عربي21:
2025-06-25@16:12:27 GMT

تركيا ومحاولة فعل ما يمكن فعله

تاريخ النشر: 25th, October 2023 GMT

أثار موقف رئيس الجمهورية التركي رجب طيب أردوغان من عملية طوفان الأقصى، والهجمات الوحشية التي يشنها الجيش الإسرائيلي على قطاع غزة، استغراب الكثير من محبيه في الشارع العربي واستياءهم من ذاك الموقف الذي يصفونه بـ"الضغيف" وحتى "المتخاذل"، لأنهم كانوا يتوقعون من الرئيس التركي موقفا كالذي أبداه في منتدى دافوس عام 2009، كما أنهم يعلقون آمالا كبيرة على تركيا، وينتظرون منها في بعض الأحيان مواقف وخطوات تفوق قدرتها.



المثل العربي يقول: "من لدغته الحية يخاف من الحبل"، وهناك مثل تركي مشابه يقول إن من يحرق لسانه بالحليب الساخن يأكل اللبن الزبادي وهو ينفخ فيه لتبريده، في إشارة إلى الحذر الشديد. ولعل هذان المثلان يساعدان في فهم موقف تركيا التي عانت من تدهور علاقاتها مع عدة دول في المنطقة بسبب موقفها الداعم لثورات الربيع العربي، وهو موقف مشرف إلا أن تركيا دفعت ثمنه غاليا، وبذلت جهودا حثيثة في الآونة الأخيرة لترميم العلاقات التي تراجعت بسببه.

الحكومة التركية برئاسة أردوغان تسعى إلى فعل كل ما تقدر على فعله، لوقف إطلاق النار وحماية الفلسطينيين، كما تتطلع إلى دور الوساطة في الملف الفلسطيني على غرار الدور القطري
أنقرة تدرك أن إسرائيل تتمتع بحماية الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وغيرها، وأن هناك أنظمة عربية تتمنى أن تنجح إسرائيل في القضاء على حركة حماس وإعادة حكم القطاع إلى السلطة الفلسطينية، كما أن قوى إقليمية أخرى لها حساباتها الخاصة. ولذلك، تحسب ألف حساب قبل أن تقدم على أي خطوة كي لا تجر البلاد إلى مخاطر تهدد أمنها القومي. وهي سياسة يراها البعض ترددا لا ينبغي له ويؤدي إلى تضييع فرص لا تعوض.

الحكومة التركية برئاسة أردوغان تسعى إلى فعل كل ما تقدر على فعله، لوقف إطلاق النار وحماية الفلسطينيين، كما تتطلع إلى دور الوساطة في الملف الفلسطيني على غرار الدور القطري، وترى أن خطوات كطرد السفير الإسرائيلي لا تخدم ما ترمي إليه. وتدرك جيدا أن الطريق إلى غزة يمر من معبر رفح، وأنها بحاجة لتعزيز علاقاتها مع القاهرة لتتمكن من الوقوف إلى جانب سكان القطاع وتخفيف آلامهم ومعاناتهم.

تصريحات رئيس حزب الحركة القومية، دولت بهتشلي، في إدانة جرائم إسرائيل، جاءت أشد من تصريحات حليفه أردوغان. ويبدو أن هناك تبادلا للأدوار بين شركاء تحالف الجمهور المؤيد للحكومة. وقال بهتشلي، في كلمته الأخيرة أمام نواب حزبه، إن الأمم المتحدة لم يعد لها تأثير، كما أن منظمة التعاون الإسلامي لا أمل فيها، مضيفا أن الدول الإسلامية تشاهد قصف القطاع دون أن تحرك ساكنا، وأن مهمة حماية غزة والدفاع عنها في هذه الحالة تقع على عاتق الشعب التركي. وأشاد في ذات الوقت بالاتصالات التي يجريها أردوغان، وأعلن أنه يؤيد تحركات الرئيس التركي.

المعارضة التركية بدورها تبدي ارتياحا من الموقف التركي الرسمي والجهود الدبلوماسية التي تبذلها أنقرة لوقف الاشتباكات ومساعدة سكان القطاع، إلا أن بعض أحزابها، كالحزب الجيد برئاسة ميرال آكشنير، تتهم في ذات الوقت حماس بــ"الإرهاب". ولا يشارك حزب السعادة برئاسة تمل كاراموللا أوغلو وحزب المستقبل برئاسة أحمد داود أوغلو رأي حليفهما في الطاولة السداسية، بل يدعمان المقاومة الفلسطينية، كما رحبا بتصريحات بهتشلي التي تدعو إلى حماية سكان القطاع.

الحكومة التركية أرسلت عدة طائرات محملة بالمساعدات الإنسانية والأدوية والمستلزمات الطبية إلى مطار العريش المصري لإدخالها إلى القطاع، كما أرسلت فريقا يتألف من 20 طبيبا متخصصا. ويعتزم وفد من البرلمان التركي زيارة القطاع للتعبير عن تضامن تركيا مع سكان غزة، والاطلاع على الأوضاع الإنسانية والانتهاكات الإسرائيلية.

تسعى أنقرة إلى توحيد مواقف الدول الصديقة لفلسطين لتشكيل جبهة ضاغطة على إسرائيل وحلفائها، وضامنة لحقوق الشعب الفلسطيني. ويقوم وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، بزيارات للعواصم العربية للقيام بهذه المهمة الصعبة
التعاطف الشعبي في الشارع التركي مع ما يحدث في قطاع غزة كبير للغاية، وهناك فعاليات مختلفة في كافة المدن التركية لدعم صمود المقاومة الفلسطينية. كما أن معظم هؤلاء المتعاطفين مع الشعب الفلسطيني يؤيدون موقف الحكومة التركية من الأحداث، ومساعيها الحثيثة لوقف إراقة الدماء في القطاع وتضميد جراح سكانه.

حزب العدالة والتنمية سينظم يوم السبت مظاهرة حاشدة في مدينة إسطنبول للتنديد بجرائم إسرائيل والتضامن مع الشعب الفلسطيني. ومن المنتظر أن يشارك فيها أردوغان مع حلفائه، ويلقي كلمة أمام الجماهير، ويتوقع أن ينتقد الرئيس التركي في كلمته موقف الولايات المتحدة والمجتمع الدولي من انتهاكات إسرائيل.

الحكومة التركية تبحث عن طريق يحمي أرواح الفلسطينيين وحقوقهم، ويتوافق في ذات الوقت مع القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة، إلا أن الموقف الغربي الداعم لإسرائيل يسد كافة تلك الطرق. ولذلك، تسعى أنقرة إلى توحيد مواقف الدول الصديقة لفلسطين لتشكيل جبهة ضاغطة على إسرائيل وحلفائها، وضامنة لحقوق الشعب الفلسطيني. ويقوم وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، بزيارات للعواصم العربية للقيام بهذه المهمة الصعبة.

twitter.com/ismail_yasa

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه أردوغان الإسرائيلي غزة تركيا الدبلوماسية إسرائيل تركيا أردوغان غزة دبلوماسية مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة رياضة سياسة سياسة رياضة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الحکومة الترکیة الشعب الفلسطینی کما أن

إقرأ أيضاً:

بين التكتيك والاستراتيجية... أين تقف إسرائيل بعد الضربات التي تلقتها إيران؟

هل ما تحقق كان نصرًا استراتيجيًا يعيد رسم قواعد اللعبة؟ أم مجرد إنجاز آني قد تتجاوزه المواجهة المقبلة؟ اعلان

منذ اللحظة الأولى لانطلاق الهجوم الإسرائيلي المباغت على أهداف داخل العمق الإيراني، بدا أن تل أبيب تسعى لتغيير قواعد الاشتباك في الصراع مع طهران، مستندة إلى دعم سياسي وعسكري ضمني من الولايات المتحدة وبعض القوى الغربية. ومع اتساع رقعة الضربات وتطورها لاحقًا إلى تدخل أميركي مباشر استهدف منشآت نووية بالغة التحصين، أثير تساؤل جوهري في الأوساط السياسية والعسكرية: هل حققت إسرائيل نصرًا حقيقيًا؟ وإن كان كذلك، فهل هو نصر آني تكتيكي أم تحول استراتيجي في المواجهة الطويلة مع إيران؟

الهجوم الإسرائيلي

بدأت إسرائيل عملياتها العسكرية داخل إيران بضربات جوية دقيقة استهدفت منشآت عسكرية ومراكز قيادة وسيطرة، فضلًا عن مواقع لصناعة وتطوير الصواريخ والطائرات المسيّرة. وتميزت هذه الضربات بسرعتها واعتمادها على معلومات استخباراتية عالية الدقة، مما أربك الدفاعات الإيرانية وشكّل صدمة أولى للنظام في طهران.

الرسالة الإسرائيلية كانت واضحة: لم تعد الجغرافيا تحمي الجمهورية الإسلامية من الضربات، والمواجهة لم تعد مقتصرة على ساحات الوكلاء، سواء في سوريا أو لبنان أو العراق. ومع ذلك، فإن هذه الضربات لم تسفر بعد عن انهيار عسكري أو أمني داخل إيران.

يتصافح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الأمريكي دونالد ترامب في متحف إسرائيل بالقدس، 23 مايو/أيار 2017. AP Photoالتدخل الأميركي

التحول الأكبر جاء عندما تدخلت الولايات المتحدة بضربات نوعية استهدفت منشآت نووية رئيسية في فوردو وأصفهان ونطنز، مستخدمة طائرات B-2 الشبحية وصواريخ خارقة للتحصينات من طراز GBU-57. هذه الضربات شكّلت ذروة التصعيد ضد البرنامج النووي الإيراني.

وبحسب تقرير قدمه المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل غروسي، أمام مجلس الأمن، فإن الأضرار التي لحقت بهذه المنشآت كانت كبيرة، إلا أن الوكالة لم تتمكن من تقييم مدى الدمار داخل المرافق تحت الأرض.

Related"تخطى دوره الرقابي وساهم بإشعال الحرب".. غروسي في دائرة الاتهامات الإيرانيةضربة واشنطن النوعية: هل نجحت "مطرقة منتصف الليل" في شل البرنامج النووي الإيراني؟كم عدد القنابل والصواريخ التي استخدمتها واشنطن في هجماتها ضد إيران؟إيران: لا تراجع

رغم الضربات القاسية، لم تُبدِ إيران مؤشرات على التراجع، بل كثّفت من خطابها التعبوي وهددت بالرد على الولايات المتحدة الأميركية، فيما واصلت قصفها لإسرائيل.

تقييم المكاسب: آنية أم استراتيجية؟

استطاعت إسرائيل، بلا شك، تسجيل نقاط مهمة في المدى القصير، سواء عبر إظهار قدرتها على اختراق العمق الإيراني، أو من خلال توجيه ضربات مباشرة. كما نجحت في إعادة تسليط الضوء الدولي على البرنامج النووي الإيراني، وحشد دعم ضمني لاحتواء طموحات طهران.

لكن في المقابل، لم تنجح الضربات حتى الآن في تغيير المسار الاستراتيجي للسياسة الإيرانية، إذ لم تُجبر طهران الى الآن على العودة إلى طاولة التفاوض بشروط جديدة. بل يبدو أن الصراع دخل مرحلة أخرى من التوترات المستمرة والضربات المتبادلة التي قد تطول.

وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إيهود أولمرت قد أطلق أمس تصريحات غاية في الأهمية. إذ رأى أن الغارات الأمريكية تحيّد البرنامج النووي الإيراني محذرا من تداعيات أكبر حجما. حيث قال إنه النظام لن ينهار رغم قوة الضربات ودعا للأخذ في عين الاعتبار ترسانة طهران الصاروخية. وقد أخذ أولمرت مسافة من التهليل الإسرائيلي بما جرى. فقال من الغطرسة ومن غير الواقعي اعتبار أن الغارات الاستباقية ستركّع دولة تعداد سكانها 90 مليونا وذات تراث عمره آلاف السنين.

وبناء على ما تقدم، يرى مراقبون أن ما حققته إسرائيل حتى الآن يمكن وصفه بنصر آني محدود التأثير من الناحية الاستراتيجية. فقد وجهت ضربة قوية للهيبة الإيرانية، لكنها لم تُنهِ المشروع النووي، بحسب ما صرّح به مسؤولون إيرانيون. ومع دخول الولايات المتحدة على خط المواجهة، ارتفعت الكلفة، لكن أيضاً ارتفعت معها المخاطر. فهل ستتمكن إسرائيل من ترجمة هذا التقدم التكتيكي إلى تغيير دائم في المعادلة الإقليمية، أم أنها فتحت أبواب صراع طويل قد يتجاوز قدرتها على التحكم بمساره؟

انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة

مقالات مشابهة

  • أردوغان: تركيا ستواصل دعم استقرار سوريا
  • وزير الداخلية التركي يعلن إجراءات جديدة للسوريين في تركيا
  • أردوغان: سعداء بوقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران
  • عراقجي يؤكد وقف إطلاق النار: شكراً لقواتنا التي استمرت بمعاقبة إسرائيل
  • لماذا تجنبت تركيا إدانة الهجمات الأمريكية على إيران؟
  • بين التكتيك والاستراتيجية... أين تقف إسرائيل بعد الضربات التي تلقتها إيران؟
  • القمامة تُنير منازل أكثر من مليون أسرة في تركيا
  • بوشكيان: ما حصل في دمشق جريمة بحق الإنسانية ومحاولة لزرع الفتنة
  • أكسيوس: خامنئي رفض عرض ترامب لإجراء محادثات سلام في تركيا
  • بنكيران: نحن اليوم مع إيران ضد إسرائيل لأنه لا يمكن أن يُساوى من يدافع عن فلسطين بمن يذبح شعبها