الثورة نت:
2025-07-30@17:36:30 GMT

اليمانيون والارتباط

تاريخ النشر: 6th, October 2023 GMT

اليمانيون والارتباط

الثورة/الوجداني بالرسول الأعظم
استقبل شعبنا اليمني أعظم مناسبة وأقدس ذكرى، ذكرى ميلاد خاتم الأنبياء (صلوات الله عليه) أعظم قائد عرفته البشرية، ومن وصفه الله بالخلق العظيم، وبأنه الرحمة المهداة.. ومثلما في كل عام يستعد الشعب اليمني بشكل غير مسبوق منذ شهر ما قبل المناسبة في تزيين منازلهم بالأضواء الخضراء ومحلاتهم التجارية وما يتزامن مع ذلك من تزيين المنازل والسيارات والأماكن العامة.


وما إن تأتي المناسبة الكبرى في الثاني عشر من ربيع الأول حتى يتقاطر اليمنيون من كل منطقة وقرية إلى ساحات الاحتفال في أكبر تجمع سنوي في هذه المناسبة على مستوى العالم، فمن هم هؤلاء الذين كلما عظمت بهم التحديات والمحن ازدادوا قربا من رسول الله ومن أهل بيته.. إنهم من قال فيهم رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) قبل ألف وأربعمائة عام. (الإيمان يمان والحكمة يمانية).
فمنذ فجر الرسالة يوم كان رسول الله (صلوات الله عليه وعلى أله) يعرض نفسه على القبائل الوافدة إلى مكة والمجاورة لها عله يظفر بواحد أو اثنين يرشدهما إلى ما فيه فلاحهما وفوزهما في الدنيا والآخرة فلا يظفر من قريش سوى بالأذية والسخرية وملاحقته أينما حل وعند من نزل يسفهونه ويحذرون الناس منه، كان أهل اليمن من بادر إلى تلبيته فاعتنقوا الإسلام طواعية وحملوا على عواتقهم كرامة نشره والدفاع عنه فلم تخل منهم معركة ولا ساحة سواء كان ذلك في عهد الرسول (صلوات الله عليه وعلى أله) أم بعده.
فقد وقفوا صادقين مع الصادقين أينما حلوا وفي أي زمن كانوا، كما يقول السيد حسين بدر الدين (رضوان الله عليه) {لقد برز من شيعة أهل البيت شخصيات عظيمة جداً في أيام الرسول وفي أيام الإمام علي، وفي أيام الحسن والحسين، وفي أيام زيد، والقاسم، والهادي، وغيرهم من أهل البيت (صلوات الله عليهم)، واليمن نفسه هو من البلدان المرتبطة بأهل البيت، الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) كان يرسل الكثير من الناس إلى مناطق أخرى لكنه اختار لليمن، وخاصة لهذا الإقليم من اليمن اختار له علياً (عليه السلام) أن يخرج إليه ليربط اليمنيين بعلي؛ وارتبط اليمنيون في تاريخهم الطويل بعلي بن أبي طالب، وبأهل البيت}.
(مسؤولية أهل البيت عليهم السلام).
فغير غريب أن يكون أهل اليمن هم طليعة الطلائع في كل حادثة وأمام كل معضلة.. ولم لا وهم استقوا الهدى من فم المصطفى (صلوات الله عليه وعلى آله) وعلي (عليه السلام) فآمنوا بالله ربا وبالقرآن منهجا وبمحمد (صلوات الله عليه وعلى أله) هاديا ومعلما وبالإمام علي (عليه السلام) ولياً وإماماً، فهم الذين تبوؤا الدار والإيمان، كما يقول الله سبحانه وتعالى {وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} الحشر9 وقد تحدث عن ذلك السيد عبد الملك (حفظه الله) بقوله: إن شعبَنا اليمني الذي هو يمنُ الأنصار، يمن الأوس والخزرج الذين آووا ونصروا وحملوا رايةَ الإسْــلَام عاليةً، وكانوا سباقين إلى الإيمان والنصرة، الذين تبوؤا الدار والإيْمَـان ؛هذا هو الشعبُ اليمني الذي يحذو حذوَ أسلافه أولئك، بالتمسك بالإسْــلَام، وبقيمه، وبمحبة الرَّسُــوْل صلى اللهُ عليه وَعَلَـى آلِــهِ، وبالاهتداء به، وبالاحتفاء به، وبالتوقير له، وبالتعظيم له، وبالتقديس له صَلَــوَاتُ اللهِ وَسَلَامُـهُ عَلَيْـهِ وَعَلَـى آلِــهِ.} .
أهل اليمن وإيمانهم برسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله)
إقبال أهل اليمن في انتمائهم للإسلام، وفي انتمائهم الإيماني، كان متميزاً بأنه في أغلبه طوعيٌ ، إقبالٌ برغبةٍ، بانسجامٍ، بتفاعلٍ كبير، باستجابةٍ ومبادرةٍ ورغبةٍ كبيرةٍ وسريعة، وأيضاً كان معه تجسيدٌ لقيم هذا الإسلام، ومبادئ هذا الإيمان، وتمسكٌ بقيمه وأخلاقه، ونصرةٌ، وجهادٌ، وعطاءٌ، وتضحية؛ ولذلك كانوا إلى درجةٍ وصفهم الرسول “صلوات الله عليه وعلى آله” بها بوصفٍ عظيم، ويعتبر بحقٍ وسام شرفٍ كبير، عندما قال “صلى الله عليه وعلى آله وسلم” فيما روي عنه: «الإيمان يمان، والحكمة يمانية».
وهذا يعبِّر عن أصالة الشعب اليمني في انتمائه الإيماني، عن مدى إقباله إلى الإيمان، تمسكه بالإيمان، الإيمان كمنظومةٍ متكاملة: على مستوى المبادئ، على مستوى الأخلاق، على مستوى الالتزامات العملية، على مستوى المواقف، فكان هذا يميِّز هذا الشعب بأنه في انتمائه الإيماني أصيل الانتماء، صادق الانتماء، ثابت الانتماء، متميز الانتماء، وهذه نعمةٌ كبيرة، وشرفٌ كبير، نعمةٌ عظيمةٌ على أبناء هذا البلد، على مستوى ذلك الوقت، في ذلك العصر، في ذلك الزمن، في تلك المرحلة، ثم على مستوى كل مراحل التاريخ جيلاً بعد جيل إلى قيام الساعة، هذه نعمةٌ كبيرة، نعمةٌ عظيمةٌ جدًّا.
ليس غريبا على الشعب اليمني تعلقه برسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله)
الشعب اليمني غير غريبلً عليه هذا الارتباط، هذا التفاعل، هذه المحبة، هذا التعلق الحميمي والوجداني والشعوري برسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله)، غير غريب على أحفاد الأنصار، أنتم يا شعبنا العزيز، أنتم أحفاد الأنصار، أنتم الذين أعطاكم الله شرفاً عظيماً في تاريخ هذا الإسلام وفي سيرة هذا النبي “صلوات الله عليه وعلى آله” أن جعلكم ذخراً لنصرته في أول التاريخ وفي آخر التاريخ، في أول التاريخ؛ كان الأوس والخزرج (القبيلتان اليمانيتان) ذخراً لنصرة النبي “صلوات الله عليه وعلى آله”، والمؤرخون يذكرون في التاريخ أنه حينما ذهب تبّع (تُبّع اليماني) ذهب ووصل إلى تلك المنطقة التي وردت آثارٌ- في آثار الأنبياء السابقين- أنها مهاجَر خاتم الأنبياء، ما بين عِيْر وأُحُد (جبلان)، تلك البقعة ما بين هذين الجبلين أنها مهاجر خاتم الأنبياء وسيد المرسلين، تحكي الآثار ويحكي التاريخ أن (تُبّع) حينما وصل إلى هذه المنطقة خلّف فيها هاتين القبيلتين، ليبقيا في ذلك المكان، ويسكنا فيه، ويستقرا فيه، ويرابطا فيه، ويبقيا حتى يأتي هذا النبي ويهاجر إلى هذا المهاجَر، إلى تلك البقعة؛ فيكونان نُصرةً له، يكونان أنصاراً له، وفعلاً بقيا الأوس والخزرج، واستوطن الأوس والخزرج تلك البقعة وعمروها، وسكنوا فيها، واستقروا فيها جيلاً بعد جيل، حتى أتى الوعد الإلهي، وحتى أتى خاتم الأنبياء رسول الله محمد “صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله”؛ فكانوا هم الأنصار الذين استجابوا بكل رغبة، وكان انتماؤهم للإسلام؛ انتماءَ الإيمان، وانتماء النصرة والجهاد، ورفع راية الإسلام، والإيواء لرسول الله “صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله”، فكانوا كما قال الله عنهم في كتابه الكريم: {وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ}[الحشر: من الآية9] كانوا هم الذين تبوؤوا الدار: سكنوا تلك البقعة، وسبقوا إليها منذ القدم،
منذ زمن بعيد، منذ أجيال بعيدة، سبقوا إليها وتواجدوا هناك ليكونوا ذخراً للنصرة، وحين أتى الموعد كانوا هم الأوفياء مع الوعد الإلهي والمستجيبين بشكلٍ مسارع {تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ} وما أعظم هذه العبارة، استوطنوا الإيمان كما استوطنوا الدار، إيمان راسخ، إيمان ثابت، إيمان عظيم، {مِن قَبْلِهِمْ} من قبل المهاجرين الآخرين، قال عنهم أيضاً في عبارةٍ مهمة وعظيمة في كتاب الله الكريم وهو يحكي عن ما قبل هجرة النبي إليهم، يحكي عن تعنت الكافرين في مكة، عن تعنت قريش، حينما قال: {فَإِن يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلاء فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْماً لَّيْسُواْ بِهَا بِكَافِرِينَ}[الأنعام: من الآية89]، فمن هم هؤلاء الموكَّلون؟ من هم هؤلاء الذين كانوا ذخراً إلهياً جعلهم الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” مُعَدِّين لهذه المسؤولية ولهذا الدور، وللاضطلاع بهذه المسؤولية، وللتحمل لهذه المسؤولية العظيمة، ولنيل هذا الشرف الكبير؟.
الأنصار: الأوس والخزرج (القبيلتان اليمانيتان)
وسيبقى الأحفاد كالأجداد أوفياء مع رسول الله ومن تبعه من أهل بيته، سيبقى يمن الإيمان والحكمة حاملاً على عاتقه مهمة نصرة دين الله ورسول الله وأعلام الهدى من أهل بيته مقارعاً للظالمين والجائرين والمستبدين، وكما صنع الله على أيديهم النصر لرسوله ولدينه ولأعلام دينه وللمستضعفين من عباده عبر القرون الماضية سيحققه على أيدي المخلصين الصابرين الصادقين المجاهدين الثابتين في جبهات العز والشرف من رجال الرجال في الجيش واللجان الشعبية عاجلاً غير آجلاً بمنه وكرمه {إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللّهِ فَاسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} التوبة111.

المصدر: الثورة نت

كلمات دلالية: صلوات الله علیه وعلى آله الشعب الیمنی على مستوى رسول الله أهل الیمن أهل البیت فی أیام من أهل

إقرأ أيضاً:

الاستكبار الصامت والمصير الأبدي .. قراءة قرآنية دلالية للشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي رضوان الله عليه

في قراءة للمعاني الدلالية لقوله تعالى : {وَيْلٌ لِّكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ يَسْمَعُ آيَاتِ اللَّهِ تُتْلَى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِراً كَأَن لَّمْ يَسْمَعْهَا كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْراً فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ وَإِذَا عَلِمَ مِنْ آيَاتِنَا شَيْئاً اتَّخَذَهَا هُزُواً}(الجاثية8) ، للشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي رضوان الله عليه ، نجد بعداً إنسانيًا وروحيًا عميقًا، حيث لا يقف عند حدود التفسير النصي، بل يتجاوزها إلى تشخيص العلل النفسية والاجتماعية التي تحوّل الإنسان إلى خصم للحق،  ومن بين تلك العلل، يبرز داء الاستكبار، الذي لا يقتصر على الجبابرة المعروفين في التاريخ كفرعون وهامان، بل يمتد في رؤيته رضوان الله عليه ، إلى الصغار الذين يحملون روح فرعون وإن كانوا بلا سلطات.

يمانيون / خاص

 دلالة الآية في تصوير النفس المستكبرة

يبدأ الشهيد القائد بالتأمل في قوله تعالى: {وَيْلٌ لِّكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ * يَسْمَعُ آيَاتِ اللَّهِ تُتْلَى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِراً كَأَن لَّمْ يَسْمَعْهَا كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْراً…}، يُقسم الآية إلى ثلاثة مسارات ترتبط ببعضها، وتبدأ بالسماع الواعي للحق، فالآيات تتلى على هذا الإنسان، فهو يعلم الحق، ولكنه يرفضه، والثاني الإصرار والاستكبار، إذ ليست المسألة جهلًا، بل عنادًا، مما يجعل الاستكبار صفة قلبية ونفسية، والثالث التظاهر بعدم السماع كأن في أذنيه وقرًا،  وهذه حالة من الإنكار الإرادي للحق، تدفع نحو التهلكة، وبهذا فإن الشهيد القائد يقرأ في هذه الآية خطورة المكابرة على آيات الله، ويرى أنها أخطر من الكفر الصريح، لأنها تعني معرفة الحق ورفضه عمدًا، وهذا هو ما يقود إلى العذاب الأليم.

 

الاستكبار كمرض اجتماعي شائع

يفنّد الشهيد القائد الفكرة السائدة أن الاستكبار حكر على الملوك أو الأقوياء، ويقول صراحة أن  بعض الفقراء يحملون نفس الروح الفرعونية، ولكن لم يتح لهم أن يكونوا فراعنة على الأرض، الجبروت ليس بالمنصب بل بالنفسية وبعض الناس يبدون بسطاء، ولكن ما إن يحصلوا على منصب بسيط أو كلمة مسموعة، حتى يتحولوا إلى طغاة صغار، والكبر على الناس هو رفض خفي للحق الإلهي، لأن الله أمر بالتواضع، ومن تكبر فقد تمرد على أمر الله.

وهنا يكشف الشهيد القائد عن ظاهرة خطيرة ، وهي الاستكبار النفسي المغلّف بالدين أو التواضع الظاهري، وهو ما يشكل خطرًا مضاعفًا لأنه يُخفي نفسه وراء أقنعة الفضيلة.

 

مفارقة الرفعة في الدنيا والآخرة

من أقوى الأفكار التي يطرحها الشهيد القائد هي مقارنة بين الرفعة الدنيوية والرفعة الأخروية، ويستند إلى قول الله: {خَافِضَةٌ رَّافِعَةٌ} ، فيوم القيامة، يُخفض من تكبّر في الدنيا، ويُرفع من تواضع وصدق مع الله، ويشبه القائد السعي الدنيوي للرفعة عبر الباطل بـ”السراب”، لأن عمر الدنيا محدود، وعمر الآخرة أبدي لا نهاية له، فما قيمة أن يُقال عنك في الدنيا وجيه وأنت في الآخرة في الحضيض؟.

 

الأتباع المستكبرون .. 

يفتح الشهيد القائد نافذة جديدة على الاستكبار، هي الاستكبار بالوكالة، فالإنسان قد يكون تابعًا ولكنه يشعر بالقرب من شخصية نافذة، ويمارس الاستكبار نيابة عنها، ويتمرد على الحق باسم الولاء، ويقول الشهيد إن هؤلاء يعيشون وهمًا كبيرًا، فمن يتبع الطغاة، يتخيل أنه معهم في القوة والعلو، لكنه يوم القيامة يُنبذ مثلهم، مستشهدًا بقوله تعالى: {تَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ} ، {وَقَالَ الَّذِينَ اتُّبِعُواْ لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً…}، ففي يوم الحساب، لا شفاعة في الباطل، ولا تنفع العلاقات، ولا تنفع المواقف التي كان ظاهرها القوة، وباطنها الانحراف.

 

السباق إلى الخيرات هو النجاة

يعقد الشهيد القائد مقارنة أخيرة بين ثلاث فئات:

أصحاب المشأمة .. أهل الشؤم، العصاة، المستكبرون، المصرّون.

أصحاب الميمنة .. المؤمنون الناجون.

السابقون المقربون ..من يبادرون بالحق، ينشرونه، يؤسسون المشاريع، ويستمر تأثيرهم بعد موتهم.

ويؤكد أن السبق إلى الخير، ليس في الكم فقط، بل في المبادرة، وتأسيس العمل الجماعي، وتشغيل الناس على الخير.

ويقول الشهيد القائد إن بعض الناس يحاول أن لا يُلزم نفسه بأي شيء، ويرى أنه ذكي لأنه لم يساهم، لكنه في الحقيقة غبي، لأنه فوّت فرصة النجاة.

 

الوعي بالآخرة أساس الاستقامة في الدنيا

ينقل الشهيد القائد فكرة شديدة العمق، وهي أن الإنسان حين يغفل عن القيامة، عن الحساب، عن المصير الأبدي، تبدأ انحرافاته،  فالمعيار الذي يجب أن يحكم السلوك هو هل هذا العمل يقربني إلى الله؟ هل يجعلني آمِنًا يوم القيامة؟

إنها رؤية قرآنية للوجود، تجعل من كل عمل صغير في الدنيا خطوة في مشروع الأبد، ولهذالا تبالِ بالمصاعب ما دمت على الحق، ولا تهتم بمن يكرهك من أهل الباطل، فمن يضحك اليوم من أهل الإيمان، سيُضحك عليه غدًا في الجنة ، {فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُواْ مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ}.

ومما يستفاد من قراءته رضوان الله عليه للمعاني الدلالية لهذه الآيات ، أن الاستكبار مرض صامت، قد يصيب البسطاء كما يصيب الجبابرة، وأن السكوت عن الحق، رغم معرفته، هو صورة من صور الكبر والعناد، كما أن المبادرة إلى الخير ضمانة نفسية وأخلاقية للنجاة، والقيامة ليست حدثًا مستقبليًا بل هي معيار للحاضر.

الشهيد القائد يقدّم خطابًا عمليًا، لا تأمليًا فقط، ويحرّك النفس نحو العمل الصالح لا الاكتفاء بالموعظة ..

مقالات مشابهة

  • رؤية قرآنية تصنع أمة مجاهدة لا تخاف الموت .. الشهادة والشهداء في فكر الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي (رضوان الله عليه)
  • هل يجب تغيير مكان صلاة النافلة بعد الفريضة؟.. أمين الفتوى: تشهد عليه الأرض
  • علي جمعة: الرضا والتسليم والتوكل مفاتيح النجاة في عالم يملكه الله
  • هل فاتتك الصلاة لسنوات؟.. الأزهر يوضح كيفية قضائها
  • التنوع الثقافي لدى الشباب الرياضي
  • اليمن صوت الإيمان والنصرة في زمن الصمت والخذلان
  • أنوار الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم
  • الاستكبار الصامت والمصير الأبدي .. قراءة قرآنية دلالية للشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي رضوان الله عليه
  • علي جمعة: الخطأ من شيم النفس البشرية وعلى المسلم أن يتوب ويتسامح مع نفسه والآخرين
  • مأتم رسمي لزياد الرحباني اليوم واجماع لبنان عليه في زمن الانقسامات