإجمالى بأكثر من 10 نقاط مئوية فى اقتصادات آسيان-6. وبلغت الزيادات فى الدين الحكومى 20 نقطة مئوية فى الفلبين وسنغافورة، و17 نقطة مئوية فى تايلاند (كان الاستثناء الوحيد هو فيتنام، حيث انخفضت النسبة فعليًا بمقدار 1.5 نقطة مئوية). الآن، مع ارتفاع أسعار الفائدة والحاجة الملحة لإعادة بناء الهوامش المالية الوقائية، فإن الحكومات فى طريقها لتحقيق الاستقرار فى سياساتها المالية والتحكم فى مستويات ديونها.

وفقًا لتقديرات صندوق النقد الدولى، تعمل دول آسيان-6 بشكل عام على تقليص الحوافز المالية هذا العام. على سبيل المثال، من المتوقع أن تنخفض النفقات الحكومية فى ماليزيا بنسبة 7% هذا العام بالقيمة الحقيقية. الاستثناء الوحيد هو فيتنام، حيث سيسمح نمو الناتج المحلى الإجمالى القوى للبلاد بتخفيض نسبة الدين من الناتج المحلى الإجمالى حتى مع زيادة الإنفاق الحقيقى، ولذلك، باستثناء فيتنام، فإن السياسة المالية فى دول آسيان‐6 أقل دعمًا للنمو، وبالتالي ستساهم في ضعف الأداء في عام 2023.

وينتهى التقرير إلى أنه تم تعديل توقعات النمو لاقتصادات آسيان-6 لهذا العام، على خلفية تشديد الأوضاع المالية المحلية والدولية، وضعف الطلب الخارجى، والسياسات المالية الأقل دعمًا. وعلى الرغم من أن النمو لا يزال قويًا بالمعايير الدولية، إلا أنه أقل من أدائه التاريخى فى فترة ما قبل الجائحة.

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: تقرير دول جنوب جنوب شرق جنوب شرق آسيا دول جنوب شرق آسيا آسيا كورونا جائحة كورونا العالم الاقتصادات اندونيسيا تايلاند سنغافورة ماليزيا فيتنام الفلبين العقود الأخيرة النمو من المتوقع أن جائحة کوفید هذا العام آسیان 6 عام 2023

إقرأ أيضاً:

برلماني: معدل النمو الاقتصادي في مصر سيرتفع خلال المرحلة القادمة

كشف النائب محمود الصعيدي، عضو  اللجنة الاقتصادية بمجلس النواب، عن توقعاته بشأن معدلات النمو الاقتصادي في مصر خلال الفترة القادمة.

وأكد الصعيدي، في تصريحات خاصة لـ"صدى البلد"، أنه سيكون هناك ارتفاع في معدل النمو خلال المرحلة القادمة، وهو الهدف المرجو الوصول إليه.

وقال عضو اللجنة الاقتصادية بمجلس النواب إنه حينما رفع صندوق النقد الدولي مؤخرا توقعات النمو لمصر إلى 3.8%، فإنه يؤكد أنه من الجهات الدولية التي لا تجامل أحد في تقريرها.

وأوضح أن صندوق النقد الدولي جهة رسمية عالمية تخرج تقرير بدراسة ومعلومات مؤكدة لديها، مؤكدا أن توقعاته بشأن النمو في مصر مؤشر قوي على أن الدولة تسير على الطريق الصحيح.

خطى ثابتة

وأكد عضو اللجنة الاقتصادية بمجلس النواب أن توقعات صندوق النقد الدولي بشأن النمو تؤكد أن الإصلاح الاقتصادي يسير بخطى ثابتة.

تراجع معدلات الإنجاب في مصر| مؤشر يدعم التنمية المستدامة والنمو الاقتصادي.. وخبير يعلقبرلماني: إصلاحات الدولة في التجارة والاستثمار تفتح آفاقا جديدة للنمو الاقتصاديالمشاط: نسعى إلى تحقيق تغير نوعي في نموذج النمو الاقتصاديبعد قرارات صندوق النقد الدولي.. كيف يؤثر القطاع الخاص على وتيرة النمو الاقتصادي؟

كانت رئيسة بعثة صندوق النقد الدولي لمصر إيفانا فلادكوفا هولار في وقت سابق، قالت إن "مصر حققت تقدمًا كبيرًا على صعيد استقرار الاقتصاد الكلي، وإنه من المتوقع أن يواصل النمو زخمه، ولذلك قام الصندوق برفع توقعاته لمعدل النمو للسنة المالية 2024/2025 إلى 3.8%، وذلك في ضوء الأداء الذي فاق التوقعات خلال النصف الأول من العام".

وأضافت هولار، في بيان، أنه بالتوازي مع ذلك، شهدت حصة استثمارات القطاع الخاص من إجمالي الاستثمارات ارتفاعاً ملحوظاً من 38.5 % في النصف الأول من السنة المالية 2023-2024 إلى ما يقارب 60 % خلال الفترة ذاتها من السنة المالية 2024-2025.

وأشارت إلى أن فريقا من خبراء صندوق النقد الدولي أجرى زيارة إلى القاهرة في الفترة من 6 إلى 18 مايو، حيث عقد مناقشات بناءة ومثمرة مع السلطات المصرية تناولت السياسات الاقتصادية والمالية التي من شأنها أن تشكل ركيزة لاستكمال المراجعة الخامسة بموجب اتفاق "تسهيل الصندوق الممدد".

وأكدت هولار أن السلطات المصرية وخبراء صندوق النقد الدولي عقدوا مباحثات بناءة أسهمت في إحراز تقدم في المسار الفني والمداولات المتعلقة بالسياسات، وذلك كجزء لا يتجزأ من المراجعة الخامسة في إطار "تسهيل الصندوق الممدد".

كما أشارت إلى أن معدل التضخم سجل ارتفاعاً طفيفاً ليبلغ 13.9% في شهر أبريل، غير أنه لا يزال يحافظ على مساره التنازلي، وفي المقابل، لافتة إلى أن الحساب الجاري لا يزال يسجل عجزاً واسع النطاق، إذ إن تزايد الواردات، وتراجع إنتاج المواد الهيدروكربونية، والاضطرابات التي شهدتها قناة السويس قد طغت على الأداء القوي لقطاع السياحة، وتحويلات العاملين بالخارج، والصادرات غير النفطية.

كما أكدت رئيسة بعثة صندوق النقد الدولي لمصر أن تعزيز الحصافة المالية، بما في ذلك الارتقاء بمستوى الرقابة والإشراف على مشاريع البنية التحتية الكبرى للقطاع العام، يسهم بفعالية في احتواء الضغوط على جانب الطلب، مع استمرار إجمالي الإنفاق الاستثماري العام دون السقف المحدد للفترة من يوليو إلى ديسمبر 2024.

طباعة شارك معدلات النمو الاقتصادي النائب محمود الصعيدي صندوق النقد الدولي الاقتصاد الكلي استثمارات القطاع الخاص

مقالات مشابهة

  • رابطة أمم “آسيان” تُرحب بالانضمام القريب للجزائر إلى معاهدة “تاك”
  • الدكتور حمضي يكشف خطورة المتحور الجديد لفيروس “كورونا” على صحة المغاربة (فيديو)
  • مراجع غيث: الإصلاحات المنتظرة ينبغي أن تتركز على السياسة المالية أكثر من النقدية
  • برلماني: معدل النمو الاقتصادي في مصر سيرتفع خلال المرحلة القادمة
  • الآسيوي يزيح الستار عن جدول مباريات العراق في تصفيات كأس آسيا تحت 23 عاماً
  • نيمبوس المتحور الجديد من كورونا تحت رصد الخبراء الصحيين حول العالم
  • ثقة الشركات في اليابان تهبط بقوة خلال الربع الثاني
  • “الصحة العالمية”: رصد متحور كورونا الجديد بصورة متقطعة في ألمانيا
  • رصد متحور كورونا الجديد.. أين يوجد؟
  • الصبيحي يحذر .. ستواجهون غضباً اجتماعياً إذا استمرّت سياسة التقاعد المبكر القسري.!