التاريخ يسجل ويوثق اللحظات التاريخية على النصر عبر مر العصور، ولكن نصر إكتوبر للجندى المصرى مجد حفر فى وجدانهم وعقولهم حتى بعد مرور سنوات، أحداث ظلت راسخة يحيون بها حتى فى حياتهم اليومية.

البطل شاذلى حسن محمد مواليد عام 1953من محافظة أسوان مركز إدفو قرية القنادلة، التحق بالعسكرية فى عمر العشرون عاما، فى شهر مايو 1973، ولكن منذ ألتحاقه بالقوات المسلحة كان يدون مذكراته ليوثقها، حيث كان قائد الجيش الفريق أحمد أسماعيل.

قال البطل شاذلى حسن محمد، تم توزيعه على الفرقة 18، بعد فترة التدريب، وكان قائدها اللواء فؤاد عزيز غالى، وقأئد الكتيبة اللواء فاروق منظور، وفور وصوله للفرقة حدث قائد الكتيبة بإنه يحتاج هو وزملاؤه لأجازة، لإنهم منذ فترة طويلة لم يأخذوا حقهم فى الأجازة.

ولكن مازحهم الصول عبد الصمد قائلا "الخير على قدوم الواردين "وبكل فرحة قالوا له "يعنى إسرائل هتمشى "فقال لهم الصول احنا رايحين على ترعة الإسماعيلية ويارب خير.

وبالفعل انتقلنا على ترعة الإسماعيلية للتدريب وبكل حماس كنا نستمع لتوجيهات القيادة، أثناء التدريب وكل التدريبات تؤهلنا لإجتياز القناة.

مكثنا فى ترعة الإسماعيلية مايقارب 25يوما، وعودنا مرة آخرى للفرقة 18، وفى مساء 5إكتوبر شعرنا بحركة غريبة قوارب مطاطية ومؤن، ولكن كنا على يقين أن هناك أمر ما سوف يحدث.

وفى صباح السادس من إكتوبر أخبرونا بأن هذا اليوم هو يوم العبور، ولكن كانت هناك خطة محكمة ومدروسة وتوجيهات، وكان لى الشرف بأن أكون من ضمن من عبروا القناة، فكنت فالقارب الثالث، وكانت القناة وقتها يسودها الصمت وبالرغم من مرور القوارب ولكنها كانت ملئية بالطيور ومع ذلك طيور هادئة ولم تتحرك ولم تصدر صوتا.

صعدنا الساتر بكل سهولة ولم نجد من العدو أى رد فعل، وكنا فى فترة التدريبات كنا نحمل سلاح مشاه" م ط 12" وزنه 166 كيلو، وبالرغم من إنه كان هناك صعوبة لحمل هذا السلاح أثناء التدريبات ولكن صعدنا به الساتر بمسافة تقارب 18 متر دون أى صعوبة وكنا ثلاثة فقط وانا من كان يحمل الماسورة.

وكان هناك توجيهات بإنه فى حال مرور أى دبابة حتى لو مصرية قبل 6ساعات يتم ضربها فى الحال لإنه لايعلم إذا كانت مصرية أو إسرائيلية.

وفور العبور وتحطيم خط بارليف أرتفعت هتافات النصر الله أكبر فى أرجاء المكان من من عبروا القناة والجنود المرابطين على الجهة الأخرى.

وبعد ذلك قاموا الجنود المصريين البواسل بعملية إلتفاف للدشمة 51 وسميت بهذا الإسم لإنها فى الكيلو 51، وكان للشهيد السيد الغيطانى الدورالرئيسى فى الفرقة 18لإنه كان قائد الدبابة وكنا برفقته.

وكان أول من أستشهد بالفرقة 18 النقيب حسن إبراهيم، وبعد استشهد عثمان عبد النبى، وكان الجنود المصريين يتسابقون للشهادة فاستشهد السيد الغيطانى بعد فداؤه للمجند العجمى، كما استشهد منصور عبد الله عبد الدايم، حمدى إبراهيم، وكان إخرهم صلاح راشد.

والأصعب من العبور ذاته كانت الوصايا بين الجنود وبعضهم البعض فكنت ادونها فى نوتة صغيرة أحملها معى، وكان فيها كل كلمة يقولها إحداهم لى وهى ان أبلغ ذويهم إنهم ماتوا أبطال أستقبلوا الشهادة بصدر رحب.

وبعد مرور 3اشهر ونصف عودت إلى بلدتى وكان مشهد أصعب من عودتى لدفن زملائي وتكفينهم ووضع علامات على المكان تحمل أساميهم، وهى رؤية دموع والدتى بعدما احتسبتنى من الشهداء.

ونسيت النوتة والوصايا فترة طويلة حتى محى الزمن الحبر من على سطورها لأجد بعض الأحرف وكأنها إشارات لأستعيد تلك الوصايا فى أذنى.

وبدأت رحلة البحث عن أسر الشهداء لأنفذ وصاياهم، وبالفعل تم التواصل بعد 12عام بالصدفة لأسرة الشهيد منصور سعيد، وبعد ذلك الشهيد حمدى إبراهيم، وكنت كلما التقى بأحد بالصدفة من محافظاتهم، كنت أروى حكايات النصر، فظلت رحلة البحث أكثر من 40عام فتواصلت مع أسرة الشهيد صلاح راشد الذى سابقنى لينال شرف الشهادة بدلا منى، والتقيت بأسرته فى قرية بنى حسين بأسيوط، واخيرا نفذت الوصية بعد 43 بعد لقائى لأسرة الشهيد الغيطانى بمحافظة دمياط.

وأخيرا مازالت ذاكرتى تحمل الكثير من المشهد المحفور فى قلبى ووجدانى مع مرور الزمن.

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: احتفالات نصر اكتوبر الفرقة 18 القناة ترعة الإسماعيلية نصر أكتوبر 1973

إقرأ أيضاً:

لماذا هناك أناس تصدوا للدفاع عن السودان وواجهوا هؤلاء الرعاع بدمائهم وأموالهم

لماذا هناك أناس تصدوا للدفاع عن هذه البلاد وواجهوا هؤلاء الرعاع بدمائهم وأموالهم ، لماذا نحن ومعنا آخرون تصدينا للخطاب المضلل الذي تمارسه الميليشيا ومن خلفها الإمارات ، أتظنون أننا نبحث عن منصب أو نحصل على أموال من أي جهة ، كان يمكن لنا أن نتبنى الخطابات السائلة والمائعة ونرضخ لعنف الميليشيا ونقبل بفتات أموالهم ونعيش في حالة إنكار ونستعيض بتفسير الأحداث بإسقاطها على الكيزان والفلول..

أتظنون أنه كان يصعب علينا أن نعيش في حالة الخلاص الفردي التي انتهجها كثير من الضعفاء نفسياً وهربوا بحثاً عن حياتهم الشخصية وتركوا السودان خلف ظهورهم، لا يهمهم إن قُتل السودانيون أو سقطت الدولة أو حكم الشيطان نفسه البلاد..

كان يمكن لكثير من المدافعين عن هذه البلاد أن يعيشوا في خلاصهم الفردي ويعتزلوا هذه الظروف ويناموا في أماكنهم مطمئنين، لا يمسهم مكروه في أنفسهم ، ولكن مادفعهم هو وعي بخطورة هذه الميليشيا وبضررها على السودان والمواطنين، تصدى هؤلاء الشرفاء بعزم وصدق وجابهوا الصعاب لا لمنصب أو مكانة بل دفاعاً عن السودانيين وحقهم في الحياة والعيش ..
ظلت هذه الصفحة تتكلم منذ سنين عن الخطر الوجودي الذي يواجه السودانيين بسبب هذه الميليشيا وباستغلالها لحالة الاستحسان الشعبي الرافض للإسلاميين وتوظيفه لصالح تمكينها وتوسعها وضربها لخصومها والرافضين لها ، نحن ندرك ما يحاك ضدنا وما تسعى له تلك الميليشيا ونعرف حجم المهددات الوجودية التي تواجهنا ، نحن لا نكتب لأننا نحب أن نكتب ولكن لمعرفتنا بخلاصات الأمور ونتائجها فاعتبروا وادعموا من يدافعون عنكم، فإن نجوا نجوتم وإلا كان لكم مما لاقوه نصيب ..

Hasabo Albeely

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • لماذا هناك أناس تصدوا للدفاع عن السودان وواجهوا هؤلاء الرعاع بدمائهم وأموالهم
  • الفيلسوف "سقراط" بطل العفاريت في حوار خاص لـ"البوابة نيوز".. الفنان أحمد عقل يكشف كواليس الفيلم بعد مرور 33 عاما .. أنا اللي حطيت "لبان الدكر" للنجمة نعيمة الصغير وصوتها راح بسببي
  • توتر أمريكي روسي قرب سواحل كوبا
  • البريج الفلسطينية.. من قرية زراعية إلى قاعدة عسكرية
  • يحيى الفخراني يدافع عن عمرو دياب
  • السودان ليس سوريا
  • قصة شهيد
  • جاستن جاتلين لبولت: يا شقيق ماذا تفعل هناك؟ لقد اعتزلنا
  • إيهاب الخولي: لم نرى شهيدا واحدا من الإخوان في أحداث يناير
  • إيهاب الخولي لـ«الشاهد»: جماعة الإخوان وصلت للحكم بطرق ملتوية وبها «تدليس»