نجم ينفجر مرتين: اكتشاف يعيد كتابة قصة موت النجوم
تاريخ النشر: 6th, July 2025 GMT
في مشهد كوني يحدث مرة واحدة في ملايين السنين، كشف فريق من علماء الفلك عن أول دليل بصري مباشر على نجم خاض انفجارين متتالين قبل أن يتحول إلى رماد كوني.
الاكتشاف الذي أعلن عنه يوم الثاني من يوليو/تموز في دراسة نشرت في مجلة "نيتشر أسترونومي"، يستند إلى دراسة معمقة لبقايا نجمية تعرف باسم "إس إن آر 0509-67.
ما يجعل هذا الاكتشاف استثنائيا ليس فقط ندرة الظاهرة، بل أيضا ما يكشفه من تفاصيل دقيقة عن آلية الانفجار ذاته، التي طالما كانت موضع جدل علمي لعقود.
يقول الباحث الرئيسي في الدراسة "بريام داس"، طالب الدكتوراه في الفيزياء الفلكية في جامعة نيو ساوث ويلز في أستراليا، في تصريحات للجزيرة نت: "نحن لا ننظر إلى مجرد غبار فضائي، بل إلى توقيع نجم مات بانفجارين متتاليين"
ويتابع: "هذا دليل قاطع على أن بعض النجوم لا تنتظر أن تصل إلى كتلتها الحرجة كي تنفجر، بل تبدأ بمقدمة نارية تمهد لانفجار أكبر وأشد. لقد رأينا الأثر، وفهمنا السردية".
يقع المستعر الأعظم المدروس في سحابة ماجلان الكبرى، وهي مجرة قزمة تابعة لمجرتنا درب التبانة. ورغم أن الانفجار وقع قبل أكثر من 400 عام، فإن بقاياه لا تزال مشعة ومضيئة بشكل يسمح بدراستها بتفصيل غير مسبوق، وذلك بفضل أداة الاستكشاف الطيفي (ميوز) على متن التلسكوب العملاق "في إل تي" الأوروبي التابع للمرصد الأوروبي الجنوبي.
ما اكتشفه العلماء هو وجود طبقتين واضحتين من عنصر الكالسيوم في الغلاف الخارجي للمستعر الأعظم، وهو نمط لم يكن بالإمكان تفسيره وفق النموذج التقليدي للانفجارات النجمية.
إعلانيوضح الباحث في تصريحاته للجزيرة نت أن هذا النوع من الانفجارات عادة ما يحد عندما يسرق قزم أبيض -وهو نجم ميت صغير وكثيف- مادة من نجم مرافق له. ومع تراكم المادة، يصل القزم الأبيض إلى حد معين يؤدي إلى انفجاره دفعة واحدة، لكن هذا السيناريو البسيط لم يكن يفسر جميع الحالات المرصودة.
لكن النموذج الجديد، المعروف باسم "الانفجار المزدوج"، يقترح أن القزم الأبيض يشعل انفجارا أوليا في غلاف الهيليوم المحيط به، يطلق موجة صدمية تصل إلى قلبه، فتشعل الانفجار الثاني. هذا التسلسل هو ما يفسر البنية الطبقية الفريدة التي رصدت حديثا.
ويضيف داس: "افترضنا وجود هذا السيناريو على الورق، لكن أن نراه بأعيننا، وأن نقرأ تاريخه في الضوء والمواد المتناثرة في الفضاء، هذا هو ما يجعل هذا الاكتشاف عظيما بحق".
المفارقة أن هذه الانفجارات ليست مجرد أحداث مذهلة في حد ذاتها، بل إنها تستخدم كمقاييس دقيقة لقياس المسافات بين المجرات. فالضوء الناتج يكون متسقا إلى حد يسمح لعلماء الفلك باعتباره "شموعا معيارية" لمعرفة مدى سرعة تمدد الكون. وبفضل هذه الانفجارات، تمكن العلماء من اكتشاف أن الكون يتسارع في توسعه، وهي المعلومة التي حصل بفضلها 3 باحثين على جائزة نوبل في الفيزياء عام 2011.
لكن دقة هذه القياسات تعتمد على فهمنا العميق لآلية الانفجار، وهنا تأتي أهمية هذا الاكتشاف. فإذا لم نكن نعرف ما الذي يجعل هذه النجوم تنفجر، فلن نتمكن من تفسير سلوكها الضوئي بدقة.
بالنسبة للمؤلف الرئيسي للدراسة، فإن الجانب البصري لهذا الاكتشاف لا يقل إثارة عن جانبه العلمي، ويقول: "من النادر أن يتقاطع العلم مع الجمال بهذا الشكل. ما نراه في هذه البقايا ليس مجرد دليل علمي، بل لوحة كونية مرسومة بانفجارات نجمية، كل طبقة فيها تحكي فصلا من الحكاية".
وبينما يواصل الفريق دراسة بقايا أخرى في مجرتنا وفي مجرات قريبة، يأمل داس وزملاؤه أن يكون هذا الاكتشاف بداية لموجة جديدة من الفهم العميق للنجوم الميتة، وللأسرار التي لا تزال تخبئها في أعماق الفضاء.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات هذا الاکتشاف
إقرأ أيضاً:
نائبة تطالب بإطلاق مبادرات لتوثيق بطولات حرب أكتوبر: ملحمة أعادت كتابة التاريخ
طالبت النائبة الدكتورة سمر سالم، عضو مجلس النواب، بإطلاق مبادرات وطنية شاملة لتوثيق بطولات حرب أكتوبر المجيدة، مؤكدة أن هناك قصصًا إنسانية وبطولية كثيرة لم تُروَ بعد، وأن في ذاكرة الوطن كنوزًا من الحكايات تستحق أن تتحول إلى أعمال فنية وتوثيقية تُعيد للأجيال الجديدة روح النصر والعطاء.
وقالت سالم في بيان لها اليوم، إن نصر أكتوبر ملحمة عسكرية و ملحمة إنسانية وشعبية شارك فيها المصريون جميعًا، بداية من الجندي على الجبهة إلى العامل في المصنع والفلاح في الحقل والأم التي كانت تودّع أبناءها بثبات وإيمان بالوطن.
وأضافت النائبة أن ما صنعه المقاتل المصري في تلك الأيام يفوق حدود البطولة، فقد واجه آلة حرب هائلة بشجاعة نادرة، وصنع ملاحم لا تنسى على ضفتي القناة، مشيرة إلى أن كل طلقة وكل خطوة على رمال سيناء كانت رمزًا للإصرار على استرداد الكرامة و الأرض.
وأكدت النائبة أن بطولات أكتوبر تستحق أن تُوثّق بعدسة السينما وبريشة الفن وقلم الأدب، لأن الفن هو ذاكرة الشعوب، ومن خلاله نستطيع أن نحفظ للأجيال القادمة معنى التضحية والبطولة في أبهى صورها، بعيدًا عن التكرار والسطحية.
وأوضحت أن كل بيت مصري يحمل قصة بطولة؛ فهناك من فقد ابنه أو زوجها أو والدها في سبيل النصر، وهناك من عمل بصمت خلف خطوط الإمداد، أو ساهم في إنتاج السلاح، أو دعم الجبهة الداخلية بجهده وماله،.
وشددت سمر سالم، على أن روح أكتوبر لا تزال حاضرة في كل ما يواجهه الوطن من تحديات، فالمعركة اليوم هي معركة وعي وتنمية وإنتاج، تستلهم من جيل العبور قيم الإخلاص والانضباط والعطاء دون انتظار مقابل.
وأكدت النائبة : “نصر أكتوبر سيظل المُلهم الأول لكل جيل مصري، لأنه أعاد تعريف معنى الانتماء، وأثبت أن الشعب العظيم لا يهزم حين تمتلك الإيمان بالهدف والإصرار على الفعل، وأن ما تحقق بالأمس من نصر بالسلاح يمكن أن يتحقق اليوم بالعمل والعلم والإبداع.”