إنقاذ حياة سعودية 43 عاماً بعد تشخيص سريع ودقيق لإصابتها بجلطات دموية كبيرة قاتلة
تاريخ النشر: 27th, October 2023 GMT
دبي-الوطن:
في إنجاز لافت يعكس مستوى التميز الطبي، نجح أطباء في مستشفى ميدكير الصفا بفضل تدخلهم السريع والدقيق في إنقاذ حياة سيدة سعودية تبلغ من العمر 43 عاماً، كانت مصابة بجلطات دموية كبيرة تشكلت في ساقها وترافقت مع صعوبات شديدة في التنفس وانخفاض حاد في ضغط الدم.
وتم تشخيص إصابة المريضة بتجلط الأوردة العميقة “DVT” في ساقها، والذي أدى إلى حدوث إنسداد الشرايين الرئوية ثنائي الجانب “PE صمة رئوية”.
وتشير التقديرات إلى أن 1 من كل 1000 شخص يصاب بجلطات دموية حادة بما في ذلك “الانسداد الرئوي” و”تجلط الأوردة العميقة” خلال حياته، مما يجعل تلك الحالات من الأمراض الشائعة للغاية والخطيرة. وتعقيباً على هذه الحالة، قال الدكتور “ساهر عرعور”، استشاري جراحة الأوعية الدموية في مستشفيات ميدكير: “كانت المريضة قد وصلت إلى المستشفى وهي تعاني من مجموعة من الأعراض الحرجة بما في ذلك الشعور بعدم الراحة في الصدر، وصعوبة في التنفس، وانخفاض مُنذر بالخطر في ضغط الدم ونقص في مستوى تشبع الدم بالأكسجين. وكانت وظيفة الرئتين لديها معرضة للخطر بشكل شديد. وبالنظر إلى تاريخها الطبي للإصابة بالبدانة واستخدام وسائل منع الحمل وحدّة الأعراض، فقد اشتبهنا في إصابتها بتجلط الأوردة العميقة والانسداد الرئوي. وعلى الفور تم إخضاع المريضة لفحص التصوير بالأشعة المقطعية CT، للكشف عن وجود أي جلطات في الأوعية الدموية، مما أكد صحة التشخيص”.
وتطلّبت عوامل الخطر العديدة التي تم الكشف عنها من خلال تحرّي التاريخ الطبي للمريضة، مثل العمر والبدانة واستخدام وسائل منع الحمل، تطبيق نهج متعدد الأوجه في التشخيص والعلاج. ولعلاج تلك الحالات المُهددة للحياة بشكل فعّال، فقد تعيّن استخدام مزيج من التدخلات الجراحية، والتقنيات التشخيصية المتقدمة والأجهزة الطبية المبتكرة لضمان تحقيق أفضل نتيجة ممكنة وتحسين عافية المريضة على المدى الطويل.
وقام الدكتور “ساهر” والفريق الطبي بإجراء عملية استئصال الخثرة الجراحي بنجاح، من خلال إزالة جلطات الدم الانسدادية بعناية من الشرايين الرئوية وتثبيت فلتر في الوريد الأجوف السفلي (IVC) لمنع انتقال الجلطات من الساقين إلى الرئة في المستقبل من خلال حبسها في الوريد الأجوف، أحد أكبر الأوردة الذي ينقل الدم من أعضاء الجسم إلى القلب. وكانت استجابة المريضة للعلاج إيجابية مما أدى إلى تحسن ملحوظ في حالتها.
وأعربت المريضة عن امتنانها للرعاية التي تلقتها في المستشفى، قائلةً: “أود أن أعبّر عن بالغ شكري وامتناني للفريق الطبي في مستشفى ميدكير الصفا. لقد كانوا بجانبي عندما كنت بأمس الحاجة إليهم. حيث إن استجابتهم السريعة وتشخيصهم الدقيق ورعايتهم المتميزة لي أحدثت فارقاً كبيراً في إنقاذ حياتي. وأشعر أنني محظوظة للغاية لحصولي على هذا الدعم المذهل خلال هذه الفترة العصيبة التي مررت بها، ولقد كان لمساعدتهم أثر بالغ عليّ شخصياً وعلى أفراد عائلتي أيضاً”.
ويُشار إلى أن ما يقرب من 33 % من المرضى الذي عانوا من تجلط الأوردة العميقة أو الانسداد الرئوي سيصابون بها مجدداً خلال 10 أعوام من إصابتهم السابقة.
وحول الأساس المنطقي لتوجيه عملية اتخاذ القرارات المتعلقة بالعلاج للمريضة، شرح الدكتور “ساهر” قائلاً: “إن الطابع المعقّد لهذه الحالة المرضية استلزم تطبيق نهج علاجي مدروس بعناية. ونظراً لأن المريضة كانت تعاني من الانسداد الرئوي الثنائي وتجلط الأوردة العميقة، فقد عمدنا إلى اختيار استراتيجية علاج مُصممة للتعامل مع الحالة المهددة للحياة بشكل فعّال. وفي هذا السياق، شكلت عملية “استثصال الخثرة الجراحي”، التي تنطوي على إزالة الجلطات الدموية من الشرايين الرئوية، خطوة ضرورية لاستعادة تدفق الدم الطبيعي إلى الرئتين. وبالإضافة إلى ذلك، فقد قمنا بتثبيت فلتر في الوريد الأجوف السفلي. ولم تستهدف خطتنا العلاجية حل الأزمة الطارئة فحسب بل وأيضاً التخفيف من خطر تكرارها”.
وتؤكد هذه الحالة التزام مستشفى ميدكير الراسخ بالارتقاء بمستوى الخدمات المقدمة للمرضى وتعزيز جودتها. كما تُسلط الضوء على الدور الحاسم للتدخل الطبي الدقيق وفي الوقت المناسب في علاج الحالات المرضية المهددة للحياة مثل تجلط الأوردة العميقة والانسداد الرئوي الثنائي، الأمر الذي يشكل دلالة على أهمية توافر الخبرات المناسبة والعلاجات المبتكرة لضمان تحقيق نتائج إيجابية.
المصدر: جريدة الوطن
كلمات دلالية: الانسداد الرئوی
إقرأ أيضاً:
جيل زد... هل يكسر ثنائية الإخوان والدولة العميقة؟
منذ ثورة يوليو 1952، شكّل المشهد السياسي المصري ثنائية جامدة: من جهة، دولة عميقة تدير مصر بخطاب قُطْرِي، ومن جهة مقابلة، جماعة الإخوان المسلمين التي تمثّل بديلا أيديولوجيا ذا جذور اجتماعية واسعة. وبين هذين القطبين، ظلّ المجال السياسي شبه مغلق أمام بدائل حقيقية أخرى. وقد عاشت مصر صراعات مماثلة قبل هذه الثنائية بين الملكية والأحزاب. لكن ما يميز ثنائية الحاضر هو تحولها إلى صراع وجودي، لا سياسي فحسب.
ومع ظهور جيل زد (المولودين بين منتصف التسعينيات ومنتصف العقد الأول من القرن الحادي والعشرين)، قد نكون أمام إمكانية لإعادة تعريف اللعبة السياسية. فهذا الجيل لا يكتفي برفض الثنائية التقليدية، بل يتمتع بأدوات جديدة وموارد مستقلة وخيال سياسي لا ينحصر في صراع "الحكم أو المعارضة"، بل يتمحور حول مفاهيم كالكرامة والحرية الفردية والقدرة على الإنتاج خارج الهياكل الرسمية.
خصائص جيل زد
نشأ هذا الجيل في عالم رقمي مفتوح، حيث تتشكل الهويات عبر المنصات أكثر من المؤسسات التقليدية. لم يُغذَّ على خطابات أحادية، بل على محتوى عالمي يعرض في لحظة واحدة تيارات متناقضة. ومن هنا، ينشأ ميله الطبيعي نحو اللامؤسساتية ورفض الأيديولوجيات المطلقة. لكنه ليس كتلة متجانسة؛ فهو يضم الكثير من الشرائح الاجتماعية، أبرزها: الطبقة المتوسطة من: أبناء الأسر العلمانية الذين يحلمون بمجتمع منفتح، وأبناء الأسر الإسلامية الذين نشأوا في ظل قمع أمني شرس بعد 2013، ووجدوا في الهجرة والمجال الرقمي مخرجا.
الممر الخلفي للحرية والاستقلال
لأول مرة في التاريخ المصري الحديث، يظهر جيل لا يحتاج إلى إذن من الدولة أو دعم من جماعة لبناء مصدر دخل. فعبر منصات العمل الحر والعملات الرقمية، يستطيع أفراده تحقيق دخل يفوق مرتبات الجهاز البيروقراطي. وهنا تبرز مفارقة مهمة: جزء كبير من المبدعين الرقميين المصريين الناجحين في الخارج هم من خلفيات استُهدفت بعد 2013، وكثير منهم أو من عائلاتهم وُجّهت لهم تهم أو مُنعوا من السفر، مما دفعهم إلى الهجرة حيث بنوا مشاريع رقمية ناجحة.
هذا لا يعني أنهم يروّجون لخطاب الجماعة اليوم، بل على العكس، كثيرون تجاوزوا الخطاب الأيديولوجي إلى العمل المهني المحايد. لكنهم، في الوقت ذاته، لا يرون في الدولة العميقة شريكا ممكنا. وهكذا، قد يشكّلون -ربما من غير قصد- ذراعا رقمية غير رسمية لتيار مُهمّش تحوّل من التنظيم المركزي إلى شبكة عابرة للحدود، تعتمد على الاقتصاد الرقمي وسردية الهوية الضحية.
ولا تزال هذه الظاهرة في طورها المبكر، إلا أنها تنمو بسرعة. فمبدعون مصريون شباب يكسبون آلاف الدولارات شهريا من محتوى رقمي موجّه للجمهور العربي والعالمي، وبدأ بعضهم يعيد استثمار عوائده في مبادرات كالبودكاست السياسية أو المنصات التعليمية. الفارق الجوهري هو نقطة الانطلاق: بينما ينظر البعض إلى الدولة العميقة كجهاز يجب إصلاحه، ينظر آخرون إليها كعدو يجب تجاوزه.
وفي هذا السياق، يمثل هذا التحوّل نقلة نوعية. فلم يعد المنفى مجرد ملاذ، بل منصة للإنتاج السياسي والثقافي. فالشاب في إسطنبول أو لندن او أي عاصمة أخرى؛ قد يؤثر في الرأي العام المصري أكثر من صحفي يعمل تحت الرقابة في قلب القاهرة. وهنا ربما تفقد الدولة العميقة سيطرتها ليس فقط على الاقتصاد، بل على سردية الهوية القُطْرِية. فالمحتوى الرقمي -حتى لو كان محايدا ظاهريا- يحمل في طياته رواية مضادة عن القمع والبحث عن الكرامة، وقد تُعيد تشكيل وعي جيل كامل.
الجيل الذي خرج من سيطرة يوليو 1952
قد يرى منتقدو هذا الجيل أن انغماسه في الفردية وابتعاده عن العمل الحزبي المباشر يجعله عاجزا عن صنع تغيير حقيقي، لكن هذه النظرة تخطئ فهم طبيعة القوة في العصر الرقمي. فجيل زد يمارس السياسة عبر إعادة تعريف العلاقة بين الفرد والسلطة، والمحتوى الذي ينتجه والاقتصاد الذي يبنيه خارج المنظومة هما أداتان لهدم الهيمنة التقليدية، والأهم أن استقلاليته المالية -التي لم تتوفر لأي جيل سابق منذ يوليو 1952- تغير قواعد اللعبة جذريا.
وهنا سؤال يطرح نفسه: هل يستطيع جيل زد تغيير المعادلة؟
الجواب ليس بسيطا، فرغم التشابه مع تجارب الجيل الرقمي في إيران والصين، تظل للظاهرة خصوصيتها المصرية بسبب عمق الصراع التاريخي. فجيل زد لا يمثل كيانا موحدا، بل فضاء تنافسيا بين رؤى ليبرالية فردية وأخرى إسلامية وأخرى قُطْرِية إصلاحية. وتشير إحصاءات المركز المصري لدراسات الإعلام والرأي العام "تكامل مصر" إلى أن 13-14 في المئة من المصريين خريجي الجامعات يعملون في الاقتصاد الرقمي، بنسبة نمو سنوية قد تصل إلى 21 في المئة.
الخطر الحقيقي قد لا يتمثّل في فشل هذا الجيل في كسر الثنائية، بل في إعادة إنتاجها بأشكال جديدة: كصراع بين "دولة رقمية" موازية ودولة عميقة تقليدية، أو كانقسام داخل الجيل نفسه بين من يرون في الإخوان "ضحايا" ومن يرونهم "جزءا من المشكلة".
ورغم أن جيل زد لم يقدّم بعد برنامجا سياسيا منظما، لكنه يمتلك ما قد يكون أكثر أهمية: استقلالية مالية ووعيا رقميا وشبكات عابرة للحدود. لكن هذه الأدوات لا تضمن بديلا ثالثا، فكلما زاد قمع الدولة العميقة، زاد انحياز جزء من هذا الجيل ضدها، وقد ينتهي به المطاف إلى الالتحاق عاطفيا بتيار الإخوان، ليس حبا في مشروعهم بل كرها في مشروع الدولة العميقة.
لذلك، فإن مصير الثنائية رهن ليس فقط بقدرة الجيل على الابتكار، بل برغبة الدولة العميقة في التخلي عن المنطق الصفري. فطالما ظلت ترى أي خروج عن الولاء المطلق خيانة، فإنها تدفع المزيد من أبنائه إلى الهامش ثم إلى المعسكر المقابل.
ربما لن يكسر جيل زد الثنائية من خلال ثورة أو انتخابات، بل من خلال الاختفاء التدريجي من منظومتها، وبناء عوالم موازية لا تسأل عن إذنها.
والسؤال الأهم ليس: هل سيكسرها؟ بل: من سيُشكّل ما بعد كسرها؟