كلماتٌ في وداع أخي الشهيد وأطفاله الشهداء
تاريخ النشر: 26th, October 2023 GMT
في ظلال #طوفان_الأقصى “10”
كلماتٌ في #وداع أخي الشهيد وأطفاله #الشهداء
بقلم د. مصطفى يوسف #اللداوي
لسنا وحدنا دون سائر أهلنا، ولا نختلف شيئاً عن شعبنا، ولا نقبل إلا أن نكون منه ومثله، يسعنا ما يسعه، ويصيبنا ما يصيبه، نفرح معه ونحزن معه، فما من بيتٍ في قطاع غزة إلا وناله نصيبٌ من القصف الصهيوني الغادر، إذ تشير إحصائيات المؤسسات المدنية الأهلية والأجنبية، أن أكثر من 60% من مساكن وبيوت ومساجد وأسواق ومخابز ومحال ومتاجر قطاع غزة قد دمرت بدرجةٍ كليةٍ أو بنسبةٍ لا تقل عن 50%.
وأنه ما من عائلةٍ فلسطينية إلا ابتليت بنقصٍ في الأموال والأنفس والثمرت، وأن بعض العائلات قد شطب اسمها من السجل المدني، إذ طال القصف بيوتها الآمنة، وهم فيها مجتمعين ظناً منهم أنهم في مأمنٍ من هذا العدو الغدار، فما نجا منهم طفلٌ رضيعٌ، ولا صبية يافعة، ولا رجلٌ كبيرٌ أو شيخٌ في السن طاعن، ولا امرأة مسنة أو مريضة، أو شابة وصغيرة، وعائلاتٌ أخرى انتقصت من أطرافها، وطال القصف فروعها، فاستشهد منها العشرات دفعةً واحدةً، في غاراتٍ ليليةٍ تعمدت قصف المدنيين وهم نيام، حيث لا كهرباء ولا ماء ولا طعام، كما لا أمان ولا سلام ولا اطمئنان.
هذا هو حال شعبنا العظيم في قطاع غزة، الذي رفض شماله النزوح إلى جنوبه، فأصاب جنوبه ما أصاب شماله، حتى بلغ عدد الشهداء في اليوم العشرين من العدوان أكثر من تسعة آلاف شهيد، من بينهم قرابة الألفي مفقود تحت ركام البيوت المدمرة، إذ أن الصواريخ الجديدة، الأمريكية الصنع، التي يستخدمها جيش العدو بالتعاون مع القوات الأمريكية، تفتت البيوت وتحولها إلى ركامٍ، فلا يبقى من جدرانها وسقوفها سوى حجارة صغيرة، تدفن تحتها أعداداً كبيرة من الفلسطينيين، الذين يستشهد أكثرهم تحت الركام اختناقاً، لصعوبة اكتشافه أو الوصول إليه.
نحن من هذا الشعب وجزءٌ أصيلٌ منه، أحزننا كثيراً أن قصف العدو بيت عائلتنا الأصيل الجامع في مخيم جباليا، فدمره كلياً على كل من كان فيه، وهو الذي تعرض للقصف مراتٍ كثيرة خلال الحروب السابقة، إلا أننا كنا نعيد بناءه وترميمه، ليبقى محتفظاً بمكانته ورمزيته بيننا، إذ فيه ولدت وأخوتي العشرة وأختاي، وفيه نشأنا وترعرعنا، وكبرنا وتعلمنا، ومنه خرج الشهداء وانتمى الأبناء إلى قوى المقاومة، التي عملوا معها وتحت رايتها.
لكن القصف هذه المرة لم يطل البنيان الذي انهار، ولا الجدران التي تفتت، وإنما استهدف من كان فيه من المدنيين، فاستشهد نتيجة الغارة أخي رائد، المقاوم الجريح، العامل بصمتٍ في الإعداد والتسليح، واستشهدت معه زوجتاه وسبعة من أبنائه، كلهم من الأطفال، إلى جانب كثيرين من أنسبائه وأطفالهم الذين لجأوا إلى بيته، واحتموا في داره، فنالهم الشرف الذي ناله، والتحقوا معه إلى جانب كل شهداء شعبنا العظيم إلى مقعد صدقٍ عند مليكٍ مقتدر.
رحمة الله على شهداء شعبنا الفلسطيني كله، وعلى كل شهداء المقاومة، الذين يرسمون اليوم بدمائهم خطوط مرحلةٍ جديدة، ويطرقون بأيديهم المضرجة بالدماء أبواب الجنان، ومعها أبواب القدس وفلسطين، وينتزعون بالقوة مفاتيح المسجد الأقصى وكنيسة القيامة، لتكون لنا ومعنا إلى الأبد، فطوبى لكم أيها الشهداء، وهنيئاً لك أخي شهادتك، وجمعك الله بمن ارتحل معك، وأبلغ سلامنا لأبينا الذي أحسن إلينا إذ ربانا، ولأخوينا الذين سبقا، فتحي الذي قضى شهيداً في السجن، وفؤاد الذي رحل بعد أن دك المستوطنات الإسرائيلية بصواريخ المقاومة.
حزنت لفراقك أخي رائد، البسام الضحوك، العفوي البريء، الجريح المعاني، وقد بكيت لغيابك إذ لم أرك منذ سنين طويلة، ولكنني تشرفت بك، ورفعت الرأس عالياً بأنني أخوك وشقيقك، فأنت وأطفالك الذين احتضنتهم ورفعتهم معك، قد زدتنا شرفاً، ورفعت مقامنا قدراً، وجعلت لنا عند الله عز وجل ذكراً، فسلام الله عليك أخي وعلى من معك أجمعين، سلام الله عليكم في الخالدين.
بيروت في 26/10/2023
moustafa.leddawi@gmail.com
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: طوفان الأقصى وداع الشهداء
إقرأ أيضاً:
مدى نجاسة بول القطة وحكم الصلاة في المكان الذي تلوث به
قالت دار الإفتاء المصرية إن القطة الأليفة حيوانٌ طاهر عند عامة الفقهاء، يجوز حيازته واقتناؤه وتملُّكه، وبول القطط وروثها نجسٌ، ويجب غَسْل الموضع الذي أصابه البول من الثوب أو البدن إذا علمه السائل.
حكم الصلاة في مكان به بول القطة:وأوضحت الإفتاء أنه في حالة تيقُّن وجود النجاسة في قَدَم القطط وانتقالها: فيجوز العمل بمذهب الحنفية، فعندهم إذا كان الشيء المتنجِّس جافًّا، وكانت اليد أو القدم أو الثوب مثلًا هي المبتلة، فإن ظهر فيها شيء من النجاسة أو أثرها تنجَّست، وإلا فلا، وإذا شقَّ على السائل إزالة النجاسة: فيجوز له العمل بمذهب المالكية؛ حيث إنَّ إزالتها سُنَّة عندهم.
وأضافت أن الأولى والأحوط لأمر الصلاة أن يخصِّص النسلم مكان له لا تدخله القطة؛ احترازًا وتجنُّبًا لروثها لا لذاتها.
طهارة القطة الأليفة وحكم اقتنائها وتملكها
والقطة الأليفة، أو الهرة الأهلية "المستأنسة" هي: حيوانٌ طاهر عند عامة الفقهاء، يجوز حيازته واقتناؤه وتملُّكه؛ وممَّا يدلُّ على طهارة القطط: ما رواه أصحاب السنن الأربعة عن كبشة بنت كعب بن مالك رضي الله عنهما، وكانت عند ابن أبي قتادة رضي الله عنه: أنَّ أبا قتادة دخل عليها، قالت: فسكبت له وَضوءًا. قالت: فجاءت هرة تشرب، فأصغى لها الإناء حتى شربت، قالت كبشة: فرآني أنظر إليه، فقال: أتعجبين يا بنت أخي؟ فقلت: نعم، فقال: إنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِنَّهَا لَيْسَتْ بِنَجَسٍ، إِنَّمَا هِيَ مِنَ الطَّوَّافِينَ عَلَيْكُمْ، أَوِ الطَّوَّافَاتِ» رواه الترمذي في "السنن"، وقال: هذا حديث حسن صحيح، وهو قول أكثر العلماء من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم، والتابعين ومن بعدهم مثل: الشافعي، وأحمد، وإسحاق: لم يروا بسؤر الهرة بأسًا، وهذا أحسن شيءٍ في هذا الباب.
فقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّهَا لَيْسَتْ بِنَجَسٍ» صريحٌ في إثبات طهارة القطط أو الهرة.
مدى نجاسة بول القطة وحكم الصلاة في المكان الذي تلوث به
أمَّا بول القطة وروثها: فإنَّ المقرَّر شرعًا عند جمهور العلماء أنَّه نجس يجب التحرُّز منه، وتطهير مكان الصلاة منه؛ قال العلامة ابن عابدين في "رد المحتار" (1/ 220، ط. دار الفكر): [وفي "الخانية": أَنَّ بول الهرة والفأرة وخرأهما نجس في أظهر الروايات، يُفْسِد الماء والثوب] اهـ.
قال الإمام ابن عبد البر المالكي في "الكافي" (1/ 160، ط. مكتبة الرياض الحديثة): [والنجاسات: كل ما خرج من مخرجي بني آدم، ومن مخرجي ما لا يؤكل لحمه من الحيوان] اهـ.
نجاسة القطة
وقال العلامة الدَّمِيري الشافعي في "النجم الوهاج" (1/ 410، ط. دار المنهاج): [فَبَوْلُ ما لا يؤكل لحمه نجس بالإجماع] اهـ.
وقال العلامة ابن قدامة الحنبلي في "المغني" (2/ 64، ط. مكتبة القاهرة): [وما خرج من الإنسان أو البهيمة التي لا يؤكل لحمها من بول أو غيره فهو نجس] اهـ.
وعلى ذلك: فإنَّ الموضع الذي أصابه البول أو الروث من الثوب أو البدن أو المكان إذا علمه السائل فالواجب عليه غسله بالماء الطاهر عند إرادة الصلاة؛ بأن تزال عين النجاسة أولًا، ثم يصب الماء على موضعها بحيث لا يبقى لها لونٌ أو طعمٌ أو رائحةٌ؛ وذلك لما هو مقرَّر أنَّ مِن شروط صحة الصلاة: طهارةَ الثِّياب والبدن والمكان، وقد نقل الإمام ابن عبد البر المالكي الإجماع على ذلك. ينظر: "التمهيد" (22/ 242، ط. وزارة عموم الأوقاف والشؤون الإسلامية بالمغرب).
أمَّا إذا لم يعلمه السائل فينبغي أن يتحرَّى الموضع ويغسله؛ قال الإمام النووي في "روضة الطالبين وعمدة المفتين" (1/ 31، ط. المكتب الإسلامي-بيروت): [الواجب في إزالة النجاسة: الغسل] اهـ.
وفى حالة عدم التيقُّن من انتقال النجاسة إلى المكان أو الفرش فهو طاهر؛ عملًا بالأصل الذي هو الطهارة، ولأنَّ الأعيان لا تتنجَّس بالشك، وينبغي على السائل طرح هذا الشك وعدم التفكير فيه؛ دفعًا للوسواس.