بيان طوفان الأقصى أمتي.. أمتى.. مفاهيم ملتبسة (74)
تاريخ النشر: 26th, October 2023 GMT
مفهوم "الأمة" واستحضاره بمناسبة تلك المعركة الكبرى "طوفان الأقصى" لا بد وأن يكون له وجدان خاص؛ يؤكد على ذلك ما طرحه أستاذنا "الدكتور حامد ربيع" رحمة الله عليه الذي اهتم بالدراسات الصهيونية والقضية الفلسطينية وأمته العربية والإسلامية والصراع العربي الصهيوني كصراع مصيري وحضاري. إذ أكد أن للأمة في الرؤية الإسلامية معنيين؛ أحدهما مادي في التعبير عنها في وجودها المادي والذي قد يتوارى، والثاني ما يتعلق بالوجود المعنوي للأمة الذي لا يغيب.
هذا التمييز الإدراكي أمر غاية في الأهمية حينما يتجسد هذا الوجود المعنوي في سلوكيات ومواقف وتحرك شعوب تنتفض لتحتضن أهم رموزها في مقاومة كل غصب وظلم؛ فتشكل إضافة لمقاومتها، وتسهم من كل طريق في انتصارها. ولذا كانت انتفاضة الأقصى عنوانا لانتفاضة الأمة؛ الأمة القطب التي تستقطب كل الفاعليات وعناصر فاعلية الأمة، هذه الفكرة الربيعية والتها بالتعهد والتأصيل تلميذته "الدكتورة منى أبو الفضل" رحمة الله عليها، وكأنهما يعيشان معنا معركة "طوفان الأقصى" التي تستدعي من الأمة كل الأمة أن تقوم باحتضانها وحمايتها وتحصينها.
إن موضوع التأصيل لـ"لأمة" في المجال السياسيّ قد طُرح منذ أكثر من عقود مضت، حيث واكب بدايات المد الإسلاميّ، ومن ثم جاء في حينها تعبيرا صادقا وأصيلا، لا ليسد ثغرة في حقل معرفيّ ومناهجه فحسب، بل ليدشن وجهة جديدة فيه، ومعه، في تكوين جيل وعقليّة وصفوة. ومن ثم فإن استحضار ملف هذه الفترة يكتسب أهميّة مزدوجة ترجع لطبيعة فترة المنشأ والمحضن لهذا المفهوم في ذاته من جانب، ثم إلى دواعي ومقتضيات المرحلة الراهنة من جانب آخر. وإنّي أرى أنّه يكتسب أبعادا تجعله أكثر حيويّة وإلحاحا في الظروف الراهنة، إنّه يمثل ملف حقبة وجيل نفتح صفحاته من جديد، لأنه ملف أمّة.
هكذا تقول "منى أبو الفضل" في كتابها "الأمة القطب"، كما كان يشير "الحكيم البشري" إلى ضرورة أن نركز على أيامنا لا أيام الغرب. "طوفان الأقصى من أيامنا الجليلة لحدث كاشف في الأمة وفارق فيها. هل يعقل أن نشغل تفكيرنا وخاصة عقول شباب جيل هذه الأمة بمفاهيم تتعلق بظواهر مصطنعة هي أشباح قوى ومؤسّسات ومذاهب معاصرة، ونغفل عن جوهر قوى وتيَّارات وعقائد وآليّات حراك تاريخيّ تموج بها في منطقتنا وأيامنا وتاريخنا، بدعوى تلمُّس الحداثة والامتثال لمقولات توصف ب "العلميّة"؟! تولد إحساس بوجود الأمّة، وتبينت فيها الروح التي تحرك الحياة العامّة، وتفرض نفسها على الواقع والتي أضحت الشاهد الغائب أو الحاضر الغائب الذي لا تجد له نظيرا في المؤسّسات أو في "الدولة"، ولكن نستشعره حولنا استشعارا، بل نشهده شهودا، سواء في أيامنا هذه أو في أحداث تلك الفترة.. هكذا تتحدث أبو الفضل.
كأن الدولة القوميّة -نموذج الحداثة السياسيّة في المنطقة بكل ما حملته من وعي مغاير- قد حاولت أن تحبس مفهوم الأمة في قمقمها، إلا أنها عجزت عن تحجيم الاستجابة التلقائية لأحداث أوقدت قابليات تلك الاستجابة لدى قواعد "جماهيريّة" نشأت في رحاب الجامعة الشعبيّة الأولى، جامعة مسجد الحي والمصلى، حيث يقوم الناس بإقامة الصلاة وتلاوة الذكر الحكيم، فتحقق وحدة بين أجواء بيئة اجتماعيّة حضاريّة واحدة في يومها.
ومنذ توالت أحداث مفصلية شتى في أصقاع العالم الإسلاميّ شرقا وغربا، بدت الأمّة في واقعها وتجلياتها باعتبارها ظاهرة مؤثرة ومفهوما معقولا استطاع أن يتحدى نموذج العلمنة والخطاب السياسيّ السائد يومها، ويفرض على أصحاب التخصص في الدراسات الأكاديمية أن يراجعوا مسلماتهم ويعيدوا النظر في مناهج التفكير.
"الأمّة" إذن بدت مظاهرة تؤطر للجماعة السياسيّة على مستوى الحدث والفعل السياسيّ، وجاءت تفرض نفسها على الساحة السياسيّة في كافّة الأصعدة، سواء أكانت محليّة أم إقليميّة أم دوليّة- عالميّة، بل إنّنا اليوم في بداية الألفية الثالثة الميلاديّة ونحن نعاود النظر في ملف حقبة، نستطيع أن ندرك دلالة الأحداث على نحو أكثر وضوحا كما تشير أبو الفضل.
إنّ الأمّة لم تخلُ قط من نماذج الفرد الأمّة.. ومن يكون؟ إنّه الفرد الذي تَمثَّل قلبا وعقلا ووجدانا قيم الأمّة ومُثُلها وهمومها وآمالها، بحيث جاء فعله من موقعه في لحظة تاريخيّة معيَّنة وكأنه استجابة لحاجة جامحة تعيشها الأمّة في هذه اللحظة، وكأن إرادته إرادة جامعة وليست إرادة مفردة، بها تُبعث قيمة عليا من قيم الحق وتُحدث أثرها في واقع مشهود. هكذا يعيش هذا الفرد في كل عصر وكل مصرٍ دون اشتراط الشهرة والألقاب، ولكن يكفي أن تهب رياح الخطر على الأمة ومستضعفيها، فإذا هي تجده على ثغرة هامَّة من ثغورها، وقد خرج فردا أو معه نفر قليل من أولى العزم، وقد جاءوا رجالا يسعون في سبيل الله، وقد تنادوا من كل فج عميق لسد تلك الثغرة، والوقوف عليها.
إن هذا التوجيه في بيان الأمة ومخاطبيها من أفراد وجماعات؛ يفرض على كل فرد في الأمة أن ينتفض بمناسبة هذه المعركة الكبرى؛ عليه أن يرابط فاعلا متأهبا بنية الوقوف بوجه الظالمين الغاصبين والمنافقين المخذلين والمتصهينة المطبعين.. فليحرص كل منا ألا يؤتى من قبله.
إن أقرب صفة تستطيع أن تسندها لهذه الأمّة؛ تؤكد أبو الفضل هِيَ صفة "القطبيّة"، وهي الصفة التي مكنت الأمّة من "الاستقطاب ومن القابليّة والقدرة على التجميع" حولها لشتى التكوينات والشعوب، هذه الأمّة صاحبة رسالة لا تقوم على عرق أو لون أو إقليم، ولكن تقوم على دعوة ورسالة تحمل طاقة إشعاعية تمد من خلال التاريخ وتجمع القبائل والشعوب والألسنة المختلفة المتنوّعة.
إنّها الأمّة القطب التي تستوعب دون أن تزيل خصوصيّات الأمم وتضيع ملامحها، وتجمع وتوحد وفي نفس الوقت تعمل على الإثراء والمحافظة على التعدد. فيا شعوب الأمة من شرقها الى غربها ويا هؤلاء من آمنتم برسالتها هُبّوا الى نفير واستنفار لكل فرد من أفرادها وكل شعب من شعوبها، فإنَّ موضوع الأمّة يمس الذات؛ الكيان الذاتيّ الجماعيّ العربيّ.
والسؤال الذي يطرح نفسه هو: كيف لنا أن ننتقل بهذه الذات الجماعيّة من مستوى اللا شعور واللا وعي، إلى مستوى الشعور الواعي والإدراك المتفقه؟ إنه إدراك يواجه حاضرها ويصنع مستقبلها. ولنا أن نسأل: ألم يأت علينا بعد حين من الدهر نأخذ فيه بزمام أمرنا لنثبت على أقدامنا ونعمل عقولنا في التحقق من ذاتنا وإدراك حقيقة كياننا؛ لننتقل بذلك من حال إلى حال، نبارح حال المفعول به، موضع البحث والنظر؛ تارة في فضول مشفوع بتعجب، وتارة في شفقة وازدراء، وتارة في حذر ورهبة.. ونأخذ دور وحال الفاعل، صاحب الوجهة والرأي الجدير بالاعتبار والنظر، القادر على الفعل والحركة؟ ما مدى حظ هذا المفهوم من الفاعليَّة في واقعنا المعاصر؟ هل هذا المفهوم الذي ارتجت له قلوب المؤمنين على مدى أربعة عشر قرنا قد سقط في العقل الباطن للشعوب الإسلاميّة بعد أن مزقتها الفواصل الإقليميّة الخارقة، والحدود السياسيّة الباهتة، وبعد أن باعدت بينها النظم "القُطرية" التي خلَفت المستعمر وتشعّبت ولاءاتها الفكريّة والعقائديّة في ظل صفوات فُطمت على نسق "تغريبي" غربي؟ أين الفاعلية بعد هذا الفعل العظيم الجامع الرافع الدافع للأمة الذي يتمثل في طوفان الأقصى الذي ينادي من قريب أو بعيد؛ أمتي.. أمتي؟
أين تفسير ظاهرة "الأمّة" كجماعة حضاريّة سياسيّة على أوثق ما تكون من الأواصر والتجانس؟ فرغم ما أصابها من ضعف ووهن بضياع الأسباب الماديّة والنظامية التي تمثلها وتقوم على مصالحها وتحفظ لها شريعتها وعزتها؛ فإنّ مرجعها دائما أبدا هي ذات الروح المتأجّجة -روح الأمّة- وروح الأمّة في سعي دائب نحو التجدّد والمقاومة: "التجدّد" للتخلص من رواسب علقت مع المعايشة التاريخيّة في ظروف تفاوتت فيها أقدارها، و"المقاومة" لصد محاولات السيطرة عليها وإذلالها.. مقاومة لمنع الغير من التمكن منها والتحكم في مقاليدها، وهي تسعى أبدا لفرض الذات من خلال الطرح المتجدّد للدعوة التي هي منشأ الذات ومصدرها وموضوعها وغايتها.
إذ إنَّ كل جماعة قوميّة عرفت طريق الأمّة يوما، تشكلت بوعي الأمّة واصطبغت به وطبعت فيه، إنّما هي رصيد مضاف يحسب للأمّة ولا يحسب عليها، الأمة كيان ينفرد بمفاعل استقطابيّ يجعل منه "بؤرة جاذبيّة طبيعيّة، أو مركز ثقل بشريّ حيويّ يشد إليه وحداته الداخليّة -فُرادَى وجماعات- دون أن يذيبها ليفقدها معالمها، كما أنّه يجذب نحوه مفردات جماعيّة من خارج إطاره، ليؤكد كل ذلك على أبعاد هُوِيَّة الأمّة.
وتعد جدليّة الاستقطاب بهذا المعنى قاعدة أصوليّة في دورة تشييد الأمّة كيانا حيويّا له جذوره التاريخيّة والوجدانية مؤصلة المنبت متجددة الاتصال، على النحو الَّذِي تكفله التربية الواعية والواعدة للأمة؛ روح الأمة المقاومة.. شرف الأمة المقاومة.. عصب الأمة المقاومة إنها تحميكم فاحموها؛ إنها تمسح عار الذل والهزيمة عنكم فانصروها. طوفان الأمة هو الحاضن للمقاومة؛ حيث يصير الانتماء إلى كيان الأم -"الأمة"- مصدر كرامة وعزة وإعزاز يصيب كل راغب في الانتماء، وكل باحث عن هُوِيَّة..
twitter.com/Saif_abdelfatah
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الأمة الفلسطينية المقاومة فلسطين المقاومة الهوية الأمة طوفان الاقصي مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة طوفان الأقصى السیاسی ة أبو الفضل الأم ة
إقرأ أيضاً:
حماس : طوفان الأقصى محطة شامخة في مسيرة الشعب الفلسطيني نحو الحرية والاستقلال
الثورة نت/وكالات أكدت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) ، أن طوفان الأقصى كان محطة شامخة في مسيرة الشعب الفلسطيني نحو الحرية والاستقلال، وسيبقى معلماً راسخاً لبداية حقيقية لدحر الاحتلال وزواله. وقالت الحركة في بيان ، اليوم الأحد ، بمناسبة ذكرى انطلاقتها الـ 38 ، إن ” الذكرى الثامنة والثلاثون لانطلاقة حركة المقاومة الإسلامية (حماس) تأتي مع مرور أكثر من عامين على عدوان همجي وحرب إبادة وتجويع وتدمير، لم يشهد لها التاريخ مثيلاً، ضدّ أكثر من مليوني إنسان محاصر في قطاع غزَّة، ومن جرائم ممنهجة ضدّ أهلنا في الضفة الغربية والقدس المحتلة ومخططات تستهدف ضمّ الأرض وتوسيع الاستيطان وتهويد المسجد الأقصى، وبعد عامين واجه خلالهما شعبُنا العظيم ملتحماً مع مقاومته الباسلة هذا العدوان الغاشم بإرادة صلبة وصمود أسطوري وملحمة بطولية قلّ نظيرها في التاريخ الحديث”. وأضافت “إنَّنا في حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، وفي الذكرى الـ 38 لانطلاقتنا المباركة، لنترحّم على أرواح القادة المؤسّسين، وفي مقدّمتهم الإمام الشهيد أحمد ياسين، وعلى أرواح قادة الطوفان الشهداء الكبار؛ هنية والسنوار والعاروري والضيف، وإخوانهم الشهداء في قيادة الحركة، الذين كانوا في قلب هذه المعركة البطولية، ملتحمين مع أبناء شعبهم، كما نترحّم على قوافل شهداء شعبنا في قطاع غزَّة والضفة والقدس والأراضي المحتلة عام 48، وفي مخيمات اللجوء والشتات، وكل شهداء أمتنا الذين امتزجت دماؤهم مع دماء شعبنا”. وتابعت “ونقف بكل فخر واعتزاز أمام صمود وبسالة وتضحيات وثبات شعبنا العظيم في كل الساحات، وفي مقدّمتهم أهلنا في غزّة العزَّة والإباء والشموخ، الذين جاهدوا وصابروا ورابطوا دفاعاً عن الأرض والمقدسات نيابة عن الأمَّة قاطبة، وفي ضفة الإباء، والقدس، وأراضينا المحتلة عام 48، وفي مخيمات اللجوء والشتات”. وأكدت (حماس) على أن “طوفان الأقصى كان محطة شامخة في مسيرة شعبنا نحو الحرية والاستقلال، وسيبقى معلماً راسخاً لبداية حقيقية لدحر الاحتلال وزواله عن أرضنا”. كما أكدت أن “العدو لم يفلح عبر عامين كاملين من عدوانه على شعبنا في قطاع غزة إلاّ في الاستهداف الإجرامي للمدنيين العزل، وللحياة المدنية الإنسانية، وفشل بكل آلة حربه الهمجية وجيشه الفاشي والدعم الأمريكي في تحقيق أهدافه العدوانية”. وأكدت الحركة على التزامها بكل بنود اتفاق وقف إطلاق النار، بينما يواصل العدو خرق الاتفاق يومياً، واختلاق الذرائع الواهية للتهرّب من استحقاقاته. وجددت مطالبة الوسطاء والإدارة الأمريكية بالضغط على العدو، وإلزام حكومته الفاشية بتنفيذَ بنود الاتفاق، وإدانة خروقاتها المتواصلة والممنهجة له، كما طالبت الإدارة الأمريكية بالوفاء بتعهداتها المعلنة والتزامها بمسار اتفاق وقف إطلاق النار، والضغط على العدو وإجباره على احترام وقف إطلاق النار ووقف خروقه والاعتداء على أبناء شعبنا، وفتح المعابر، خصوصاً معبر رفح في الاتجاهين، وتكثيف إدخال المساعدات. وأعلنت رفضها القاطع “لكلّ أشكال الوصاية والانتداب على قطاع غزَّة وعلى أيّ شبر من أراضينا المحتلة، وتحذيرنا من التساوق مع محاولات التهجير وإعادة هندسة القطاع وفقاً لمخططات العدو، ونؤكّد أنَّ شعبنا وحده هو من يقرّر من يحكمه، وهو قادر على إدارة شؤونه بنفسه، ويمتلك الحقّ المشروع في الدفاع عن نفسه وتحرير أرضه وإقامة دولته المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس”. ودعت “أمتنا العربية والإسلامية، قادة وحكومات، شعوباً ومنظمات، إلى التحرّك العاجل وبذل كل الجهود والمقدّرات للضغط على العدو لوقف عدوانه وفتح المعابر وإدخال المساعدات، والتنفيذ الفوري لخطط الإغاثة والإيواء والإعمار، وتوفير متطلبات الحياة الإنسانية الطبيعية لأكثر من مليوني فلسطيني”. وأشارت الى أن “جرائم العدو الصهيوني خلال عامَي الإبادة والتجويع في قطاع غزَّة والضفة والقدس المحتلة ، هي جرائم ممنهجة وموصوفة ولن تسقط بالتقادم، وعلى محكمة العدل الدولية ومحكمة الجنايات الدولية مواصلة ملاحقة العدو وقادته المجرمين ومحاكمتهم ومنعهم من إفلاتهم من العقاب”. وأوضحت أنها “كانت منذ انطلاقتها وستبقى ثابتة على مبادئها، وفيّة لدماء وتضحيات شعبها وأسراه، محافظة على قيمها وهُويتها، محتضنة ومدافعة عن تطلعات شعبنا في كل ساحات الوطن وفي مخيمات اللجوء والشتات، وذلك حتى التحرير والعودة”. وأكدت حماس على “بقاء مدينة القدس المحتلة والمسجد الأقصى الأسير عنوان الصراع مع الكيان الصهيوني، ولا شرعية ولا سيادة للاحتلال عليهما، ولن تفلح مخططات التهويد والاستيطان في طمس معالمهما، وستظل القدس عاصمة أبدية لفلسطين، وسيظل المسجد الأقصى المبارك إسلامياً خالصاً”. وشددت على أن “جرائم حكومة العدو الفاشية بحق الأسرى والمعتقلين من أبناء شعبنا في سجونها، تشكّل نهجاً سادياً وسياسة انتقامية ممنهجة حوّلت السجون إلى ساحات قتل مباشر لتصفيتهم”، مؤكدة على “أنَّ قضية تحرير أسرانا ستبقى على رأس أولوياتنا الوطنية، ونستهجن حالة الصمت الدولي تجاه قضيتهم العادلة، وندعو المجتمع الدولي والمؤسسات الحقوقية للضغط على العدو لوقف جرائمه بحقّهم”. واعتبرت أن “حقوقنا الوطنية الثابتة، وفي مقدمتها حقّ شعبنا في المقاومة بأشكالها كافة، هي حقوق مشروعة وفق القوانين الدولية والأعراف الإنسانية، لا يمكن التنازل عنها أو التفريط فيها”. ورأت الحركة أن ” تحقيق الوحدة الوطنية والتداعي لبناء توافق وطني لإعادة ترتيب البيت الفلسطيني وفق استراتيجية نضالية ومقاوِمة موحّدة؛ هو السبيل الوحيد لمواجهة مخططات العدو وداعميه، الرَّامية إلى تصفية قضيتنا الوطنية وإقامة دولتنا المستقلة وعاصمتها القدس”. وقالت إن “حرب الإبادة والتجويع التي ارتكبها العدو ضدّ شعبنا على مدار عامين وما صاحبها من جرائم مروّعة وانتهاكات جسيمة لسيادة دول عربية وإسلامية ، كشفت أنَّنا أمام كيان مارق بات يشكّل خطراً حقيقياً على أمن واستقرار أمتنا وعلى الأمن والسلم الدوليين، ما يتطلّب تحرّكاً دولياً لكبح جماحه ووقف إرهابه وعزله وإنهاء احتلاله”. وثمّنت حماس “جهود وتضحيات كلّ قوى المقاومة وأحرار أمتنا والعالم؛ الذين ساندوا شعبنا ومقاومتنا”. داعية إلى ” توحيد جهود الأمَّة ومقدّراتها في المجالات كافة لدعم شعبنا ومقاومته بكل الوسائل، وتوجيه البوصلة نحو تحرير فلسطين وإنهاء الاحتلال”. وفي ختام بيانها ، أشادت حركة حماس “بالحراك الجماهيري العالمي المتضامن مع شعبنا”، وثمّنت ” كل المواقف الرّسمية والشعبية الداعمة لقضيتنا العادلة”، ودعت إلى “تصعيد الحراك العالمي ضدّ العدو وممارساته الإجرامية بحق شعبنا وأرضنا، وتعزيز كل أشكال التضامن مع قضيتنا العادلة وحقوقنا المشروعة في الحريَّة والاستقلال”.