وقفتنا هذا الأسبوع عن مقترح نيابي بعودة استخدام العصا بالمدارس ما هذا يا ناس، كان زمان هناك استخدام للعصا بالمدارس وكان هناك البعض من المدرسين يستخدمونها ولكن بعدم الضرب المبرح للطلبة، وكان هناك الكثير من المدرسين يستخدم الضرب بالعصا المبرح بشكل مؤذ، وقد يؤدي إلى إصابة التلميذ وكثيرا ما حدثت إصابات جسيمة للطلبة زمان.
وكانت العصا هي رمز للجبروت والتحكم منذ أيام الاحتلال حتى يتم انتشار القهر والإذلال بين الشعب منذ الصغر، حتى يمكن التحكم فيه، وأيضا لنشر الكراهية بين طوائف الشعب المصري، أتذكر وأنا طفل صغير كان هناك بعض أولياء الأمور عندما يعلمون أن ابنهم أو ابنتهم تم ضربه بالعصا أو بكف اليد، كانوا يأتون إلى المدرسة لضرب المدرس أو المدرسة، وكان هناك أولياء أمور يتوجهون لتحرير محضر للمدرس.
وكان السبب في عدم وجود رأي عام هو عدم وجود النت والدش والموبايل مثل الآن، فأظن والله اعلم لو تخيلنا عودة العصا للمدارس وقام مدرس بالتعدي على طالب بالمدرسة وتم نشر آثار ضرب الطالب على جسده على مواقع النت فقد يتسبب ذلك في إحداث ثورة ضد المدرس والمدرسة، بل يمكن لوزير التربية والتعليم ذاته، وسوف يتبرع كثير من السادة المحامين للدفاع عن الطالب المضرور من العصا بتحريك الدعوى الجنائية ضد المدرس والمدرسة وربما وزير التربية والتعليم شخصيا، فلابد من استخدام العقل ودراسة الأمر جيدا قبل إصدار قانون قد يكون مخالفا للدستور، سوف يطعن عليه بعدم الدستورية بكل تأكيد، لأنه مخالف لقواعد حقوق الانسان التي نص عليها ميثاق الأمم المتحدة.
الأمر كان مقبولا زمان لأن الضرب بالعصا كان موروثا من أيام زمن الاحتلال الذى كان يرسخ لقيادة الشعب بالعصا والكرباج وبعد ذهاب الاستعمار، ذهب الكرباج وبقت العصا لمن عصى وخاصة بالمدارس وهو أمر كان مكروها بالمدارس، وكان يتسبب في أمراض نفسية لبعض الطلبة أبرزهم مرض السادية، والذى يتلذذ فيه المريض بضرب وتعذيب الغير وخاصة أقرب الأقربين له.
نعم هناك بعض المساوئ في العلاقة بين الطالب والمدرس الآن، لكن لن تتحسن في هذا الزمان بعودة العصا، انتوا كدة حتعودوا بالزمن للوراء أكثر مما هو راجع الآن ويا ليته راجع لبواطن مراحل التقدم القديمة مثل الطب والهندسة والاهرامات والفلك، لا ده احنا عايزين يرجعونا لمزيد من التخلف، إصلاح علاقة المدرس بالطالب يا سادة ليس بعودة العصا، ولكن من خلال استراتيجية تتعلق بالتربية النفسية والسلوكية لأطراف المنظومة التعليمية، وبالقضاء على الدروس الخصوصية وإصلاح مرتب المدرس بالإضافة لتطوير المحتوى التعليمي نفسه، من خلال محتوى علمي متقدم لا مجال فيه لأى منظومة نفاق أو تحيز.
فالتاريخ لا ينصف المنافقين والمتحيزين أبدا ولو بعد حين، عودة العصا يا سادة هي عودة لمنظومة الاستعمار والذى ينتج من خلاله أيضا الضابط المتجاوز، وخريجي الكليات الأخرى منهم منعدم الضمير لأن نفسيته نشأت على الضرب والخوف والإذلال وسوف تنتشر قواعد الانتقام بين جميع الأطراف الطالب وأسرته من ناحية والمدرس من ناحية أخرى.
إلى هنا انتهت وقفتنا لهذا الأسبوع ندعو الله أن نكون بها من المقبولين، وإلى وقفة أخرى الأسبوع القادم إذا أحيانا الله وأحياكم إن شاء الله.
اقرأ أيضاًوقفة.. القمار والمقامرون
وقفة.. الماسونية وسنينها
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: مجلس النواب العام الدراسي الجديد مدارس وقفة کان هناک
إقرأ أيضاً:
قراءة في كتاب «وكأنني لازلت هناك» للدكتور صبري ربيحات
صراحة نيوز- الاستاذ الدكتور فواز محمد العبد الحق الزبون _ رئيس الجامعة الهاشمية سابقاً.
يقدّم الدكتور صبري ربيحات في كتابه «وكأنني لازلت هناك» عملاً سرديًا يتجاوز حدود السيرة الذاتية إلى فضاء أرحب يدمج بين الذاكرة الفردية والتاريخ الاجتماعي. فالكتاب يشكّل شهادة حيّة على مسار إنساني حافل بالتجارب، يبدأ من الطفيلة وينفتح على فضاءات العمل الأكاديمي والإداري والثقافي والسياسي في الأردن. ومنذ الصفحات الأولى، يلمس القارئ صدق الكاتب، وحرصه على تسجيل التفاصيل بعمق إنساني يذكّر بأن السيرة ليست مجرد أحداث، بل هي رؤية إلى الحياة وإلى أثر المكان في تشكيل الإنسان.
يعود ربيحات إلى الطفيلة باعتبارها نقطة بدء تكوّنت فيها شخصيته وتبلورت قيمه الأولى. فهو ابن البيئة التي صاغت أبناءها على الصلابة والاعتداد بالنفس واحترام العمل. ولا يظهر المكان في الكتاب مجرد مساحة جغرافية، بل كذاكرة راسخة ومصدر للمعنى. إذ يُبرز المؤلف تأثير الطفولة المبكرة، والمدرسة، والعلاقات الاجتماعية، في بناء الإنسان، مستعيدًا مشاهد الحياة اليومية التي شكّلت خلفيته الثقافية والأخلاقية. ويتعامل مع تلك التفاصيل بحنان معرفي يجعل القارئ يشعر أنه أمام وثيقة صادقة تُدوّن تحولات المجتمع الأردني عبر صورة الفرد.
وإلى جانب البعد الاجتماعي، يكشف الكتاب عن مسيرة مهنية متشعبة تجمع بين الأكاديمية والعمل العام. فقد تنقّل الدكتور ربيحات بين مواقع متعددة، بدءًا من خدمته في الأمن العام، وصولًا إلى تولّيه حقائب وزارية مثل وزارة الثقافة ووزارة التنمية السياسية والشؤون البرلمانية. ويعرض هذه التجربة بروح المسؤول الذي يرى في العمل العام التزامًا تجاه المجتمع، وليس موقعًا بروتوكوليًا. ومن خلال سرد هذه المحطات، تُقدَّم للقارئ صورة لرجل يؤمن بأن خدمة الدولة مهمة تتطلب المعرفة والانتماء معًا.
ويتميّز الكتاب بلغته الرشيقة التي توازن بين بساطة التعبير وعمق الفكرة. فهو يكتب بلا مبالغة، وبلا مسافة بين الذاكرة والقارئ، مما يمنح السرد صدقه ودفئه. كما تتضح في أسلوبه خبرة الأكاديمي وقدرته على قراءة الأحداث وربطها بسياقاتها الثقافية والاجتماعية، وهو ما يضفي على السيرة قيمة معرفية مضاعفة. وفي الوقت نفسه، تحضر الإنسانية بوضوح في طريقته في استحضار العلاقات والتجارب، وفي قربه من الناس وتجاربهم اليومية.
وبالنظر إلى موضوعه وأسلوبه وأبعاده الفكرية والتربوية، يُعدّ الكتاب مادة ذات قيمة للتدريس في المدارس والجامعات، خصوصًا في مساقات التربية الوطنية، والدراسات الاجتماعية، وأدب السيرة الذاتية. فهو نموذج لكتابة تجمع بين التجربة الشخصية والتاريخ الوطني، وتساعد القارئ ،وخاصة الطالب ،على فهم كيفية تداخل السيرة الفردية مع تحولات المجتمع والدولة.
ملامح شخصية الدكتور صبري ربيحات كما تعكسها السيرة
تكشف صفحات الكتاب عن مجموعة من السمات التي تكوّن صورة واضحة لشخصية المؤلف، من أبرزها:
1. الانتماء للبيئة الأصلية
يظهر ربيحات ابنًا وفيًا للطفيلة، ممتنًا لتجربته الأولى، ومحمّلًا بقيم الجهد والنزاهة والاقتراب من الناس.
2. الصدق والشفافية
يكتب تجربته كما عاشها، دون تجميل أو مواربة، الأمر الذي يمنح السرد واقعيته ومصداقيته.
3. الرؤية الوطنية
لا ينظر إلى الأحداث من زاوية فردية فحسب، بل يربطها بالسياق الأردني العام، ويقدّم شهادة ناضجة على تاريخ اجتماعي وسياسي متحوّل.
4. العقل الأكاديمي
تظهر خبرته البحثية في قدرته على التحليل، وفي سلاسة الجمع بين التجربة الذاتية والمعطيات الموضوعية.
5. خبرة العمل العام
تمتزج في شخصيته ثقافة المثقف مع مسؤولية رجل الدولة، مما يجعل سيرته نموذجًا لفهم دور النخب في خدمة المجتمع.
6. البعد الإنساني
في كل التفاصيل، يحضر الإنسان القريب من الناس، والحريص على قراءة التجربة من منظور إنساني قبل أي شيء آخر.
خلاصة القول، يمثّل كتاب «وكأنني لازلت هناك» إضافة نوعية إلى أدب السيرة الذاتية في الأردن، لما يحمله من قيمة توثيقية وإنسانية، ولقدرته على الجمع بين سرد التجربة الفردية ورصد تحولات المجتمع. وهو عمل يستحق القراءة والتأمل، ويناسب أن يكون مرجعًا تربويًا يوظَّف في العملية التعليمية، لما يقدّمه من مضامين ثقافية ووطنية وأخلاقية راسخة. ويظلّ الكتاب شهادة صادقة لرجل حمل قيم بيئته معه أينما ذهب، وظلّ قريبًا من الناس ومن الحقيقة ومن فكرة الخدمة العامة.