دروس (باسم يوسف) في تجويد الخطاب الإعلامي
تاريخ النشر: 22nd, October 2023 GMT
أثير- عبدالرزّاق الربيعي
دروس كثيرة يمكننا أن نتعلّمها من استضافة البريطاني بيرس مورغان للإعلامي المصري باسم يوسف في برنامج حواري تناول ما يجري في قطاع غزّة، حيث انتشر اللقاء بسرعة البرق عبر مواقع التواصل الاجتماعي، والجروبات، حتى تجاوزت مشاهداته الـ ١٣ مليون مشاهدة، وأبرز هذه الدروس، معرفة تأثير الخطاب الإعلامي، على الجمهور العريض، لو أحسنّا صياغته، وجوّدنا في طروحاتنا، وهذا هو الفرق بين الإعلامي المحنّك، الموهوب، والإعلامي الطارئ على المهنة، خصوصا لو جاء هذا الخطاب من شخص مؤثّر، وله متابعون، كثر في أنحاء العالم، مثل( باسم يوسف) – له أكثر من ١١ مليون متابع في منصة (x) و٥ ملايين في الانستغرام – الذي استغلّ كلّ لحظة من الدقائق الأربعين المخصّصة له، في توجيه رسائل إنسانية شرح من خلالها الأبعاد الإنسانية للقضية للعالم، عبر حوار هادئ، يخلو من الانفعال، والصراخ، كما اعتدنا في البرامج الحواريّة التي نشاهدها عبر القنوات الفضائية العربيّة، بل كان هادئا، يتكلّم بدم بارد، يخلو من أيّ انفعال، وقد حافظ على ابتسامته، وسخريته منذ بداية الحلقة عندما قال عن الشعب الفلسطيني إنه” شعب يصعب قتله، أعرف هذا، لأني متزوج واحدة منهم ، حاولت عدة مرات ولم أستطع قتلها ” حتى نهاية الحلقة عندما قال “على فكرة عائلة زوجتي بخير وأرسلوا لنا صورة المنزل فقد تم قصفه” وعرض صورة منزل مهدّم عبر هاتفه النقّال، ثمّ علّق” إنه جميل سيكون موضوعا جيدا لعيد الهالوين” ثم ابتسم، وهذا الأسلوب هو المناسب في عالم فقد منطقه، لكن ليس أية سخرية بل سخرية مريرة، أو ما تسمّى بالكوميديا السوداء، حتى في أسئلته الساخرة:
“ما هو سعر الصرف الحالي للأرواح البشرية؟
ما هو سعر الصرف المناسب لكي تكونوا سعداء؟”.
كذلك كان أداؤه الحركي عاليا، وكل حركة للعيون والأيدي محسوبة بدقّة- قال في حديث للسي إن إن في عام 2017م بأنه يأخذ دروسا في التمثيل، لا ليمثل، فهو، كما قال، يتلقى طلبات للتمثيل، لكنه يعتذر عن تلبيتها، بل ليتمكّن من توظيف أدواته التعبيرية في أحاديثه بشكل أفضل، ليكون تأثيره في الجمهور أكبر، عندما يطلق كلمته التي تمتلك فعل الرصاصة في عصر هيمنت عليه الصورة، مؤكّدا أن الكلمة لم تفقد تأثيرها، ولكن أية كلمة!؟ بالتأكيد الكلمة الصادرة من القلب، التي تقدّم على طبق شهي، وكان تمكنه عاليا لأنه حضّر جيّدا، لما سيقوله في الحوار في البرنامج الذي كان يبثّ بثا مباشرا على الهواء، متحدّثا بمنطق الإعلام الغربي، لكن بهيئة ساخرة، وكان واقعيا في طروحاته، يلجأ للتشبيهات البليغة عندما يريد تقريب الصورة ليكون تأثيره أكبر، كقوله عندما أراد أن يتحدّث عن خطاب الإعلام الإسرائيلي، الذي يصف ردّة فعل المقاومة الفلسطينية بالإرهاب” إنهم يطلقون النار على سمك في برميل وينزعجون من رذاذ الماء”، وكان يتحدّث بطلاقة وسرعة بحيث لم يترك المجال للمحاور المحنّك (بيرس مورغان) الذي شغل موقع رئيس تحرير عدة صحف بريطانية وأمريكية، وسبق له العمل في شبكة سي إن إن، أن يقاطعه، ليقول كل رسائله التي جهّزها، ونجح في ذلك، إلى أبعد حدّ، وأوضح أبعاد القضية للعالم وبالتأكيد كسب تعاطفه مع القضية الفلسطينية، فانتصر على محاوره الذي لم يتمكن من مجاراته، وكان جريئا في طروحاته، شجاعا، فقد قال كلمته دون أن يخشى ردّة فعل أمريكا التي يقيم بها، في لوس أنجلوس تحديدا، بعد هروبه من مصر عام 2017م، وكلنا نعرف حساسيّة الظرف، وعدم تساهل الغرب الذي جعل من إسرائيل خطا أحمر، رغم ما يدّعيه من تبنّيه للديمقراطية.
وهذا ما أخفق به إعلامنا التقليدي، الذي لم يزل يتبع الأساليب القديمة، وعرض البرامج الحوارية التي يعلو بها الصراخ، والخطب الإنشائية الحماسية، كما قال نزار قباني:
“إذا خسرنا الحرب لا غرابة
لأننا ندخلها بكلّ ما يملكه الشرقيُّ
من مواهب الخطابة
بالعنتريات التي
ما قتلت ذبابة”
وخلال 40 دقيقة أمضيناها في متابعة المبارزة الإعلامية في البرنامج تعلّمنا من (باسم يوسف) دروسا كثيرة، من أجل أن يكون خطابنا الإعلامي ناجحا، ومؤثّرا!.
المصدر: صحيفة أثير
كلمات دلالية: باسم یوسف
إقرأ أيضاً:
ندوة توعوية حول “تجديد الخطاب الديني” بطب أسنان الإسكندرية
نظّمت كلية طب الأسنان، أمس، ندوة توعوية بعنوان "تجديد الخطاب الديني ورفع الوعي لدى الشباب"، حاضر فيها فضيلة الشيخ الدكتور إبراهيم الجمل، مدير عام وعظ الأزهر الشريف، وشارك بالحضور الدكتورة ريهام الديباني القائم بعمل عميد كلية طب الأسنان، والدكتور محمد ممدوح شكري وكيل الكلية لشئون التعليم والطلاب، والدكتورة مها رمزي تعلب وكيل الكلية لشئون خدمة المجتمع وتنمية البيئة، والدكتورة لمياء الشافعى مساعد منسق الجامعة لمقرر قضايا مجتمعية، والدكتورة إيناس عمر منسق مقرر القضايا المجتمعية بالكلية.
وفي كلمتها، أكدت الدكتورة ريهام الديباني أن تنظيم مثل هذه الفعاليات يأتي اتساقًا مع رسالة الكلية والجامعة في بناء شخصية طلابية واعية ومستنيرة، بعيدة عن الأفكار المتطرفة، وأشارت إلى حرص الكلية على مواصلة تنفيذ الأنشطة التوعوية التي تُسهم في دعم الطلاب وتمكينهم من المشاركة الفعّالة في خدمة المجتمع، موجّهة الشكر لإدارة الجامعة على دعمها المستمر لهذه المبادرات الهادفة.
وخلال الندوة، تناول فضيلة الشيخ الدكتور إبراهيم الجمل أهمية تجديد الخطاب الديني ودوره في ترسيخ مبادئ الفكر السليم وحماية الشباب من الأفكار المغلوطة، داعيًا الطلاب إلى التحلّي بالأخلاق والقيم الحميدة، والتقرب إلى الله، واختيار القدوة الحسنة، كما حذّر من مخاطر الغزو الفكري الخارجي وتأثيره السلبي على المجتمع، مشددًا على ضرورة تحري الدقة في تلقي المعلومات والرجوع إلى أهل العلم ومؤسسات الأزهر الشريف لاستبيان الحقائق.
وفى ختام اللقاء، طرح الطلاب مجموعة من الأسئلة والاستفسارات الدينية التي تمت الإجابة عنها، كما قامت إدارة الكلية بتكريم فضيلة الدكتور إبراهيم الجمل تقديرًا لمشاركته وجهوده في نشر الوعي وتعزيز الفكر المستنير بين طلاب الجامعة.
يأتي هذا فى إطار الدور المجتمعي لجامعة الإسكندرية وحرصها على نشر الوعي والفكر المستنير بين طلابها، وتحت رعاية الدكتور عبد العزيز قنصوه رئيس الجامعة.