هل يجوز الدعاء بعد كل صلاة؟.. ضوابطه وأمور تجعله مقبولا
تاريخ النشر: 8th, November 2023 GMT
هل يجوز الدعاء بعد كل صلاة، وهل هناك الدعاء بعد التسبيح مستجاب؟ سؤال أجابته دار الإفتاء المصرية، من خلال بيانها استحباب دعاء المسلم عقب الفراغ من العبادة، موضحة أدلتها من النصوص الشرعية في الكتاب والسنة وأفعال السلف على استحباب دعاء المسلم لنفسه ولمَن معه عقب الفراغ من العبادة رجاء القبول.
هل يجوز الدعاء بعد كل صلاة؟استدلت الإفتاء على جواز الدعاء بعد كل صلاة بـ دعاء سيدنا إبراهيم عليه الصلاة والسلام عقب فراغه من بناء الكعبة في قوله تعالى: ﴿وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾ [البقرة: 127].
ودعاء امرأة عمران عليها السلام عقب نذرها ما في بطنها لله تعالى في قوله تعالى: ﴿إِذْ قَالَتِ امْرَأَتُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾ [آل عمران: 50].
وقد جاء في خصوص الدعاء بالقبول للنفس والغير عقب الانتهاء من الصلاة: حديثُ ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ لَقِيَ أَخَاهُ عِنْدَ الِانْصِرَافِ مِن الْجُمُعَةِ فَلْيَقُلْ: تَقَبَّلُ اللهُ مِنَّا وَمِنْكَ؛ فَإِنَّهَا فَرِيضَةٌ أَدَّيْتُمُوهَا إِلَى رَبِّكُمْ عَزَّ وَجَلَّ» رواه الحافظ أبو نعيم في "تاريخ أصبهان" والديلمي في "مسند الفردوس".
وهذا الحديث من طريق نهشل بن سعيد، ونسخته عن الضحاك بن مزاحم وإن ضعّفها بعضُ الحفّاظ إلّا أنها "لا تنتهي إلى الوصف بالوضع"؛ كما قال الحافظ ابن حجر العسقلاني في "نكته على ابن الصلاح" (1/ 500، ط. الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة)، وقد استشهد الحافظ السخاوي بهذا الحديث في "المقاصد الحسنة" (1/ 271، ط. دار الكتاب العربي) على مشروعية التهنئة بالشهور والأعياد.
الأدلة على استحباب دعاء المسلمين لبعضهم البعضاستحبت الشريعة للمسلمين أن يدعو بعضهم لبعض في خواتيم العبادات؛ فقد كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يدعو للحاج عند تمام حجه، ولصائم رمضان عند فطره، وللتائب من الذنب عند توبته.
فمن ذلك الدعاء بالقبول بعد صلاة العيدين؛ فعن خالد بن معدان قال: لقيت واثلة بن الأسقع رضي الله عنه في يوم عيد، فقلت: تقبل الله منا ومنك، فقال: نعم، تقبل الله منا ومنك، قال واثلة رضي الله عنه: لقيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوم عيد فقلت: تقبل الله منا ومنك، قال: «نَعَمْ، تَقَبَّلَ اللهُ مِنَّا وَمِنْكَ» أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" و"الدعاء"، والبيهقي في "السنن الكبرى".
وعن جُبَير بن نُفَير قال: كان أصحاب النبي صلى اللهُ عليه وآله وسلَّم رضي الله عنهم إذا التقوا يوم العيد يقول بعضهم لبعض: "تقبَّل الله منا ومنك" أخرجه المحاملي في "المحامليات"، وإسناده حسن؛ كما قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (2/ 446، ط. دار المعرفة)، وحسّنه أيضًا السيوطي والقسطلاني.
وبعد الانتهاء من أعمال الحج: فقد ورد أن الملائكة عليهم السلام هنأوا سيدنا آدم عليه السلام على حجه بيتَ الله الحرام؛ فقالوا له: "بَرَّ نُسُكُكَ يَا آدَمُ"، أو "بَرَّ حجُّكَ يا آدم" أخرجه قِوَامُ السُّنّة في "الترغيب والترهيب"، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه.
وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: جاء غلامٌ إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: إني أريد هذه الناحية الحج، فمشى معه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقال: «يَا غُلَامُ، زَوَّدَكَ اللهُ التَّقْوَى، وَوَجَّهَكَ الْخَيْرَ، وَكَفَاكَ الْهَمَّ»، فلما رجع الغلام سلم على النبي صلى الله عليه وآله وسلم فرفع رأسه إليه وقال: «يَا غُلَامُ، قَبِلَ اللهُ حَجَّكَ، وَكَفَّرَ ذَنْبَكَ، وَأَخْلَفَ نَفَقَتَكَ» أخرجه الطبراني في "الكبير" و"الأوسط"، وابن السني في "عمل اليوم الليلة".
وروي أنَّ ابن عمر رضي الله عنهما كان يقول لِلْحَاجِّ إِذَا قَدِمَ: "تَقَبَّلَ اللهُ نُسُكَكَ، وَأَعْظَمَ أَجْرَكَ، وَأَخْلَفَ نَفَقَتَكَ" أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف".
وقال اللَّيْث بن سعد: "كَانَ ابْن سِيرِين لَا يزِيد أَن يَقُول للرجل إِذا قدم من حج أَو غَزْوَة أَو فِي عيد: "قَبِلَ اللهُ منا ومنكم، وَغفر لنا وَلكم" أخرجه ابن الأبار في "التكملة لكتاب الصلة" (2/ 171، ط. دار الفكر).
وبعد ختم القرآن الكريم؛ فعن خيثمة قال: مرَّ عمران بن حصين رضي الله عنه برجل يقصُّ، فقال عمران: إنَّا لله وإنا إليه راجعون، سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «اقْرَءُوا الْقُرْآنَ، وَسَلُوا اللهَ بِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَجِيءَ قَوْمٌ يَسْأَلُونَ النَّاسَ بِهِ» أخرجه الإمام أحمد في "المسند".
وعن شعبة بن الحجاج، عن الحكم قال: "بعث إليَّ مجاهد قال: إنما دعوناك أنَّا أردنا أن نختم القرآن وإنه بلغنا أنَّ الدعاء يستجاب عند ختم القرآن"، قال: "فدعوا بدعوات" أخرجه الدارمي في "السنن"، والبيهقي في "شعب الإيمان".
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الدعاء بناء الكعبة دار الإفتاء رسول الله صلى الله علیه وآله وسلم النبی صلى الله رضی الله عنه ل الله م
إقرأ أيضاً:
أدعية العشر الأوائل من ذي الحجة: ما يُستحب الدعاء به
مع اقتراب حلول شهر ذو الحجة، تتجدد نفحات الخير وتُفتح أبواب الرحمة، وتُقبل على المسلمين أعظم أيام العام: العشر الأوائل من ذي الحجة، التي أقسم الله بها في كتابه الكريم:”وَالْفَجْرِ، وَلَيَالٍ عَشْرٍ”، وهو قسم يدل على عِظَم هذه الأيام ومكانتها في الإسلام، لما فيها من فرص عظيمة للتقرب إلى الله بالطاعات وأداء العبادات، وعلى رأسها الصيام.
وتتمثل أهمية العشر الأوائل من ذي الحجة في الإكثار من أعمال الصدقات والصيام وأعمال الخير، بالإضافة إلى الدعاء، لعله يكون مستجابا في أحب الأيام إلى الله بعد شهر رمضان الكريم.
أدعية العشر الأوائل من ذي الحجة
اللهم اجعلني من الموحدين لك، المخلصين في عبادتك، واغفر لي ذنوبي كلها، دقها وجلها، أولها وآخرها، سرها وعلانيتها.
دعاء التوفيق للطاعااللهم اجعلني من الذاكرين الشاكرين القانتين المخبتين، اللهم اجعلني من الذين يقومون الليل، ويصومون النهار، ويتصدقون في سبيلك.
دعاء الثبات والقبولاللهم ثبت قلبي على دينك، ولا تزغ قلبي بعد إذ هديتني، وهب لي من لدنك رحمة، إنك أنت الوهاب، اللهم اجعلني من المقبولين عندك، الفائزين بجناتك.
دعاء البركة في العمل والرزقاللهم بارك لي في عملي، وبارك لي في رزقي، وبارك لي في أهلي وولدي، واجعلني مباركًا أينما كنت.
فضل صيام العشر من ذي الحجةأجمع العلماء على أن صيام الأيام التسعة الأولى من ذي الحجة، سُنّة مستحبة عن النبي ﷺ، لما ورد عن حفصة رضي الله عنها أنها قالت: “كان رسول الله ﷺ يصوم تسع ذي الحجة، ويوم عاشوراء، وثلاثة أيام من كل شهر”، (رواه أحمد وأبو داود)
ورغم أن الصيام في هذه الأيام ليس فرضًا، إلا أن أجره عظيم وكبير، خاصة أن العمل الصالح فيها أحب إلى الله من أي وقت آخر، كما جاء في الحديث الشريف: “ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام”، قالوا: يا رسول الله، ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: “ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله، ثم لم يرجع من ذلك بشيء” (رواه البخاري)
وتكمن عظمة العشر الأوائل من ذي الحجة في كونها:
أيام اجتمع فيها أعظم العبادات: الصلاة، الصيام، الصدقة، الحج، والذكر.
هي الأيام التي تؤدى فيها فريضة الحج، أحد أركان الإسلام.
تضم يوم عرفة، وهو أفضل أيام السنة، والذي يُكفّر صيامه سنتين من الذنوب (سنة ماضية وسنة قادمة).
العشر الأوائل من ذي الحجة فرصة ربانية عظيمة، ومنحة من الله تعالى لنجدد توبتنا ونرفع رصيد حسناتنا، فكل لحظة فيها كنز من الخير، وصيامها سبيل إلى مغفرة واسعة وأجر عظيم.
وقد جاءت أهم فضائل يوم عرفة على هذا النحو:
صيام يوم عرفة لغير الحاج يُعد من أفضل القربات، لما ورد عن النبي ﷺ: “صيام يوم عرفة أحتسب على الله أن يُكفّر السنة التي قبله والسنة التي بعده” (رواه مسلم)
هو يوم إتمام الدين، حيث نزل قوله تعالى: “اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينًا”.
هو يوم العتق من النار، قال النبي ﷺ: “ما من يوم أكثر من أن يُعتق الله فيه عبدًا من النار من يوم عرفة”
(رواه مسلم)
ولاغتنام فضل العشر الأوائل من ذي الحجة، يُستحب:
الصيام، خاصة يوم عرفة.
الاكثار من الذكر والتكبير: (الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد).
الصدقة ومساعدة المحتاجين.
قيام الليل وتلاوة القرآن.
الدعاء وخاصة يوم عرفة.
الاستعداد لعيد الأضحى بذبح الأضحية إن أمكن.
الأعمال الخيرية في العشر الأوائل من ذي الحجة لها فضل عظيم، ومن أبرزها:
الصيام: يعتبر من أفضل الطاعات، خاصة يوم عرفة.
الذكر: كثرة الذكر، مثل التكبير والتهليل، يُعزز من روحانية هذه الأيام.
الصدقة: تقديم الصدقات ومساعدة المحتاجين تزيد من حسنات العبد.
قراءة القرآن: تلاوة القرآن الكريم تُعتبر من أفضل العبادات في هذه الأيام.
التوبة والاستغفار: الانشغال بالتوبة والاستغفار يزيد من القرب من الله.
حج بيت الله: لمن استطاع ذلك، فالحج من أعظم الأعمال في هذه الأيام.
إطعام الطعام: تقديم الطعام للفقراء والمحتاجين