هدوء ما قبل العاصفة
تاريخ النشر: 23rd, October 2023 GMT
خالد بن سعد الشنفري
هدوء ما قبل العاصفة أو الركود المُؤقت قبل العاصفة، مصطلح قديم جدًا على ما يبدو، وقد بدأ هذا التعبير مع البحارة الذين كانوا يعنون به ظاهرة جوية عاينوها نتيجة أسفارهم الطويلة في البحر، وما كانوا يستشعرونه قبل حصول العواصف والأعاصير؛ حيث كان الجو يهدأ ويسكن الهواء ويركد قبل العواصف؛ وهي ظاهرة ديناميكية علمية قد أثبتها العلم في العصر الحديث لسنا بصدد شرحها.
قبل أن أعلم بهذه المعلومة، كنتُ أتساءل كيف يمكن لمن يعيش على اليابسة قديماً أن يتنبأ بأن هدوءًا يسبق عاصفة ما ولم يكن حينها لديهم تقنيات الأرصاد الجوية التي نعرفها حاليًا.
منذ دخول مساء هذا اليوم الأحد 22 أكتوبر 2023، وهذا التعبير لا يُفارق مخيلتي واستشعره تمامًا، خصوصًا ان المركز الوطني للانذار المبكر من المخاطر المتعددة، قد بدأ- منذ ايام- في بث البيانات التحذيرية من اقتراب إعصار "تيج" في بحر العرب قادما الينا في ظفار.
سبق لي أن كتبت عدة مقالات تزامنًا مع بعض الأعاصير الأخيرة التي كثر توافدها علينا في عمان وبالذات ظفار التي تملك تاريخيا أكبر رصيد من أعاصير شهيرة حدثت لها مثل الحيمر والشلي (الغريقة) وغيرها رغم أنني لم أعاصرها أو أعشها؛ حيث يقال إنني من مواليد عام الغريقة أي عام 1959 ولم أعاصر إلا إعصار 1964، وكان عمري حينها خمس سنوات تقريبا، لكن أحداثه ما زالت مغروسة في مخيلتي، وقد كتبت عن ذلك مقال بعنوان "الخندق الكبير" كناية عن الخندق الذي شاهدت أهالي الحافة يحفرونه بوسائل بدائية وسط أكوام من رمال الشاطئ لغرض تسريب المياه التي كادت تغرق الحافة إلى البحر.
رغم أن حالة هدوء ما قبل العاصفة التي أعيشها الآن، ومنذ دخول مساء الإثنين، إلا أنه قد سبقها حراك كبير حثيث لمعظم أجهزتنا ومؤسساتنا العسكرية والدفاع المدني وكافة الأجهزة الحكومية من صحية واجتماعية وخدمية بالتخطيط والتنسيق والتنفيذ لتسخير كافة الإمكانيات المتاحة للتعامل مع هذا الضيف غير المرغوب فيه وتجنب أي أضرار أو مخاطر يسببها للإنسان أهم ثرواتنا في عمان.
مما أسعدني مشاهدته كثيرًا خبر توجه صاحب السمو السيد محافظ ظفار وسعادة الدكتور رئيس بلدية ظفار مع ثلة من المهندسين والفنيين من مختلف الأجهزة الحكومية وأجهزة الدفاع المدني لمعاينة سدي حماية صلالة، وتطميننا على كفاءة والجاهزية العالية للسدين لما هو أكبر من هذا الإعصار، لأنه قد سبق لي أن كتبت مقالا بعد حدوث كارثة إعصار دانيال في سبتمبر الماضي على مدينة درنة الليبية وتسبب سوء صيانة سدي حمايتها في هذه الكارثة التي فقد على إثرها أكثر من 10 آلاف إنسان.
لقد أطلقت على العقد الماضي مسمى "عقد الأعاصير" في عمان والتي كان نصيبنا منها في ظفار ثلاثة أعاصير، وقد أصبح علينا اليوم ليس مجرد الإتعاظ فقط؛ بل الاستعداد مسبقاً لذلك.
حفظ الله بلادنا وشعبها تحت ظل القيادة الرشيدة لمولانا السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله وأبقاه.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
ختام المؤتمر الدولي لقسم اللغة العربية بجامعة ظفار
صلالة- الرؤية
تواصلت اليوم فعاليات المؤتمر الدولي الثاني لقسم اللغة العربية وآدابها بجامعة ظفار في يومه الثاني والختامي، حيث شهد البرنامج العلمي تقديم عدد من البحوث والمداخلات التي ناقشت موضوع "الخوف في الأدب والثقافة" من زوايا متعددة، بمشاركة نخبة من الأكاديميين والباحثين من مختلف الجامعات العربية والدولية.
افتتحت الجلسة العلمية الأولى في تمام التاسعة صباحًا، وأدارها الأستاذ الدكتور بسام قطوس، حيث قدم الدكتور شقيق النوباني من جامعة ظفار مداخلة بعنوان "الخوف والموقف في مسرحيتي القبعة والنبي والباب لغسان كنفاني: دراسة في المنطلقات الوجودية".
وتواصلت الجلسة بمداخلة حول سيرة المناضلة عائشة عودة كنموذج لكسر القيد وسؤال الذات عن الحرية، ثم تناولت المداخلة الثالثة الخوف في مرويات السفر الموريسكية، واختتمت الجلسة بمداخلة بعنوان "هندسة الصمت والخوف وسبل الحماية الاجتماعية في المدن المعاصرة".
وفي الجلسة العلمية الثانية التي أدارها الدكتور بسام الشارني، ناقش الدكتور مراد الحاجي خطاب البابا أوربانوس الثاني بوصفه نموذجًا لخطاب الخوف والكراهية والعنف، أعقبتها مداخلات تناولت الخوف في الحكايات الشعبية، وفي القصيدة العمانية، وكذلك في الأمثال المحلية.
وفي الفترة المسائية، أدار الدكتور مرتضى فرح الجلسة العلمية الثالثة، والتي تضمنت مداخلات حول الخوف في الخطاب النقدي العربي، وفي تمثلات الهوية، وأثر الخوف في العلاقة بين النقد والأدب، إلى جانب دراسات سردية متنوعة.
أما الجلسة العلمية الرابعة فاختتمت البرنامج الحافل، وأدارها الأستاذ سعيد محمد المعشني، حيث شارك عدد من الباحثين بمداخلات تناولت الخوف في السرد الروائي المغربي والعماني، وتمثلاته في الكتابات التراثية والحديثة، وصولًا إلى مفهوم الخوف من الزمن في زهديات أبي العتاهية.
وقد تميز اليوم الثاني بتنوع المحاور وتكامل الرؤى، ما يعكس ثراء الموضوع وحضوره في مختلف أجناس الأدب والفكر، كما شهد تفاعلًا غنيًا من قبل الحضور في النقاشات.
يشار إلى أن المؤتمر يهدف إلى تعميق الفهم الأكاديمي لموضوع "الخوف" بوصفه مفهومًا إنسانيًا وأدبيًا، والذي يختتم أعماله اليوم بجلسة ختامية تشمل التوصيات والمقترحات العلمية.