البوابة نيوز:
2025-07-06@13:36:56 GMT

سأنتخب هذا المرشح رئيسًا "4"‏

تاريخ النشر: 10th, October 2023 GMT

الآن يمر العالم بمرحلة مخاض ما بين نظامين أحدهما قادم والآخر راحل، وبما أن مصر هي ‏الدرب والطريق لأي نظام منهما فلذلك ستمثل الرحم الذي سيتمخض منه الأحداث، وفي هذا ‏الشأن تلعب أجهزة المخابرات العالمية دورًا كبيرًا جدًا في قرار وسياسيات الحكومات، وبما أن الرئيس عبدالفتاح السيسى هو أحد أبناء جهاز المخابرات المصري المشهود له بالقوة والكفاءة لذا ادعم ‏ترشحه للانتخابات الرئاسية وأن يكون رئيس مصر القادم.

‏‏

في المقالات السابقة قمنا بتشخيص الحالة المصرية المحبوسة داخل عقل جمعي صلب تم ‏تجميده منذ ستينيات القرن الماضي، وما أصاب الوطن من ظواهر شيخوخة ذلك العقل من ‏نضح وانصهار الثلاثي الفساد والتطرف والفوضى، وما يمثلونه من مجري يغذي الفرد ‏والمؤسسة، وأوضحنا خطورة ذلك على أى عمل تنموى وهذا ما ظهر في السنوات الماضية ‏ونجاح تلك الظواهر في إعاقة نتائج ثمار المشروع التنموي الذي قاده النظام الحالي، والذي ‏تمثل في سحب المواطن والوطن إلى دائرة الإحباط واليأس.‏

وذكرنا أنه يلزم وضع استراتيجية عمل غير تقليدية لاختراق مكونات ذلك العقل، وإنقاذ الحالة ‏المصرية المحبوسة بداخله، وقد اقترحنا من أجل ذلك إقامة شركة "تحيا مصر" بالمواصفات ‏والمهام المذكورة في المقالات السابقة، ولتهيئة المجال للعمل الناجح المثمر لابد أولًا من لجم ‏سعار ظواهر ذلك العقل المتمثل في الثلاثي المذكور ومحاولة حصارها والقضاء عليها، وقد ‏ذكرنا أنه لا يمكن لمؤسسات الدولة الحالية القيام بذلك لأنها تمثل مكون شيخوخة ذلك العقل ‏وأحد ظواهره، ولابد من الاعتماد على مكون من خارج ذلك العقل غير متأثر به، وأشرنا إلي ‏جهاز الأمن الوطني وما يمتلكه من صفات وسمات وخبرات تؤهله للقيام  بتلك المهمة.‏

والآن نبدأ في أول الخطوات الفعلية لبرنامج الرئيس المقترح تحويله إلى خطة عمل يتم ‏العمل بها فورًا، وطبقا لأهمية كل ملف يتم الطرح ولما هناك عدة ملفات في ذات الأهمية ‏فيلزم اتخاذ قرار عاجل ناجز صارم فوري بشأنها.‏

‏1 – سد النهضة، هو نتاج المخطط والمؤامرة على مصر وقد أعلنت إثيوبيا استكمال المليء ‏الرابع والأخير، وبصرف النظر عن توقيعها على أي اتفاق ملزم من عدمه، فوجود ذلك السد ‏هو بمثابة الخنجر الذي سيستخدمه الأعداء لطعن مصر في الوقت الذي يحددونه، وأعتقد أن ‏حسم مصر لأمر هذا السد هو الحل السليم لبقاء مصر للأجيال القادمة.‏

‏2-‏     الانفجار السكاني، ليس مجرد عدد من الزيادة السكانية تطارد أي عوامل تنمية بل هو مستنقع ‏لتوليد أمراض متنوعة سنويًا، يصل عددها إلى الملايين، لأن تلك الزيادة تحدث في قاع ‏المجتمع العائم على أمراض مستعصية منها الفقر والجهل والتطرف والمرض.. إلخ، ‏وعلي الدولة المصرية ردم ذلك المستنقع دون أي اعتبارات أيديولوجية، لأنه سيبتلع ‏الوطن بمكوناته، والعلاج الأولي يتمثل في سن قانون صارم يمنح الدعم لكامل الأسر ‏التي تلتزم بإنجاب طفلين فقط، ويمنع كامل الدعم أيضا عن كل الأسر التي لا تلتزم ‏بذلك.‏

 

‏3-‏     الزراعة، نظرًا لمرحلة المخاض التي يواجهها العالم بين نظام عالمي يرحل وآخر قادم، ‏ستشهد السنوات القادمة العديد من الصراعات والحروب، وستكون الدول التي تمتلك ‏الأمن الغذائي هي القادرة على الصمود والاستمرار والمواجهة ولذلك على الدولة ‏المصرية أن تضع استراتيجية لملف الزراعة، يكون فيه الفلاح المصري هو حجر ‏الزاوية للأراضي المستصلحة، وليس المستثمر الذي يبحث عن الربح وليس المصلحة ‏الوطنية.‏

تلك هي الملفات الأولية التي لابد من العمل عليها في أقرب وقت حتى يتسنى المضي قدمًا ‏للعمل في باقي الملفات الأخرى.‏

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: العالم مصر ذلک العقل

إقرأ أيضاً:

المقاصد بين النبوة والخلافة.. قراءة في العقل الاستراتيجي المؤسس.. كتاب جديد

الكتاب : الاستراتيجية المقاصدية الشاملة في العهدين النبوي والراشدي"
الكاتب : الدكتور مصطفى العرفاوي
الناشر : دار المنارة للنشر والتوزيع والطباعة.سنة النشر2024
عدد الصفحات :455 صفحة


ليست المقاصد ترفًا فقهيًا ولا اجتهادًا فكريًا مستحدثًا، بل هي في الأصل تجلٍّ لعقل الوحي حين يتحوّل إلى نظام حياة، وتعبير عن روح الشريعة حين تتنزّل في سياق العمران البشري وتدبير الاجتماع. من هذا المنطلق، يقدّم الدكتور مصطفى العرفاوي في كتابه "الاستراتيجية المقاصدية الشاملة في العهدين النبوي والراشدي" رؤية تجديدية تحفر في أعماق التجربة الإسلامية التأسيسية لاستخراج عقلها التدبيري، لا من باب الاستذكار التاريخي، بل من زاوية استئناف الوظيفة الحضارية للمقاصد.

أولًا ـ من المقاصد إلى الاستراتيجية

لا يكتفي العرفاوي بإعادة ترتيب المفاهيم المقاصدية، بل يدعو إلى نقلة نوعية في التفكير الإسلامي، تتحول فيها المقاصد من كونها غايات مرصوفة في كتب الأصول إلى عقل استراتيجي يؤسس لفعل حضاري شامل. ويعني بالعقل الاستراتيجي هنا القدرة على ربط الوسائل بالمآلات، وعلى تحويل القيم الكبرى إلى سياسات عملية، وعلى فهم السنن التاريخية والاجتماعية ضمن منظومة توجيهية تلتزم بالوحي وتُراعي الواقع.

الملاحظ أن النبي ﷺ لم يكن يتحرك بردود الأفعال، بل بخطة هادئة تُقدّر المآلات وتُوازن بين المبادئ والضرورات. وهذا ما يؤكد أن "حفظ الدين" لم يكن شعارًا تعبويًا، بل هدفًا حضاريًا يُبنى بتدرج، عبر بناء الإنسان، وتأمين الجماعة، وتنظيم السلطة، وتوسيع دائرة الرسالة.يرى المؤلف أن هذه النقلة ليست بدعة معاصرة، بل هي جوهر التجربة النبوية والراشدية نفسها، التي لم تكتفِ ببيان الأحكام، بل أنشأت كيانًا سياسيًا، وأدارت علاقات دولية، وخاضت حروبًا وسلمًا، وأسست مجتمعًا جديدًا على قواعد التوحيد والعدل والعمران.

إن أبرز ما يطرحه العرفاوي هنا ليس فقط تجاوز المقاصد من حيز التنظير إلى حيز التدبير، بل كذلك إعادة الاعتبار لمنهج المقاصد كفكر كلي شامل، لا كآلية جزئية في استخراج الأحكام أو ترتيب الأولويات. إنه يستبطن رؤية تعتبر المقاصد بوصلة فكرية واستراتيجية يمكن أن تهدي الحركات الإصلاحية، والمشاريع السياسية، ومؤسسات الدولة، في حاضر الأمة ومستقبلها.

ثانيًا ـ المقاصد كعقل تدبير في العهد النبوي

في تحليله للتجربة النبوية، يتجاوز العرفاوي القراءة السردية التقليدية، ليُبرز كيف تشكّلت ملامح الاستراتيجية المقاصدية من خلال خطوات واعية، نابعة من رؤية بعيدة المدى، تُراكم الإنجازات وتُمهّد للتحوّل الحضاري. فقد كانت الهجرة مثلًا ليست فرارًا من الاضطهاد، بل نقلة استراتيجية لتأسيس مجتمع جديد. وكانت المعاهدات، مثل وثيقة المدينة وصلح الحديبية، أدوات لترسيخ قواعد التعايش والتمكين.

والملاحظ أن النبي ﷺ لم يكن يتحرك بردود الأفعال، بل بخطة هادئة تُقدّر المآلات وتُوازن بين المبادئ والضرورات. وهذا ما يؤكد أن "حفظ الدين" لم يكن شعارًا تعبويًا، بل هدفًا حضاريًا يُبنى بتدرج، عبر بناء الإنسان، وتأمين الجماعة، وتنظيم السلطة، وتوسيع دائرة الرسالة.

يُبرز العرفاوي أن التدبير النبوي اتسم بالمرونة دون أن يتنازل عن المبادئ، وبالصرامة دون أن يتحول إلى قهر، وبالانفتاح على الغير دون الذوبان فيه. وهذه المعادلة الدقيقة، التي جمعت بين الرسالية والبراجماتية، كانت تتنزل وفق عقل مقاصدي يزن الواقع بميزان المآل، لا الانفعال.

ولعل أحد أبرز وجوه هذا العقل المقاصدي هو ما يسميه العرفاوي بـ"حماية مسار الرسالة"، لا فقط من حيث العقيدة، بل من حيث القدرة على الانتشار والتجذر والتفاعل. فالنبي ﷺ أسس دولة لا لتكريس السلطة بل لحماية الإنسان، وأقام مجتمعًا لا على العصبية، بل على القيم.

ثالثًا ـ الدولة الراشدية واستئناف العقل المقاصدي

يرى العرفاوي أن الخلافة الراشدة كانت استئنافًا طبيعيًا للمشروع النبوي، وليست انحرافًا عنه كما يدعي بعض الخطاب الحداثي أو الطائفي. فقد حافظت هذه المرحلة على جوهر الشورى، ومركزية المقصد، ووحدة الجماعة، رغم التحولات الكبرى والتحديات السياسية. ومع ذلك، لا يمكن إغفال ما اعترى هذه المرحلة من خلافات عميقة، بلغت ذروتها مع الفتنة الكبرى واغتيال الخليفة عثمان، ما يُظهر أن العقل المقاصدي، رغم صلابته المبدئية، اصطدم بمعوّقات الواقع السياسي والاجتماعي، وهو ما يدعو إلى قراءة أكثر تركيبًا للمرحلة، تتجاوز الثنائيات المطلقة بين التمجيد والتقويض.، وليست انحرافًا عنه كما يدعي بعض الخطاب الحداثي أو الطائفي. فقد حافظت هذه المرحلة على جوهر الشورى، ومركزية المقصد، ووحدة الجماعة، رغم التحولات الكبرى والتحديات السياسية.

ويُبرز الكتاب كيف تعامل الخلفاء الراشدون مع المستجدات بمرونة، دون تفريط في الأصول. فقد قبل عمر بن الخطاب بتعليق حد السرقة في عام المجاعة، ووسع دار الإسلام بنظام الدواوين، وشرّع مؤسسة بيت المال، وكلها خطوات نابعة من منطق المقاصد لا من تعطيل الأحكام.

ومن أبرز مظاهر الفعل المقاصدي في العهد الراشدي تجلي روح العدل في السياسات العامة، لا كشعار بل كممارسة. إذ لم يكن العدل مجرد قيمة خطابية، بل كان محددًا للتشريع، وللقرار، وللسلوك السياسي. فسياسات عمر مثلاً في توزيع الثروة، وتنظيم السلطة، وحماية الحقوق، كلها كانت تعبيرًا عن عقل استراتيجي يستبطن مقصد العدل بوصفه حجر الزاوية في بناء الدولة.

كما تميزت هذه المرحلة بإحياء فقه الأولويات ضمن منطق مقاصدي واقعي، حيث تم تقديم المصلحة العامة على الجزئيات، وتأجيل بعض الأحكام لحماية وحدة الجماعة. وهذا المنهج هو ما تفتقر إليه كثير من الأنظمة المعاصرة التي تدّعي المرجعية الإسلامية دون تفعيل حقيقي لمنطق المقاصد.

رابعًا ـ المقاصد بين النص والتاريخ

من الملامح المميزة لهذا الكتاب أنه لا يحصر المقاصد في النصوص، بل يدعو إلى قراءتها في سياقها الزمني. فالتجربة النبوية والراشدية تُفهم ـ بحسب العرفاوي ـ كمصدر ثانوي للمقاصد، لا يقل شأنًا عن النصوص. وهذا ما يعيد الاعتبار إلى الفعل السياسي للنبي ﷺ والخلفاء، ويخرجه من التقديس الجامد إلى الاقتداء الواعي.

في السياق العربي الراهن، حيث تتراجع الإرادة الشعبية، وتُشرعن السلطات الفردية باسم الخصوصيات، وتُفكّك الروابط الجامعة باسم الهويات الفئوية، تبدو دعوة العرفاوي لإحياء العقل المقاصدي الاستراتيجي دعوة ملحّة. فليس المطلوب فقط العودة إلى القيم، بل تحويلها إلى بوصلة للفعل الحضاري، تستلهم روح النبوة ولا تتجمد في حدود الفقه.فحين ندرس مقاصد الشورى، أو العدل، أو الوحدة، لا نعود فقط إلى الآيات، بل أيضًا إلى ممارسات الدولة الأولى، وكيف تمّت ترجمة تلك القيم إلى مؤسسات وإجراءات. وهذا ما يجعل المقاصد علمًا حيويًا متجددًا، لا منظومة مغلقة متحفية.

ويُعد هذا التوجه تأويلاً منهجيًا يعيد الاعتبار للتاريخ العملي للإسلام، بوصفه مخزونًا معرفيًا لا يقل أهمية عن النصوص المؤسِسة، كما يفتح الباب لتطوير فقه سياسي مقاصدي مستقبلي، لا يعتمد فقط على القياس والفقه الفردي، بل على إعادة بناء النظر في مقاصد الاجتماع الإنساني ذاته.

خامسًا ـ راهنية المشروع ومآلات التغريب

لا يخفي العرفاوي نقده للواقع الراهن، حيث تم اختزال المقاصد في محاضرات وعناوين أخلاقية، بينما تمّ تهميشها في دوائر القرار والتخطيط. ويُشير إلى أن غياب العقل المقاصدي هو أحد أسباب تراجع الأمة، وعجزها عن صياغة مشروع ذاتي في مواجهة الضغوط الداخلية والتدخلات الخارجية.

وفي السياق العربي الراهن، حيث تتراجع الإرادة الشعبية، وتُشرعن السلطات الفردية باسم الخصوصيات، وتُفكّك الروابط الجامعة باسم الهويات الفئوية، تبدو دعوة العرفاوي لإحياء العقل المقاصدي الاستراتيجي دعوة ملحّة. فليس المطلوب فقط العودة إلى القيم، بل تحويلها إلى بوصلة للفعل الحضاري، تستلهم روح النبوة ولا تتجمد في حدود الفقه.

كما ينتقد العرفاوي الأنساق الغربية التي تسربت إلى الوعي الإسلامي باسم الحداثة، والتي قامت على الفصل الجذري بين الدين والسياسة، مما جعل المشاريع الإسلامية تعيش انفصامًا بين المرجعية والسلوك. غير أن النقد هنا، وإن كان مشروعًا، يستدعي تمييزًا ضروريًا بين أدوات الحداثة ومضامينها؛ إذ يمكن لبعض آليات الحداثة، كالمنهج النقدي أو الحوكمة الرشيدة أو التنظيم المؤسسي، أن تكون عونًا لا خصمًا، إذا أُعيد إدماجها ضمن منظور مقاصدي واعٍ وغير تابع. باسم الحداثة، والتي قامت على الفصل الجذري بين الدين والسياسة، مما جعل المشاريع الإسلامية تعيش انفصامًا بين المرجعية والسلوك. ويؤكد أن المقاصد هي الجسر الممكن بين الأصالة والتجديد، بين النص والواقع، بين القيم والسياسات.

سادسًا ـ تجديد الفقه السياسي وإمكانات الاستئناف

يشدد الكتاب على ضرورة إعادة بناء الفقه السياسي الإسلامي على أساس مقاصدي، يُراعي متغيرات العصر ويستعيد المبادرة من داخل المرجعية الإسلامية. غير أن السؤال المقلق يظل قائمًا: هل تسمح الأنظمة السياسية القائمة، غالبًا ذات الطابع السلطوي أو الريعي، بمثل هذا البناء المقاصدي؟ وهل يتوفر المناخ السياسي والمعرفي لإعادة تفعيل الفكر المقاصدي على أرض الواقع؟، يأخذ بعين الاعتبار تعقد الواقع وتغير موازين القوى. فلم تعد الأحكام السلطانية التقليدية صالحة لتأطير الدولة الحديثة، بل نحن بحاجة إلى فقه سياسي يعيد وصل ما انقطع بين الدين والواقع، ويستوعب أدوات العصر، ويوازن بين الثوابت والمستجدات.

العقل الإسلامي، حين يُحرر من التجزيء والارتجال، وحين يستعيد المقاصد كمنهج تدبير شامل، يصبح قادرًا على إنتاج مشروع نهضوي، يقاوم التبعية، ويعيد الاعتبار للإنسان، ويعيد صياغة العلاقة بين الدولة والمجتمع ضمن رؤية حضارية متجذّرة في الوحي، ومنفتحة على العصر.وفي هذا السياق، تبرز أهمية التأصيل المقاصدي لقضايا مثل: الشورى التشاركية، والعدالة الاجتماعية، وحقوق الإنسان، والعلاقات الدولية، ودور المجتمع المدني. فهذه كلها ليست مستوردة من الغرب، بل يمكن تأصيلها من داخل المنظومة المقاصدية ذاتها، بما يجعلها جزءًا من مشروع حضاري مستقل، لا تابع.

كما يفتح هذا المنظور المجال أمام الحركات الإسلامية لتجاوز الحرج المزدوج بين التديّن الماضوي والانخراط التبعي، ويمنحها إطارًا مرنًا لتطوير برامجها السياسية بما يخدم الصالح العام ويعبّر عن المرجعية دون جمود.

خاتمة ـ من الذاكرة إلى المستقبل

إن أهم ما يميز كتاب "الاستراتيجية المقاصدية الشاملة" أنه لا يقف عند حدود الدفاع عن الماضي، بل يسعى إلى تحويله إلى مادة نظرية لإعادة بناء المستقبل. فالعقل الإسلامي، حين يُحرر من التجزيء والارتجال، وحين يستعيد المقاصد كمنهج تدبير شامل، يصبح قادرًا على إنتاج مشروع نهضوي، يقاوم التبعية، ويعيد الاعتبار للإنسان، ويعيد صياغة العلاقة بين الدولة والمجتمع ضمن رؤية حضارية متجذّرة في الوحي، ومنفتحة على العصر.

ولعل في هذا الكتاب ما يلهم جيلًا جديدًا من المفكرين والمصلحين، كي يواصلوا هذا الطريق، ويحوّلوا المقاصد من معرفة مؤجلة إلى طاقة فاعلة في الواقع السياسي والثقافي العربي والإسلامي. فالمقاصد، كما يراها العرفاوي، ليست أداة فقهية، بل مشروع حضاري متكامل، لا يتحقق إلا بوعي استراتيجي، وعقل نقدي، وقيادة مستنيرة. غير أن التحدي الأكبر يظل في ترجمة هذا المشروع من أطروحة معرفية إلى سياسات تنفيذية، خاصة في ظل المعوقات البنيوية التي تعاني منها دول العالم الإسلامي من حيث الحكم الرشيد، والمؤسسات، والتعليم، وغياب الإرادة السياسية للتحول الحضاري، لا يتحقق إلا بوعي استراتيجي، وعقل نقدي، وقيادة مستنيرة.

من هنا، فإن هذا الكتاب يُعد لبنة معرفية في مسار استعادة المقاصد إلى مركز الفعل الإسلامي، ومرآة لحوار ممكن بين الماضي والحاضر، بين النص والتاريخ، بين الطموح الواقعي والحلم الرسالي.

مقالات مشابهة

  • شيخ العقل التقى خلف.. وتواصل مع شيخ جرمانا
  • ‏رئيس الوزراء اللبناني: الاستعراضات المسلحة التي شهدتها بيروت غير مقبولة بأي شكل من الأشكال وتحت أي مبرر كان
  • رئيس الجالية المصرية بإيطاليا: فوز مصر برئاسة «الفاو» حدث تاريخي
  • «رئيس جامعة الأزهر»: واذكروه كما هداكم دعوة لدوام الشكر على نعمة الهداية التي لا تُقدّر بثمن
  • مصر والسعودية.. استدعاء الماضي وتغييب العقل
  • فوز المرشح المصري بمنصب رئيس مجلس «الفاو» لأول مرة في تاريخ المنظمة منذ إنشائها
  • حكيمي المرشح الباريسي الآخر لنيل الكرة الذهبية
  • المقاصد بين النبوة والخلافة.. قراءة في العقل الاستراتيجي المؤسس.. كتاب جديد
  • عبد النباوي يُنتخب رئيسًا لجمعية المحاكم العليا التي تتقاسم ‏استعمال اللغة الفرنسية
  • رئيس المصرية للمطارات يوجه بتعزيز جاهزية مطار العلمين مع تنامي الحركة