تواصل آلة الحرب الإسرائيلية في ارتكاب أبشع المجازر بحق الإنسان الفلسطيني، بعدما فشلت في مواجهة المقاومة التي تقود عملية "طوفان الأقصى" المستمرة من أجل وقف العدوان الإسرائيلي المتشعب ضد كل ما هو فلسطيني في الأراضي المحتلة. 

وعملت آلة الاحتلال الحربية على مضاعفة معاناة المواطنين، عبر ارتكاب مئات المجازر البشعة بحق عائلات كاملة تمت إبادتها وقتل جميع أفرادها من الأطفال والنساء والرجال، ومسح مناطق متعددة عن الوجود في محافظات القطاع الخمس.

 

التعطش للانتقام
وعن أهم أهداف وغايات الاحتلال الإسرائيلي من ارتكاب هذا الكم الهائل من المجازر بحق المواطنين الفلسطينيين وخاصة الأطفال، أوضح النائب العربي السابق في الكنيست الاسرائيلي، جمال زحالقة، أن "هناك 3 غايات إسرائيلية مركزية من استعمال هذا الكم الهائل من العنف والجرائم والمجازر". 

وأضاف في حديثه لـ"عربي21": "الأول؛ إرواء التعطش للانتقام في المجتمع الإسرائيلي (اليهودي) بعد الضربة الكبيرة التي تلقتها إسرائيل يوم السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، وأما الغاية الثانية؛ هي ترميم الردع الإسرائيلي عبر إظهار أن إسرائيل قوة لديها قوة تدميرية كبيرة، ومن يهاجمها سيدفع ثمنا غاليا، وهذا نوع من بناء الردع الإسرائيلي من جديد بعد أن تهاوى يوم السابع من أكتوبر". 

ورأى زحالقة، أن "الغاية الثالثة وهي الأهم؛ إجبار الناس في قطاع غزة على النزوح من الشمال إلى الجنوب، لتسهيل العملية العسكرية الإسرائيلية كما يريدون". 


ومن بين تلك الغايات الكبيرة، لدى الاحتلال بحسب السياسي الفلسطيني أهداف فرعية مثل: "دق الأسافين بين الناس والقيادة، وإثارة غضب المدنيين ضد القيادة في غزة، وعمليا ما يتعلق بشق الصفوف في المجتمع الفلسطيني". 

ونبه أن "ما تقوم به إسرائيل في الأيام الأخيرة هي جرائم حرب، لكن هذه الجرائم ليست غريبة على النظام الإسرائيلي، لأن المشروع الصهيوني ككل؛ من أوله وحتى آخره، هو مشروع غير قابل للتنفيذ إلا عبر استعمال العنف والمزيد من العنف". 

من جانبه، أكد المحلل السياسي ورئيس مركز القدس للدراسات المستقبلية التابع لجامعة القدس، أحمد عوض، أن "إسرائيل تريد أن تمارس أكبر ما يمكن من التوحش من أجل إفقار الناس وتحويلهم إلى حالة إنسانية، وإفقادهم صفة الشعب والمجموعة التي لها رابط وأهداف مشتركة، إضافة إلى إخافة الناس وشل قدرتهم عن التفكير، في محاولة جعلهم مجموعة من الهائمين الهاربين الذين يسعون للنجاة بأنفسهم، وبناء على ذلك يتم تهجيرهم". 

وأوضح في حديثه لـ"عربي21"، أن "هذا الكم الهائل من التوحش الإسرائيلي يهدف أيضا إلى إبعاد المقاومة عن حاضنتها الشعبية، كي يستفرد في المقاومة بدون حاضنة، وبالتالي هو يسعى من خلال هذه الوحشية إلى استسلام المقاومة بأسرع ما يمكن". 

ونوه عوض، أن الاحتلال عبر كل هذه المجازر يسعى إلى "إفراغ قطاع غزة أو تقليل مساحته أو كلهما، إضافة إلى إعطاء صورة لهذا الجيل ومن بعده أن إسرائيل متوحشة ولا أحد يقترب منها، وهذا بعدما تعرت كليا يوم 7 تشرين الأول/ أكتوبر، حيث ثبت أنها أوهن من بيت العنكبوت، وبالتالي عمليا تقول لغزة والضفة ولبنان وغيرهم، إسرائيل متوحشة أكثر مما تتوقعون". 

توحش إسرائيلي
وأضاف: "الاحتلال يريد استعادة صورة ذهنية توقع أنها موجودة لدى العرب، وهي في 7 تشرين الأول سقطت، وإسرائيل تريد استعادة هذه الصورة، عبر قتل الشعب الفلسطيني، لأنها تعتقد أن شبل اليوم هو فدائي الغد، لذا هي تبيد الشعب الفلسطيني؛ لإيقاف مبدعيه ومخترعيه وتجفيف الأرحام، في محاولة لشطب هذا الشعب من الخارطة". 

وعن إمكانية نجاح الاحتلال في هذا المخطط، قال المحلل السياسي: "منذ 1948 وحتى اليوم، إسرائيل ترغب بأن تشطب الشعب الفلسطيني عن الخارطة والجغرافيا والتاريخ ومن الوعي والوجدان، لكن ثبت أن الشعب الفلسطيني عصي عن الإفناء والإلغاء، وهو موجود في كل الأوقات والأزمان، وجيل يسلم آخر، يطالبون بحقوقهم باستمرار وبأرضهم"، مؤكدا أن "إسرائيل والصهيونية فشلت في أن تقيم مجتمع طبيعي وفشلت في أن تنهي الشعب الذي استولت على أرضه، كما فشلت في أن تندمج في المنطقة، وهذا فشل صهيوني كبير". 


وخلال الأيام والليالي الماضية، واصلت طائرات الاحتلال استهداف العديد من مناطق القطاع عبر تدمير ممنهج لمنازل المواطنين بشكل مكثف ومتزامن، تسبب في تدمير أكثر من 127 ألف وحدة سكنية، منها 9500 غير صالح للسكان، إضافة إلى استهداف الأطقم الطبية والمستشفيات وسيارات الإسعاف وأطقم ومقرات الدفاع المدني والمساجد والصحفيين، وتدمير الطرق وشبكات المياه والاتصالات وانقطاع خدمة الإنترنت عن مناطق واسعة في القطاع بالتزامن مع غياب شبه تام للكهرباء، في سلوك يتنافى مع كافة القوانين والأعراف الدولية، والذي يرتقي لجرائم حرب يعاقب عليها القانون الدولي. 

وأعلنت وزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة، ارتفاع عدد الشهداء لأكثر ارتفاع عدد الشهداء إلى 3785 شهيدا؛ بينهم 1524 طفلا وألف سيدة، والجرحى لأكثر من 12493 إصابة بجروح مختلفة، منهم نحو4 آلاف طفل و3300 سيدة، موضحة أن جرائم الاحتلال أدت إلى إبادة عائلات فلسطينية بأكملها. 

وفجر السبت تشرين الأول/ أكتوبر 2023، أعلنت كتائب عز الدين القسام، الجناح المسلح لحركة "حماس" بدء عملية عسكرية أطلقت عليها "طوفان الأقصى" بمشاركة فصائل فلسطينية أخرى، ردا على اعتداءات قوات الاحتلال والمستوطنين الإسرائيليين المتواصلة بحق الشعب الفلسطيني وممتلكاته ومقدساته، لاسيما المسجد الأقصى، وبدأت العملية الفلسطينية ضد الاحتلال عبر "ضربة أولى استهدفت مواقع ومطارات وتحصينات عسكرية للعدو".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية الفلسطيني غزة فلسطين غزة معبر رفح طوفان الاقصي طوفان القدس سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الشعب الفلسطینی تشرین الأول

إقرأ أيضاً:

من تحت الأنقاض..كيف تُعيد كمائن القسام صياغة معادلة الردع في غزة؟

الثورة /متابعات

رغم الحصار الخانق والدمار الهائل والفارق الكبير في موازين القوى، تواصل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، وعلى رأسها كتائب عز الدين القسام، الذراع العسكرية لحركة حماس، إعادة رسم قواعد الاشتباك مع جيش الاحتلال الإسرائيلي. لا يقتصر الأمر على الصمود الميداني، بل يتعداه إلى تكتيكات نوعية متقدمة أربكت الحسابات العسكرية وأدخلت الجيش في حالة استنزاف غير مسبوقة.

الهندسة الميدانية

في تقرير تحليلي نشره موقع الجزيرة نت، يرى الباحث والمحلل العسكري ياسين عز الدين أن كتائب القسام نجحت في توظيف الهندسة الميدانية للمواجهة كأحد أبرز أسلحتها خلال الحرب المستمرة منذ أكثر من 20 شهرًا. ويؤكد أن الكمائن التي تُنصب داخل أبنية مدمّرة أو في أزقة خان يونس والشجاعية تُظهر تطورًا في استخدام الأرض كسلاح، لا كساحة معركة فقط.

من أبرز هذه العمليات، تفجير مبنى في قلب منطقة قال الجيش الإسرائيلي إنها “مطهرة”، وأسفر عن مقتل وإصابة عدد من عناصر لواء “جولاني” النخبوي، بحسب اعترافات إسرائيلية مُقتضبة.

ولم تكن العملية وليدة الصدفة، بل ثمرة تخطيط استباقي دقيق، ومهارة في استغلال التضاريس والبنية التحتية للمدينة، خصوصًا شبكة الأنفاق التي منحت المقاومة مرونة عالية رغم استخدم جيش الاحتلال أسلوب القصف السجادي في العديد من مناطق قطاع غزة.

ويرى عز الدين، أن المقاومة لا تكتفي بتفخيخ المباني، بل تعتمد على بنية تحتية متشابكة من الأنفاق والممرات، ما يمنحها قدرة على المبادرة في توقيت لا يتوقعه العدو، مستفيدة من بيئة حضرية محطمة ولكن مألوفة تمامًا للمقاتلين.

من الانهيار النفسي إلى ارتباك القرار

ويُجمع محللو الشؤون العسكرية في إسرائيل على أن جيش الاحتلال بات في وضع معقّد. وقد صرح رئيس أركان جيش الاحتلال إيال زامير مؤخرًا بأن “الحرب لن تكون بلا نهاية”، في إشارة صريحة – كما يرى العميد اللبناني المتقاعد إلياس حنا– إلى الاعتراف بالعجز عن الحسم، والتخبط بين الأهداف السياسية والقيود العملياتية.

في هذا السياق، يوضح عز الدين أن استمرار العمليات النوعية داخل مناطق يقول الجيش إنه “أعاد السيطرة عليها” يثبت أن زمام المبادرة بات في يد المقاومة، ما ينسف الأسطورة التقليدية لتفوق الجيش الإسرائيلي في الحرب البرية.

ويلفت إلى أنه في مقابل الديناميكية المتطورة للمقاومة، يظهر جيش الاحتلال الإسرائيلي في حالة استنزاف ممتدة ما دامت الحرب مستمرة، حيث تتآكل موارده البشرية والنفسية والمادية، ويجد نفسه مضطرًا لإعادة الانتشار مرارًا، دون القدرة على تحقيق إنجازات استراتيجية حقيقية.

ويتابع: “المقاومة استطاعت أن تحوّل المدن المدمّرة إلى ساحات كمائن، والأنقاض إلى أدوات خداع عسكري متقن”.

من ساحة المعركة إلى دائرة القرار

ولم تعد تداعيات هذه الحرب ميدانية فقط، بل وصلت إلى عمق النظام السياسي الإسرائيلي، فالخسائر المتزايدة في صفوف القوات البرية، وخاصة ضمن وحدات النخبة، ساهمت في تصاعد التوتر داخل الائتلاف الحكومي، وفقاً لحنا.

فبينما تسعى قوى المعارضة الإسرائيلية لتقديم مشاريع قوانين لحل الكنيست، تعيش حكومة نتنياهو حالة من الشرخ الداخلي بين الحفاظ على البقاء السياسي وعبء استمرار الحرب، وهو ما يجعل من معادلة “الكمين مقابل الكرسي” واقعية تمامًا.

ويلفت حنا إلى أن الجدل المتصاعد داخل الكنيست حول جدوى استمرار الحرب، والضغوط التي تتعرض لها حكومة نتنياهو من قبل أحزاب المعارضة والدينية على حد سواء، تُظهر حجم التأثير غير المباشر الذي تمارسه المقاومة عبر الضغط الميداني المستمر.

رسائل ملازمة للردع من الأسفل

في خطوة لافتة، بثّ الناطق العسكري باسم كتائب القسام أبو عبيدة رسالة مباشرة إلى الجمهور الإسرائيلي، حذّر فيها من استمرار دعم القيادة السياسية والعسكرية في “حرب الإبادة”، داعيًا إلى وقف الحرب أو انتظار المزيد من “التوابيت المغطاة بالأعلام”.

وبحسب عز الدين، فإن هذا النوع من الخطاب يعكس تحولًا في استراتيجية المقاومة نحو استخدام الرسائل النفسية كسلاح، وليست مجرد شعارات دعائية خاصة في ظل التعتيم الإعلامي الذي يفرضه الجيش على عدد القتلى والجرحى، في محاولة يائسة للسيطرة على المعنويات.

“هذه الرسائل لا تهدف فقط إلى الضغط المعنوي”، يقول عز الدين، “بل تُفعّل التناقضات الداخلية الإسرائيلية، وتُحرّك الرأي العام ضد استمرار الحرب”.

ويؤكد حنا، أن لم تعد الحرب في غزة مجرد مواجهة على الأرض، بل تحوّلت إلى سباق إرادات ومعركة سرديات. فبينما تبني المقاومة ردعها من تحت الأنقاض، وتسقط “أسطورة الجيش الذي لا يُقهر” قطعةً قطعة، تكافح إسرائيل لمنع تشكّل وعي داخلي بفشلها، لكنها تفشل تدريجيًا.

ويؤكد أن حرب الإبادة باتت تكتب فصولها من الأبنية المهدمة، ومن خطوط الاشتباك التي رسمها مقاتلون لا يملكون طائرات ولا أقمارًا صناعية، لكنهم يتقنون لغة المفاجأة، ويُجيدون اللعب في الزمان والمكان الذي يختارونه هم، لا عدوهم.

مقالات مشابهة

  • «إرهاب دولة منظم».. الوطني الفلسطيني يدين اعتداء الاحتلال الإسرائيلي على السفينة «مادلين»
  • “الوطني” الفلسطيني: اعتداء الاحتلال الإسرائيلي على سفينة “مادلين” إرهاب دولة منظم
  • حماس تدعو الأمم المتحدة للتحرك العاجل وكسر الحصار عن الشعب الفلسطيني
  • من تحت الأنقاض..كيف تُعيد كمائن القسام صياغة معادلة الردع في غزة؟
  • العدو الإسرائيلي يصعد مجازر الإبادة الجماعية بحق المدنيين بغزة في 3 أيام العيد .. فيديو
  • نحو 60 شهيداً وجريحاً يمنيا بجرائم وحشية ارتكبها العدوان بحق الشعب اليمني في مثل هذا اليوم 8 يونيو
  • “الجهاد الإسلامي” : استهداف العدو الإسرائيلي للقيادة لن يزيد الشعب الفلسطيني إلا ثباتا وعزيمة
  • وقفة احتجاجية في شيكاغو رفضاً لعدوان الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة
  • اليمن في مواجهة إسرائيل .. استراتيجية الردع والتحرير
  • فتح: عيد الأضحى هذا العام يمر على الشعب الفلسطيني في ظل استمرار القتل